استراتيجية الخطاب الشعري عند محمود مغربي في ديوان ( تأملات طائر) - د.أحمدالصغير

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
Anfasse.orgإن الشاعر محمود مغربي من الشعراء الذين يمثلون جيل الثمانينيات الشعري في مصر  ،لأن مغربي واحد من الشعراء الذين أرسوا دعائم التجريب الشعري في القصيدة الحديثة متمردا علي جيل السبعينيات الذين نسبوا التجديد لأنفسهم،وجاءت هذه القراءة؛ لتطرح استراتيجية الخطاب الشعري في ديوان تأملات طائر لمحمود مغربي ،فمغربي شاعر من أهم شعراء الجنوب لأنه يسكن في أقصي الصعيد (قنا ) فهو مغرم بالتأملات والبحث عن كينونة الوجود والعدم،والبحث عن الآخر سواء أكان هذا الآخر  إنسانا ،حيوانا جمادا،………،، مغربي يمتلك من خلا مشروعه الشعري المتفجر بالحيوية والانطلاق ظاهرة أراها متجذرة في شعره وهي البحث عن الذات الضائعة التي تجد نفسها ذوات الآخرين ،وقبل الولوج إلي عالم الديوان (تأملات طائر )تحتم علينا المداخل النقدية الحديثة أن نطرح العتبات الأولي في النص الشعري وهي الإهداء ، فقد جاء الإهداء مفعما بالحنين والألم والخصوصية الشديدة فيقول:
إلي  أبي ،أمي
إلي قنا
الإنسان والمكان ،الأحبة ،هناك.
يطرح الإهداء إخلاصا ووفاء ما وحبا ممزوجا بالحنين للأب والأم والموطن قنا تلك الفتاة الجميلة والاحبة الذين يسكنون الشمال ،إن الذات الشاعرة تشعر بفقدان هؤلاء الأحبة الذين دهستهم العاصمة (القاهرة)  بعجلاتها التي لاترحم .
وعن علاقة الذات بالآخر التي تمثل الظاهرة الكبري في شعر مغربي  وتعد استراتيجية من استراتيجيات الخطاب الشعري عند محمود مغربي  لأن الآخر هو محور نصوصه ،من خلال الحضور القوي فيقول في قصيدة ( تاملات طائر):
قديما
قدمت فتنتها
للصبية الصغار
للصوص
لعابر السبيل
واليوم
لا أحد ………
لاأحد …….
بعض ذكري وصمت طويل !
يوميء المقطع الشعري السابق  إلي حضور الآخر من خلال صوت الذات الشاعرة ،لأن الآخر يمثل لها الوجه المقابل للحياة ،وتحاول أن تطرح المؤامرة التي حدثت للنيل من هذا الآخر سواء أكان (الوطن ، الحقيقة ، ربة الشعر نفسها…………………..)فبعدما استباحها الآخرون ،والعابرون ،والصبية ،الأقزام،انفض جميعهم عنها ولاذوا بالفرار ،لتصبح وحيدة في حياة فارغة ،فالذات مشغولة بتأملاتها اللانهائية التي تتماس مع تأملات الصوفية في حضرتهم .
2/2
من التقنيات الأخري في شعر مغربي تقنية المفارقة  فهي استراتيجية مهمة لديه ،لأنه ينشغل بتعرية العالم من زيفه وفساده ،رغبة في تحقيق الحلم المستحيل فيقول:
الناس في كل مرة
يسرقون الخبز
وانت هناك تسرق النار
تشعل عتمة
تستعيدالصغار
واحد ا
واحدا
كيما تعيد للبستان رقصته!
يتكيء الشاعر محمود مغربي في المقطع السابق علي تقنية المفارقة  المشهدية إن جاز القول ،لأنه يمنحنا صورة مأساوية لهؤلاء الناس الذين يشعلون الظلام في الحياة ،بل إنهم يسرقون الحياة متجسدة في الخبز ،فتقوم الذات بدورها؛لتضيء هذه العتمة  ،لكي يصبح لها دور فاعل  في تشكيل العقول الجديدة ،هذا التشكيل هو حلم الذات الشاعرة البسيط.
ومن الملاحظ في شعر مغربي  اهتمامه بالقضايا الكبري والعروبة وإحياء المشروع القومي العربي ،فيقول في قصيدة بعنوان إلي حبيبتي  بغداد :
ياحبيبتي ………
بندقيتي معطلة
لذا……..
لاتندهش
عندما أفتح أبوابي للصوص
وأنحني إجلالا!!!!!!!!!!
ياحبيبتي ..
إرثك العظيم
لا أغار عليه!
هل تسمعين؟
لن أغار علي شيء مطلقا
هل تفهمين؟!!!!!!
تتجلي في المقطع السابق صورة بغداد الحبيبة مسلوبة الإرادة ،التي تنادي أبناء العروبة ،فلا مجيب ،ومن الجلي أن الشاعر يستخدم السخرية الشديدة من أصحاب السلطة الذين تركوا بغداد للأعداء ،لأن السلاح العربي معطل عنين لم يعد كما كان.
3/3
وتعد الإبيجراما الشعرية ظاهرة من الظواهر المهمة في شعرمحمود مغربي، وهي كل قصيدة قصيرة مختتمة بنكتة أو مدح أو ذم ،هجاء ولايخلو كل هذا من المفارقة ،وهي من الظواهر الشعرية التي عنيت بها الآداب الأوروبية واليونانية القديمة والحديثة،وقد تضمن ديوان تاملات طائر مجموعة من الإبيجرامات الشعرية شديدة التكثيف فيقول في إبيجراما بعنوان  احتياج:
أحتاج الي امرأة
تسرق شهوتي
أحتاج
إلي سرب من الصبايا
ليضربن عتمتي!!!!!!!
إن الفراغ الذي تشعر به الذات الشاعرة هو التبئير المركزي الذي تصدره الذات في المشهد ؛لان الذات تحاول ان تجد حلا ما لهذا الفراغ /الظلام حتي تستطيع الخروج من حالة الفراغ ،لأن الشهوة هي بمثابة الظلام الذي يحتاج إلي بصيص من نور ،يكمن في تلك المرأة الفاتنة.
ومن ثم فإن الشاعرمحمود مغربي من الشعراء المصريين المخلصين لتجربتهم الشعرية ،ناسجا خيوط العشق الجنوبي في تميمة المحبة ،فهنيئا له وهنيئا لنا.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة