تفتش دائما عن الكلمة الجميلة لتؤثث قصائدها الشعرية، وتنشر أريجها هنا وهناك بابتسامتها الرقيقة ونصوصها الدافئة، وحتى لا تضيع الفرصة كان لابد من توريط المبدعة الجميلة في الحوار التالي....
من هي حبيبة العلوي؟
حبيبة العلوي كاتبة من الجزائر من مواليد العاصمة سنة 1979، خريجة قسم اللغة والأدب العربي (جامعة الجزائر)، ناقشت سنة 2007 مذكرة ماجستير بعنوان "الفضاء الروائي؛ دراسة بنيوية في رواية سيّدة المقام لواسيني الأعرج"، اشتغلت بالصحافة الثقافيّة، وتشغل حاليّا منصب باحثة بمركز البحث العلمي والتقني لتطوير اللغة العربيّة بالجزائر، وعدا هذه الرسميّات حبيبة انتمت لعالم الكتابة منذ صغرها ، تكتب الشعر والسرد وتحضّر لإصدار أولّ مجموعة شعريّة لها.
كيف تورطت في عالم الكتابة؟
الكتابة هي صنيعة الوحدة وأنا قد تورطّت بهذا العالم (الوحدة) منذ نعومة الأظفار، استفقت على عالم لا أنيس لي فيه غير الورقة: المكتوبة أو البيضاء؛ فكنت قارئة أوّلا، كاتبة ثانيا... والكتابة بالنسبة لي حالة مزمنة ولذيذة من الفضفضة عندما تنقطع عنّي أصيب بضيق في التنفّس وعسر في الحياة.
كيف تقيمين وضعية المرأة في الجزائر؟
سؤال صعب ومثير، المرأة الجزائريّة!
ما هي طبيعة المقاهي في الجزائر؟ وهل هناك مقاه ثقافية؟
المقاهي في الجزائر على قلّة احتكاكي بها، فضاء ذكوري بامتياز، عالم من الأخبار والنقاشات والفوضى وفي بعض الأحيان مساحة للصمت والذهول المصاحب لحالات الكسل والخمول، طبعا مقاهي الحارات الشعبيّة غير مقاهي المناطق الأخرى، مقهى في حي كباب الوادي يحمل أعباء المدينة كلّها، يفيض عن مساحاته المسطّرة إلى الشارع، فيه يحكي عن السياسة، عن الكرة، عن البطالة، عن "الحرقة" (الهجرة غير الشرعيّة)..هو أيضا مكان للقاء أبناء المدينة أو الحي المغتربين فلو أراد أحدهم أن يفتّش عن شلّة الأصدقاء القدماء أوّل مكان سيتوجّه إليه هو "قهوة الحومة" (مقهى الحي).
أمّا عن المقاهي الثقافيّة فهي نادرة في الجزائر هناك بعض المقاهي الثقافيّة التابعة أصلا لهيئات ثقافيّة كمقهى جمعيّة الجاحظيّة، ومؤخّرا بدأت بعض المقاهي الثقافيّة تظهر غير أنّها تبقى دومًا ملحقة بفضاءات أسّست أصلا لاحتضان الندوات الثقافيّة أوالمعارض التشكيليّة إلخ من النشاطات الثقافيّة، وقد سمعت اليوم فقط عن افتتاح مقهى أدبي بشارع حسيبة بن بوعلي أعدك أنّني سأزوره قريبا حتّى أتلصّص على أجوائه وأخبرك أتمنّاه كما نحلم كلّنا، ولن أخفي عنك أنّ هذا الخبر أبهجني فنحن بحاجة بالفعل إلى مثل هذه الفضاءات لنتنفّس.
من المعروف أن المقهى فضاء محظور على المرأة العربية بشكل عام، فإلى أي درجة يطبق هذا الحظر على المرأة الجزائرية؟
يطبّق بحذافيره، المقهى عندنا كما سبق وأن قلت فضاء ذكوري محرّم على المرأة حتّى النساء عادة في الحارات الشعبيّة، يتفادين المرور بمحاذاة المقهى لأنه تجمّع رجالي وإذن تجمّع من العيون المراقبة...آخر مرّة أذكر أنّي دخلت فيها مقهى كنت في سنّ لا يسمح لي بالنظر من وراء (الكونتوار)..أذكر أنّي كنت مع أبي أتعلق في حافة (الكونتوار)..وأرفع رأسي لأراقب جموع رجال تسبقني بسنوات من الطول... يومها شربت حليب بالفراولة...لازال مذاق ذلك الحليب يذكّرني بطفولة لم أكن أعي فيها الحدود الفاصلة بين فضاءات الأنثى وفضاءات الذكور.
هناك علاقة وطيدة بين المقهى والمبدع ما رأيك في الأمر؟ وإلى أي درجة ترتبط حبيبة العلوي بهذا الفضاء؟
المقهى فضاء للتلصّص بامتياز، فيه تروى حكايا النّاس وقد تصاغ مصائرهم وبالتّالي فهو يعدّ عزّ الطلب خاصّة بالنسبة للمبدع الشغوف بكتابة حكايا النّاس وهمومهم، كالروائي مثلا...لا أعرف إذا كان الشاعر يرتاح في مكان كالمقهى...أشكّ ! فالشاعر عادة يحكي ذاته ..أمّا حبيبة فهي تبحث عن مقهاها في فضاءات مشابهة قد ترفع يافطة " مسموح الدخول للنساء" ..! وهذا ليس سهلا ؛ بالنسبة لي الحافلة العموميّة في الجزائر تعدّ بمثابة مقهى متنقّل نسمّيها عندنا " الترولي" ..والترولي الأزرق بالذات التابع للشركة الوطنيّة للنقل الحضري له سمة مميّزة دومًا تجعل منه منبرًا شعبيّا متحرّكًا وهناك ما عليك إلاّ أن تطرطق أذنيك جيّدا وتنصت للغاشي (الجمهور) وهو يفتح قلبه ويبثّ سخطه أو يعلن فرحه لم لا...كلّ المشاعر الإنسانيّة والسلوكات الاجتماعية ـ الجزائريّة القحّه ـ والآراء السياسيّة والإشكالات اليوميّة قد تصادفها في الترولي الأزرق.
ماذا تمثل لك: الطفولة، المرأة، الورقة؟
الطفولة: مساحة للاكتشاف والانطلاق والحريّة،
المرأة: حالة ملتبسة دوما.
الورقة: عالم من البوح والحميميّة.
كيف تتصورين مقهى ثقافيا نموذجيا؟
قليل من الطاولات...قليل من الكراسي...فرش في الأرض، رفوف لصف بعض العناوين... موسيقى هادئة... وأناسٌ لا يحبّذون الصخب.
فاطمة الزهراء المرابط
كاتبة من أصيلة /المغرب