تمهيد : علاقة الزمن بالاشياء علاقة ادراكية محايدة بالدلالة المعرفية لا يقوم الزمن بها بل بدلالتهما المتواشجة معا "الزمن والاشياء" ندرك العالم والطبيعة والموجودات.
علاقة الزمن بالاشياء ليست علاقة جدلية ديالكتيكية. بل هي علاقة ادراكية معرفية فقط كون الزمن محايد في عملية الادراك. ادراك الشيء موجودا حسيا او خياليا تسبق معرفته والوعي به عقليا. الادراكات الحسية هي نقل انطباعات ادراكات الحواس للاشياء في المرورالوقتي بالذهن وهذه الانطباعات الحسيّة هي مرحلة اولى على طريق المعرفة العقلية والوعي بالمدركات.....الوعي العقلي يسبق التعبير اللغوي عن المدركات. الوعي لافيزيائي مجرد ينتجه العقل المادي كما ينتج تفكير اللغة ولا غرابة بذلك.
الزمن لا يعي ادراك الاشياء بدلالته ولا الاشياء تدرك الزمن ذاتيا الا بدلالة ثالثة اخرى تكون وسيطا بينهما هو حركة جسم ما . حركة الشيء تعني ادراك دلالة الزمن ولذا يطلق سقراط على الزمن انه مقدار حركة جسم او شيء لكن الزمن في ماهيته الجوهرية غير المدركة عقليا ليس حركة.. الوعي يدرك ذاتيته من خلال محايثة موضوعه له والوعي لازمني بالنسبة لادراك موضوعه.الوعي القصدي والموضوع
حين لا نستطيع تعريف ماهو الوعي الا بدلالة غيره من حلقات سلسلة المنظومة الادراكية العقلية التي تبدا بالحواس وتنتهي بالدماغ. فكيف يعي الوعي موضوعه ويدركه بالاحاطة به والتعبير عنه؟
مخترع الوعي القصدي بالفلسفة هو الفيلسوف السويسري هيرمان برينتانو 1831 – 1917 وهو عالم نفس ايضا. حاضر بالفلسفة وعارض النقد الكانطي وانصب اهتمامه على علم النفس. كان تاثيره شديدا على تلميذه ادموند هوسرل فيلسوف الظاهريات (الفينامينالوجيا) وبدوره اي هوسرل كان له التاثير الاقوى على فلاسفة الوجودية مارتن هيدجر، بول سارتر، ياسبرز، جبرييل، ميرلوبونتي واخرين جمعتهم الهجمة الشعواء التي شنوها على كوجيتو ديكارت انا افكر اذن انا موجود حتى اصبحت مقولة ديكارت تفلسف من لا شاغل له بالفلسفة.
ترك برينتانو اهتمامه باللاهوت المسيحي وغادر الكنيسة بافكارها وطقوسها الى غير رجعة. لكنه لم يتخل عن اهتمامه المركزي حول وجود الله بمحاضراته في جامعتي تورنبورغ وفيّنا.
العبارة التي استوقفتني واسعدتني لبرينتانو لانها تطابق ما انا اؤمن به تلك هي (الوعي لا يصنع موضوعه، بل موضوعه محايث دائم لوجوده) ما اروعك يابرينتانو في عبارة لم يتوصل لها الا القليل من نوادر الباحثين بفلسفة الوعي من الفلاسفة الاميركان جون سيرل وريتشارد رورتي وسيلارز إحتواهم مستنقع البحث في الوعي حتى قادتهم حيلة الخلاص من تعقيداته وتداخلاته مع فلسفة العقل وفلسفة اللغة وعلم النفس وعلم وظائف المخ لجوئهم الى الغموض في التناول البحثي حول الوعي.. وتناولت بدوري ذلك المبحث مع الثلاثة الاميركان وغيرهم في اكثر من مقال منشور لي خاصة عن جون سيرل..
الجميل في عبارة برينتانو الفلسفية انه وضع الباحثين في فلسفة الوعي بندول ساعة متأرجحين بين كيفية إدراك الوعي هل هو موضوعا مستقلا للعقل ام هو وسيلة العقل الالمام بمعرفة موضوعه.؟ ام هو اختراع علم النفس السلوكي.؟
ترجم برينتانو ربطه الوعي بعلم النفس بتأثير تخصصه الأكاديمي كي يجعل من الوعي موضوعا علاقته بعلم النفس السلوكي ولا علاقة تربطه بمجمل المنظومة الفكرية العقلية. هذا التوجه الفلسفي جعل برينتانو يحاول تطويع فهم الوعي بضوء مرجعية علم النفس لا غيره بحكم تخصصه الأكاديمي الجامعي كعالم نفس ما جعل اهمية برينتانو الفلسفية تكمن في اختراعه مصطلح (الوعي القصدي). بمعنى الوعي الذي يعي هدفه في الموضوع الملازم له.
كتابات الفلاسفة الاميركان الذين عنوا بفلسفة الوعي جون سيرل ورورتي وسيلارز وغيرهم لم ياخذوا عن برينتانو وجوب تفسير الوعي بعلم النفس السلوكي القائم على مرتكز الارادة الذاتية الفردية. بل اخذوا الوعي في مركزية فلسفة اللغة واللسانيات وفلسفة العقل ومباحث فلسفية اخرى معتبرين فلسفة برينتانو حول الوعي افل نجمها وانتهى تاثيرها مع افول نجم الوجودية بعد اكتساح الفلسفة البنيوية لها وازاحتها..
السلوك النفسي الذي ربطه برينتانو بالوعي لم يكن موفقا اذ السلوك هو ماتمليه حاجة الاشباعات النفسية المادية الخاصة بالعالم الخارجي وبحاجات الجسم الداخلية في تلبية اشباع احاسيس ما ترغبه الغرائز البيولوجية.
السلوك النفسي الذي جعله برينتانو دافع ومرجعية تصنيع انطلاقة الوعي جعله لا يهتم كثيرا بعلاقة ارتباط الوعي بسلسلة حلقات المنظومة الادراكية للعقل. ساعده هذا التوجه ان الوعي هو افصاح لغوي ادراكي تجريدي عن موضوع داخل الجسم او خارجه من دون ذكر اهمية مرجعية العقل في ارتباطه بالوعي. التي استبدلها برينتانو بمرجعية علم النفس السلوكي الذي تحكمه ارادة النفس في السعي لاشباع حاجات وغرائز الجسم..
لا بد هنا من التنبيه الى ان الوعي يختلف عن الادراك الحسي الذي هو نقل الحواس انطباعاتها عن العالم الخارجي للذهن عبر شبكة الاعصاب المعقدة. ويعتبر الادراك الحسي مرحلة اولى في تشكيل منظومة الادراك العقلية التي تنتهي بالدماغ في انتاجه الوعي القصدي المطلوب تجاه معرفة مدركاته.. الوعي هو رد فعل العقل بناتج مقولاته الواصلة اليه من الحواس على صورة انطباعات ذهنية يتولى جزءا خاصا من الخلايا العصبية في قشرة الدماغ تحليلها واعطاء ردوده الوعوية عنها.. لا الوعي ولا الذهن يمتلكان قابلية التفكير في معرفة ومعالجة الاشياء بدون الاستعانة بمرجعية العقل.
لا الحواس ولا الوعي ولا العقل يصنع مواضيعه المستقلة وجوديا بل المواضيع المحايثة لسلسلة منظومة العقل الادراكية موجودة باستقلالية في العالم الخارجي وعالم الجسم الداخلي قبل وصول الاحساسات والانطباعات الذهنية عن تلك العوالم للعقل والمخ تحديدا.
الوعي هو نتاج عقلي وليس نتاج نفسي منعزلا عن المنظومة العقلية البيولوجية للادراكات المعرفية. الشيء الاخرهيرمان برينتانو جعل معادلة الوعي- الموضوع ثنائية بالاسم فقط ولا وجود حقيقي في امكانية الفصل بين الوعي وموضوعه مثلما لا يمكننا فصل الفكر عن اللغة كموضوعين غير مستقلين أحدهما عن الاخر.
ترجمة هذه النظرية لدى برينتانو تعود الى عبارته التي أشرنا لها بداية المقال ان موضوع الوعي محايث له ولا وعي بلا موضوع وهي مقولة فلسفية صائبة تماما.. لكن الوعي لا يمّوضع موضوعه المحايث له داخله كتكوين مادي. وتبقى مقولة الوعي هو موضوعه صائبة من حيث الوعي لا يعمل في فراغ وجودي كما حاوله ادموند هوسرل..
لكن طالما الوعي هو تجريد العقل عن موضوع يحدده العقل وينفذه الوعي ولا يصنعه الوعي عندها يصبح مساواة الوعي بموضوعه غير وارد. فالوعي تجريد يعبّر عما هو مادي بما يمليه عليه العقل. برينتانو رغم خلفيته كعالم نفس الا انه يعتبر الوعي لا يحتوي على احداث او حالات ذاتية سايكولوجية بل يتضمن ايضا موضوعية غير واهمة وليست من صنعه، لكنها في الوقت ذاته تنتمي اليه لانها تظهر فيه ناتجة عن مصدر الوعي. نقلا عنه نصا وهي عبارة معقدة.
فرضية برينتانو الفلسفية حول موضوعية الوعي (المادية) يعتبرها تصنيع سايكولوجي سلوكي وليس تصنيعا عقليا بيولوجيا غير صحيحة. فالوعي إلمام ادراكي تجريدي لغوي في التعبير عن مدركات مواضيعه المادية والخيالية ليس من اجل ادراكها كما تفعل الحواس بل من اجل معرفتها وتغييرها.. الوعي هو محصلة تفكير العقل النهائية بموضوعه.
كما أشرنا سابقا الوعي تصنيع عقلي لا نفسي وطالما الوعي نتاج تصنيع عقلي وليس نفسيا كذلك النفس هي تصنيع عقلي ايضا ولا فرق بين مرجعية الاثنين سوى بالسلوك او الارادة المترتبة على علاقة الوعي معالجة موضوعه عقليا وليس نفسيا. النفس لا تصنع وعيها القصدي في تلبية وتحقيق حاجات وغرائز الجسم دون مرجعة العقل.
عن هذه الحيثية يترتب التساؤل كيف يكون للوعي موضوعات وحاجات ورغائب هي غير حاجات الاشباعات الغريزية للجسم والنفس معا؟ الجواب هو بالتفريق هل الوعي في امتلاكه موضوعه يكون مصدر معرفة ام وسيلة معرفية؟ برينتانو يقر بعجز الوعي تجريده عن موضوعه حقيقة غير واهمة تمثّلها قصدية الوعي. صحيح جدا تثبيت حقيقتين لبرينتانو حول الوعي الاولى الوعي هو موضوعه كجوهرين مستقلين متلازمين في تبادل اعطائمها مشتركين معرفة الاشياء والتخارج التغييري لها.، والثانية لا يوجد وعي بدون قصدية ملازمة له تقوده تحو هدف ذهني مرسوم سلفا. اي بمعنى الوعي قصديا ليس اعمى خلفية التفكير العقلية..
هنا نتساءل كيف يجمع الوعي بين ان تكون قصديته ناتجة عن موضوعه وبين ان يكون الوعي وسيلة العقل في التعريف بمدركاته؟ الحقيقة يتم ذلك في واحدية مرجعية العقل للوعي. اذا اعتبرنا امكانية النفس بما تحتويه من تعبيرات نفسية مثل الفرح، الالم، الحزن، الكآبة، السلوك وغير ذلك ان تخلق وعيها الخاص بها بمعزل عن بيولوجيا وظائف اعضاء الدماغ يصبح معنا الخطأ الشائع ان للذهن تفكير مستقل ينوب عن تفكير العقل ساريا لا اعتراض عليه.. وكذا نفس الحال ينطبق على قضايا خاطئة اخرى عديدة مثل علاقة الذاكرة بالاستذكار التاريخي وحول علاقة ترابطية الخيال والزمن. وعلاقة الزمن بالمكان رومانسيا كم فعل جاستون باشلار في كتابه الزمن والمكان.
مصنع الوعي
اخذ هوسرل عن استاذه برينتانو فكرته عن الوعي القصدي الذي كان رد فعل قوي على عبارة ديكارت الشهيرة تاكيده ان مجرد التفكير يعطي قطعية وجود الانسان الحقيقية كينونة واعية. هوسرل أرسي مقولة الوعي القصدي في اعتباره القصدية هي فعل الوعي المنتج للموضوعية، وبهذا اختلف مع برينتانو الذي اعتبره لم يقم بشيء عن القصدية سوى السلوك النفسي العملي نحو بلوغ هدف محبب لنفسه. كما اعتبر برينتانو لم يعط معنى الوعي بل ذهب الى ان القصدية تنتج الموضوع.
الحقيقة قبل مناقشة الاهم ان القصدية هي الوعي الذي يلازمه موضوعه لذا يكون تحصيل حاصل ان الوعي بقصديته يتجه نحو تحقيق هدف في موضوعه. قد يذهب البعض ان ملازمة الموضوع للوعي يعني تأبط هذا الاخير لموضوعه تحت ذراعه. لا الموضوع هو المتعيّن المستقل في ماديته وحتى في الخيال يكون متموضعا بتجريد يقوم على تجريد لغوي هو الوعي. عبارة برينتانو الوعي هو الموضوع لا تعني الانابة البينية المتبادلة بينهما بل تعني استقلالية مادية الموضوع عن تجريدية الوعي المصاحب له.
الان ننتقل الى ان القصدية هي فعل الوعي ليس الادراكي فقط بل المعرفي التغييري ايضا. الوعي ليس التوجه التجريدي الاعمى نحو موضوع متعيّن لادراكه بل الوعي القصدي هو ناتج تفكير تطبيق مقولات العقل التي يقوم بتنفيذها الوعي الذي هو اولا واخيرا تجريد لغوي في الافصاح الالمامي بموضوع مادي او خيالي للتخارج المعرفي معه..
الوعي كما نفهمه فلسفيا
القصدية هي فعل الوعي ناتج التفكير العقلي الذهني الواصل عبر شبكة المنظومة الادراكية للعقل الى الموضوع المراد التداخل المعرفي به بوسيلة الوعي. الوعي ليس مادة حتى حينما ينقل مقولات العقل تجريديا الى مدركاته من الاشياء ومواضيع العالم المحيط بنا. الوعي هو خلاصة الادراك الذي لا قدرة له ان يتحول الى فعل مادي يخلق موضوعا يعالجه تفكيرا تجريديا معرفيا متخارجا معه. الموضوع المادي او الخيالي وجود موجود قبل معالجة الوعي به وقبل ادراكه حسيّا ايضا..
هوسرل كان صائبا في اعتباره الوعي كالزمن مفهموم محايد بعلاقته مع الاشياء لا ندرك ماهيته. الوعي ليس تفسيرا توضيحيا حول موضوع معين، بل هو وعيا حياديته مستمدة من طبيعته التجريدية انه متخارج معرفيا مع مدركاته. الوعي وسيط توصيل مقولات العقل معرفيا عن مدركاته والوعي لا يتموضع تكوينيا بموضوعه بل كل منهما يحتفظ باستقلاليته المتلازمة في جمعهما الوعي مع – موضوعه.
هوسرل كان غير موفق فلسفيا ايضا اعتباره الموضوع المحايث وجودا للوعي هو الذي يعطي معنى القصدية. الحقيقة ان الوعي لا ينتج ولا يخلق القصدية وانما يقوم الوعي بتنفيذ قصدية العقل منتجه البايولوجي. والقصدية لا تنتج مواضيعها كونها هي موضوع ماهيته انه يحمل قصديته التي يروم الوعي معرفتها والتخارج معها حول الموضوعات المدركة ليس حسيّا فقط بل وايضا عقليا بالمرتبة الاولى..
القصدية هي هدف الوعي يفتقد "آلية" منظومة الادراك العقلي المعرفي في علاقتها مع اشياء العالم الخارجي وغرائز اشباع رغائب احاسيس اجهزة الجسم الداخلية.
هوسرل في عبارته (كل العالم الواقعي الموضوعي عبارة عن تمثّلات الوعي به ) العبارة صائبة وصحيحة خاصة بعد اقرارنا بحقيقة الوعي بالشيء هو ليس ادراكه بل التداخل التصنيعي التخارجي معه. احكام الوعي القصدي عن عالم الاشياء والمدركات هو توصيف معرفي لها وتفسير توضيحي لمعالجتها وليس تخليقا ماديا لوجودها.
الوعي والمعنى
قصدية الوعي تحمل صفتين هامتين هما الوعي جوهر ذاتي منفرد كوجود مستقل لا علاقة ترابطية تجمع الوعي بموضوعه سوى باستقلاليتهما احدهما عن الاخر وتعالقها القصدي المعرفي المتخارج بينهما. الصفة الثانية بينهما ان الوعي قصدي بالضرورة التعالقية مع موضوعه في تحقق معنى الموضوع المحايث له.
اذن نلاحظ بجلاء واضح تشابه الوعي بالاشياء انه مرادف طبق الاصل بالادراك الحسّي لها من حيث آلية التنفيذ فقط وليس من حيث الجوهر الوظيفي. حيث نجد كلا من الادراك الحسي الذي يسبق الوعي يتلاقيان في تحقيق المعنى القصدي في الاشياء والمواضيع. ليس معنى ذلك الادراك غير منفصل عن الوعي الذي يحتوي الادراك بتفرد مختلف عنه. لا الادراك الحسي ولا الوعي قادرين على تخليق موضوعهما الذي هو الوجود المادي المستقل بذاته السابق عليهما.
نعود الى العلاقة التي اشرنا لها الوعي ملازم موضوعه المستقل وجودا عنه لكنه متخارج معه معرفيا. الوعي احاطة معرفية عقلية تخارجية لمدركاته وليس خالقا بيولوجيا مستقلا لها بعيدا عن مقولات العقل عنها الذي هو الاخر يعجز خلق مواضيعه الادراكية بيولوجيا بل يعبر عنها فقط بلغة الوعي التعبيري اللغوي المجرد .
الشيء الاخر انه لا وجود لوعي ادراكي قصدي لا يحمل ملازمة معنى تلك القصدية مسبقا يسعى تحقيقه سلوكا وتعبيرا لغويا. الوعي جوهر ذاتي والذات المجردة من علاقاتها لا تدرك ولا تعي ما لا معنى له. الوعي كما سبق لنا تكراره فعالية قصدية تحمل معها معناها السلوكي المرتبط بمنظومة العقل الادراكية. اي تفسير لمعنى فارغ لا يحمل قصديته التي يسعى لها يكون بالمحصلة لا وعي غير موجود ولا يقبله منطق العقل.
فرق الوعي عن الادراك
اذا اردنا تفريق الوعي عن الادراك من حيث قابلية امتلاك المعنى، يكون عندها المرجعية الداحضة في عدم وجود وعي لا يمتلك معنى انما تحدد خطله الزائف علاقة الذات بالدماغ وظائفيا بيولوجيا.
لكن إذا نحن اجرينا مقارنة بين الوعي والادراك ايهما اصدق في تعبيره الادراكي؟ نحن هنا نقع في اشكالية ان الوعي ناتج موضوع إدراك العقل. اما الادراك العفوي الطبيعي لموجودات العالم الخارجي فهو انطباع اولي في نقل الحواس للاحساسات الصادرة عن ادراكها لموضوعات وموجودات العالم الخارجي. ويطلق ديفيد هيوم على هذه العملية بنقل الحواس للانطبات الحسية للذهن وهي انطباعات وقتية تاخذ طريقها عبر شبكة الاعصاب وتراتيبية منظومة العقل الادراكية الى الدماغ ولا قيمة حقيقية تحسب لها كما اكد هذا المنحى جورج بيركلي ايضا.
ميزة الاختلاف الادراكي ان الحواس تنقل انطباعاتها الحسية الى الذهن بعشوائية غير منتظمة ليس كما هي في معالجة الدماغ لها. إدراك عشوائية موجودات العالم الخارجي عبر الحواس قد يفقد الاحساسات الانطباعية المنقولة عنها صدقيتها وعدم كونها خاطئة غير صحيحة.
بماذا يختلف الوعي الادراكي لعالم الموجودات عن الادراك الحسي الذي تقوم به الحواس وكليهما مرجعيتهما الذات؟ رغم اننا تحدثنا باسطر سابقة عن هذا الاختلاف نضيف هنا لما سبق استجابة على التساؤل، انه لا يمكن للذات ان لا تعي نفسها وجودا معرفيا مركزيا للجسم وعلاقة الانسان بالطبيعة والعالم الخارجي. ما يرتب على ذلك ان وعي الذات لنفسها يستتبعه بالضرورة انها تعي مواضيعها وعلاقاتها الارتباطية بالعالم الخارجي والخيالي الداخلي. اي نوع من التفكير لا يكون بلا معنى يحتويه عديم الجدوى ولا اهمية له والا كيف يحدد الوجود الانساني كينونته الذاتية بدلالة تفكير لا يحمل معنى ما يفكر به؟
علي محمد اليوسف/الموصل