يكاد الحديث حول أسطورة أوديب لسوفوكليس يصبح مستهلكا لفرط ما لاكته الألسن و سودت به الصفحات، منذ أن اتخذ منها رائد التحليل النفسي سيجموند فرويد، بل و من الأسطورة بشكل عام، دعامة أساسية مكنته من بلورة منهج جديد أسعفه في فهم اللغة الرمزية و بالتالي فك شفرة الأحلام بناء على قاعدة ترى في الأسطورة كما في الحلم "مجرد تعبير عن النوازع اللاعقلانية و اللامجتمعية التي تسكن البشر" .
و لئن كانت النتائج التي استنبطها فرويد من اشتغاله على هذه الأسطورة قد لقيت استحسان الغالبية العظمى من الناس سواء كانوا علماء نفس أو غيرهم، لاسيما في زمن لم تكن فيه الأساطير تعدو كونها خرافات توظف للتسلية و الترويح عن النفس أو كوسائل لجلب النوم للأطفال، فإنها (النتائج) سرعان ما ستعتريها تصدعات و تتعرض أسسها لتشققات، جراء الضربات النقدية القوية التي تعرضت لها مع توالي السنوات، و هو أمر عادي جدا، ما دمنا نؤمن بأن سر تقدم العلوم مرتبط بهذه الحركية المستمرة لسيرورة البناء و الهدم.
لن نقف في هذا المقال عند مجمل الانتقادات التي طالت التفسير الفرويدي لأسطورة أوديب، بل حسبنا منها الوقوف عند واحد من أهمها، يتعلق الأمر بالنقد الذي بلوره إريك فروم في كتابه "اللغة المنسية". أما مناط الاختلاف بين الرجلين في تفسير مضمون هذه الأسطورة فمرده إلى النقطة التالية:
السيكولوجية المعرفية والتربية ـ المختار شعالي
هيمنت السيكولوجية السلوكية على المشهد التربوي منذ بداية القرن الماضي، بعدما أن حلت محل المنظور الفلسفي للسيكولوجية الذي ساد لعقود قبل ذلك، والذي كان يعتمد منهجية التفكير العقلاني الاستبطاني ( Descarte,Kant) في تناول مسألة العقل وما يحدث في الذهن من خلال تأمل داخلي للذات ووصفها للعقل دون تجريب ولا تأويل. وقد انتقل الاهتمام في السلوكية من الجوهر إلى الظاهر بحجة أنه يصعب الخوض في العقل الخالص، في حين يمكن إخضاع السلوك للتجربة. هكذا فرضت السيكولوجية السلوكية أدواتها المفاهيمية الجديدة التي تتمثل في المنهجية التجريبية في دراسة السلوك، وفي البراديكم البراكماتي الذي اعتمدته في رؤيتها للأمور. وارتكزت بالأساس على تأثير المحيط على نمو الفرد من خلال تلك الثنائية الشهيرة "إثارة ـ استجابة". وقد تقدمت السلوكية كثيرا في فهم ظواهر التعلم والترويض، لكنها عجزت على فهم تعلمات أكثر تعقيدا مثل اللغة والمهارات الذهنية، كونها لم تهتم بدراسة الأنشطة الذهنية التي يجريها الفكر عند استقبال الإثارة وعند إصدار الاستجابة. تلك هي حدود السلوكية التي مهدت لظهور السيكولوجية المعرفية. ما هي السلوكية المعرفية؟ وما هي المفاهيم الجديدة التي جاءت بها؟ وما هو الإسهام الذي جلبته للتربية؟
ما هي السيكولوجية المعرفية؟
حيل الكندي في دفع الحزن عن النفس ـ زهير الخويلدي
" مصلحة ذاتنا أوجب علينا من مصلحة الأشياء الغريبة عنا"[1]
يخيم الحزن على الأنفس في هذا الزمن الصعب نتيجة التحولات العميقة التي يتعرضها لها السكان الناطقين بلغة الضاد وتتصاعد الأسقام التي تعاني منها الشعوب وتستفحل الأمراض التي تنخر الأجساد وتتضاعف الآلام على ضياع الأوطان وتبرز حسرة المواطن على خسوف الشمس وتلبد السماء بالغيوم وفقدان البوصلة وعزوف الحكماء على أخذ زمام المبادرة وتحديد الوجهة.
وربما السبب هو عسر الانتقال وغموض الواقع وتعقد المرحلة وتشابك العلاقات بين الأفراد والمجموعات ومجهولية المصير وتبخر حلم تكوين الدولة الأمة وتنامي العنف وتكاثر الانقسامات والنزاعات وغياب الحلول. هذه الوضعية الصعبة تدعو الى البحث في الأنساق الفلسفية العربية عن طرق صلبة ووسائط متينة تشيّد مسارات ممكنة لتنجب الأحزان ومعالجة الأسقام وتساهم في تفكيك النظرة المتشائمة وترسم سبل لتحصيل السعادة والنظرة المتفائلة.
التجربة السيكولوجية بالمغرب بين الواقع والمأمول ـ د – عبد الله بربزي
يمكن القول إن مسار نشأة أي علم وتطوره يتحدد بمجموعة من العوامل، بعضها يشكل بنية العلم ذاته أي منطلقاته النظرية ومفاهيمه وقواعده المنهجية المساهمة في بلورته كعلم قائم بذاته له موضوع ومنهج خاص به، وعوامل اخرى تتمثل في الشروط الاجتماعية والسياسية والثقافية التي انبثق فيها هذا العلم، هذا بالإضافة الى الحاجات الانسانية الى هذا العلم في الصحة والتعليم والتنمية ...، ومن هذا المنطلق سنحاول في هذا المقال قراءة بعض ملامح التجربة السيكولوجية بالمغرب وذلك عبر محاولة تشخيص وضعية علم النفس داخل الجامعة المغربية وخارجها بالتركيز على الصعوبات والمعيقات، كما سنحاول طرح بعض الملاحظات التي من شأنها ان تغني النقاش الدائر بين الباحثين والمشتغلين بعلم النفس، سعيا الى تحديد بعض الشروط والمحددات الممكنة للرقي بتدريس علم النفس بالجامعة والتأكيد على اهميته ووظيفته في الحياة اليومية والمهنية للإنسان المغربي فردا او جماعة، اذن ما هي الوضعية السوسيوثقافية والقانونية لعلم النفس بالمغرب؟ وما هي اهم اهتمامات الباحثين في علم النفس بالمغرب؟ وما السبل الكفيلة للرقي بعلم النفس في بلادنا وجعله فاعلا ومساهما ومواكبا للحركية التي يشهدها المغرب ؟
أثر الإدراك والإرادة في تكوين الشخصية ـ إيناس بن سليم
قد يكون من المناسب أن نترك جانبا تباين آراء كثير من الفلاسفة والنفسيين حول الإدراك والإدارة وأيهما الأصل في كلّ العوامل النفسّية المؤثرة في تكوين الشخصية لنكتفي بخلاصة جدلية أجملها الدكتور محمود حب الله في قوله: " فالعقائد الدينية لا تعتمد على جانب واحد من جوانب الحياة النفسية للإنسان: الوجدانية والإرادية والعقلية، لكنها تتصل بها كلها اتصالا وثيقا، ولا ترضى نفس المرء ولا تكتمل شخصيته إلا إذا تضامنت شخصيّته ونواحيه النفسية كلّها.. فيوجد قبول عقلي، واطمئنان قلبي والتقاء مع الإرادة، وذلك هو كمال الشخصية، وهو كمال الاعتقاد، وهو كمال العقيدة كذلك "( 1) وهذا ما يؤدي إلى التسليم الكامل لله الذي هو دور الإرادة ، بل إن التسليم من أسس العقيدة الواضحة حتى في مجادلة الآخرين، قال تعالى: ﴿فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن، وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد﴾ سورة آل عمران – الآية 20.
العرب و إشكالية التواصل العقلي ـ عبد القادر ملوك
مر أمام ناظري نص للدكتور عائض القرني يحكي فيه عن رحلته الى باريس للتداوي من وعكة صحية ألمت به، فاسترعى انتباهي، شهادة الشيخ، و هو الداعية الاسلامي ذائع الصيت، بواقع ما رأى و ما عاين من سلوكات و تصرفات "فرضت" عليه الوقوف موقف صدق بين ما نحن عليه و ما هم عليه (الغرب)، ووجدتني أتخيل لو ان تلك الاوصاف التي وصف بها القرني أبناء جلدته صدرت عن شخص آخر ليست لديه حظوة الشيخ و منزلته كأحد الغيورين بل و المدافعين عن الاسلام بشكل يشهد به الصغير قبل الكبير، لتعرضت أقواله لردود فعل يصعب التكهن بدرجة حدتها. و لعل ما يزكي هذا الاستنتاج، الذي يبدو للوهلة الاولى بدون سند، استدراك القرني ذاته في استهلال مقاله، بقوله " و أخشى أن اتهم بميلي الى الغرب و أنا أكتب عنهم شهادة حق و إنصاف" و هو لا يقف عند هذا الحد بل يردف قوله بالقسم "وو الله إنا غبار حذاء محمد بن عبد الله (ص) أحب الي من أمريكا و أوروبا مجتمعتين".
غياب الثقافة السيكولوجية في مجتمعنا ـ وسام زيون
برز علم النفس كعلم حديث مستقل عن الفلسفة ليشهد تراكما وتطورا كبيرا في فترة قصيرة وجاء هذا العلم لدراسة الانسان سواء من الجانب الوجداني أو السلوكي أو المعرفي . فإذا كان علم النفس يهتم بهذه الجوانب الثلاث المكونة للشخصية الانسانية . فلماذا لا يتم تفعيل الثقافة السيكولوجية في مجتمعنا على غرار ما هو سائد في المجتمعات الغربية ؟
إن هذا التقديم الموجز للمدارس التي توالت على علم النفس بفضل روادها ليصير علما قائما بذاته له موضوع ومنهج خاصين به إضافة الى مجال للتطبيق . فما هو إذن مجال تطبيق علم النفس ؟ فالجواب سيكون عفويا إذا ما قلت هو دراسة الانسان , سواء نفسيا أو سلوكيا أو معرفيا , لأنه حيثما يوجد الإنسان فإن الحاجة لعلم النفس تكون ضرورية. اعتمادا على هذا الجواب المبسط يمكنني طرح اشكال هل هناك ثقافة سيكولوجية في مجتمعنا ؟
الحب عند المرأة .. من الوهم إلى الحقيقة* ـ ليليان فنسيلبر ـ ترجمة: نورالدين بوخصيبي
تقديم: هذه ترجمة لواحدة من الرسائل الواردة في كتاب المحللة النفسية " ليليان فنسيلبر" الذي يحمل عنوان " رسائل إلى نثاناييل – دعوة إلى التحليل النفسي" « Lettres à Nathanael – Invitation à la psychanalyse » . و هو كتاب يدعو إلى إعادة قراءة نصوص فرويد و لاكان. و ناثاناييل هنا هو القارئ للكتاب و لرسائل الكتاب. تقول الكاتبة في مقدمة كتابها: " وفاء لذكرى قراءاتي خلال سنوات المراهقة، اقتبست اسم ناثاناييل من أحد شعراء عصرنا هو أندري جيد. هكذا أسميت من يقرأ هذه الرسائل".. و في هذه الرسالة التي اخترت ترجمتها تحديدا للقارئ العربي بإذن من الكاتبة، نغوص في جوانب من التحليل النفسي للحب عند المرأة من خلال بعض نصوص فرويد و جاك لاكان.
أما ليليان فينسيلبر فقد حظيت بالخضوع للتحليل بين يدي لاكان، و مرفوقة بهذا الأخير أصبحت محللة نفسية. أسست سنة 2004 مجموعة عمل على الإنترنيت هي " مجموعة الخمسة محللين"، تشرف على موقع " تذوق التحليل النفسي"، و لها مجموعة كتب في مجال التحليل النفسي. ( المترجم)