أثار الإعلان عن إجبارية جواز التلقيح الكثير من النقاش شمل كل فئات المجتمع، حيث أصبح حديث الخاص والعام، وتناولته كل الفئات العمرية وكل الطبقات الاجتماعية، وبينما يرى البعض أنّ هذا الإجراء ينسجم مع مقتضيات الدستور، وخاصة الفصل السادس منه في فقرته الأولى، وغير ذلك من النصوص القانونية بما فيها المرسوم بقانون رقم 2.20.292، يرى البعض الآخر أنّه إجراء غير دستوري لأنه يصادر حقوقا دستورية؛ وبينما ذهبت الفئة الأولى إلى القول بأنّ حالة الطوارئ الصحية حالة استثنائية تُخوّل للسلطة الحكومية سنّ ما تراه مناسبا من قوانين حماية للصحة العامة بما في ذلك إجبارية جواز التلقيح، ذهب غيرها إلى القول بأنّ ذلك الإجراء اتّسم بالكثير من التسرّع ولم يمنح للمعنيين بالأمر مهلة للتدبير الجيّد لهذا الإجراء كما أنّه يتضمّن تناقضا مع اختيارية التلقيح التي تبنّتها الدولة ابتداء، وذهبت فئة ثالثة إلى ضرورة الإبقاء على مبدأ الاختيار أخذا بعين الاعتبار أنّ هناك من المواطنين من يتوفر على موانع تحول دون خضوعهم للتلقيح ومنهم من يرفضه أصلا.

مقدمة
"إن هؤلاء "المثقفين" لا يبنون سلطتهم على قوة المجموعة فقط. على العكس من ذلك، فهم يستمدون قوتهم الرمزية من موقع اجتماعي يتمتع بمكانة معينة أو حتى من تراكم الألقاب".
بمعنى واسع، يشير المفكرون إلى كل من ينتمي إلى المهن الفكرية (الفنانين، الكتاب، العلماء، إلخ). ثم يشكلون مجموعة اجتماعية (يتم الاستهزاء بها أحيانًا باسم "المثقفين") والتي تمثل جمهورًا محددًا، هو جمهور النخب الثقافية. في تعريف أكثر تقييدًا (وأقدم قليلاً)، يشير المصطلح إلى التدخل في النقاش المدني أو السياسي لشخصيات العالم الفكري باسم الشرعية أو الكفاءة أو الشهرة المكتسبة في مجالهم. وبهذه الطريقة، يظهر المثقفون كمجموعة لها جمهور وبالتالي يمكن التشكيك في جمهورها أو تأثيرها. بهذا المعنى، ساد مصطلح المثقف، الذي استخدم كمصطلح موضوعي، في فرنسا في وقت قضية دريفوس. بعد مائة وعشرين عامًا من هذا العمل التأسيسي، أصبحت نهاية شخصية المثقف هذه أمرًا مألوفًا تلتقطه وسائل الإعلام بانتظام. يبدو أن الترويج للمواطن "العادي" وظهور "الديمقراطية العامة" يؤثر في الواقع على العلاقات بين العالم والفنان والكاتب والسياسي ويثير تساؤلات حول الموقف المتدهور للجمهور. 'مفكر. لذلك من المستحسن التشكيك في التغييرات المعاصرة في المشاركة الفكرية، والتي تفترض أولاً العودة إلى نشأة هذا النمط من التدخل العام والأشكال التي اتخذها.

يمنح رون. إف .سميث، الأستاذ بجامعة سنترال بفلوريدا، أهمية وضرورة ملحة لقراءة كتابه (أخلاقيات الصحافة)، بناء على أربعة أسباب:
أولها، أن يعيد الصحفي التفكير في ماهية دوره، فهو الذي يمنح مجتمعه فرصة أن يرى نفسه، ويسلط الضوء على مشكلاته.
وثانيها: أن المجتمع في الآونة الأخيرة غير راض عن الصحفي بسبب أخلاقياته.
والثالث: أن جانبا من سلوك الصحفيين يفتقر بالفعل للأخلاقيات: من تلفيق للأخبار، والاستشهاد بمصادر لا وجود لها، وتضارب مصالح.
والأخير: أن ضغط المستثمرين والمالكين لوسائل الإعلام لزيادة الأرباح، يؤدي في الغالب إلى خفض العمالة، ومن ثَم التقليل من جودة الصحافة. وبالتالي عليك كصحفي أن تزاول مهنتك في بيئة مليئة بالعراقيل.

ظلت العيون متطلعة، والأعناق مشرئبة تنتظر معالم المشروع التنموي الجديد بعد سلسلة مشاورات ماراطونية مع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والثقافيين الأفراد منهم والمؤسسات. وأخيرا نشر تقرير عام عن هذا النموذج تحت عنوان يبدو أنه يلخص كل شيء (النموذج التنموي الجديد تحرير الطاقات واستعادة الثقة لتسريع وثيرة التقدم وتحقيق الرفاه للجميع) في 152 صفحة.
وبما أن كل مشروع يرتكز في الغالب على أربعة جوانب أساسية هي الاقتصادي، السياسي الاجتماعي، والثقافي، ونظرا لصعوبة الوقوف عند تفاصيل كل هذه الجوانب في هذا المشروع سنقتصر في إطلالة سريعة على الجانب الثقافي في المشروع ...
مقاربة معجمية أولية تبين أن كلمة ثقافي وثقافة كانت أقل حضورا من كلمات المجالات الأخرى فقد حضر في المشروع لفظ "اقتصاد/اقتصادي" 320 مرة، وكلمة الاجتماعي 260، وكلمة سياسة/ سياسي 168 مرة، فيما لم يتردد لفظ ثقافة/ثقافي إلا 55 مرة مع غياب لفظ "مثقف" نهائيا في المشروع، كما يغيب مصطلح الثقافة في الديباجة وفي الفهرسة، ويبدو غريبا غيابه عن عناوين المحاور الاستراتيجية للتحول الأربعة وهي

إن هذا الكتاب من تأليف المؤرخ الأمريكي الراحل "كرين برينتن" (1898-1968)، ويعد مؤلفه هذا من أبرز الأدبيات التي عنيت بتفكيك الثورات وسبر أغوارها. وبمنأى عن التعريفات المتضاربة لمفهوم الثورة، يحيل هذا الأخير إلى حدوث تحول أو تغيير جذري على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي...، ومن ثم فإن حدوث ثورة لا يتطلب بالضرورة إطاحة بحكومة قائمة من جراء انتفاضة شعبية بالنظر إلى إمكانية انبثاقها من صلب المنظومة الحاكمة نفسها كثورة الميجي باليابان خلال النصف الثاني من القرن 19. غير أن المؤلف ركز دراسته في كتابه القيم هذا على المفهوم الضيق للثورات الذي يشير إلى "الإستبدال العنيف والمفاجئ لطبقة حاكمة بطبقة حاكمة أخرى" بالإستناد إلى أربع نماذج رئيسة: الثورة الإنجليزية (1640)، الثورة الأمريكية (1775)، الثورة الفرنسية (1789)، الثورة الروسية (1917).

تعبيرُ المجتمع عن هُويته الوجودية وشخصيته المركزية وسُلطته الاعتبارية وخصائصه الروحية والمادية ، يُمثِّل تجسيدًا واقعيًا لشرعية وجود المجتمع باعتباره كِيانًا مُتجانسًا، وكُتلةً مُتماسكة، وتاريخًا مُتجذِّرًا في الزمان، وجُغرافيا راسخةً في المكان . وإذا تكرَّست الشَّرعيةُ الاجتماعية في أنساق الحياة اليومية ، تكرَّست مشروعيةُ الأحلام الفردية والجماعية ، لأن الأحلام لا تقوم إلا على قاعدة اجتماعية صُلبة ، وكُل بِنية اجتماعية بدون شرعيةٍ ومشروعيةٍ هي مُجرَّد ورقة في مَهَب الريح ، ولَيست شجرةً ذات جذور ضاربة في الأعماق . وهذا يُفَسِّر سبب قُدرة بعض المجتمعات على الصمود في مواجهة الأزمات وعلاجها ، وانهيار مجتمعات أُخرى أمام الأزمات ، وعدم القُدرة على التعامل معها .

وإذا سعى الإنسانُ إلى تحقيق أحلامه الجامعة بين المنفعة الخاصَّة والمصلحة العامَّة ، فإنَّ تحوَّلات جذرية ستطرأ على علاقة الإنسان بنَفْسِه ، وعلاقته بمُجتمعه ، وهذه التحولات تتمثَّل في تحوُّل شرعية الوجود الاجتماعي إلى مشروعية النهضة والتنمية ، وتحوُّل المشاعر الإنسانية الهُلامية إلى أفكار إبداعية منضبطة بقواعد المنهج العِلمي .

    

ما إن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، حتى برزت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، كقوتين عظميين متنافستين على الساحة الدولية؛ أسهمتا في تقويض الاحتلال الأوروبي للقارة الإفريقية، ففي خضم الحرب الباردة، وما صاحبها من استقطابات، ولدت حركات تحررية من رحم العبودية والمعاناة.
وكان لا بد لهذه الحركات الثورية من أن تلجأ إلى كل الوسائل لتحرير أرضها من مخالب المحتل، فاتخذ النضال مختلف الأشكال، فكان سلميا تارة وعنيفا طورا آخر. وانتشرت هذه الثورات كسريان النار في الهشيم، لتعمّ جلّ البلاد الأفريقية، خصوصا أواخر الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
ويحاول هذا التقرير تقديم رصد سريع لظاهرة أدب المقاومة الأفريقي، في الدول الناطقة بالبرتغالية، من خلال رسم ملاحم شخصية الأديب الثائر أميلكار كابرال الذي قاد الحركة القومية لغينيا بيساو وجزر الرأس الأخضر، محاولا مقارنته بنماذج أدبية من المغرب، ناضلت ونافحت عن حياض الوطن بالقلم والكلم، من أجل بثّ الحماسة في نفوس الثوار ضد المحتل الأوروبي.

يعد هذا الكتاب آخر عمل صدر للكاتب والروائي اللبناني المقيم في فرنسا "أمين معلوف" الذي ذاع صيته في الساحة الفكرية إثر صدور كتابه القيم "الهويات القاتلة" في أواخر التسعينات والذي أطلق فيه صرخة في وجه التصورات الضيقة والمنغلقة لمفهوم الهوية. في مؤلفه الجديد الموسوم ب"غرق الحضارات"، يتأمل معلوف وقد بلغ خريف عمره أحوال الحضارة البشرية من منظور المؤرخ والمفكر المتبصر وبقدر كبير من الحسرة والألم حين يشبه حال كوكبنا بتلك السفينة التي تبدو سطحيا وهاجة وساطعة، واثقة من نفسها، وهي لا تعلم بأنها تمضي بثبات نحو غرقها.
من رحم العالم العربي ولدت التراجيديا العالمية