أورقت أيام الردى
وردا قرمزيا
يعتلي صهوة السحاب
دالت أيام أمم ولت
خلف تل الغياب
عشتروت التي ما
فتئت ، تتلو الخطاب
في زقاق الذاكرة
تلم العابرين نحو السراب
محطة السفر ضجر
حافلات الموت مسيعة
بلون الاغتراب
شباك التذاكر منبلج
لا أحد يستهويه الاقتراب
أبحث عني فيهم
عن وجه بدلته السنون
العجاف
غيرته ذكريات حب بارد
وعناق يشق الجبين
نصفين..ينشب الاكتئاب
ليل طويل ينوح عاصفا
لبس بردتين سرمديتين
من سواد
هناك واقفا خلف السور
وعند الباب
حتى الراحلون
نحو بلاد النهار
يسترقون العبور
كي لا يبصرهم الغراب
وصرت في بلادي العريضة
ليلا أمتشق السؤال
أطرق البيت تلو الباب
فما يجيبني غير طنين
باب قديم مثقل بالغبار
فالناس هنا جمود
لا يملكون حلما
لا يوقظهم طارق الليل
ليس لهم جواب
وفي مساجد كثيرات
أذنت للحلم
عانقتني السواري
بدفء
بعطف
وأجابني المحراب
ابحث عن الله فيك
في بسمة صبية
وقبلة فجر
تعانقك فيها الدنيا باغتراب
وسرت مكملا سفري
بحثا عن الله في الكون
عن عشق لم يذكر في كتاب
وجدتني
أراقص الحمام
في ساحات المدن
وفي المرسى
أوزع الورود
وأغني للنوارس
جنب السفن
أحملني إلى الله
في الكون
أتشظى شمعة
تنير الحزن
أحارب الكوابيس
وأرمي في اليم
بقايا الشجن..
ثم تجليت ظلا
ينادي : أنا إبراهيم
الصليب
أنا يوسف السليب
في غيابات جب
في لباس صوفي
ضائعا سنوات تيه
بلا حب ..
إخوتي رموني في أفق
بلا درب
في سماء دون سرب
في وغى بلا حرب
أين أجد عنوان أحبابي..؟
أكتب بدمي عذابي
وأنتظر الغد دون أسباب
وتبقى كلماتي
تسحبني
نحو النهايات
أيتها الأرض المتباعدة
أليس لي أن أنال اقترابي
من بقاعك
أصبغ ثيابي من طينك
أشعر انتمائي إليك ..
إلى التراب
ولا زال الفينيق في دواخلي
يحارب لأجل حلمي
يبحث عن رمز العبور
في شفرات قديمة
ويغازل العنقاء
في الأرض اليباب
يعبران الصمت معا
تعول الريح في جيكور
ويناديني السياب
أيها الشاعر الثائر
أوصد الذاكرة
وخذني معك لجيكور
كي نثور
في وجه الحياة ..
ونوقف نزيف الكوليرا
ونعيد من خطفته المنون
من الذاكراة
من رحلة سافرة
قضوها نحبا
ونشرب في مدن الأسفل
نخبا
ونقيم للحلم نصبا ...
أورق الربيع من ضلع
الصليب حلما أخضرا
وصنعت فيه العنقاء
مصباحا مقمرا
توهجت وأنار الفينيق
مسارا في داوخلي مضمرا
و قفز الملقى في غيابات الحلم
مستبشرا...
لم يكن سوى أنا
الباحث عن فيء
عن حلم .. في جيكور
أو في مدينة معتمة ..
باحثا عن قطرة نور
عن عبور
نحو الحلم
أقطع البحور
وأنا أتلو قصائد
سميح والسياب
باحثا عن الغياب
وأشم رائح خبز أمي
رائحة البخور
وباقة ورد
في محلات الزهور
أدفنني في آخر مدينة
مسيعة بالحضارة
فمن يعيدني لحضن
بلادي وحلمي المبتور
أتراه الفينيق أم عشتار
إذا طواني الزمن
أخفاني عن الظهور ..