درس المدينة الأول ـ شعر : عماد استيتو

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

لن أصدقك
حين تتحالف مع كل السواد
الذي في هذه المدينة
بحثا عن نزوة ثورية
وعن حضن كافر بالوضوح
لن يسمحوا لك بهذه الرقصة

لن أصدق القصيدة التي
خرجت بحثا عن حرف الختام
هناك في شارع الحب
متخلصة من كل برستيج الشعراء


عارية من التصحيحات والتدقيقات
كشعارات المظاهرات الطارئة

بعد أن أثمل
في حانة "دون كيشوط"
سأقول لك كلمات أعددتها لهكذا مناسبة
سأقول: الموت ليس سوى وجهة نظر
أما الحب فهو مجرد فكرة

حسنا
ماذا كنت تتوقعين مني ؟
أن أكتب نعيا عن تلك المدينة
كما يبكي الأمريكان على أطفال سوريا
أم تطلبين مني أن أكون خجولا أمام صفاقتها
اعذريني فأنا لم أدخر ما يكفي
من الفصاحة لأصف مشهد انتصار

قبضة اليد هاته
ليست نبرة تحدي
بل مجرد رحلة إلى الوجع
محاولة أخيرة
لإدراك الهاوية
وأنت متى خرجت واهما
 بحثا عن ..
سياج يمكن اختراقه
وردة يمكنك قطفها بسلام
لن أصدقك

هل مر إبليس من هنا ؟
لا تطرح هكذا سؤالا غبيا
أم أنها كأسك العاشرة
أصبحت تسبح في اللاشيء
طبعا إنها جنة إبليس المشتهاة
هل أرسله الله ليختبر إيماننا ؟
أخبرتك أن لا تسأل

أو تعرف تلك المدينة
نعم تلك التي
لن أصدق كل ما تحكيه عنها
تشبه كل أسبوع من عمر هذا الوطن
لا تتعجب: يخلق الله من الشبه أربعين، أو خمسين
أو ستين ..
حسب ما تقتضيه ضرورة اختناق العالم

هي حكمة ربما
أن نختبر الزلزال والفيضان معا
أن يعيش بيننا مغتصب أطفال أجنبي
أن تموت الأم الحامل في ممر المستشفى
وأن يقول وزير الداخلية : لا أعرف شيئا
ثم ندخل الجنة بعدها

جيل 81
المشرب غص بهاته الطينة
لا يتذكرون لا الحب ولا النساء
يتحدثون فقط عن الرصاص والسجن
وحينما نلتحق بهم أنا وأنت
يغرق المكان في المحال
جيل 2011 أيضا
جيل مأساة على وشك الولادة
جنين خيبة

تلك المدينة التي حدثتك عنها
تلك التي يشبهها هذا المنفى العظيم
تائهة في اختراع غصة
ونيرون في حالتنا هاته
على عكس الأسطورة
لا يستعمل النار ولا يقرأ أشعار هوميروس
لم يصعد إلى الجبل
بل امتطى صهوة حصان ظل يرعبنا

بينما أنا وأنت
نحلم من جحرنا
بتغيير العالم
تصنع المدينة مرفأ آمنا
تدفن فيه كل أحلام الجامعة
وتنكس فيه أوهام الاشتراكية
ليخرج نيرون من كتب التاريخ
فيهدينا خرابا آخر
لم يشهده العالم منذ آدم

للكناسين وظيفة أخرى في هاته المدينة
غير تشطيب الأزبال
بنفس العزيمة كل صباح
يلملمون حطامنا
بقايا انهيار الأمس
وشظايا البيرة الحزينة
ثم يطردون الأرواح الشريرة
تلك الأرواح التي لن تقبلها أي مركب
ولن تذهب في أي رحلة

كم تشبهنا هذه المدينة
نحن العابرون على الأرصفة القاسية
كم تشبهنا صلاة الجمعة الأخيرة
أوجهنا ليست غريبة عنها
ليست غريبة أبدا عن تبغنا
ولا عن مقهانا
أو بارنا
تشبهنا كثيرا وهي تبحث في الفراغ
عن رجل يتنفس في القذارة
عن امرأة لا تهب لحمها

في النهاية مالذي سنفعله
أنا وأنت ؟
وسط كل هذا الجنون
أمام تمادي نيرون
وقد أدمننا النزيف على الأطلال؟
سنمشي بعيدا عن السرب؟
وسنقفز عراة
في مكان لا يبالي بنا
ثم سنلقن المدينة درسها الأول
يوم سيظفر بمعطفها الهامش
يومها فقط سيزورنا فصل الربيع
وسأصدقك

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟