تائهة بين هضابِ دروبك..
كلَّت يدايَ من طرْق المداخل والأبواب
تورَّمتْ قدماي،
جفَّتْ عيناي،
سألتُ وسألتْ،
وما أرشدوني إلى عنوانك..
سيدي، صبية أنا بين حروفك..
أحرقتَ طلاسمي،
أغرقتَ سفائني،
أبطلتَ كلَّ قياساتي وقرائني..
نزعتَ، عن وجهي حُجُبَ الزهْد والعفاف،
وكنتَ البحرَ، وغورَ الأمواج، والعاصفة الهوجاء.
وأنا زورق ضئيلٌ يتهادى برياحك..
لا دفَّة لي، ولا قلاع، ولا مجداف،
أينما ولَّيتُ وجهي أنتهي إلى مينائك،
لا شيء بعدك غير الماء وزرقةِ السماء.
سواء أسبحت، أم حلقتُ..
أجدني دوما حائمة حول محرابك.
قل بالله عليك؟
لماذا هذه البسمة المبهمة على شفتيك؟
لماذا كلما ناداني بريق اللؤلؤ في عينيك،
أخرج من حصوني ودياري..
أحلم بحدائق الفردوس..
فلا أجد غير فتاتِ الصمتِ في انتظاري..
أهو استخفاف بالقدر الذي رماني عند رجليك؟
أم استكبار وعتوٌ واستبدادٌ بمن صبا ويصبو إليك؟
يا طيفا يهوى التجوال بين تضاريسي
ويعشق السيرَ حافيا في شوارع قلبي
كلما أطبقَ الليل على صدري أجدني أسيرة جيوشك.
يا رفيق غربتي، وسجاني، ومؤنسي
أبرم أقلامي، أهيئ دفاتري وكتبي..
أكتب وأكتب... وأكتبْ
لكن، لا شيء على الورقة غير اسمك وألقابك.
يا أنت يا نورا يتدفق بين جوانحي
يا بسمة السراب..
يا نغما يداعب أحلامي وجوارحي،
لو مرة تلامسك يديا ؟
لو يضمني طيف أفراحك وضحكاتك،
لو أن أنفاسي تمتدُّ حِبالا وتلتفُّ وتلتف..
لو أن القدرَ اللئيم منَّ يوما عليا
وركبنا القطار إلى بهجة جنانك..
لو أن... وما نفع الأماني
وأنت لا تأبه لما بيا !!
انس ولو للحظةٍ معاييرك المنطقية،
انس الموروثَ والمعقولَ والمعهودْ،
تجردْ من أسمال تاريخك،
ضع في الخلف تراثك المحفوفَ بالموانع والقيود
لا تظل سلبيا كالوثن المنبوذ
اسق قلبك بقطرات شهامة،
وقليلا من توابل القيم الفطرية..
لماذا لا نكون كزوج حمام،
نطير سويا، نحلق عاليا، نتلفع بأردية الغمام..
ولتكن يا حبيبي زكيا كعطر الحمام
نبيلا كأناشيد الرهبان..
حليما رحيما كريما كعاشق ولهان..
تصفو الحياة وتزهو،
وجوقة العصافير تصدح من حولنا بأنشودة السلام
يا سلام ..
كطفل طاهر السريرة والسجية،
تتلعثم بالأحرف الأولى،
وتتهجى أسمائي الندية..
وتتذوَّقُ جرس الأصوات،
تتأمل سحر النغمات..
فأنا الحرف في الأزلية والأبدية،
أنا جميعُ حروف الأبجدية.