بالغصّاتِ وضوءُ الشمسِ الغاربُ
معكوسٌ في قدحي الفارغ ِ
والذكرى المرّةُ
تعتصرُ الدمعَ الساخنَ
من أعماقِ العينْ !
بالغصّاتِ أودّعُ آخرَ أيّامِ الصيفِ
وأستقبلُ كلَّ خريفِ الصبرِ
بعينيّ الدامعتينْ !
وأقولُ لنفسي الأسيانةِ
يا نفسي !..
يا حقلَ حفيفٍ مملوءٍ بالريحِ
لماذا نترقرقُ بالدمعِ
على مرآى البحرِ غريبينْ ؟
ولقلبي المتألّم يا قلبُ
لماذا نتدفّقُ في إيقاعِ الريحِ
ونحيا أغراباً و وحيدينْ ؟
ماءُ المغربِ يرقدُ في الأكوابِ الليليّةِ
كالخمرِ الباردِ
وشجيراتُ الشوكِ الكهلةُ
تترعني بدموعِ العطشِ المعصورةِ
من مقلِ الظمآنينْ !
وأنا الباكي ما ضاعَ من العمرِ
على مجرى الجدولِ كلَّ وداعٍ
والمنشدُ أغنيةَ المغلوبِ على طولِ الشاطىء ِ
كلَّ حنين ْ !
لا غسلت غيماتُ البحرِ دموعي بالملحِ
ولا خاطتْ ريحُ الشتويّةِ
بالأشجانِ جراحي
آهٍ يا شتواتِ الطينْ !
تتساقطُ أوراقُ الحورِ
فتشعرني بشتاءاتِ الغربةِ والبردِ...
تهبُّ الريحُ فترتعشُ الأرواحُ
المهجورةُ في الأشجارِ ...
ينامُ العصفورُ وحيداً في العشِّ
فيشعرني بالدنيا المخلوقةِ
من يأسِ الناسِ المنسيينْ !
سكنتْ رنّاتُ الأغنيةِ المجروحةِ
وتلاشى تغريدُ جداولها النهريّةِ
فاسمعْ نبراتِ رثاءٍ
تتحطّمُ بالنعي على حجرِ الحزنِ
وتنقلها الريحُ إلى كلِّ حزينْ !
آهٍ مما يجعلُ قلبَ العاشقِ يبكي
آهٍ من رقراقِ دموعِ العينْ !
البحرُ يغط ُّعميقاً
في أحلامِ الأفقِ الغامضِ
والعشُّ الفارغُ من كلِّ الأجنحةِ الورديّةِ
يفرغُ من كلِّ عصافيرِ التينْ !
يا عشُّ لماذا تذروكَ الريح ُ على الأبوابِ
وشباكُ الشيخوخة ِ يرنو لرحيلِ النائيينْ ؟
ولماذا تصمتُ يابحرُ
وصمتكَ يا بحرُ حزينْ ؟