تتميز الحياة خلال هذه الحقبة بأنها الأكثر تواصلًا في تاريخ البشرية، وبالعديد من الإيجابيات حيث يتمكن أفراد الأسرة الواحدة البعيدون عن بعضهم من الالتقاء عبر جلسة FaceTime والاستمتاع بوقت عائلي ممتع سوياً.
لكن الكثير من التكنولوجيا - سواء أكان ذلك الوقت الذي نقضيه على الهواتف الذكية، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو أمام الشاشات الرقمية الأخرى - يمكن أن يكون له عواقب غير محمودة. وقد يشير ذلك إلى الحاجة إلى التخلص من السموم الرقمية.
إن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا يمكن أن يكون على حساب الأنشطة الأخرى مثل النوم، وممارسة الرياضة، والتواصل الاجتماعي الوقعي، والتي تعتبر كلها مهمة لتحقيق الصحة العامة.
تقول العالمة الأمريكية " كارول فيدال" Carol Vidal أستاذة الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة جونز: "أن الاستخدام المتكرر للتكنولوجيا يرتبط بزيادة أعراض نقص الانتباه، وضعف الذكاء العاطفي والاجتماعي، وإدمان التكنولوجيا، والعزلة الاجتماعية، وضعف نمو الدماغ، واضطراب النوم في بعض الحالات".

الاستخدام المرضي للتكنولوجيا

النوموفوبيا هو الإدمان على استخدام هاتفك المحمول والأجهزة الرقمية الأخرى. وهو مصطلح جديد يعني نوع من الرهاب والخوف المرضي، والذعر من الانفصال عن الأجهزة الرقمية وخاصة الهاتف المحمول. فما هي العلامات والاختبارات للتعرف عليه؟ ما هي العواقب على الحياة الاجتماعية أو المهنية؟ وهل يؤثر فقط على الشباب؟ كيفية التخلص من ذلك؟
وجدت دراسة استقصائية أجرتها شركة "ديلويت" Deloitte عام 2020 أن حوالي 69% من مستخدمي الهواتف الذكية يقومون بفحص منصة التواصل الاجتماعي في الدقائق الخمس التي تسبق الذهاب إلى السرير، وفي غضون 30 دقيقة بعد الاستيقاظ صباحا.

في عام 2011، في العاصمة الروسية موسكو، اندلع واحد من أكبر الاحتجاجات منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، احتشد فيه عشرات الآلاف من الروس في وسط المدينة وهم يهتفون "بوتين لص" و"روسيا بدون بوتين". هنا وجد الكرملين نفسه مُجبرا على مواجهة حالة من السخط العام التي لم يشهدها منذ أن أصبح فلاديمير بوتين رئيسا. كان الحدث كبيرا جدا بحيث لا يمكن تجنب ذكره خلال نشرة الأخبار المسائية، التي لا تتحدث عادة عن أي انتقادات موجهة للرئيس الروسي.

رافق التجمع الرئيسي في وسط المدينة عشرات التجمعات الأصغر عبر مناطق روسيا المختلفة، حيث أُبلغ عن حشد من 3000 شخص في تومسك، وقالت الشرطة إن هناك تجمعا مُكوَّنا من 7000 شخص في سان بطرسبرغ. حدث ذلك بشكل أساسي من خلال الاعتماد على شبكة الإنترنت ومنصات المراسلة مثل تلغرام وغيره. (1)

عالم بوتين الموازي!

بعد هذا الحدث بدأت الحكومة الروسية في تمرير العديد من القوانين، بما في ذلك قانون "الإنترنت السيادي"، حيث تعمل روسيا ودول أخرى على بناء أنظمة الإنترنت الخاصة بها التي قد تهدد استقرار الإنترنت العالمي. منذ نحو 7 أعوام، تحديدا في عام 2014، نشرت الغارديان البريطانية تقريرا يوضح أن مسؤولين روس قد ألمحوا إلى أن الكرملين يدرس خططا جذرية لفصل روسيا عن الإنترنت العالمي في حالة حدوث مواجهة عسكرية خطيرة أو احتجاجات كبيرة مناهضة للحكومة في الداخل. حينها، ذكرت صحيفة "فيدوموستي" الروسية أن بوتين سيعقد اجتماعا لاحقا يناقش خلاله الخطوات التي قد تتخذها موسكو لفصل المواطنين الروس عن شبكة الإنترنت في حالة "الطوارئ".

الهدف الرئيسي وراء هذا الإجراء، وفق موسكو، هو تعزيز سيادة روسيا في الفضاء السيبراني وجعله تحت سيطرة الدولة. حتى هذا الوقت، كان الإنترنت الروسي، على عكس الصين، مكانا مفتوحا نسبيا للنقاش، رغم ما يشهده من تنازع دائم بين المدونين الذين ترعاهم الدولة ومعجبي بوتين من جهة، والمعارضين لسياسات وقرارات النظام الروسي من جهة أخرى.(2)

ظهر سرد القصص مع تطور العقل البشري لتطبيق التفكير السببي وهيكلة الأحداث في سرد ولغة سمحت للبشر الأوائل بمشاركة المعلومات مع بعضهم البعض. أتاح سرد القصص في وقت مبكر فرصة للتعرف على الأخطار والأعراف الاجتماعية، مع الترفيه عن المستمعين أيضاً.

في المنطقة العربية يُعتبر الأدب الذي أُنتج في العصر الجاهلي أقدم العصور الأدبية ـ عصر ما قبل الإسلام ـ وهو فن الشعر والنثر وكان ينتشر شفهياً بين الناس عبر الذين حفظوا الشعر من الشعراء، إلى أن جاء عصر التدوين بظهور جماعة "الرواة" وكان من أشهرهم "حماد بن سلمة" و"خلف الأحمر" و"أبو عمر بن العلاء" و"الأصمعي". موطن هذا الأدب الجزيرة العربية التي كانت ميداناً للصراعات والغزوات بين القبائل التي ارتبطت فيما بينها اجتماعياً وتجارياً بعلاقات اقتصادية وسياسية أثرت على الأدب الجاهلي.

مرّت الآداب بأطوار متعددة، من عصر الأدب الشفهي، إلى الورقي، ثم من الأدب التناظري التفاعلي، إلى الأدب الرقمي.

الأدب الشفهي

 أو الخطابة أو الأدب الشعبي، هو نوع من الأدب يتم التحدث به، أو سرده، أو غنائه بصورة شفهية عكس ما هو مكتوب. لا يوجد تعريف موحد للأدب الشفهي، حيث استخدم علماء الأنثروبولوجيا أوصافاً مختلفة للأدب الشفهي أو الأدب الشعبي. يشير التصور الواسع إليها على أنها أدبيات تتميز بالنقل الشفهي وغياب أي شكل ثابت عنها. تتضمن هذه الأدبيات الشعر، والنثر، القصص، والأساطير، والتاريخ عبر الأجيال في شكل منطوق.

مجتمعات ما قبل القراءة والكتابة ـ بحكم تعريفها ـ لم يكن لديها أدب مكتوب، ولكنها امتلكت تقاليد شفوية غنية ومتنوعة مثل الملاحم الشعبية، والروايات الشعبية (بما في ذلك الحكايات والخرافات) والدراما الشعبية، والأمثال، والأغاني الشعبية  التي تشكل بشكل فعال الأدب الشفهي. حتى عندما يتم جمعها ونشرها من قبل علماء مثل الفلكلوريين و لا يزال يشار إلى ذلك الأدب ـ في كثير من الأحيان ـ باسم "الأدب الشفهي". تطرح الأنواع المختلفة من الأدب الشفهي تحديات تصنيف للعلماء بسبب الدينامية الثقافية في العصر الرقمي الحديث.

قد تواصل المجتمعات المتعلمة والمتطورة التقاليد الشفهية، لا سيما داخل الأسرة (على سبيل المثال قصص ما قبل النوم) أو الهياكل الاجتماعية غير الرسمية. ويمكن اعتبار سرد الأساطير الحضرية مثالاً على الأدب الشفهي، كما يمكن اعتبار النكات من الأدب الشفهي أيضاً.

تمهيد:
          انخرط العالَم، بفضل ما يُصطلح عليه بالثورة التكنولوجية، في مسار جديد، لا يقل أهمية وخطورة عن المسار الذي أحدثته الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر. فقد نتج عن التطور التكنولوجي الذي بلغ أوجَه منذ أواخر القرن العشرين، تغييراتٌ كبرى، سببها الطوفان المعرفي الذي غرقت فيه مناحي الحياة كلها: اليومية، والأكاديمية، والثقافية، والاجتماعية، والمهنية. وأصبح من العسير التحكم في تدفق سيل المعلومات الذي لا حدود له. ومن نتائج ذلك ظهور ما أسماه ألفين توفلر (Alvin Toffler) "تحول السلطة"، أي انتقالها من "سلطة للمال، والثروة، والحُكم"، إلى "سلطة للمعرفة". وهذا ما جعل القدرة على إنتاج المعرفة، وتوزيعها، واستهلاكها، يخضع بدوره لما اصطُلِح عليه بــ"صناعة المعرفة". وفي النتيجة غدَا صُنّاع المعرفة، الحكامَ الجُدُدَ للعالم.

          لقد بات من الضروري، اليوم، وضع استراتيجيات ملائمة لهذه الثورة المعرفية، لاستغلالها على الوجه الأفضل. ويعتبر التعليم إحدى القنوات الأساسية التي يجب تحديثها، لضمان جودة مُخرجاتها، من جهة، ولمواكبة هذا الكم المَهول من المعارف، ومحاولة احتوائه، من جهة أخرى، وذلك بتأهيل المتعلمين وإكسابهم مهاراتٍ وقدراتٍ تجعلهم في مستوى هذا التغيير الذي يشهده العالم.

وبما أنَّ من الأهداف الرئيسة للتربية نقل المعرفة من الجيل الذي توصَّل إليها، إلى الجيل الذي بعده، فإن ذلك يجعلها تتسم بالاستمرارية. ولن تتأتى لها هذه الاستمرارية على نحو سليم، وسريع، وفعّال، إلا باستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة.

قبل أزيد من سبعة عقود سلط الشاعر الإسباني بيدرو ساليناس (1891-1951) الضوء على ظاهرة أخذت تتعاظم أنذاك بشكل يدعو للقلق. فقد ركز اهتمامه على ما أسماه "بالأمية الجديدة" والتي تختلف جذريا عن نظيرتها التقليدية (عدم معرفة القراءة والكتابة)، لأن منتسبيها يستطيعون مطالعة المجلات والمطبوعات التي تهتم بالترفيه والفضائح والحياة الخاصة للمشاهير بتفاصيلها المملة. إنهم يتظاهرون بالثقافة والمعرفة لكنهم في حقيقة الأمر يتشربون أفكارا ومعارف مبعثرة وهشة منهجيا ومعرفيا، لا تساهم في بناء الهوية الثقافية والمعرفية للشخص بقدر ما تدفعه للغرور وادعاء المعرفة وتوهم الإبداع والتفكير النقدي. أو بعبارة أدق، تجعله إنسانا تافها وسطحيا إلى أبعد حد، يهتم بقراءة وحفظ العناوين كجزء من سلوكه الاستعراضي ولا يعير المضامين الصريحة والأفكار العميقة أي اهتمام.

مقدمة للترجمة
لا تتوقف التداعيات السلبية للأخبار الكاذبة في النطاقات الصحية عند حد التأثيرات النفسية، إذ تمتد مُسبّبة أضرارا مباشرة تصل إلى حد الوفاة. ومن هنا وجب علينا أن نتساءل عن السبب في انتشار تلك النوعية من المعلومات المضللة، أهي فقط طبيعة البشر الذين يعشقون الإثارة والفكر المؤامراتي، أم أن المنصات التي تُنشر عليها تلك الأخبار لها دور في تلك الكارثة؟ لماذا يتردد فيسبوك في حذف حسابات المشاهير الذين يضللون الناس؟ ولِمَ تسمح المنصة بانتشار المعلومات المضللة في المجموعات والصفحات التي يجتمع فيها المتطرفون سياسيا؟ والأهم من ذلك، لِمَ تمنع منصات يوتيوب وتويتر وفيسبوك الباحثين في هذه النطاقات من الوصول إلى جميع المعلومات المطلوبة لتحليل الظاهرة؟!
مادة الترجمة
تَعَرّض فيسبوك مؤخرا إلى انتقادات عديدة بسبب السماح للمعلومات الطبية المضللة بالانتشار على المنصة، وظهرتْ بعض المستندات الداخلية المُسرَّبة التي تشير إلى أن فيسبوك قد يكون أسوأ مما كنا نعتقد سابقا، وأنه يغض الطرف عن هذه المعلومات عمدا. وتُعدّ هذه المعلومات المغلوطة مصدر قلق رئيسيّا، إذ توصلت إحدى الدراسات إلى أن المشاركين الذين تلقوا معلوماتهم من فيسبوك كانوا على الأرجح أكثر ميلا لمقاومة اللقاحات من أولئك الذين تلقوا معلوماتهم من وسائل الإعلام الرئيسية.

إذا عدنا إلى العصور الوسطى الأوروبية سنجد أن السلطة (Authority) دائما ما كانت تُستمدّ من أشياء خارج الإنسان، من الله، من الكتاب المقدّس، من رجال الدّين، فكان المرء إذا سأل سؤالاً من قبيل: ما الخير وما الشر؟ أو ما الجيّد وما السيء؟ يُجاب مباشرة بأن الخير هو ما أوصى به الرب أو الكتاب المقدّس أو آباء الكنيسة أمّا الشر فهو ما نهوا عنه. أي أن الإنسان في ذلك العصر كان يحصل على كل إجابات أسئلته من مصادر خارج ذاته ومشاعره. وإذا تعرّض لمشكلةٍ شخصيةٍ فلا يفكّر في حلّها بنفسه أو يُحكّم عقله فيها بل كان يسأل الله أو رجل الدين. بعبارة أخرى فإن ذلك الإنسان لم يكن يفكّر بعقله الخاص أبداً. أمّا مع "الثورة الإنسانية" (Humanist revolution)، فقد انتقلت السلطة من السماء إلى الأرض، من الله والكتاب المقدس ورجال الدين إلى الإنسان ذاته، فارتفعت الصيحات التي تقول: "يا أيها الإنسان فكّر بنفسك ولا تعتمد على أية سلطة خارجة عن سلطة عقلك أو مشاعرك". لقد نادت الثورة الإنسانية بأن كل الإجابات هي داخل أنفسنا وليست في مكانٍ آخر، فأصبح بذلك الإنسان هو مركز الوجود، أصبح هو مصدر ومعيار كلّ تقويمٍ وقياسٍ. وقد تجلّت هذه "الثورة الإنسانية" في كافة المجالات، في الأخلاق والفن والاقتصاد والسياسة والتعليم وغيرها... فقد أصبح، على سبيل المثال، "الجيد" هو ما يجعل المرء يشعر بشكل جيّد و"السيء" هو ما يجعل المرء يشعر بشكلٍ سيّء، أما "الجميل" فهو ما يراه المرء جميلاً في حين أن "القبيح" هو ما يراه قبيحاً. لقد أصبحت السلطة العليا للإنسان، لكلّ شخصٍ على حدة، للمُشاهد، للمستهلك، للمُنتَخِب، للقارئ...

من منا لا يتذكر فيلم "عين النسر" (Eagle Eye) المنتج عام 2008 من إخراج د. ج. كاروسو، وبطولة شيا لابوف وميشيل موناغان، حيث يتحدث الفيلم بطريقة دراماتيكية عن قيام الحكومة الأميركية بإنشاء منظومة تجسس إلكترونية متطورة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهدفها التجسس على البشر في كل حركة يقومون بها في أي مكان وزمان.
النور والعتمة
يبدو أن ما كان خيالا علميا أصبح واقعا عمليا الآن؛ فلقد جعلت التكنولوجيا الحديثة حياتنا أسهل بكثير مما كان عليه الأمر في السابق، فنحن جميعا نستخدم الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب المحمولة، ونشاهد الأفلام ومقاطع الفيديو عند الطلب متى أردنا ذلك، ونشتري تقريبا أي نوع من المنتجات عبر الإنترنت، بل ونلتقي أصدقاءنا وزملاءنا في عوالم افتراضية، لكن هذه الراحة لها جانبها المظلم أيضا.

نشرت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) الأميركية تقريرا عن كيفية الانتقال من فيسبوك إلى مكان آخر، وصعوبة هذا الانتقال، وما ستفقده إذا انتقلت إلى تطبيقات أخرى.
ويقول التقرير إنه وبعد شهر قاسٍ من الاكتشافات حول ممارسات فيسبوك التجارية، والتي بلغت ذروتها بإدلاء الموظفة السابقة في الشركة فرانسيس هوغن بشهادتها عن المخالفات أمام المشرعين حول التأثير الضار للشبكة الاجتماعية على الأطفال، يحاول كثيرون مرة أخرى اكتشاف كيفية تخليص أنفسهم.
ويوضح التقرير أن من السهل القول إنك مستعد للرحيل عن فيسبوك، لكن معرفة إلى أين تذهب بعد ذلك هو الجزء الصعب، كما أن الانفصال يعني أيضا قطع إنستغرام وماسنجر وواتسآب، إذ إن جميعها مملوكة لشركة فيسبوك.