هل أنت شاعر؟
لا يا سيدتي،
ولكني أحمل الحرب
***
إذا أنت جندي!؟
لا يا سيدتي،
أنا فقط أحب القمر
***
إذا أنت عاشق!؟
لا يا سيدتي،
فحبيبتي حرة

بين القصائد تعبر
حاملا حلمي القتيل
تضرب رقاب القوافي ...
فتسقط الوعود قتلى
وتنتشي أنت ....بسلافة الندم
خلفك الرماد
يؤرخ أزمنة العشق
الدمع على شاشة الريح
ينقش تاريخ الخيانة
ميلاد ثدي ...
تحته خبأت الكلمات

لنا الوقت بمهل مساء
خرافة نحكيها لأطفالنا
ولا نتعب من رائحة البحر
نُعلم الفرح كيف يغني
ونشارك الضيف
الرغيف والشمس
فنحن جهة الجنوب
لا نشكو الجدار
لكننا نخفي قلوبنا
كلما هب ليله
فالقمح فينا

الأفق وهج حرائق والحشود بظلالها تتهادى
والأرض تضيق والدروب استحالت وهادا
ها هم المغول يدكون الأرض وينثرونها رمادا.
إنهم يعيثون الفساد، ويسيجون الأوطان ويهلكون العباد
يخنقون الأفق ويمطرونه حرائق تقتات الأخضر اليانع والجماد.
الموت خلفك والبحر أمامك وجيادك مغلولة في المعابر
وبنادق العرب جلاها الصدأ ورانت عليها العناكب في المقابر.
غزة وحدها تسيجها الدماء
لكنها تنفض عنها الغبار وتنهض شاهرة سيفها
غير أبهة باليعاسيب التي تحاصر خصلاتها الشاردة.
*************

قُلْتُ لِلْعَرَّافِ وَقَدْ سَأَلَنِي عَنْ مَخْبُوئِي:
مِنْ مَجَاهِيلِ الدُّنْيَا أًنَا آتٍ
لِأَخْرِقَ سَكَنَاتِ الهَجِيرِ..
آتٍ لِأُقِيمَ جِسْرَ العُبُورِ صَوْبَ ذَاتِي
المُثْخَنَةِ بِأَدْرَانِ
السَّرَابِ.
جِئْتُ مِنْ المَجَاهِيلِ السَّحِيقَة
حَيْثُ الدَّمَارُ،
وَالدِّمَاء.
وَأَسْرَيْتُ مِنْ أَغْوَارِ الكَوْنِ القَصِيَّة
حَيْثُ الوِهَادُ،

1
عند أسوار التاريخ
انتظرت تفسيرا لشعور يداهمني بإلحاح
ودخلت في مفاوضات سرية مع عرّافة من كندة
أضاعت وِدْعها في ليلة ظلماء
  بقصبة "بولعوان"[1]
أخبرتني أن ريح العشيرة تنفخ في صدري
نَزعة العصبية
وأن جينات الأسلاف تخنق  خلايا دماغي
وتجبرني على التصرف بغموض يفتك بمصداقيتي
ويوصد أبواب الحقيقة في وجهي

1-وِهَادٌ سَحِيقَة
عَصَفَات أَرْيَاحٍ
مُنذُ بَيَاضِ النَّهَار،
تَعْبَثُ بغيْمِ غُرَّةِ الخَرٍيفِ.
كُنْتُ قَدْ تَسَنَّمْتُ ذُرًى تُشْرِفُ عَلَى صَفْحَةِ
الخِضَمِّ المَدِيدِ
عَسَانِي مِنْ عَلْيَائِهَا أُرْسِلُ
إِلَى حَاضِرَتِي المُلَوَّنَةِ
نَظَرَاتٍ بِالشَّوْقِ مُتْرَعَةً
وَالحَنِين،
وَمِنْ مَسَارِحِ المُزْنِ أَقْتَطِعُ

قيدت أحلامي
وانحدرت بهدوء نحو سروة الأمل
رتبت أوراق اعتمادي
وأعلنت عن ثورة "قرنفل" تخصّني
ثم مددت خيوط تاريخ ميلادي
ونسجت فكرة رئيسية
ورديفة لها فرعية
ثم كتبت على جدران المدينة
رسائل مشفّرة ووصايا لسعاة البريد
والحمام الزاجل والفراش الهائم
ارتديت جبة التُّقاة

في ليلة العيد مزق الفقراء
بطائق هويتهم
وشرِبوا نَخْبَ فقرهم
ممزوجا بالعبرات المالحة
قالوا لبعضهم إنهم مجرد رقم
في سجلات الهوية
لا اعتبار لهم في زمن الردّة
وتخمةِ البلداء
في ليلة العيد اندلعت شرارة الكرب
في قلوب الفقراء
وأومض الفزع في عيونهم

من أنا؟
ولدتُ امرأةً مصادفةً
خلعت ثوبيَ الشرقيَّ
أصبحت عاريةً
طاردني وهمُ الحريةِ
احتضنتني رياح غربيةً
تحوّلتُ لسلعةٍ عالمية
يتربّص بي الصيّادون في كل مكان
وفي حركتي إثارة استفزازية
جسدي عنوانٌ للغموض
ومسرحٌ لكلّ أشكال السلطوية

لا تزيديني كأس حزن فإني
شربت من الدهر فاكْتَفَيْتُهُ

وشرِبتُ من أيامي هما وغما
فلا سُررت بشخص ولا فرحا رَأَيْتُهُ

وأَسرفتُ في عطائي حتى أفلستُ
ونسيتِ كُلَّ شيء أَعْطَيْتُهُ

ورحلتِ عني كَكُلٍّ راحلٍ
ومعكِ كُل ذكرى وحلمٍ أَلْقَيُتُهُ

وما زال صوتكِ في ثنايا مسمعي
وطيفكِ كُلَمَّا وَسْوَسَ لي نَهَيْتُهُ

ولازلتِ تلميحا في كُل قصيدةٍ
ومازلتِ دَفْقَةً في كل بيت أَنْهَيْتُهُ

ونِقاطي لا أضعها إلا لِوَصْلٍ
وأنتِ الوِصَالُ لكُلِّ ما تَمَنَّيْتُهُ

كلُّ أديبٍ يروي روايتَهُ
وأنتِ روايتي وكُلُّ حرفٍ رَوَيْتُهُ

خابَ أمري حِينَ انتهائهِ
ولمَّا بدا الدُّنُوُّ أنا حَائِرُهْ

ولما اِنْجَلَى عني ما كان خافيا
رحل الحبيب والخيالُ ذَاكِرُهْ

كيف يُنكر الذي بيننا؟
فَذَاكَ كَمَنْ عابَ اللهَ كَافِرُهْ

والعِشْقُ لون أعمى يبدو رماداً
وهَلْ يَصِحٌ المُنْكَرُ إِنُ غَابَ نَاكِرُهْ؟

أنام في سهادي كُلَّ ليلةٍ
ووَجْهُكِ في منامي الخيالُ زَائِرُهْ

والحب يكذِب في كُلً خُطبةٍ
وسَنَدُهُ مقطوع مهما كَثُرَتْ مَنَابِرُهْ

ودِينُ الهوى فيه إكراهٌ
وفيه البِدعة أَنُ تُعَظَّمَ شَعَائِرُهْ

وأبياتٍ كُتِبَتْ بمِداد دمعٍ
فلا يعرف مرارة النَّظْمٓ إلا شَاعِرُهْ

وإني تائهٌ وسط عالم
رحلتِ عني فيه وخالفني سَائِرُهْ

صوت يجول في رأسي فأطردهُ
ليعودَ مرةً أخرى فَأَسْمَعُهْ

يقول يا هذا قد وُهِبْتَ قلماً
ومِدَادُهُ سُخِّرَ لتكتُبَ ما تَدْمَعُهْ

وهذا الليل لا يلقي عليكَ بالاً
أضاء ظلمةً وروحُك مظلم ما تَصْنَعُهْ

التاريخ يسخر منا
والجغرافيا تنحسر
تتحول إلى مجرد كأس قهوة باردة
على طاولة مهترئة
في مقهى طاعن في السّن
ونصف سيجارة في منفضة
قديمة
الأمر يشبه اليوم حربا على طواحين الهواء
دعوني أعلن تذمري بل تمردي
على شرائع الغاب ولغة الخساسة
دعوني أجهر بعقوقي لسادة الظلام

أقف الآن هنا
بين زاويتينِ باردتين
جليد، ثلج، هواء يعوي
يجوح، يهز ويهتز
بين رمانتين وحنظلتين
بين زهرِ لوز
زهر شوك وصبار
أقف
لأرقبَ المدى
يتسع ويضيق
يصفو ويتعكر

1
في زمن التريّث وزيف المشاعر
تتوقف لغة فصل الذات والحُلول
وينبعث لهيب الحروف والكَلِمات
فوضَويّا يرقص كالنجوم الطوالع
بأعصاب مشدودة أفتح سِفْر التّمكين
وأباشر رَفْعَ الضغط وأطلب حقّ اللجوء
إلى جزر اللوتس الأزرق
بأنفاس متسارعة أمسك بتلابيب حلمي المنفلت
وأقف عند حدود الاستعارات، يَخذلني المجاز
وأقع في حِبَالِ تَوْريّة مُضلّة

أعذُرِيني سيّدَتي،
فقد مَررْتُ على حيِّنا، بالقُربِ من دَارِي ودَارِكِ
ودخَلْتُ أطْلالَ قلْعَتِنا، واعْتَليْتُ أسْوارَ المَعَارِكِ
وتفَاصِيلُ الهوَاجِس في نفْسِي، مُعْتركٌ ومُفْترقُ
كأنّ ذِكراهُمْ وذِكراكِ فِي قَلبِي
تقَاطُعُ شَارِعيْنِ وشَاعِريْنِ تفَرّقَا وتجَمّعَا،
وَلَهاً بممْلكةِ القصِيدِ، ومنْ بهِ شَبَقٌ
يا سيّدةَ البحْر،
انثُرينِي موْجًا خلْف أسْوارِ قَلعَتِنا
ولا تنْتظِري حرْفًا زَادُهُ الهَمُّ والغَمُّ والأرَقُ
أعذُرينِي سيّدَتي، ولا تنْتظِرينِي

تساقطت قطراتُ المطرِ بهدوءٍ
تحملُ الذكرى على قلبي شجوًا
كلُ قطرةٍ تنبضُ بحنينٍ دفينٍ
إلى أيامٍ عانقت فيها الهوى
وكلما لامست الأرضَ قطراتُهُ
انهمرت ذكرياتٌ تُثقلُ الخطى
في كلّ ركنٍ فيّ حكايةُ عشقٍ
قد بسطت على روحي سناها
فيا مطرًا يهزّ الفؤادَ بنبضٍ
تسقطُ الذكرى معك في سماها
تعودُ لي الأحلامُ رغم ذبولها

1
بِنكْهة الجُرح وطَعم اليَبَاب
تُبرعم رَفَح حزنها عناقيدَ غَضبٍ
وتَرسمُ بريشة عصفور صَغير
قَلْعةَ نُور وسُورَ صمود
وقبّةَ بَلْسَم تَصُدّ نِيران الغُزَاة
لنْ تسقط رفح لن يموت قمرهَا
لن تُغيّر حَاملات الطّائرات وصواريخ " دليلة"
مَجْرى التّاريخ وتقتُل رُوحَ العُنْفوان
لن تُتْثني الدّمَاء المَسْفوحة والأشلاء المنثورة
أصواتَ الشرفاء..

خُسوف كلِّي
فيه كنتُ أعمى
منه أبصرت
تلك الظّلمة.
ظلمة
أهدتني إلى بيْت اليقِين.

بعد أن طال الإنتظار،
الكُلّ ركب إِلًّا أنا،
قُرفصاء الإنتظار
أَسَهْوا