قُلْتُ لِلْعَرَّافِ وَقَدْ سَأَلَنِي عَنْ مَخْبُوئِي:
مِنْ مَجَاهِيلِ الدُّنْيَا أًنَا آتٍ
لِأَخْرِقَ سَكَنَاتِ الهَجِيرِ..
آتٍ لِأُقِيمَ جِسْرَ العُبُورِ صَوْبَ ذَاتِي
المُثْخَنَةِ بِأَدْرَانِ
السَّرَابِ.
جِئْتُ مِنْ المَجَاهِيلِ السَّحِيقَة
حَيْثُ الدَّمَارُ،
وَالدِّمَاء.
وَأَسْرَيْتُ مِنْ أَغْوَارِ الكَوْنِ القَصِيَّة
حَيْثُ الوِهَادُ،
قيود الحلم – شعر: محمد محضار
قيدت أحلامي
وانحدرت بهدوء نحو سروة الأمل
رتبت أوراق اعتمادي
وأعلنت عن ثورة "قرنفل" تخصّني
ثم مددت خيوط تاريخ ميلادي
ونسجت فكرة رئيسية
ورديفة لها فرعية
ثم كتبت على جدران المدينة
رسائل مشفّرة ووصايا لسعاة البريد
والحمام الزاجل والفراش الهائم
ارتديت جبة التُّقاة
ليلة العيد – شعر: محمد محضار
في ليلة العيد مزق الفقراء
بطائق هويتهم
وشرِبوا نَخْبَ فقرهم
ممزوجا بالعبرات المالحة
قالوا لبعضهم إنهم مجرد رقم
في سجلات الهوية
لا اعتبار لهم في زمن الردّة
وتخمةِ البلداء
في ليلة العيد اندلعت شرارة الكرب
في قلوب الفقراء
وأومض الفزع في عيونهم
مقدمة حائرة - شعر: مالكة حبرشيد
لن أبتديء من حيث انتهيت،
وأنتهي حيث بدأت،
سأخسر الزمان رهانه حول تاريخ ولادتي،
أجعل العرافات يدركن، أن رملهن كاذب،
وأن الغجر مروا من هنا؛
يوم اشتد مخاض أمي،
أخذوني معهم سبية،
ولم يقطعوا الحبل السري .
لماذا لا أحمل ملامح الغجر؟
مع أني أقرأ خطوط الكف،
أفك هدير البحر،
لا تزيديني – شعر: عدنان حودة
لا تزيديني كأس حزن فإني
شربت من الدهر فاكْتَفَيْتُهُ
وشرِبتُ من أيامي هما وغما
فلا سُررت بشخص ولا فرحا رَأَيْتُهُ
وأَسرفتُ في عطائي حتى أفلستُ
ونسيتِ كُلَّ شيء أَعْطَيْتُهُ
ورحلتِ عني كَكُلٍّ راحلٍ
ومعكِ كُل ذكرى وحلمٍ أَلْقَيُتُهُ
وما زال صوتكِ في ثنايا مسمعي
وطيفكِ كُلَمَّا وَسْوَسَ لي نَهَيْتُهُ
ولازلتِ تلميحا في كُل قصيدةٍ
ومازلتِ دَفْقَةً في كل بيت أَنْهَيْتُهُ
ونِقاطي لا أضعها إلا لِوَصْلٍ
وأنتِ الوِصَالُ لكُلِّ ما تَمَنَّيْتُهُ
كلُّ أديبٍ يروي روايتَهُ
وأنتِ روايتي وكُلُّ حرفٍ رَوَيْتُهُ
خابَ أمري حِينَ انتهائهِ
ولمَّا بدا الدُّنُوُّ أنا حَائِرُهْ
ولما اِنْجَلَى عني ما كان خافيا
رحل الحبيب والخيالُ ذَاكِرُهْ
كيف يُنكر الذي بيننا؟
فَذَاكَ كَمَنْ عابَ اللهَ كَافِرُهْ
والعِشْقُ لون أعمى يبدو رماداً
وهَلْ يَصِحٌ المُنْكَرُ إِنُ غَابَ نَاكِرُهْ؟
أنام في سهادي كُلَّ ليلةٍ
ووَجْهُكِ في منامي الخيالُ زَائِرُهْ
والحب يكذِب في كُلً خُطبةٍ
وسَنَدُهُ مقطوع مهما كَثُرَتْ مَنَابِرُهْ
ودِينُ الهوى فيه إكراهٌ
وفيه البِدعة أَنُ تُعَظَّمَ شَعَائِرُهْ
وأبياتٍ كُتِبَتْ بمِداد دمعٍ
فلا يعرف مرارة النَّظْمٓ إلا شَاعِرُهْ
وإني تائهٌ وسط عالم
رحلتِ عني فيه وخالفني سَائِرُهْ
صوت يجول في رأسي فأطردهُ
ليعودَ مرةً أخرى فَأَسْمَعُهْ
يقول يا هذا قد وُهِبْتَ قلماً
ومِدَادُهُ سُخِّرَ لتكتُبَ ما تَدْمَعُهْ
وهذا الليل لا يلقي عليكَ بالاً
أضاء ظلمةً وروحُك مظلم ما تَصْنَعُهْ
فرائض الاجتراح والخطيئة – شعر: محمد محضار
التاريخ يسخر منا
والجغرافيا تنحسر
تتحول إلى مجرد كأس قهوة باردة
على طاولة مهترئة
في مقهى طاعن في السّن
ونصف سيجارة في منفضة
قديمة
الأمر يشبه اليوم حربا على طواحين الهواء
دعوني أعلن تذمري بل تمردي
على شرائع الغاب ولغة الخساسة
دعوني أجهر بعقوقي لسادة الظلام
جوكاندا ....ازمان خلت – شعر: مالكة حبرشيد
كيف حالك :
وقد غادرك الحلم ؟
ارتدى الليل عباءة الضجر
انتحلت الجهات عويل الريح ؟
كيف لياليك
و سهم الغدر أصاب كبد الحنين ؟
الابتسامة انتحرت عند أقدام الغياب ؟
وأنا على شط انهيار عارية
إلا من قصيدة
سقط عنها الإيحاء والإيماء
تحاول ستر الانكشاف
شغف الانبعاث – شعر: محمد محضار
1
في زمن التريّث وزيف المشاعر
تتوقف لغة فصل الذات والحُلول
وينبعث لهيب الحروف والكَلِمات
فوضَويّا يرقص كالنجوم الطوالع
بأعصاب مشدودة أفتح سِفْر التّمكين
وأباشر رَفْعَ الضغط وأطلب حقّ اللجوء
إلى جزر اللوتس الأزرق
بأنفاس متسارعة أمسك بتلابيب حلمي المنفلت
وأقف عند حدود الاستعارات، يَخذلني المجاز
وأقع في حِبَالِ تَوْريّة مُضلّة
قِلاعٌ، بحرٌ ورمَال – شعر: محمد منير
أعذُرِيني سيّدَتي،
فقد مَررْتُ على حيِّنا، بالقُربِ من دَارِي ودَارِكِ
ودخَلْتُ أطْلالَ قلْعَتِنا، واعْتَليْتُ أسْوارَ المَعَارِكِ
وتفَاصِيلُ الهوَاجِس في نفْسِي، مُعْتركٌ ومُفْترقُ
كأنّ ذِكراهُمْ وذِكراكِ فِي قَلبِي
تقَاطُعُ شَارِعيْنِ وشَاعِريْنِ تفَرّقَا وتجَمّعَا،
وَلَهاً بممْلكةِ القصِيدِ، ومنْ بهِ شَبَقٌ
يا سيّدةَ البحْر،
انثُرينِي موْجًا خلْف أسْوارِ قَلعَتِنا
ولا تنْتظِري حرْفًا زَادُهُ الهَمُّ والغَمُّ والأرَقُ
أعذُرينِي سيّدَتي، ولا تنْتظِرينِي
يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت – شعر: حسن حصاري
منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟
منْ يُوقظ بِداخلي أصْوات ناياتٍ قديمَة
نامتْ بينَ كلماتي المُبْهمة، حِينَ
خَرَّ لِساني
حَجراً..
منْ
شرْفةِ
المَعنى؟
أنا مِثلكَ أيًّها الرِّيحُ المُتعبُ بالصَّفيرِ
وغُبار الحكاياتِ العِجافِ
رفح ..سيدة المراثي – شعر: محمد محضار
1
بِنكْهة الجُرح وطَعم اليَبَاب
تُبرعم رَفَح حزنها عناقيدَ غَضبٍ
وتَرسمُ بريشة عصفور صَغير
قَلْعةَ نُور وسُورَ صمود
وقبّةَ بَلْسَم تَصُدّ نِيران الغُزَاة
لنْ تسقط رفح لن يموت قمرهَا
لن تُغيّر حَاملات الطّائرات وصواريخ " دليلة"
مَجْرى التّاريخ وتقتُل رُوحَ العُنْفوان
لن تُتْثني الدّمَاء المَسْفوحة والأشلاء المنثورة
أصواتَ الشرفاء..
ودّعت الأمل في مَحَطَّة الْاِنْتِظَار – شعر: العربي الحميدي
خُسوف كلِّي
فيه كنتُ أعمى
منه أبصرت
تلك الظّلمة.
ظلمة
أهدتني إلى بيْت اليقِين.
بعد أن طال الإنتظار،
الكُلّ ركب إِلًّا أنا،
قُرفصاء الإنتظار
أَسَهْوا
أُمّ البَنَات – شعر: محمد محضار
في اليد سبحة
والنظرات تُعَانق الأفق البعيد
ضَمير الغائب يبتسم "شوقا"
يسألني في هدوء "طفل"
أما يزال قلبك يخفق أيها الضارب
في السنين؟
أما تزال جوانحك تُسبح بتراتيل
الهوى؟
أما تزال تمارس شَغَبَ العِشق العَصِيّ
في حضرة الفراغ المريب؟
اليوم بين الفسحة واللّسْعة
غزة الجرح ضاغطة على الزناد – شعر: امحمد برغوت
الأفق وهج حرائق والحشود بظلالها تتهادى
والأرض تضيق والدروب استحالت وهادا
ها هم المغول يدكون الأرض وينثرونها رمادا.
إنهم يعيثون الفساد، ويسيجون الأوطان ويهلكون العباد
يخنقون الأفق ويمطرونه حرائق تقتات الأخضر اليانع والجماد.
الموت خلفك والبحر أمامك وجيادك مغلولة في المعابر
وبنادق العرب جلاها الصدأ ورانت عليها العناكب في المقابر.
غزة وحدها تسيجها الدماء
لكنها تنفض عنها الغبار وتنهض شاهرة سيفها
غير أبهة باليعاسيب التي تحاصر خصلاتها الشاردة.
*************
عناق اللهيب - شعر: مالكة حبرشيد
كل الجهات ترفل
في ثوب عرس
ملطخ بالهوان
وحدك في حزن معتق
تمشين واثقة الخطى
في ثوب حداد
تشيعين الضنا
ومن وجع الدرب
تشعلين الشموس
لخيل الصباح
حين من بين الانقاض
أيها الموت الحي – شعر: العربي الحميدي
ما دمت حيا
سوف أترك روحي
تمشي على خراب جسدي.
تاركة خلفها
ليالي الرعب والخوف،
والأنهر المهترئة.
فاطمة
أي صنف أنت؟
من أصناف الحب..!
أي عذوبة عذاب أنت..!
أنا راكب البحر
أسوار التاريخ – شعر: محمد محضار
1
عند أسوار التاريخ
انتظرت تفسيرا لشعور يداهمني بإلحاح
ودخلت في مفاوضات سرية مع عرّافة من كندة
أضاعت وِدْعها في ليلة ظلماء
بقصبة "بولعوان"[1]
أخبرتني أن ريح العشيرة تنفخ في صدري
نَزعة العصبية
وأن جينات الأسلاف تخنق خلايا دماغي
وتجبرني على التصرف بغموض يفتك بمصداقيتي
ويوصد أبواب الحقيقة في وجهي
على نصل هاوية – شعر: مأمون أحمد مصطفى
أنت الآن وحدك
ووحدك الآن أنت
حجر في صحراء منسية، بلا أنس أو أنيس
موجة في نواة عاصفة مخنوقة بالملح
تطحنها الرياح ويفتتها الرذاذ
وردة يتيمة في جليد، تلفحها سوافي الثلوج
تجمدها البرودة، فيكسرها النباح
يحملها مجهول في قوس قزح
يواريها سُدًى عبثي الملامح
حولك الضباب والرماد والفراغ
الضياع والتيه والخواء
أَطْيَافُ الجِن - شعر: ناصر السوسي
فِـي قَلْـبِ الغَيْهَبَـان
والزَّمْهَرِير شَدِيد
لاَحَتْ خَلَفَ سِتَارَةِ الكُوَّة المُلَوَّنَة
حُورِيَةُ
الأَسَاطِير
عَلَى الأَثَرِ، حَدَسْتُ أنَّهَا سَتَقُصُّ عَلَيَّ سِرًّا؛
سِرًّا
عَظِيماَ.
مِنْ حَوْلِي سَاحَتْ حُورِيَتِي
وَكَانَتْ عَلَى بِسَاطٍ فِرْدَوْسِي.
فَتَسَاءَلْتُ إِذْ حَدَجْتُهَا: