مقدمة
لعل الحديث عن أهمية الثقافة الاجتماعية داخل أي مجتمع كيفما كانت طبيعته ،يجرنا بالضرورة إلى الحديث عن مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي لها الدور الريادي في ترسيخ و صقل و إكساب الفرد مجموعة من القيم والثقافات و الأعراف والتقاليد والسلوكيات، وتعمل على توجيه اتجاهات وتمثلات وقناعات و رغبات الأفراد، وهي قناة يتم عبرها نقل القيم والمعايير من جيل إلى آخر عبر عملية الاحتكاك والتفاعل والانفتاح مما يخلق ويساعد في ترسيخ واقع القيم الثقافية.
ويعتبرالإعلام الاجتماعي إحدى الروافد الأساسية لهذه المؤسسات ،إذ يشكل بدوره مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية و لا أحد يمكنه أن يجادل في كونه بات شريكا فعالا في نقل الثقافة داخل المجتمعات وله دور كبير في تشكيلها و ليس فقط في نقلها.

زمن كورونا غير معهود بالتحديد، وحدة أزمته وعالميته وآثاره القاتلة والمرعبة في آن، وَضع البشرية في مأزق وجودي حقيقي، أربك حسابات الدول العظمى والسائرة في طريق النمو، أصبحت كل الدول أمامه سيان، صفارة إنذار كونية لحرب بدأت للتو، وبشكل مباغت، دون سابق إعلان، إنه زمن وضع الإنسان أمام مصيره وسياسات الدول في المحك. كثرت النقاشات والتحليلات حول أصل الفيروس وفصله، ما بين خطابات ما ورائية تارة ومؤامراتية وعرقية وعلمية. بهذا الصدد خرج عديد الفلاسفة وعلماء الاجتماع بملاحظاتهم وتصوراتهم الأولى حول واقع البشرية ومصيرها وأوضاعها اليوم مثل: إدغار موران وسيلفاوي جيجيك وجاك أتالي ونوام تشومسكي وآلان باديو وغيرهم، كما دفع بالمختبرات العلمية للسباق نحو إيجاد مصل ممكن لهذا اللامرئي، وأعاد الفرصة للدول من أجل ضبط مجتمعاتها والتحكم فيها أكثر، تماما كما أثار نقاشات كثيرة حول فئات المسنين والعمال والعمل غير اللائق وقضايا الفقر والهشاشة والفردانية والتضامن والتماسك الاجتماعي وغيرها. فما هي ملامح زمن كرونا ومحدداته؟

في سنة 1975، و بالضبط بمدينة مكسيكو ، تم اطلاق عقد الامم المتحدة للمرأة، من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة،  تحت شعار " من أجل  إدماج المرأة في التنمية الاقتصادية " .
و بعدها ،أكد المجتمع الدولي على أهمية أن تحظى المرأة بجميع حقوقها ، و مساواتها بالرجل، كشرط أساسي للتنمية، وذلك بمناسبة الندوة الرابعة حول المرأة و التي احتضنتها بكين ما بين 5 و 13 من شهر شتنبر سنة 1995. و تبنت هذه الندوة  عدة توصيات تروم تعزيز مكانة المرأة و تمتيعها بحقوقها الاجتماعية و الاقتصادية  والسياسية، حيث أكد منهاج عمل بكين على حقوق المرأة بوصفها حقوقا إنسانية أصيلة والتزم باتخاذ إجراءات محددة لضمان احترام هذه الحقوق.وبذلك  ادرك المجتمع الدولي ان طريق  التنمية يمر عبر إدماج حقيقي و فعلي للمرأة في المجتمع ، و هذه الحقيقة تسري بشكل خاص على المرأة القروية.

إذا كان صاحب جائزة نوبل الهندي أمارتيا صن ينظر إلى التنمية باعتبارها حرية، بكل معانيها ومستوياتها الفكرية واللغوية والفعلية السلوكية، فإن التنمية لا يمكن تحقيقها خارج الثقافة من حيث هي نمط وجود وخط فاصل بين مملكة الحيوان وعوالم الإنسان المادية والرمزية والافتراضية. بهذا الصدد، لا يمكن مقاربة مشكلات التنمية وقضاياها المختلفة دون استحضار الإنسان محركها الأساس، لأن التنمية الاقتصادية بمعزل عن روح الإنسان وعقله ورموزه وسلوكه وفعله مآلها الفشل وظهور تناقضات التحديث ومفارقاته الاجتماعية والثقافية. كما أن الحديث عن نموذج تنموي مفترض لا يستقيم دون وضع الرهان الثقافي في صلب اهتمامه، تبعا لاستراتيجيات محددة في المكان والزمان وبرامج محكمة الأهداف والآليات، وفي انسجام تام مع انخراط الفاعلين والمؤسسات ذات الصلة. إذا كيف هو الوضع الثقافي في سياقنا الشمال إفريقي والشرق أوسطي؟ وكيف يتحدد حجم القراءة؟ وما مدى حضور الكتاب في الحياة اليومية للأفراد؟ وبأي معنى يمكن الرهان على القراءة والثقافة لتحقيق التنمية الشاملة؟ وهل معارض النشر والكتاب تسهم في نشر فعل القراءة وتشكل فرصة للتنمية الثقافية أم أنها لا تحيد عن كونها مواسم تكشف عن فراغاتنا وهول عزوفنا عن القراءة وخواء ذواتنا؟

حمل العقد الأخير صورة بانورامية عن عالم يبدو أنه في مرحلة تحوّل كبير، فتحديدا منذ بداية الأزمة المالية العالمية في العام 2008-2009، يرى عدد من المراقبين أن العقد اللاحق لتلك الأزمة كان أكثر عقد شهد حراكا شعبيا وسياسيا اجتماعيا من حيث الكثافة وحجم الانتشار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت التظاهرات الشعبية الواسعة واحتلال الشوارع والميادين والمساحات العامة هو شكلها الرئيسي، بداية من الاحتجاجات والمظاهرات في اليونان في العام 2010 والتي تجدّدت مع اندلاع الربيع العربي في الشرق الأوسط مع العام التالي، الربيع الذي كان أول الفتيل لحركة تظاهرات عالمية جماهيرية ضخمة في أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية، وظهور حركات احتجاجية منظمة على نمط حركة "احتلوا وول ستريت" استمرت لسنوات تلت، مرورا بمظاهرات البرازيل وبروكسل في 2014، والصعود الكاسح للشعبوية في الغرب كله، وصولا إلى مظاهرات السترات الصفراء في فرنسا نهاية العام الماضي، ثم تجدّد المظاهرات في مصر واندلاعها بقوة في السودان والجزائر ولبنان وتشيلي.

بادئ ذي بدء، يحيل الحق في الكسل إلى بول لافارج Paul Lafargue وكتابه الحامل لنفس العبارة كعنوان والمنشور للمرة الأولى عام 1880 وفي طبعة ثانية عام 1883. يعد هذا الكتاب بيانا اجتماعيا يتضمن ملاحظات الكاتب حول "قيمة العمل" والفكرة التي كونها الناس عنه.
هذا النص وإن غدا كلاسيكيا، فهوغني تاريخيا حيث إنه يقدم مونوغرافيا اجتماعية واقتصادية وفكرية ويحلل البنيات الذهنية الجماعية في القرن التاسع عشر. بكلمة واحدة، يجرد كتاب "الحق في الكسل" العمل وووضعه القيمي من طابعه الأسطوري.

إِنما الموتُ مُنْتهى كُلِّ حي.. لم يصبْ مالكٌ من الملكِ خُلْدا
عندما لا ندري ما هي الحياة ، كيف يمكننا أن نعرف ما هو الموت. - كونفوشيوس
في تجرّع كأس الموت ينهض الإنسان إلى الطرف الآخر للوجود، وتبدأ رحلته الأبدية إلى عالم مجهول. وعندما يفكر المرء في أحداث الرحيل المرتقب إلى العالم المجهول ترتعد منه الفرائص ويرتجف القلب، وفي غمرة الخوف من الموت والحزن على مفارقة الحياة ينهض فضول معرفي إنساني لاستكشاف منازع الموت وأسراره، ويتجلى هذا الفضول في دوامة أسئلة حائرة شاردة مرتدة في معنى الموت ما زالت تقرع عقل الإنسان منذ الأزل.
الموت سر الأسرار ولغز الألغاز وينبوع أسئلة تقض المضاجع تتمحور في صيغ متعددة أبرزها: هل الموت رحلة إلى الفناء الأبدي؟ هل هو صيرورة إلى العدم؟ هل هو اختفاء وقتي أم اختفاء إلى الأبد؟ هل نتحول بعد الموت إلى روح خالصة أم إلى جماد أبدي مرتقب؟

لماذا نحرص، بكل إصرار وقتالية، على تقبيح أو وأد أجمل ما فينا؟ هل نعي بأننا نضحي بسعادتنا الفردية والجمعية المتوقفتين على السلام الداخلي والخارجي لصالح حرب لا تبقي ولا تذر؟ لماذا نغذي هذا التغول في الأنانية وحب الذات بالحقد وكراهية الغير؟ أليس من النبل أن نحب غيرنا كما نحب أنفسنا، ونحب لهم ما نحب لأنفسنا؟ لماذا نركن إلى التقوقع والانغلاق ونفوت علينا فرص التطور؟ أليس من الأجدى أن نحرر أنفسنا بأنوار الانفتاح؟ لماذا ننتصر للوحش فينا؟ أليس من الحكمة أن يترفق هذا الإنسان بنفسه، وينتصر للمحبة فينتهض لتوطيد أواصرها، ومد جسورها، حتى تطلع الوردة من قلب الحجر، ويسعد كل البشر؟ بعض من أسئلة التعصب الكبرى.
1- في ماهية التعصب
التعصب في المعاجم اللغوية دائر على معاني الالتفاف والتجمع والتقارب والنصرة والمحاماة والتعنت والتمسك والميل والإعجاب والحمية (تنظر في ذلك المعاجم).
وتجدر الإشارة إلى أن الذي يهمنا في هذا المقال، في هذا المقام، ليس التعصب في إطلاقه العام، والذي قد تستفاد منه معان إيجابية، كالتعنت للحق، والتمسك بالموقف الصائب، ونصرة الفقراء والمظلومين، وتوطيد الوشائج في خير، والاعتصام بحبل المودة، وما إلى ذلك. فذلك مطلوب التعصب له. وإنما يهمنا التعصب بما هو مرض نفسي-اجتماعي.