"صريع الحرية"، ربما يكون هذا الوصف هو الأليق بخاتمة حياة عبد الرحمن الكواكبي، أول من وقف على أصل الداء السياسي في العالم الإسلامي في عصوره الحديثة، ولم يكن وقوف الرجل أمام هذه الحقيقة بقلمه فقط، وإنما كان بمواقفه وآرائه التي عبرت عن شجاعة نادرة في وجه الاستبداد والظلم الذي رآه في موطنه حلب، وقد كلّفه ذلك مناصبه وأمواله وهجرته من وطنه ثم في نهاية المطاف حياته، فمن هو الكواكبي؟ وكيف بحث عن الحرية وسار مدافعا عنها طوال حياته؟!
حين تفتحت عيناه على الاستبداد!
في عام 1854م ولد عبد الرحمن بن أحمد الكواكبي في مدينة حلب لأسرة عريقة تعود أصولها إلى النسب الهاشمي من جهة الأب والأم، تربى الكواكبي في بيت علم وأدب، فوالده كان مدرسا وشيخا للمدرسة الكواكبية في حلب، وحين بلغ الكواكبي العام السادس من عمره تُوفيت والدته، فتولت خالته السيدة صفية في مدينة أنطاكية لمدة ثلاث سنوات رعايته وتأديبه، وهنالك تعلم الكواكبي بعض اللغة التركية وقد استكمل تعلمها في حلب فيما بعد، ثم أضاف إليها تعلم الفارسية فضلا عن اللغة العربية التي بلغ فيها المستوى الذي يصبو إليه رواد الفكر العربي ونابغوه.