anfasse30088بنيتي، لنبدأ من أول الحكاية.. القرآن قال: "سيروا في الأرض" ولم يقل "سيروا في القرآن".. القرآن يدعو بشكل لا لبس فيه إلى "الخروج" من دوائره و السير بعيدا.. يعترف القرآن بشكل يكاد يكون مفجرا بمحدوديته أمام الأرض/الحياة.. يقر بأن اللغة الأساسية هي الأرض و ليس القرآن.. القرآن دعوة فادحة للخروج نحو الخلق: نحو سرعة الضوء و الجاذبية و اشتغال الخلية و تمفصلات العلاقات البشرية و... رهان القرآن هو الارض، و ليس ذاته- كما توحي بذلك التأويلات/الهلوسات الرسمية..  وهذه في اعتقادي هي حداثته الجذرية..
يجب أن نفهم جيدا الانقلاب الهائل الذي حصر في قلب الابستمولوجيا الدينية.. عندما جاءت العصابة القريشية الى الحكم مع معاوية، كان أول شيء كان لابد أن تقوم به هو تصفية عدوها الاستراتيجي: الدين المحمدي الثوري الاول.. سارت نحو بناء دين أخر على هامش الدين الاول.. أو في قلبه.. أو فوقه.. لايهم.. نجح الدين الذي تم بناؤه - دين امارة المؤمنين، و "اطيعوا أولي الامر منكم.."، و " تجنبوا التهلكة"، و" قل لن يصيبنا الا ما كتبه الله لنا"، و "تارك الصلاة الى جهنم"......- في نفي/اعدام دين التداولات و العمل و الانتاج و الحرب على التراكم و البذخ.. ان الدين الحالي هو بحذافيره الدين الاموي..

anfasse09075ظلّ الطير باختلاف أجناسه وفصائله كائنا يعزّز حيرة الانسان منذ بدء الخليقة وإلى تخوم الأزمنة الحاضرة، وعُدّ طرفا ألحق به الانسان في العقائد القديمة شتى معاني التخييل وأضفت عليه الحضارات البائدة معاني القداسة خشية وطمعا. و للساحل الغربي لجنوب القارة الأمريكية  قدّيسه الطائر الذي احتفت به الحضارات البشرية المتعاقبة على تلك الأرض إنّه الكندور الأنديزي المكتسب للتكريم الطقوسي  لا من خلال عظمة حجمه ووزنه باعتباره ثاني أكبر طائر في العالم فحسب ولكن كذلك من خلال أسلوبه المدهش في التحليق عاليا، ولعلّ الاعتبار الثاني هو الأكثر وجاهة في التأكيد على هيبة هذا الكائن وسحره لونا وهيئة وعلوّا، فعندما يُفرد طائر الكندور جناحيه في تحليق مهيب فوق أعالي جبال الأنديز في أمريكا الجنوبية يمنح من يشاهده شعورا بالجلال والعظمة، تحليق صامت يترك فيه الطائر جناحيه الكبيرين بطول يجاوز الأمتار الثلاثة مبسوطين دون رفة واحدة لمدة طويلة قد تتجاوز نصف الساعة مسلما نفسه إلى التيارات الهوائية القادمة من المحيط لتحمل وزنا يبدو ثقيلا لصنف من الطيور فقد يصل وزن الطائر البالغ عشر كيلوغرامات، ويُعَدُّ الكندور بسواده الباهر ملهم الحضارات القديمة في جنوب القارة الأمريكية وشمالها فحضارة الأنكا عدّته من الطيور المقدسة. يسكن الكندور أعالي الأنديز بين الفجوات الصخرية للقمم الجبلية كراهب مكلّل بالوحدة والسواد وككائن فرداني منقطع عن عوالم الضجّة، ويكتفي عند التحليق بقذف نفسه في الفراغ المرتفع محدثا بانبساط جناحيه توازنا مثاليا في الطيران بينه وبين الرياح العاتية التي تهبّ بشكل دائم على السواحل الشرقية للمحيط الهادي.

anfasse24064سنحاول في هذا القول العودة إلى زمن غابر جدا، محاولين قراءته وتمحيصه والتحقق منه، انطلاقا من آليات وأدوات معاصرة تتقن قراءة النص كما الرواية بمنهج علمي محض وليس بمنطق تصديقي ساذج، والحال أن الغرض من ذلك ليس ينم إلا على ضرورة قراءة الدين الإسلامي من كواليسه وليس مما يروى وإن كان جله يفقد الوضوح والعلمية لصالح الإيمان بالخوارق، أي أننا سنلفي أنفسنا أمام تاريخين أو قل قراءتين، واحدة رسمية وأخرى محايدة، الأولى تستمد سلطتها من الفهم المبسط للنص الديني ـ القرآن ـ أو السنة ـ أحاديث النبي ـ أو التاريخ المروي ـ سيرة النبي ـ، أما الثانية فإنها تعود إلى كل النصوص محاولة قراءتها على ضوء التاريخ والإنسان والظروف الإبستيمولوجية التي كانت تحكم الذهنية العربية آنذاك، وبما أن النبي محمد ينزل من هذا الأمر منزلة المركز من الدائرة، فإننا سنعمل على ربط حوار ومرحلته التي عرفت كل شيء، من بناء للدعوة في شقيها السري والعلني، وصولا إلى ظروف وفاته الغامضة وما تلاها من صراعات حول الحكم، مرورا بالهزائم، والانتصارات، والدسائس، والأكاذيب، واستغلال الدين خدمة للسياسة... من ثمة لن نقف أمام ستائر النبي حيث الظاهر الزائف المزيف، وإنما سندخل إلى ما وراء هاته الستائر، مزيلين طابع القداسة على شخصية تمكنت من الجمع بين ما هو سياسي وديني واقتصادي وعسكري... وبصمت لنفسها مكانة لازالت لحد الساعة تؤثر على ملايير البشر.
    لقد تميزت جل الحضارات القديمة بمرض غريب اسمه النبوة حيث وسم كعنوان مميز لكل قوم، حتى إنه من الصعب تقديم رقم دقيق لعدد الأنبياء الذين عرفهم العالم والذين يتجاوزون الثلاثمائة نبي، "إن جوهر النبي يقوم على تشبع روحه من فكرة دينية ما، تسيطر عليه أخيرا، فيتراءى له أنه مدفوع بقوة إلهية ليبلَّغ من حوله من الناس تلك الفكرة على أنها حقيقة آتية من الله."(1) بيد أن التاريخ وإن كان يذكرهم فإنه يركز على أنبياء ديانات الوحي، وهم إبراهيم وموسى وعيسى ثم أخيرا محمد، هذا وإذا كان هناك شبه تقارب بين النبيين موسى وعيسى، فإن نبي العرب محمد قد شكل بحق استثناءً، وإن " اعتمد على هذين الدينين إلى درجة أنه ناذرا ما توجد فكرة دينية في القرآن ليست مأخوذة عنهما."(2) والحال أن دراسات عدة حاولت أن تقرأ حياة النبي، أقرت بذلك معتبرة إياه ظاهرة نفسية وتاريخية محضة، "لهذا اعتقد بأن الله اختاره هو، النبي العربي، ليقرأ نص الوحي القديم مرة أخرى على الألواح السماوية، وحالما تأكد من أن رسالته إلهية أوعز بتدوين الوحي، كما أتاه."(3) فما الذي وجد ويوجد يا ترى خلف ستائر النبي محمد؟

anfasse17071أمْلت التحولات التي شهدها العالم في التاريخ الحديث دورا مغايرا للمرأة في الساحة الاجتماعية. وكانت المرأة سواء المسلمة أو المسيحية أو اليهودية الأبرز من حيث التأثر بهذا المناخ الجديد. فقد شهد الواقع الذي تسود فيه الأديان الثلاثة تبدلات عميقة تجلّت في تشكّلِ ثقافة مغايرة، طرحت رؤى جديدة انعكست على دور المرأة وعلى حضورها في المجتمع، وبالمثل على مساهمتها الحضارية بشكل عام. فما عادت المرأة المتأتية من الثقافة الإسلامية أو الثقافة اليهودية-المسيحية تلك المرأة المنزوية والسلبية، المنفعِلة بالأحداث والتغيرات دون مساهمة فيها أو صنعها، بل باتت شريكا فاعلا في التحولات الكبرى. وصحيح أن المرأة في التقليد الإبراهيمي عامة تتماثل من حيث بعض السّمات والرؤى والمعتقدات، ولكنها تتغاير من واقع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى. فالواقع الغربي المسيحي قد شهد تحولا فاق ما عليه الحال في الواقع الإسلامي، وهو ما انعكس على دور المرأة وكيانها. حيث اكتسبت المرأة الغربية جملة من الحقوق رفعتها إلى مصاف الرجل، بما خلّف تبدلات عميقة داخل الأسرة وداخل المجتمع، انعكست سلبا وإيجابا على الوئام الاجتماعي، لعل أبرز السلبيات الحاصلة في ذلك التحول ما تشهده الأسرة في الغرب من هشاشة ومن تحلّل باتا يهددان تلك المؤسسة العريقة بالانخرام؛ وأبرز تلك الإيجابيات الحاصلة تتمثّل في تعويل المرأة على ذاتها في تدبير شؤون حياتها وفي تخلّيها عن تلك السلبية التي لازمتها، باعتبار الرجل راعيا وحاميا لها. وبما يوازي ذلك التحول خطت المرأة في الواقع الإسلامي خطوات جبارة في العقود الأخيرة، من حيث التحرر من سلطة المجتمع البطرياركي، ومن حيث الانطلاق في تحقيق كيانها كعنصر فاعل وإيجابي في المجتمع بعد أن كانت عبئا على الرجل، أو بالأحرى أُريد لها أن تكون غائبة ومحصورة في الشأن المنزلي دون مساهمة تُذكَر خارجه على المستويين المعرفي والفاعلي. ولعل الخطوة الكبرى التي خطتها المرأة المسلمة وهي خروجها لطلب العلم والمعرفة ومن ثمة الانخراط في سوق العمل، وإن لا يزال حضورها المباشر في الفعل الاجتماعي وفي التعويل على ذاتها منقوصا أو دون ما هو مطلوب[1].

anfasse15057يذكرنا أبو بكر بأن أي علم نظري مهما كانت طبيعته، حتى يصير جديرا بهذا الاسم، لا بد له أن يتضمن في بنيته النظرية جملة من المبادئ والمسائل). فبالنسبة للمبادئ التي تؤسس بنية العلم النظري فتتحدد في ثلاث وهي: الموضوع الذي يشكل المادة المعرفية التي يختص ببحثها هذا العلم أو ذاك من العلوم النظرية. ثم المقدمات الأولى التي ينطلق منها مؤسسا عليها استنتاجاته واستدلالاته. وأخيرا الحدود أو التعاريف التي يحدد بها موضوعاته ومفاهيمه النظرية.
إن أهم ما يثير انتباه الباحث أو القارئ لكتاب الحيوان(1) لابن باجة هو أن هذا الأخير يستهله بمدخل إبستمولوجي هام(2) يتناول بالتحليل أهم المبادئ والأسس المعرفية التي ينبني عليها مجمل المبحث البيولوجي، أو ما يسميه أبو بكر بعلم الحيوان أو الحكمة الحيوانية. ومن المؤكد أن الغرض المعرفي الأساسي من هذا القسم الإبستمولوجي هو التأطير النظري لهذا العلم، أي التحديد الدقيق لموضوع علم الحيوان، كفرع من العلم الطبيعي وتحديد منهجه، ومن تم رصد أهم المبادئ والأدوات المعرفية التي يستعين بها الناظر في هذا العلم. وهذا يعني بالنسبة لنا شيئا هاما ألا وهو إدراك فيلسوفنا ووعيه العميق بضرورة موضعة هذا العلم من المنظومة المعرفية عموما، والمنظومة الفلسفية الطبيعية خاصة. ونظرا لأهمية هذا المدخل الإبستمولوجي الذي مهد به ابن باجة مبحثه البيولوجي ارتأينا أن نخصص له دراسة خاصة ومتميزة أدرجناها في القسم الأول من هذا العمل. هاجسنا المعرفي هو نفس الهاجس الذي حرك أبا بكر ألا وهو التأطير النظري الإبستمولوجي للعلم البيولوجي.

anfasse08059تعود الباحثون و الدارسون للتراث العربي على النظر إلى الأدب من زاوية سياسية ، فحقبوه مجموعة من الحقب و الأزمنة الأدبية ، وكان مرتكزهم في هذا التقسيم التحولات السياسية التي اعترت بنية المجتمع العربي القديم .فقد عاش ابن عبد ربه في فترة تميزت بانقسام الغرب الإسلامي وقتئذ إلى ثلاث مجموعات هي : الأندلس و إفريقية و المغرب . ففي الأندلس أسس الأمويون الفارون من دمشق إمارة قرطبة منذ سنة 138 هـ ، أما إفريقية فقد كان يحكمها الأغالبة ، ثم الفاطميون ، بينما كان المغرب بيد الأدارسة .

التعريف بابن عبد ربه :
هو أحمد بن محمد بن عبد ربه بن حبيب بن حبيب بن حدير بن سالم، مولى هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ، أبو عمر. من أهل العلم والأدب و الشعر ، وكان لأبي عمر بالعلم جلالة ، وبالأدب رياسة وشهرة ، مع ديانته وصيانته ، واتفقت له أيام وولايات للعلم فيها نفاق ، فساد بعد خمول ، وأثرى بعد فقر ، و أشير بالتفضيل إليه ، إلا أنه غلب الشعر عليه[1] .
وقد زاوج ابن عبد ربه أثناء التحصيل العلمي بين الثقافتين الدينية و الأدبية ، فانعكس ذلك على تأليفه لكتاب العقد ، حيث نجد الثقافة الدينية حاضرة فيه بقوة ، إلى جانبها ، نجد حضور الثقافة الأدبية كذلك ، بمعية أخبار الغناء و الموسيقى. لكن على الرغم من ذلك، فإن ذلك فإن المصنف تعمق في التحصيل و الدرس ، حتى عد من فقهاء الأندلس .

anfasse08058تحكي الكتب القديمة خاصة التلمود وكتاب القبّال اليهودي، أن حواء لم تكن الزوجة الأولى لآدم، وإنما كان على علاقة زواج قبلئذ بسيدة، مخلوقة هي الأخرى على طريقة آدم والتي ليست إلا ليليث Lilith، شيطانة الفجور والفسق كما يلقبها البعض، أو المرأة المتمردة كما يحلو تسميتها بالنسبة للبعض الآخر، لكن حدث أن تم إخراجها من الجنة وذلك بسبب رفض خضوعها المطلق لآدم، ودعوتها إلى الحرية الجنسية بدل الانصياع باسم الزواج، بيد أنها وكرد فعل على هذا الإجحاف الذي لحق بها، أخذت على عاتقها مهمة امتصاص الطاقة الجنسية للرجل خلال فترة النوم وذلك انتقاما منه، وانتصارا للقدرة الأنثوية على فعل الانتقام.
    عندما نتعمق في الأمر أكثر، نعثر بين ثنايا ملحمة جلجامش أن ليليث أو نَعْمَة Naama ، كانت دوما ضد الخضوع الجنسي للرجل، وهو الأمر الذي كان سائدا قبل هاته الحقبة بكثير خاصة في القصص اليهودية القديمة، لقد كانت لآدم امرأة قبل حواء اسمها ليليث، بيد أنها رفضت دوما أن تكون خاضعة لسلطة الرجل خلال الممارسة الجنسية، بل إنها أن يكون الرجل دوما أسفل المرأة خلال لحظات الجماع، محاولة بذلك تجاوز الهيمنة الذكورية إن رمزيا أو ماديا والتي شكلت دوما عنوان العلاقة بين الرجل والمرأة، لكن السماء غضبت من هذا التمرد اللامتوقع فحدث أن تم إنزال اللعنة على ليليث، بحيث حوكم أن يموت أبناؤها عند لحظة الولادة، ليتزوج آدم بعد ذلك سيدة أخرى والتي ليست إلا حواء بطبيعة الحال.

anfasse25044يعد التراث من أهم المفاهيم والقضايا التي انشغل بها الفكر العربي الحديث والمعاصر وحاول معالجتها من خلال اخضاعها  لمجموعة من  الآليات والمناهج النقدية، بغية مقاربتها مقاربة علمية دقيقة وذلك   منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وقد تعددت القراءات واختلفت حد التناقض والتضارب ،ما احدث خلخلة في البنى المعرفية المتأصلة في الثقافة العربية وساهم في حركية الإبداع  بمختلف أنواعه  سواء كان نقديا أو فلسفيا وشعريا ....الخ ،   وبغض النظر عن مرجعيات هذه  القراءات وتنوعها ، نستطيع القول أن الفكر العربي في هذه المرحلة استطاع أن يحقق ذاته من خلال بعض الممارسات والمشاريع النقدية والفكرية الجادة التي ساهمت في إثراءه لكن الشي الذي يعاب على هذه الخطابات  وعلى بعض المشاريع  ،انها اهتمت بالتراث من حيث انه زخم معرفي او تراكمي ،تتحدد اهميته وفق مبدا براغماتي  ساذج مركب من موقفين :الاول ينبني على فكرة مالذي نستطيع اخذه من التراث؟وهوموقف انتقائي من خلاله يحاول الباحث او الناقد او المفكر ان يستند الى قاعدة معرفية اصيلة لبناء مواقفه ودعمها ،اما الموقف الثاني فيرتكز على محاولة البحث عن البديل في هذا التراث من اجل اثبات الذات امام الاخر /الغربي .