AitAtta 2222تقديم:
كان ضباط الشؤون الأهلية ينجزون أعمالهم وفق توجهات القيادة العليا، تبعا للغزو السياسي والعسكري والاقتصادي ،و تميزت أعمالهم بطابع استخباراتي وكان المقصود هو تقديم معلومات سياسية_احصائية_دينية بهدف استثمارها في التمهيد للاحتلال الفعلي . وقد برزت عدة أعمال على شكل منوغرافيات ل'' بلاد السيبة'' اهتمت بدراسة ميادين القوة والضعف لاستغلالها. وكان من أبرز ضباط الشؤون الأهلية الضابط جورج سبيلمان(Georges Spillmann) الذي خلف كتابا هاما بعنوان Les ait atta du sahara et la pacification du haut dra المنشور سنة 1936.

 إذن فمن هو سبيلمان؟وماهي مميزات كتابه أيت عطا وتهدئة درعة العليا ؟ وكيف ساهم بدراساته في احتلال درعة وإغناء البحث الميداني ؟

georges mathieuالإطار العام للكتاب :
هذا الكتاب في الأصل أطروحة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة مانشستر البريطانية، ناقشها دانييل شروتر سنة 1984، وصدرت سنة 1988 عن منشورات كمبريدج الجامعية تحث عنوان Merchants of Essaouira : Urban Society and Imperialism in Southwestern Morocco 1844 – 1886، ومن خلال العنوان يلاحظ أنه حصر الموضوع ما بين 1844 و 1886، حيث إن السنة الأولى هي سنة قذف الأسطول الفرنسي لمدينة الصويرة بالقنابل، وكان ذلك عملية عقابية لردع المغرب عن التعامل مرة أخرى مع حركة المقاومة الجزائرية على حدودها الغربية ، وأما السنة الثانية فهي سنة قيام مولاي الحسن بحركة الى منطقة سوس لتأكيد السيادة المغربية على هذه المناطق، وهي اخر حركة قام بها المخزن المركزي ليبرهن للأوربيين والقبائل في نفس الوقت على أن المرسى السلطاني في الصويرة هو مرسى تجارة الجنوب .
ويهتم هذا الكتاب في المقام الأول بجماعة تجار الصويرة في هذه المرحلة، وعلاقات هذه الجماعة بالسلطان وبالأوربيين والقوى الجهوية في الجنوب الغربي .

51c544ZN6WLتقديم
 كتاب " البنيات السياسية لمغرب الاستعمار" لعبد الله بنمليح  الباحث في علم السياسية، الذي كرس علمه لدراسة الثقافات السياسية والتنظيمات الاجتماعية، إذ حاول في هذا العمل رسم ملامح المجتمع والدولة المغربية قبيل وخلال الحماية، وتحديد مكوناته السياسية بعبارة أخرى دراسة البنيات السياسية والاقتصادية والإدارية للدولة السلطانية، فعلى امتداد صفحات الكتاب (396صفحة ) يمكن قياس الأثر الاستعماري على هذه البنيات.
المسار التاريخي للدولة السلطانية.
في قراءتنا لهذا العمل سنحاول ملامسة مضمون الكتاب كي نتمكن من فهم رسالة الكاتب المضمرة، خاصة وأن الكتاب يتطرق لموضوع أثار الكثير من النقاش في الأوساط الفكرية الأجنبية والوطنية في تخصصات متعددة ( علوم السياسة والتاريخ والعلم الاجتماع السياسي...) بل إن العمل يعتبر من المساهمات الجادة باعتباره يتناول مسألة لم تفهم بعد بشكل جلي. ويتعلق الأمر بالبنيات السياسية لمغرب الحماية.
يقر صاحب الكتاب منذ البداية أن البحث في هذا المجال ليس بالأمر الهين، حيث شدد على صعوبة التعامل مع المعطيات التاريخية ودراسة الأرشيفات الوطنية والأجنبية. فهو يعتبر أن هذه الدراسة هي بمثابة دراسة نقدية لإشكالية معقدة، لذلك وجب استحضار كل المقاربات التي يمكن أن تساعد على استجلاء غموض الواقع المؤسساتي لمغرب الحماية. حيث يرى الباحث أن التركيز على دراسة البنيات السياسية الاستعمارية تسمح بفهم أوضح لحدود الإدارة المؤسساتية ودرجة فعالية الممارسة السياسية الموروثة من الحقبة الاستعمارية ذلك أن هذه الفترة غيرت بعمق المشهد السياسي للبلاد وأدمجت المغرب في الاقتصاد العالمي، كما أن فترة (1912-1956) ليست فقط حقبة تاريخية مر بها المغرب بل هي كشف للتغيرات التي مست البنيات السياسية في مغرب الحماية  (ص 11- 12).

mesure-Abstrتعترض الباحث في التاريخ الاقتصادي مشكلة قلة معرفته بالمقاييس التي سادت خلال العصر الوسيط ببلاد المغرب والأندلس. ولا غرو إن قلنا إن البحث في المقاييس من أصعب المهام المنوطة بالتاريخ الاقتصادي، ذلك أن وحدات المقاييس كانت أساسية في الحياة اليومية المتعلقة بالبيع والشراء ومعرفة مسافة السفر، وفي المعاملات الدينية المرتبطة بتقدير الخراج حسب ملكية الفرد(1)، وبتحديد مسافة قصر الصلاة والإفطار في رمضان خلال السفر إلخ. ولعل صعوبة ضبط المقاييس لارتباطها الوثيق بعلم الحساب والهندسة والفلك، دفع ببعض العلماء إلى التأليف فيها لتحقيق بعض الوحدات وتبسيط قواعدها وتسهيل استعمالها على العموم(2). غير أن التأليف في هذا الاتجاه يبقى ضعيفا، وجله لم يصلنا وما وصلنا منه إما مخطوط  أو عبارة عن إشارات متفرقة في المصادر.
ولا مناص للباحث في موضوع المقاييس في بلاد المغرب والأندلس خلال العصر الوسيط من الاعتماد على المؤلفات الفقهية والجغرافية المغربية والمشرقية، إذ تعد المخرج الأساسي لفك ما يكتنف بعض الوحدات من غموض وارتباك. ومن المؤكد أن المهتمين بضبط الأطوال والمسافات حاولوا البث في الخلاف وتصويبه وفق رؤية علمية وشرعية(3). ورغم ذلك تبقى بعض النصوص التاريخية تحتاج إلى قراءة جديدة في ظل معرفة المقاييس التي استعملها المغرب الإسلامي.

feerie-du-soirإن المشكلة الحقيقية التي يطرحها الفكر الاسلامي في العصر الحديث ليست الاهتمام بالسياسة ، فهذا الاهتمام من علائم النهضة الاجتماعية الحديثة عامة. انها تكمن ، بالعكس ، في الخلط بين الأهداف الدينية والسياسية ، وبالتالي العجز عن التمييز، ثم الاختيار، بين الوسائل والقواعد والتقنيات المختلفة المرتبطة بممارسة هذين النشاطين الاجتماعيين الاساسيين ، ولعل نمط السياسة الرسمية الذي ساد في العقود القليلة الماضية في المجتمعات العربية ، والذي يجعل من العمل السياسي منطقة محرمة من جهة، وضعف الجهد التجديدي في الاسلام المعاصر من الجهة الثانية، هما العاملان الرئيسيان المفيدان في تفسير هذا الوضع . ومن هنا يتوقف نجاح الفكر الاسلامي الحديث في تجاوز تناقضاته ولعب دور ايجابي في إعادة بناء الدولة والمجتمع السياسي على قدرته على الحسم في طبيعة نشاطه الجوهري وأهدافه الرئيسية ، والطرق والوسائل العملية لتحقيقها.
والمسألة الأولى التي يجب التأكيد عليها في محاولة تجاوز الانقسام والنزاع في الدين والشريعة والسياسة ،.. هي التمييز بين الاسلام كجماعة ودين من جهة ،والحركة الاسلامية كفريق سياسي يجتهد في تفسير الواجبات الدينية وتأويلها تأويلا سياسيا من جهة ثانية . ان من الاخطاء الكبرى ان يعتقد الإسلاميون مثلا ان الانتماء الى الاسلام لم يعد اليوم ممكنا إلا بالانتماء الى الرؤية السياسية التي يمثلها التيار الاسلامي المعاصر للاسلام . ولا شك أن هناك ميلا، مقصودا أو عفويا، في صفوف العديد من الاسلاميين ، وليس كلهم بالطبع ، للتوحيد بين الاسلام والاسلامية الجديدة ، كما لو كانت النظرة السياسية الى الاسلام ، هي عودة الى الاسلام ، او كما لو كان نشوء تيار السياسة الاسلامي ونموه هو التعبير الاصيل الوحيد عن هذه العودة . أو كما لو أن الاسلام يبعث من جديد، ولم يكن قائما من قبل ، أو كأن غير الاسلاميين ليسوا مسلمين . فلا يمكن لمثل هذا التصور إلا أن يقود الاسلاميين إلى فكرة خطيرة مفادها انهم مكلفون بأسلحة المجتمع او اعادة اسلمته ، وهو ما وقعت فيه كل الحركات الدينية التي خلطت في القرون الوسطى بين مهام الهداية ومهام السياسة ، ولم تعرف كيف تميز بينهما.

3inaya azzeddineفي أعقاب تواري البابا جوزيف راتسينغر، أكان ذلك جراء إقالته القسرية أو بموجب استقالته الطوعية، اتخذت الكنيسة الكاثوليكية منحى مغايرا في التعاطي مع العديد من القضايا. لم تعد الصورة الإعلامية المروَّجة للبابا الجديد صورة ذلك الفيلسوف المتجهّم الذي يقارع فطاحلة الفلسفة (حوار راتسينغر مع هابرماس)، ولا صورة ذلك المتهجّم على الأديان الجامحة (قدح راتسينغر في الإسلام في راتيسبونا)، ولا أيضا ذلك المشهِر سيف الحرمان في وجه كل من تسوّل له نفسه بشقّ عصى الطاعة عن روما (حِرْم لاهوت التحرر في أمريكا اللاتينية). غدا البابا في نسخته الجديدة بشوشاً وديعاً عطوفاً، متقفّيا أثر البساطة الإنجيلية؛ لكنها بساطة تبدو رهينة الميديا ومن صنعها، ما قد يضفي على ذلك المسلك طابع الرياء، الذي طالما حذّر منه المسيح (ع) في تقريعه للمرائيين.

1EC01- مفهوم الدين
اختلف الباحثون والدارسون حول إعطاء دلالة واحدة وموحدة لمفهوم الدين على اعتبار أنه موضوع يلفه الغموض وعدم الوضوح وتشتبك السبل نحو معرفة كنه وجوهره، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالأديان البدائية إن صحت هذه التسمية نظرا لما يلف الحقبة بأسرها من ضبابية ونظرا لما يسبح فيها من تحولات نوعية قد تصل إلى حد التناقض،ـ فالتطور الإنساني يتجاوز أنماطا من التفكير والاعتقاد كي يتبنى نمطا آخر ينسجم ومتغيرات حياته والتحولات الكونية.
ورغم كل الصعوبات التي قد تعترض الباحث في هذا المجال فقد حاولنا جاهدين إعطاء نظرة عامة وشاملة حول هذه المعتقدات المختلفة والكثيرة للإنسان البدائي.
وكما سبقت الإشارة فإن السؤال المحير يبقى هو: ما هو الدين؟ يقول هنري برجسون في هذا الصدد "أن الدين البدائي هو وقاية من الخطر الذي يتعرض له الإنسان إذ يفكر إلا في نفسه وعلى هذا فهو رد فعل دفاعي تقاوم به الطبيعة العقل" ([1]).

380108-de-merيؤمن علماء اللسانيات الاجتماعية بنظرية اتساع اللغات وانقسامها، وتقول كتبهم أن كل لغة تتوسع في مساحة انتشارها واختلاطها بأكبر عدد من اللغات يعرّضها للانفجار والانقسام إلى لهجات. ويقول الكاتب الفرنسي لوي جون كالفي في كتابه سوق اللغات أنه "كلما اتسَعت المساحةُ التي تنتشر فيها لغة معينة أصبحت اللغة أكثرَ قابليةً لكي تنقسم إلى لهجات". ويبدو هذا الرأي أو القاعدة عند اللسانيين هو ما يجعل التخوف واردا عند بعض اللغويين العرب تجاه ما يمكن أن يحدث للغة العربية. وهو تخوف مشروع نظرا لما آلت إليه اللغة اللاتينية في العصور الأخيرة، حيث انقسمت داخليا إلى لهجات تحولت فيما بعد إلى لغات مستقلة عن بعضها، وأضحى الفرنسي أو الإسباني أو الإيطالي المعاصر يصعبُ عليه قراءة نصوص القرن 15 الميلادي وما قبله.
ونبه ابن خلدون في مقدمته إلى تأثر اللغة العربية، في تحولها التاريخي، بالأمصار وبتنقل القبائل العربية ما قبل الإسلام، إلى توحيدها أواخر القرن الثاني الهجري مع حركة التدوين الثقافي والعلمي. كما تعرضت العربية، بالرغم بقيامها بوظائف: تواصلية ودينية وعلمية وفنية وحضارية، لهجمات خارجية ولمحاولات سلخ لهويتها. إذ تحيل دراسة تاريخ العربية وأنماطها إلى ضرورة قراءة هذه اللغة في توحدها وفي انقسامها الداخلي، أي دراسة العربية الفصحى وعلاقتها باللهجات (أو العامية) المتزامنة معها. الشيء الذي يوحي أيضا بتدخل دراسات اللغة النحوية والصرفية والصوتية في البناء المشترك لنظمها، على غرار قوانين التطور التاريخي للغات البشرية.