histoire marocيعتبر ظهير 16 ماي من الظهائر الاستعمارية التي أثارت نقاشا حادا خلال فترة الحماية وبعد استقلال المغرب، وتعرض لتأويلات كثيرة ومتعددة، فما هي حقيقة هذا الظهير؟ وما هي مختلف ردود الفعل التي أثارها خلال فترة الحماية وبعد الاستقلال؟
1- نص الظهير :
الحمد لله وحده.
ظهير شريف.
يصبح بموجبه قانونيا مطابقا للأصول المرعية سير شؤون العدلية الحالي في القبائل ذات العوائد البربرية التي لا توجد فيها محاكم مكلفة بتطبيق القواعد الشرعية.
يعلم من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره أنه حيث أن والدنا المقدس بالله السلطان مولاي يوسف قد أصدر ظهيرا شريفا مؤرخا في 20 شوال عام 1332 الموافق 11 شتنبر سنة 1914 يأمر فيه باحترام ومراعاة النظام العرفي الجاري العمل به في القبائل التي استتب الأمن فيها وذلك حبا في مصلحة رعايانا واطمئنان دولتنا الشريفة.

Eclats-n2كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن الذاكرة وعلاقتها بالتاريخ بين من يرى وجود اتحاد بينهما فالذاكرة حسب هؤلاء " تمون التاريخ "  و هذا الأخير أصبح يكتب اليوم تحت ضغط الذاكرة ، وبين من يرى أن الذاكرة والتاريخ لا يمكن أن يلتقيا أبدا فلكل واحد منهما حقل اشتغال خاص به . فما المقصود بالذاكرة ؟ وما علاقتها بالتاريخ ؟ وهل هناك فرق بين الاثنين ؟
الذاكرة هي تراكم ذهني لذكريات متنوعة تغذي التصورات والتخيلات المختلفة ، وتلعب دور الاسمنت الذي يجمع بين الأفراد في مجموعة بشرية قد تتسع إلى درجة تحدث هذا التماسك دون التعارف أو الاحتكاك المباشر ، وتساهم هذه التراكمات في توجيه النشاط البشري فرديا كان أم جماعيا .
إن موضوع الذاكرة درس أول ما درس من طرف علماء النفس والفلاسفة ، فعلماء النفس يقولون أن للذاكرة وظيفة نفسية تقوم على استعادة حالة شعورية ماضية من حيث هي كذلك ، وبالتالي فالذاكرة هي وظيفة وقدرة عقلية تسترجع صور الماضي في الحاضر . أما الفلاسفة فقد تناولوا الذاكرة ودرسوها من زاوية اجتماعية ، لكون الفرد عضوا داخل مجتمع له تاريخ مشترك وعادات وتقاليد مشتركة ، أو كما يقول دوركايم في كتابه " الأطر الاجتماعية للذاكرة " : " عندما أتذكر فان الغير هو الذي يدفعني إلى ذلك  فذاكرتي تعتمد على ذاكرته ، وذاكرته تعتمد على ذاكرتي " .

1242641430هل تحديث العربيّة ممكن؟
استعرضنا في الحلقة الثانية العوائق التي عرقلت تطوّر العربيّة. كلّ نقد منتج يترافق مع تقديم البديل. وهو ما سأحاوله في السّطور التالية:
لتحديث العربيّة ثمن باهظ نفسياً: جرح أليم؛ جرح قطيعة العربيّة المعاصرة مع عوائقها الأصوليّة: التنكّر لقانون التطوّر مجسّداً في تكفير اللّحن والدّخيل لغوياً. وهي قطيعة لا مناص منها، إذا أرادت أن تتمكن من الاندماج، في سياق هذا القانون ببنية مجدّدة تولد بها ولادة ثانية، على غرار شقيقتها العبريّة. في هذا المنظور، ينبغي التّفكير العميق وبصوت عال، في إعادة تأسيس العربيّة، ثمن لا بدّ من دفعه، لانتشالها من الانحطاط التي تردّت فيها، منذ نفاها الاحتلال العثماني من الحياة العمليّة، الإداريّة والثقافيّة والعلميّة، بالتتريك لسجنها، في أداء الشعائر الدينيّة، وهو ما تريد الأصوليّة الإسلاميّة إعادتها إليه اليوم.
تطوير العربيّة، لتصبح معاصرة لعصرها، يفترض تطوير معجمها مبْنَى ومعْني، وترشيد نحوها ورسمها الأحفوريين. وبما أنّ هذه العناصر تشكل بنية اللغة، فهي متفاعلة ولا يستطيع أي عنصر منها أن يتطوّر بانفصال عن الباقي، وإلا فقد الكل ديناميكه.
التغيير دائماً ضروري، لكنّه ليس دائماً ممكناً لغياب شروطه الموضوعيّة والذاتيّة. ضروري لأن التكيّف مع الجديد، وقطع الجذوع الميتة، من شجرة الحياة، مهمة راهنة في كلّ مكان وزمان، لتستطيع الإنسانيّة التقدّم. لكنّه ليس دائماً ممكناً، لعدم وعي القوى المؤهلة لتحقيقه بضرورته وإمكانيته معاً مثلاً. إصلاح بل تثوير لغة الضاد من هذا القبيل: ضروري، لأنّ العربيّة كما هي يحول بينها وبين نقل العلوم سد منيع. إذن لن يكون لها بين لغات العالم الحية، مكان تحت الشّمس، في القرن الحادي والعشرين: قرن المعرفة وعمال المعرفة: التقنيين، المهندسين، الباحثين، الأطباء والعلماء. لكنّه غير ممكن في المستقبل المنظور، على الأقل طالما ظلت الأصوليّة المصابة برهاب التّغيير، مهيمنة على وعي السّلطات اللغويّة والنّخب الصانعة للقرار. كيف يمكن للغة عاجزة عن ترجمة أي كتاب في العلوم، من اللغات الحيّة بما فيها العبريّة، أن تكون لغة حيّة حقاً؟

arabe-690x426لا علوم دون مصطلحات
هذه التّرجمة التأصيليّة ـ الأصوليّة، هي التي سادت منذ القرن التّاسع عشر. وبما أنّها ترجمة منافية لمنطق اللغة، المحكومة بالمواضعة والاصطلاح، لا بالأيديولوجيا. فإنّها لاقت فشلاً ذريعاً، ولم تجد كلماتها و“مصطلحاتها” مكاناً يليق بها، غير أكفان الورق التي كُفنت فيها. فالتأويلات، الكدحاء، الربحاء، انظر تجد، وما إليها من “هلاوس” لسانيّة، ستظل مجرّد نوادر صالونيّة لقتل الوقت، كما حصل للترجمة المضحكة، التي أبدعها المجمع اللغوي بدمشق لساندويتش: شطيرة.
المشكل الأوّل الذي يعيق إقلاع العربيّة من القدامة إلى الحداثة، هو فقرها المدقع في المصطلحات. في حين تنتج نظيراتها الأمريكيّة، في الولايات المتحدة، نصف مليون مصطلح كل يوم؛ تعالج لجان المصطلحات التّابعة للوزارات المختصة، التي شكلها شيراك في السّبعينات، بالكمبيوتر 400 ألف مصطلح كل يوم، تعالج الألمانية بنفس الطريقة 400 ألف مصطلح كل يوم، تعالج العبريّة 350مصطلح كل يوم. أمّا العربيّة فتعالج صفر مصطلح كل يوم! مكتب تنسيق التّعريب، لم يترجم منذ تأسيسه حتّى 1990، إلا أقل من 80 ألف مصطلح، بـمصطلحات مترجمة، يرفض العلماء والمثقفون والإعلاميون استخدامها. ومعهم الحق، لأن المصطلح المترجم يحتاج بدوره إلى ترجمة! وبالمناسبة تصدر في العالم الحديث 60 ألف مجلة علميّة سنوياًّ، لا تصدر واحدة منها في أي بلد عربي أو إسلامي.

lan-abstract112تأثرت اللغة العربية بمختلف المراحل التي واكبت المجتمع منذ فجر الٳسلام . فبعد مضي قرن على وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم دخلت اللغة العربية و الدين الٳسلامي في دائرة اهتمام العالم ٬ و ذلك من خلال امتداد استخدامها مع الفتوحات الٳسلامية متأثرة بسياقات جغرافية و تاريخية و اجتماعية . فكانت أولها علاقة المواجهة بين أوروبا و العالم الٳسلامي . حينها أصبحت لغة هذا الأخير جزءا من التجربة الأوروبية . ٳلا أن هذه العلاقة كانت من طرف واحد ٬ اعتبرت خلالها   العربية حلقة وصل مؤقتة لأوروبا بغية عودتها ٳلى الأصول اليونانية .
لقد اعتبر الغرب اللغة العربية – منذ فتح الأندلس ٳلى حدود القرن 15 م – مجرد حافظ للتراث الٳغريقي٬ و ناقل له . أي ؛ من اليونان ٬ ٳلى الشرق ٬فٳسبانيا ثم أوروبا . حمل هذا التصور في طياته نزوعا صليبيا يحمل كراهية للظاهرة الٳسلامية  ٬ ٳلى جانب النزوع التبشيري  الذي يهدف وضع حد لانتشار الٳسلام .
 خلال القرنين 16 و 17 م تمت دراسة اللغة العربية باعتبارها مدخلا مهما في دراسة عبرية الكتاب المقدس نظرا للشبه الكبير بين اللغتين ٬هذا بالطبع ٳلى جانب اللغة الآرامية . و ترمي هذه الدراسة جعل اللغة العبرية اللغة الأم التي انبثقت منها سائر اللغات . ويجد هذا القول تبريره و يستقي دعمه من التوراة في قصة أبناء نوح .

langue-arabe22مدخل:
هذا البحث نشرته في الكتاب السنوي، قضايا فكرية، في 1997 بعنوان “الأصولية تُعيق تطور العربية”. بعد عام اختفى الكتاب طبعاً، من سوق الكتب.
أردت إنقاذه بإعادة نشره على الانترنت. إصلاح العربية، يهدف إلى تحويل العربية من لغة القرآن، أو من لغة القرآن فقط، إلى لغة العلم والكنولوجيا أيضاً. كيف؟
1 - بتبني معجم المصطلحات الغربي بتعريبه [= كتابة المصطلح بالأحرف العربية مع الإبقاء على بنية المصطلح في لغته الأصلية] لأن المصطلح لا يترجم. ترجمة معانيه بأكثر من كلمة تغتاله، كمصطلح، لاستحاله النسبة إليه، مثلا فزياء: فزيائي. لو ترجمنا الفزياء بمقابلها العربي القديم: علم الطبيعة؛ لأستحالت النسبة إليه، فعلمي طبيعي صيغة لا معنى لها. على العربية، أن تقلد العبرية، التي عبرنت معجم المصطلحات الغربي ولم تترجمه؛ فتحولت بذلك من لغة ماتت منذ ألف عام، إذ لم تعد صالحة إلا للشعائر الدينية، إلى لغة العلم والتكنولوجيا والإبداع في كل مجال.

3inaya-azzeddineلم تتطور الدراسات العربية في إيطاليا في العصر الحديث بمعزل عن مشاغل الكنيسة، ما جعلها مصبوغة منذ مستهل انطلاقتها بخيارات دينية، أبقت تعليم اللغة العربية وتعلّمها، إلى تاريخ قريب، حكرا على رجال الدين وطلاب اللاهوت الكاثوليك. لكن في خضم ذلك المسار لاحت بوادر انعتاق من الاحتكار الكنسي، الذي طالما تحكم بهذا المبحث، ليشهد المجال تطورات حثيثة في الأوساط غير الدينية، لا سيما منذ توحيد إيطاليا وإشراف الدولة على قسط وافر من المؤسسات التعليمية. وبشكل عام توزّع المستشرقون والمستعربون الإيطاليون عبر تاريخهم ضمن ثلاثة أصناف: صنف في خدمة الكنيسة، وصنف انشغل بخدمة الأغراض الاستعمارية، وصنف انساق مع تلبية احتياجات الدولة، مع تداخل في بعض الأحيان في الأدوار بين هذه الأصناف.

فبتتبع مسار الاهتمام بلغة الضاد وبالدراسات العربية في هذا البلد، يمكن العودة بالانشغال إلى البابا كليمنت الخامس (1264-1314م)، الذي حثّ في إحدى عظاته في فيينا، سنة 1311، على ضرورة إيلاء تدريس العربية والعبرية والكلدانية والسريانية عناية في مختلف العواصم الأوروبية، بغرض أداء العمل التبشيري على أحسن وجه. وتُعدّ تلك الدعوة -وبقطع النظر عن مغزاها- عاملا مهمّا في لفت الانتباه إلى العربية والحث على الإلمام بها.

عبد الوهاب المسيرياستهل عبد الوهاب المسيري مؤلفه ( اللغة والمجاز بين التوحيد ووحدة الوجود ) ، بمقدمة عبر من خلالها عن جدة الموضوع الذي سيتناوله، طارحا في الآن ذاته الهيكل العام الذي يستوحي من منجزه تصوراته في إطار مقاربة نسقية ، تتوخى إضفاء نوع من الوحدة والتماسك على مختلف الحقائق الثقافية المرتبطة بالظواهر الإنسانية. إذ ينطلق الكاتب في مقاربته من سيادة الاعتقاد القائل بأن هناك نموذجا معرفيا، بمثابة الإجراء التوليدي الكفيل بتفجير مختلف ينابيع البنى الرمزية التي يهبها الإنسان للظواهر. والنموذج برأي الكاتب هو ذاك الواحد الكثير في مرائي مراياه، الذي تنتظم وتصطف بداخله تلك التعددية وفق نوع من المعقولية الداخلية، يكون فيها كل من الإله والطبيعة قطبي الرحى أما مركزها فهو : الإنسان. فهذا الأخير عنصر التوسط الإلزامي من شأنه صياغة الواقع وفق بنية تصورية ترادف رؤية الإنسان للكون، تعكس هذه البنية نموذجا معرفيا من بين نماذج معرفية أخرى (من تصور الإنسان).
وفي إطار السعي الحثيث لتعقب هذه النماذج، ينطلق الكاتب من فرضية مفادها أن هناك ترابطا بين اللغوي والديني والنفسي، على اعتبار أن الصورة المجازية أداة للتعبير وللإفصاح عن رؤية الإنسان للكون من جهة، ووسيلة للانتقال من اللغوي إلى الديني (رؤية الإله) إلى النفسي (مضمون الإدراك) من جهة أخرى.