في موقع "المادية التاريخية" الأنجلوفوني نشر روهيني هنسمان في يونيو الماضي دراسة بنفس العنوان، وبما أنها تعكس النظرة الاشتراكية إلى الحرب الدائرة رحاها حاليا على أرض أوكرانيا والتي شنتها روسيا في فبراير من السنة الجارية، اردت وضع مضمونها رهن إشارة قراء العربية، فكانت هذه المحاولة.
كيف يحول العمال في العالم أنفسهم من عدد كبير من المجموعات التي تشن العديد من النضالات المتناثرة من أجل البقاء والكرامة إلى قوة ثورية قادرة على إنهاء الرأسمالية وحكم الأرض والسيطرة على الإنتاج؟ أمامهم مهام لا حصر لها، لكن من أهمها التغلب على الانقسامات فيما بينهم الناتجة عن التفوق العرقي والقومية.
ظل الماركسيون يناقشون هذه المسألة منذ البداية، لكنها ما زالت تعذبنا حتى اليوم. تقدم الحرب في أوكرانيا فرصة جيدة لفحصها عن كثب.

المسألة القومية والمسألة الاستعمارية

لم يكن خطاب فلاديمير بوتين الذي ألقاه يوم 21 فبراير 2022، بأي حال من الأحوال، المرة الأولى التي سب فيها لينين، ولكن ربما كان هذا هو هجومه الأكبر على لينين والبلاشفة، الذين ادعى أنهم أنشأوا الدولة الأوكرانية.
من خلال فصل وقطع ما هو تاريخياً أرض روسية ...وضعت أفكار لينين حول ما يرقى في جوهره إلى ترتيب دولة كونفدرالية وشعار حول حق الأمم في تقرير المصير، وحتى في الانفصال، (وضعت) في أساس الدولة السوفيتية.
في البداية تم تأكيدها في إعلان دستور الاتحاد السوفياتي في عام 1922، ثم بعد وفاة لينين، جرى تكريسها في الدستور السوفياتي لعام 1924 ...

تقع مدينة أغمات[1] على بعد 35 كلم جنوب مدينة مراكش، شيدت على منحدر جبل درن بجبال الأطلس، بعد دخول المغراويين إلى المغرب الأقصى سنة 360 ه/971 م حيث اتخذت عاصمة للإمارة المغراوية، وهي امارة صغيرة من بني خزر أنشئت على أحد الممرات الكبرى التي تعبرها القوافل، على الأطلس الكبير (جبل درن)، ويعتبر زعماؤها من فروع أسرة بني الخير التي تولت رئاسة الامارات المغراوية في الجهات الغربية. وأشهر رؤسائها لقوط بن يوسف بن علي المغراوي الذي قتله المرابطون أثناء سيطرتهم على أغمات سنة 451 ه/1059 م.[2]، حيث كان المرابطون قد سبقوا الدخول إليها سنة 449ه وأقام بها عبد الله بن ياسين بجيشه في مرحلة التمهيد لإخضاع القبائل[3].

أما عن تاريخ تأسيسها الحقيقي فلا توجد إثباتات تاريخية كافية تؤرخ لها بشكل مضبوط، حيث ينسب البعض تأسيسها إلى ما قبل الإسلام من طرف الأفارقة الأقدمين، وفي هذا السياق يقر البيدق بأن قبيلة هوارة هي من بنت مدينة أغمات قبل الإسلام، ثم فتحها عقبة بن نافع أو موسى بن نصير على اختلاف الروايات، وأسس فيها مسجدا جامعا سنة 705م، ولما ظهر المذهب الخارجي بالمغرب كانت أغمات أحد مراكزه، لكنها سرعان ما عادت إلى مذهب أهل السنة عندما بسط عليها الأدارسة ملوك فاس حكمهم، ولما توفي ادريس الثاني ووزعت ولايات المغرب على أبنائه، أصبحت تحت حكم ولده عبد الله، ومن ذلك الحين عظم أمرها وصارت قاعدة لناحية مراكش، وقصدها العلماء والأدباء من الأندلس والقيروان، وفي سنة 1058م استولى عليها المرابطون[4].

1
التاريخُ لَيس مجموعةً مِن الشظايا المتناثرة في العلاقات الاجتماعية ، وإنَّما هو نظامٌ وُجودي يَشتمل على مركزية الزمن في الذات والآخَر ، ومُمَارَسَةٌ واعيةٌ تَحتوي على فلسفة النشاط الإنساني ، ومجالٌ ثقافيٌّ مفتوح على الروابط بين تأثيرات السُّلطة وإنتاجات المعرفة وإفرازات اللغة . والنظامُ الوجودي ليس انعكاسًا للتاريخ الذي يحتاج إلى تحليل ، أوْ رَدَّةَ فِعل لمصادر المعرفة التي تحتاج إلى اكتشاف . إنَّ النظام الوجودي هو الفِعلُ الاجتماعي المُستمر الذي يَدفع اللغةَ إلى تحرير الواقع مِن هَيمنة الأحلام الضائعة ، التي لَم تستطع التوفيقَ بَين الوَعْي والمصلحة في ظِل المنظومة الحضارية القائمة على توليد التاريخ وإنتاج المعرفة . ووظيفةُ الحضارةِ لَيْسَتْ مُمارسةَ الهيمنة المنهجية على الأحداث اليومية ، وإنَّما مُساءلة الأنساق الفكرية التي أنتجتْ هذه الأحداثَ ، وجَعَلَتْهَا كِيَانًا مُتَشَظِّيًا في الطبيعة الزمنية والبيئة المكانية ، وأكْسَبَتْهَا صِفَةَ الدَّيمومة والاستمرارية. وإذا كان مفهومُ التاريخ يَقُودنا إلى ماهيَّة النظام، فإنَّ ماهيَّة النظام تَقُودنا إلى آلِيَّات صناعة الواقع ، وانعكاساته على فلسفة المنهج الاجتماعي المُرتبط بالحاضر ، باعتباره فضاءً إبداعيًّا لا فِكرةً تائهة في الخَيَال .

إن أهم القوى التي تتحكم بعالمنا اليوم هما: الاقتصاد والتكنولوجيا. التكنولوجيا التي نتحدث عنها هنا هي في الأساس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. لقد دخل العالم فترة من الاقتصاد الليبرالي العالمي، حيث المعرفة، والوصول إلى المعلومات، وإتقان وسائل الاتصال، هي عوامل حاسمة للقوة في العصر الحديث.
أصبحت العولمة القوة التي تغير العلاقة بين الأمم، والثقافات، والمنظمات، والهويات. لم تعد الثقافات والهويات، والأديان، نقطة انطلاق ترسيم الحدود الوطنية أو الإقليمية، ولكن في السياقات الجيوسياسية يمكن للمرء على سبيل المثال، أن يشعر المرء بهوية وانتماء ثقافي مع أشخاص ومجموعات في دول وقارات أخرى، يتشارك معهم اهتمامات وأفكار وعقائد معينة، أكثر مما يجمعك مع الجيران أو أبناء الوطن.
العولمة هي مصطلح لعملية تغيير متعددة الأبعاد، ومتعددة المراكز، تؤدي إلى زيادة التبادل الثقافي والاقتصادي بين مختلف المناطق والشعوب. العولمة مدفوعة بالتجارة والإنتاج والتكنولوجيا، وفي المقام الأول تكنولوجيا الاتصالات. يُمكن أن نقرأ التعريف البسيط للعولمة: كل شيء موجود في كل مكان في نفس الوقت.

04غشت 1578م كان الحدث.
كل أحلام القوى المسيحية تلاشت أمام الرياح التي هبت مضادة لهم (بروديل).
هكذا ختم ف.بروديل تعليقا له حول الانتصار-"ليبانتي"- الذي أنهى الشعور بالدونية لدى القوى الأوربية في حروبها البحرية بفضاء المتوسط ضد كل من الامبراطورية العثمانية، وقوى بلدان شمال إفريقيا الممتدة من طرابلس الليبية إلى سلا المغربية، بل إن بروديل رأى في معركة "ليبانتي" يوم 07أكتوبر1571 انتصارا في حرب صغيرة عملت الاستوغرافيا الغربية على تضخيمها، وإن لم تكن نتائجها باهرة(ص251)،ألم تكن المواجهة في "ليبانتي" بين الأسطول العثماني وتحالف العصبة المسيحية بمحض الصدفة لأن كلاهما كان تائها في مياه المتوسط؟ .
لقد كان انتصار "ليبانتي" باهت النتائج، إذ أعقبته سلسة من الهزائم المتجددة لمعسكر القوى الغربية، وشكلت هزيمة التاج البرتغالي أمام الدولة المغربية في معركة وادي المخازن واحدة من بين أشهر تلك الهزائم التي قلبت موازين الأوضاع بمجال المتوسط .

بداية التفكير في إنشاء دولة لليهود؟
استمر اليهود في رؤية أرض فلسطين كوطن روحي لهم وأرض الميعاد، على الرغم من كونهم يشكلون أقلية قليلة فيها، بنسبة لا تتجاوز 3% بجانب غالبية السكان من العرب المسلمين.
أثناء الحروب الصليبية، كان اليهود يُقتلون أو يُباعون كعبيد. بدأت الإبادة الجماعية لليهود عندما سافر الصليبيون عبر أوروبا واستمروا عبر الأراضي المقدسة. بعد الفتح العربي في القرن الثالث عشر، دمر السلطان "بيبرس" البلاد لمنع أي عدد كبير من السكان من العيش هناك، ولجعلها غير جذابة للهجرة. ظلت البلاد فقيرة تحت الحكم العثماني بعد الفتح في القرن السادس عشر وحتى القرن العشرين.
بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر، نمت وتوسعت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ويرجع ذلك أساساً إلى الاضطهاد الديني. أدت عمليات طرد اليهود في إنجلترا (1290) وفرنسا (1391) والنمسا (1421) وإسبانيا (1492) إلى موجات نقلت اليهود من تلك البلدان نحو فلسطين.

عاشت تونس في أواخر عصر الدولة الحفصية، لا سيما في بداية القرن السادس عشر الميلادي، أطوارا من الضعف السياسي والعسكري -شأنها في ذلك شأن بلدان شمال أفريقيا- فوقعت ضحية للاحتلال الإسباني الذي كان قد استولى على العديد من سواحل الجزائر والمغرب الأقصى فيما بين عامي 1535-1574م، وهي الحقبة التي شهدت فيها الدولة العثمانية ذروة قوتها وتمددها في عصر سلطانها الأعظم سليمان القانوني.
خلال تلك الحقبة، تمكنت القوات العثمانية من بسط سيطرتها على ليبيا في الشرق والجزائر في الغرب، ونظرا للظلم والاضطهاد وبغي الاحتلال الإسباني فقد "كان للعثمانيين أنصار في كل مكان، ويمكن القول إن حضورهم السياسي في المناطق المحتلة كان دائما، في حين اعتُبر مَن كان إلى جانب الإسبان خائنا، فكان يُقتل وتصادر أمواله، ولم تكن مخافر حيدر باشا (القائد العثماني) الأمامية تبعد عن مدينة تونس أكثر من أربعين ميلا"(1)، وهكذا انهارت الروح المعنوية للإسبان ومعاونيهم بسبب القوة العثمانية العسكرية والتأييد الشعبي الجارف لها من الشرق والغرب والجنوب، وانتهى الأمر بانتصار العثمانيين وفتح تونس في عام 1574م، لتصبح البلاد منذ ذلك الحين "إيالة" عثمانية.
صحيح أن الوجود العثماني في تونس مر بمراحل مختلفة منذ البكرلبكوات (الباشوات الولاة) مرورا بالمراديين ثم الدايات فالبايات، الذين استقلوا جميعا في جزء كبير عن الدولة العثمانية كما يصف الكثير من المؤرخين التونسيين المعاصرين، فإن المراسلات العديدة بين تونس والباب العالي تُبيِّن طبيعة العلاقات السياسية بين تونس باعتبارها ولاية أو إيالة عثمانية وبين مركز السلطة في إسطنبول.

تنشأ المجتمعات وتتغير ليس فقط نتيجة للظروف الاقتصادية والمادية، ولكن نتيجة لتبدل الظروف الثقافية وهياكل السلطة أيضاً. نظراً لأن الأيديولوجيات السياسية تعكس المصالح الاجتماعية المختلفة وعلاقات القوة، فإنها تحمل أيضاً وجهات نظر مختلفة عن المجتمع.
وبالتالي، هناك تناقضات بين النظرة الليبرالية للمجتمع، والآراء الأكثر جماعية للمجتمع التي تم اختبارها في الاشتراكية، والأفكار المحافظة الكلاسيكية، بالإضافة إلى النسخ الأحدث المعدلة لهذه المواقف.
عندما نتحدث عن "المجتمع البريطاني" على سبيل المثال، فإننا لا نفكر في بريطانيا العظمى كدولة، بل نفكر في المجتمع الذي يشكله سكان البلاد. أي مجموعة الأشخاص الذين يعيشون في بريطانيا، ويرتبطون معاً من خلال المصالح المشتركة، والتعاون، والاعتماد المتبادل فيما بينهم.
يمكن إرجاع فكرة المجتمع ككيان متماسك ومحلي وشبيه بالشبكة - كجماعات - إلى العصور القديمة، حيث كانت الشرطة اليونانية تعتمد على المزارع العائلية الموجودة حول المدينة، في ولايات مثل أثينا وسبارتا.