" لقد أثارت طبيعة هذا التيار استغرابي منذ أن علمت بها، وشعرت بقليل من السأم، وهو أمر يجب أن أعترف به، وأنا أسمع عدداً من الخبراء الفطنين يكررون أمامي: "إننا نعرف ما يرفضونه، لكنهم لا يعرفون ما يريدونه". ميشيل فوكو
مضى الآن على وفاة الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو(1926-1984) أربع وعشرون سنة وهو ما يزال يتربع على عرش الساحة الفكرية وينصب على رأس الاهتمامات الفلسفية في الدوائر الأكاديمية ولكن مقاله عن ما حصل في إيران من منعطف تاريخي الذي كتبه منذ ثلاثين سنة (1978) مازال يفيض بالمعاني ويزخر بالدلالات وأظن أنه لم يقرأ قراءة وافية كافية ولم يقدر حق قدره والمرات القلائل التي ذكر فيها استغل للمساندة والتبرير وتلميع الصورة والتباهي بالحصول على اعتراف من الآخر بعظمة الأنا أو لإثبات قدرة الغرب على إنتاج مثقفين عضويين ينتمون إلى المجتمع المدني العالمي ويمثلون الجانب الإنساني ويساندون القضايا العادلة في العالم النامي .
لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي التالية: كيف يدافع أحد أهم دعاة التحررية والمثلية الجنسية على الثورة الدينية ويتسامح مع عودة الأنظمة الثيوقراطية التي حسمت الحداثة الغربية المعركة معها منذ الثورة الفرنسية وإبعاد سلطة الكنيسة عن التدخل في الشأن العام؟ وألا يوجد تناقض بين السياسة الحيوية التي ينظر لها فوكو في كتاباته المتأخرة والروحانية السياسيةpolitique spirituelle التي صعدت في الجامعات الإيرانية؟ ألا يحاول فوكو الانتصار إلى النزعة الثقافية التي تمثلها فرنسا ضد النزعة الاقتصادية التي تجسدها أمريكا؟
البعض يفسر سر افتتان فوكو بما حدث في إيران بكونه كان ضحية غواية الصورة الشبقية التي قدمها الاستشراق عن سحر الشرق وجماله وتعدد مجالات تحقيق الرغبة وتنشيط الخيال وإطلاق عنان الغرائز فيه ولكن الحقيقة هي أبعد من ذلك بكثير إذ يطبق فوكو هنا منهجه التشخيصي ويستعين بمسبره الأركيولوجي ومنهجه البنيوي من أجل قراءة الواقع الاجتماعي والمستقبل السياسي لأكبر دولة نفطية في الشرق تحاول التحرر من هيمنة شيوعية السوفيات وامبريالية الأمريكان.
لكن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي التالية: كيف يدافع أحد أهم دعاة التحررية والمثلية الجنسية على الثورة الدينية ويتسامح مع عودة الأنظمة الثيوقراطية التي حسمت الحداثة الغربية المعركة معها منذ الثورة الفرنسية وإبعاد سلطة الكنيسة عن التدخل في الشأن العام؟ وألا يوجد تناقض بين السياسة الحيوية التي ينظر لها فوكو في كتاباته المتأخرة والروحانية السياسيةpolitique spirituelle التي صعدت في الجامعات الإيرانية؟ ألا يحاول فوكو الانتصار إلى النزعة الثقافية التي تمثلها فرنسا ضد النزعة الاقتصادية التي تجسدها أمريكا؟
البعض يفسر سر افتتان فوكو بما حدث في إيران بكونه كان ضحية غواية الصورة الشبقية التي قدمها الاستشراق عن سحر الشرق وجماله وتعدد مجالات تحقيق الرغبة وتنشيط الخيال وإطلاق عنان الغرائز فيه ولكن الحقيقة هي أبعد من ذلك بكثير إذ يطبق فوكو هنا منهجه التشخيصي ويستعين بمسبره الأركيولوجي ومنهجه البنيوي من أجل قراءة الواقع الاجتماعي والمستقبل السياسي لأكبر دولة نفطية في الشرق تحاول التحرر من هيمنة شيوعية السوفيات وامبريالية الأمريكان.