لم يحظ فيلسوف ألماني معاصرـ ضمن رموز المدرسة الفلسفية الألمانية العريقةـ بمثل ذلك الاهتمام العالمي الذي حظي به "يورغن هابرماس". هذه إطلاله ـ في ظلال ذكري عيد ميلاده الثمانين ـ علي رؤاه وأفكاره، كعلامة فارقة في الفلسفة النقدية الألمانية، بل والعالمية.
وفق "برهان غليون" هناك عدة عناصر تبرر الاهتمام بفكر "هابرماس" والتعريف به: الطابع التوجيهي الذي تتميز به فلسفته النقدية، وسعيه لربط النظرية بالممارسة، وتطرقه لـ"مفهوم الفضاء العمومي" الذي يُشكل مفتاح الممارسة الديمقراطية في نظره.
فلنحو خمسة عقود.. كان "يورغن هابرماس" Jürgen Habermas (المولود في 18 يونيو 1929 في دوسلدورف، عاصمة ولاية شمال الرين ووستفاليا) رائداً للخطاب الفلسفي النقدي، الاجتماعي منه والسياسي، والصوت الأكثر حضوراً وتأثيراً على الحياة الثقافية الألمانية. فهو يُعد أحد أقطاب حركة الإصلاح الألماني، و"مدرسة فرانكفورت النقدية". وكونه عالم اجتماع وفيلسوفا، سمة ميّزت أسلافه من فلاسفة النظرية النقدية، والذين يستحضر دوماً تراثهم الفلسفي كأساس لكل فلسفة نقدية.. اجتماعية وسياسية ممكنة. وعموماُ يعتبر "هابرماس" نفسه "نتاج إعادة التربية" التي شهدها المجتمع الألماني خلال التطبيق المنهجي لسياسة "إجتثاث النازية" من قبل سلطات الاحتلال بعد استسلام ألمانيا النازية.