
تاريخ الرسالة:
منذ أن وجد الإنسان في العالم ومع الآخر احتاج إلى الرسالة من أجل أن يبلغ عن مبتغاه ومراده ، ولذلك لعبت الرسالة دورا اجتماعيا لا يستهان به في تحقيق المعية الوجودية، فهي أداة الإيصال والإخبار والإعلام والتبليغ ولكنها أيضا تمثل رابطة عضوية وصلة حيوية بين أطراف متباعدة ومواقع متنافرة وذلك لكونها تحقق التواصل وتمنح التبادل والتعاون في المعارف والمعلومات والخبرات وتسهل صيد الفوائد وجني الخيرات.
وقد خضعت الرسالة إلى العديد من التحولات فقد بدأت بالإشارة والحركة الطبيعية إلى الخطاب الشفوي الحي والمباشر وبعد ذلك ارتقت إلى مستوى النص المكتوب وقد تبادل الحكام منذ القدم الهدايا والرسائل من أجل نبذ الحرب وتوطيد مقومات السلم وحسن الجوار واشتهرت الرسائل العاطفية التي يحملها الحمام الزاجل والرسائل السياسية التي يحملها الدبلوماسيون وفي ظل الثورة الرقمية وقع تعويض الرسائل البريدية وما يرافقها من طوابع وهدايا بالرسائل الإلكترونية القصيرة المكتوبة بلغة رقمية والرسائل الصوتية والمصورة عن طريق المحمول وظهرت الدردشات في المنتديات وكان الفايس بوك خير معين على التكلفة الباهضة للمكالمات الهاتفية.
أدوار الرسالة:
كما لعبت الرسالة المكتوبة المتبادلة بين رجال الفكر والعلماء دورا بارزا في تقدم العلوم والفلسفات والفنون وقد تطور في السياق نفسه فن المراسلة وظهر أدب الرسائل ووجدت الرسالة الفلسفية ودون البعض من المفكرين معظم دعاويهم في رسائل وخاصة عند الإغريق والعرب وشملت مواضيع الكون والله والإنسان والسياسة والأخلاق والتاريخ والمجتمع والصداقة والدين واللغة والفقه والبلدان وبرزت مراسلات شعرية هامة أين تبادل الشعراء قصائدهم وعقبوا على بعضهم البعض مدحا وهجاءا وقد تواصل هذا التقليد حتى مع الفلسفة الغربية ونذكر رسائل ديكارت مع الملكة إليزابات والملكة كريستينا ورسائل فولتير الفلسفية ورسالة اسبينوزا في اللاهوتية السياسية وجرت مراسلات واعتمدت الرسالة كقناة للتعريف بالمنتوج الفلسفي وحمايته من الضياع ولتبادل الآراء وطلب النصرة من الحكام وربط جسور المودة والاحترام معهم.