أنت ممن كرسوا جزءاً مهماً من حياتهم العلمية لدراسة الظاهرة الدينية من خلال ترجمة بعض الأعمال، وتأليف مصنفات تصب كلها في تيار نقد الفكر الديني علمياً وموضوعياً.
*هل في نظركم ملأت الدراسات الدينية النقدية اليوم، بعد أن عرفت انتشاراً كبيراً، الفراغ الذي تعرفه الساحة الثقافية، خاصة وأن العلوم الشرعية مازالت تأخذ حصة الأسد؟
يتميز تاريخ الدراسات الدينية النقدية في البلاد العربية خلال العقود الخمسة الأخيرة، إذا ما سلمنا بأن مؤلف "نقد الفكر الديني" لصادق جلال العظم هو إعلان مولدها، بطابع الانخراط ضمن خط إيديولوجي وأحيانا خط سلطوي. لعل هذا المنحى الذي ميز تلك الدراسات ما جعلها واهنة المنشأ وضئيلة الأثر، وربما مرتهَنة بشكل أدق. لأنه وفق تقديري، الفكر الديني النقدي الفاعل هو الفكر الذي يخرج من عباءة المناورات السياسية إلى حقل المعالجة الفكرية والعلمية، ولعل هذا ما نحتاجه بالأساس، وهو ما لا نزال مقصرين فيه. حيث لم نفرق بعد بين النقد الإيديولوجي والنقد الابستمولوجي وهذه محنة أخرى من محن الحقل الديني في البلدان العربية.