مقدمة:
التاريخ هو ماضي الإنسانية في كل الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية والفكرية،وأساس الآونة الحالية،ورهان الأزمنة الآتية فمن فهمه ومعرفة قوانينه والاتعاظ بمواعظه ومعرفة رجالاته الدين اثروا فيه يسير الإنسان نحو التقدم المنشود ،ومن هنا جاءت أهمية فلسفة التاريخ باعتبارها العلم والمعرفة التي تهتم بفهم تطور الأحداث التاريخية وصيرورتها والعوامل المتحكمة فيها .
ظهرت فلسفة التاريخ أول مرة كفكر مع العلامة المسلم عبد الرحمن ابن خلدون الذي يعود له الفضل الكبير في تثبيت أسسها،وظهر هذا المصطلح كأول مرة كلفظ مع التنويري الفرنسي فولتير،لكن على ما يبدو أن فعل التفلسف في التاريخ قديم قدم الزمن حيت نجد بعض آثاره في كتابات الإغريق القدماء مثلا كتاب أرسطو "السياسة" و"الجمهورية" لأفلاطون ،كما أن القرآن خصص أكثر من نصفه للوقائع التاريخية أو ما يصطلح عليها بأساطير الأولين، فالله تعالي يدعونا في الكثير من آياته إلى النظر في التاريخ ومعرفة سننه حيث يقول الله تعالى في كتابه المبين[1]" قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض وانظروا كيف كانت عاقبة المكذبين" فهده الآية تدعونا بصراحة إلى البحث في سنن الله وقوانينه،ومع تقدم العصور والعلوم وتوفر الوثائق والأرشيفات تقدمت فلسفة التاريخ وظهرت العديد من النظريات والمدارس والاتجاهات،وسيكون في صلب اهتمامنا  في هذا العرض هو المدرسة الحولية الفرنسية التي ظهرت انطلاقا من سنة 1929 وسرعان ما انتشرت أفكارها في سائر أنحاء المعمور،كاستمرار للحركية في ميدان الكتابة التاريخية وكرد فعل علي المدرسة الوضعانية التقليدية الوثائقية الألمانية. .

1- كيف يعرف الأستاذ عزالدين عناية بنفسه للقارئ الجزائري والعربي عموما؟
عزالدين عناية:
زيتونيّ في روما يرهِقه التاريخ ويضنيه الحاضر، لا أزال أطارِد حلماً لترسيخ المنهج العلمي في دراسة الأديان في بلاد العرب منذ زهاء ثلاثة عقود، ولا أدري مدى توفيقي في ذلك. على الرغم من ذلك أصرُّ على المضي قُدما في ذاك التمشّي، علّي أخلّق وجودا من هذا الهشيم المستشري. فقد كان كَلَفي بالظواهر الدينية مبكّرا بفعل النشأة في وسط يعبق برائحة القداسة، وبفعل تعمّق ذلك مع الالتحاق بالجامعة الزيتونية طالباً، وما تكشّف لي مما عليه العقل الإسلامي من خراب مريب. فما عشته وما أعيشه من تجربة ملموسة بين عقلين: العقل الإسلامي المغمى عليه والعقل الكاثوليكي المتوثّب، هي ملهاة معرفية بالنسبة إليّ أعيش فصولها يوميا، سيما وأني قضّيت ما يزيد عن العقدين في كنف روما عاصمة الكاثوليكية العالمية.

تقديم
لما كان فهم واستيعاب التجمعات البشرية ــــ على اختلاف أحجامها ودرجات اندماجها ــــ لحدود حرياتها يختلف من مجال لآخر تبعا لاختلاف العقلية والذهنية المحلية من جهة، وبفعل عاملي التناقض والتوافق بين المصالح الاجتماعية من جهة ثانية؛ فقد بدت الحاجة ملحة إلى خلق مجموعة من النظم القانونية، سواء في شكلها التقليدي أو الحديث، والتي تعتبر إفرازا مجتمعيا سعى من خلاله الإنسان، منذ تشكلاته المجتمعية الأولى، إلى محاربة العشوائية والفوضوية وكل أنواع التسيب، الأمر الذي تولدت عنه في الأخير قوانين تنظيمية في شكل عادات وأعراف وتقاليد وقوانين هامة؛ تقوم بتنظيم العلاقات بين الأفراد والجماعات والمؤسسات المكونة للمجتمع.

تشكل المصادر بجميع أصنافها المفتاح السحري لحل الابواب الموصدة امام الباحثين في تاريخ المغرب المنسي.وتمهيدا لهذا البحث المتواضع من الواجب إبداء ملاحظات اساسية حول المادة الخامة المعتمدة في مصانع البحث  لإنتاج  تاريخ يكشف المستور وينير الزوايا القاتمة من ماضي المجالات الهامشية والنائية في جغرافية المغرب. في غياب الابحاث الاركيولوجية، تبقى المصادر المكتوبة من الحوليات وكتب المناقب والتراجم اهم المواد التي يمكن استعمالها لكتابة تاريخ قريب من العلمية وبعيد عن التحامل  الذي يطبع بعض الكتابات  التقليدية.وأما كتب المناقب والتراجم رغم ماتحتوي عليه من كرامات وأخبار بعيدة عن المنطق فان  إخضاعها لتمحيص دقيق مع قراءة ماوراء سطورها ،يمكن استنباط منها معلومات مهمة ومعطيات اساسية لن يلفيها الباحث في المصادر الاخرى.وبالنسبة لتاريخ إثنوغرافيات القبائل الصنهاجية من الصعب الخوض في هذه المغامرة لسكوت المصادر عن ذكر احداثها وأماكن استقرارها. وفي هذا البحث المختصر حاولنا ابراز حقائق تاريخية تهم قبيلة مجاط احدى القبائل الصنهاجية، التي لم  تنل نصيبها من الدراسات التاريخية ;والاثنوغرافية ،رغم دورها الكبير على مسرح الاحداث خلال العصر الحديث والوسيط.

يمكن تصنيف كتاب الأنثروبولوجي الإيطالي أوغو فابييتي ضمن الأعمال الأنثروبولوجية المتّزنة في دراسة الشرق الأوسط. حيث يتابع الباحث في كتابه الاهتمامات المبكّرة بالشرق وما خالطها من محاسن ومساوئ، فضلا عمّا رافقها من توظيف فجّ أثّر على مصداقيتها، ليصلَ إلى الدراسات الحالية في الشأن. يستهلّ فابييتي مؤلّفه بتناول عام لحقل الدراسات الاستشراقية خالصا إلى انبثاق أنثروبولوجيا الشرق من رحم هذه الدراسات. ولا ينحصر الكتاب بمدخل محدّد من مداخل الأنثروبولوجيا في تناول فضاء الشرق، بل يسعى إلى استدعاء شتى المقاربات، الثقافية والاجتماعية والدينية والتاريخية التي طبعت هذا المبحث، لينتهي إلى المحاور الراهنة التي تشغل البحث الأنثروبولوجي، مثل وسائل الإعلام واليومي.

           كثيرة هي الأعلام الأمازيغية التي لا تبوح بسرّ معناها وتحتفظ به، ويأتي التداول عبر الزمن ليُدخل تعديلات عليها ليزيد من تعقيد مهمة فهمها وتأويلها وتصنيفها، ومن هذه الأعلام اسم "ميدلت". إن اسم المكان ليس ترفا يمكن تحييده بل يكاد يكون الجوهر لارتباطه الوثيق بشبكة من العناصر ذات الأبعاد الثقافية والهوياتية. إن أي دراسة طوبونيمية تستدعي منا الحذر الشديد حتى لا نسقط في التحاليل والتأويلات السطحية أو ما يصطلح عليه القدف بالتخمين، بالبحث عن قرابة محتملة مع بعض الأعلام الأخرى في وقتنا الحاضر واقتراح فرضيات فيها تشويه للغة وإساءة لها أكثر مما هو شيء أخر.

      لاشك أن عنوان المقال يحيل على موضوع مهم لم تفرّد له دراسات متخصصة تتناوله من زوايا مختلفة إلى جانب محاولة في التأصيل التاريخي، و يتعلق الأمر بالعلاقة  القائمة بين الفلاح والأرض من جهة والسلطة القائمة من جهة أخرى، فمن خلال تفحصه للوهلة الأولى تتبادر لذهن القارئ عدة أسئلة من قبيل: لماذا أدرجنا عبارة الفلاح بين عبارتي الأرض والسلطة، وإن كان الهدف سلفا من الدراسة الكشف عن تاريخ فئة مهمشة في تاريخ المغرب "الفلاحون" في علاقتها بالأرض والسلطة؟ وما علاقة الأرض والسلطة بالفلاح أو بالأحرى كيف ساهمت في تحديد وضعيته وأدواره في مجتمع تقليدي يتكئ على ما تجود به الأرض؟ وإلى أي حد حسمت سلطة الأرض التمايزات الاجتماعية التي تخللت المجتمع الوطاسي وحددت مستوى عيش فئاته؟ وما علاقة الإسناد الغير مشروع للأرض في حسم تمايزات فئة الفلاحيين في فترة سياسية صعبة عاشها المغرب كانت الحاجة فيها ملحة لمن يتطوع لأعمال الفلح وبالتالي توفير القوت ؟ وهل تسمية الفلاح تطلق فقط على المالك للأرض أم تتجاوزه إلى الممتهن الغير مالك لها أو ما يعرف ب " فلاح بدون أرض"؟

 تقديم
إن الرحلة إبحار في خبايا متنوعة ،ووصف مباشر لما يتراءى للعين ،تجمع بين طياتها عدة معطيات يستفيد منها شتى الباحثين من مؤرخين وجغرافيين وأنتروبولوجيين وحتى علماء اللسانيات وغيرهم .
إن فن الرحلة لون أدبي  قديم قدم الزمان، من أيام حانون القرطاجني ،إلى رافعة رافع الطهطاوي المصري ، فيه فائدة كبرى وجمة للمؤرخ والانتروبولوجي والسوسيولوجي كما أسلفنا. كما أنه ضرب من السيرة الذاتية في مواجهة ظروف وأوضاع، وفي اكتشاف معالم وأقطار، وبلدان ووصفها، والحكم عليها وعلى المجتمع فيها، حكاما ومواطنين، فهو وصف في النهاية لكل ما انطبع في ذهن الرحالة عبر مسار رحلته وفي احتكاكه بالمحيط، يتآزر في ذلك الواقع والخيال، وأسلوب القص والحقائق العلمية التاريخية والجغرافية والاجتماعية والنفسية وغيرها.[1]