أنفاسفلسطينيو الاحتلال الأول هي التسمية الأدق لفلسطينيي الداخل او فلسطينيي عام 1948 وهناك الكثير من التسميات...!
لقد بات واضحا للقاصي والداني ان الفشل سيكون مكتوبا لمؤتمر الشؤم"انابوليس" رغم ان المطالب الفلسطينية غير تعجيزية, بل على العكس لا تلبي السقف الأدنى من حقوقنا الوطنية في فلسطين التاريخية.وهل يمكن طرح السؤال التالي: هل سئم الأميركيون من أزمة الشرق الأوسط؟ السؤال قد لا يلقى هوى لدى أولئك الذين يعتبرون أن استمرار الأزمة هكذا لنحو ستة عقود هي، بصورة أو بأخرى، ضرورة استراتيجية لأن الصراعات الاقليمية جزء لا يتجزأ من المفهوم الفلسفي للإمبراطوريات، حتى أن الرئيس ''رونالد ريجان'' تبنى نظرية ''حرائق الغابات'' التي تعني تصنيع حروب تحت السيطرة ولأغراض جراحية محددة. هذه المرة يعقد المؤتمر الدولي في ''أنابوليس'' لا في مدريد، ولا في اسطنبول، ولا في لندن، أي على المسرح الأميركي، وبرعاية أميركية، وبقناعة أميركية بضرورة إقفال الملف -الأساس، أي الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي-، وإن قال ''ايهود اولمرت'': إن معاهدة للسلام بعيدة جداً جداً.
لقد اصبح من الدارج بين اوساط كثيرة من اكاديميي ومثقفي وسياسيي مدرسة التطبيع والتعايش مع الكيان الصهيوني، والتي روّجت نخبتها ثقافة السوق خلال السنوات الأخيرة، التطرق بشكل لفظي ومختصر الى النكبة التي حلّت بالشعب الفلسطيني جرّاء وقوع وطنه تحت الاستعمار الصهيوني عام 1948 ثم الانتقال دفعة واحدة، وبشكل غريب ومنافٍ لمنطق التحليل العلمي الملتزم، الى التعامل مع نتائج هذا الإستعمار من خلال التسليم المسبق بشرعية وحق وجود دولة الكيان الصهيوني ثم الابتعاد تدريجياً عن بديهية كونها كيان استعماري عنصري لاجلائي أقيم اساساً كرأس حربة للإمبريالية الغربية في موقع القلب من الوطن العربي. وهكذا ينحصر الاجتهاد الفكري والعمل السياسي النخبوي في محاولة التعايش مع هذا الواقع من خلال المبالغة المبتذلة في التركيز على خصوصية فلسطينيي 1948، ليصبح العمق القومي لقضيتهم شعارات جوفاء يتم التشدق بها كغطاء رمزي فقط لمشروع تعايش انهزامي، عموده الفقري حقوق مواطنين في دولة من المفترض ان تكون ليبرالية وديمقراطية. بكلمات أكثر صراحة، بإمكاننا تشخيص حالة الخيانة الفكرية هذه في الانطلاق من تحديد واقع استعماري غير شرعي مفروض على الأرض العربية وأصحابها الأصليين ثم الانتهاء الى المساهمة في شرعنة هذا الواقع تحت حجج براغماتية هزيلة.
بامكاننا تحديد ثلاث ابعاد او مستويات، متداخلة ومكملة لبعضها البعض في اي محاولة لتحليل وفهم واقع فلسطينيي الداخل، ترتكز كل منها على بديهية او حقيقة تاريخية واضحة لا يمكن تجاهلها او تغييبها من التحليل طالما ان الحالة المصطنعة الناجمة عنها ما زالت قائمة. أولاً، هنالك العلاقة الجدلية بين دور فلسطينيي الداخل في النضال الوطني العام وبين حقوق الناس المطلبية اليومية في ظل الظروف الموضوعية.

أنفاس"كانت حياة العبرانيين في فلسطين تشبه حالة رجل يصر على الإقامة وسط طريق مزدحم فتدوسه الحافلات والشاحنات باستمرار، ومن البدء حتى النهاية لم تكن ممتلكاتهم سوى حادث طارئ في تاريخ مصر وسوريا وآشور وفينيقيا ذلك التاريخ الذي هو أكبر وأعظم من تاريخهم". المؤرخ البريطاني ج.هـويلز "موجز التاريخ".
صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29/11/1947، على مشروع القرار 181، والذي نص على تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، وتدويل القدس. صدر القرار نتيجة الجهود المكثفة التي بذلتها الصهيونية العالمية، مدعومة بالقوى الاستعمارية الكبــرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وشملت هذه الجهود الضغوط السياسية والاقتصادية على أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والرشاوى المادية التي قدمت لهذه الدول ورؤساء وفودها، كما ورد في مذكرات الرئيس الأميركي الأسبق هاري ترومان.
منح القرار اليهود الذين كانوا يبلغون في ذلك الوقت (608225) شخصاً الأراضي الخصبة في منطقة السهل الساحلي الفلسطيني والمدن الساحلية الهامة، حيفا، عكا، يافا، ومناطق الأغوار الشمالية التي تعد خزان المياه الطبيعية للأراضي الفلسطينية (بحيرة طبــريا ـ روافد نهر الأردن)، إضافة إلى مناطق النقب، والمنافذ البحرية على البحر الميت والبحر الأحمر.
وبالنسبة للفلسطينيين الذين بلغ عددهم آنذاك (1227274) نسمة، يملكون 86% من أراضي وعقارات فلسطين، فقد خصص لهم بموجب القرار مناطق في الجليل والمثلث وما بات يعرف اليوم بالضفة الفلسطينية إضافة إلى مدينتي بئر السبع واللد، وقطاع غزة وجزء من صحراء النقب.
القرار رفضه اليهود، بالرغم من انحيازه الواضح تجاههم، وفور صدور القرار، باشرت العصابات الصهيونية بتنفيذ الخطة القاضية بتهجير السكان الفلسطينيين من القسم اليهودي الذي نص عليه القرار 181، والذين كانوا يشكلون أكثر من نصف سكان هذا القسم، ويمتلكون أكثر من ثلثي الأراضي والعقارات، فارتكبت العصابات الصهيونية ـ التي تشكلت من عناصر محترفة قاتلت في صفوف الجيوش الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية، وتأمن لها تسليح جيد ـ مجازر رهيبة بحق الفلسطينيين بغية دفعهم إلى الهجرة وترك أراضيهم في القسم اليهودي، وتحديداً من المدن والمناطق الساحلية، وهو ما أدى إلى نشوء قضية اللاجئين واضطر مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى ترك أراضيهم وممتلكاتهم واللجوء إلى الأقطار العربية المجاورة، وإلى المدن والبلدات الفلسطينية الأخرى.ونتيجة لسياسة الكيل بمكيالين، التي استخدمتها الأمم المتحدة والدول الكبــرى في ذلك الوقت، حرم الفلسطينيون من كيانهم/ دولتهم، والتي نص عليها القرار 181، بحيث عطل الشق الثاني من القرار الذي نص على استقلال الدولة العربية ووضع دستور لها. واستمرت إسرائيل نتيجة لذلك بنهب الأراضي العربية وتهجير سكانها، لتستكمل احتلالها لكل الأراضي الفلسطينية وأجزاء من الدول العربية المحيطة في عدوان 5 حزيران عام 1967..!

أنفاسأصعب شي يمارسه الإنسان هو التفكير لذا يخشى كثير من الناس ممارسته . هنري فورد
أخذ جانب الحياد والمراقب في تفسير ما قامت به السلطة الفلسطينية من بناء ضريح الراحل أو كما ينعته أنصاره بالشهيد الرمز / ياسر عرفات ، في مقر المقاطعة في رام الله . هذا الضريح الذي كلف ما يقارب المليونين دولار من حر مال الشعب الفلسطيني حلالا زلالا لان السلطة حفاظا على كرامة الراحل ياسر عرفات " رفضت عروضا مالية من الخارج للتكفل ببناء الضريح ، وأصرت (التي تختلف عن ألحت عادل إمام ) على أن يتم بناؤه من الصندوق الفلسطيني وذلك " للتأكد من أن المال المرصود من أموال الشعب الفقير لا يختلط بالمال الربوي !! ومن وجهة النظر السياسية والاقتصادية المناضلة فالشعب الفلسطيني اغتصبت أرضه وفقد أبناءه وخسر ماله فهل نستكثر عليه خسارة مبلغ قليل فقط 2 مليون دولار في بناء قبر . أقول : من لم يهتم بالقليل لا يهتم بالكثير .
لماذا شعرت بالأسف وأنا اقرأ مقالة الصحفي أسامة العيسه في المنتدى الثقافي للشرق الأوسط يوم الأربعاء 21/11/2007 تحت عنوان " فلسفة المؤقت في ضريح عرفات كلفتها قاربت المليوني دولار" أو ربما أكثر !
   المقال ذكي ويهز القاريء الذي يعيش عصر الكتابة الراقصة . اعتبر المقال نوعا من الطرافة لسذاجة تصرف السلطة الفلسطينية التي هي وأعمالها إحدى مساخر الشعوب .فالسلطة من حبها الكبير والمفتعل للراحل ياسر عرفات تثير الاشمئزاز .
   المعلومات الواردة في المقال الذي يصف بناء الضريح وملحقاته ومواصفات البناء حسب مقاييس (الايزو للقبور ) تؤثر في الرأي لما تظهره من حقائق متناقضة مع الواقع المعيشي للشعب الفلسطيني وتترك القاريء ليطرح رأيه على نفسه . سرقونا أحياءً وأمواتا وتصرفوا بمصير الوطن ببرودة أعصاب قاسية .
مرة أخرى ، لماذا شعرت بالأسف على صرف هذا المبلغ ؟ هل لأني احسد السلطة على فتحها بابا استثماريا جديدا هو بناء القبور إلى جانب استثماراتها في بناء الكازينو والمغتصبات الصهيونية ؟ هل لأنه كان بالإمكان ( نعم بالإمكان ) صرف هذا المبلغ على مرافق (وما أكثرها ) أكثر أهمية للشعب الفلسطيني؟ أم لان إسرائيل تجاوزت القضية الفلسطينية ( إذا بقي هناك قضية فلسطينية ) وهي تتطلع إلى الاستمرار في بناء مستقبلها لأنها وجدت لتعيش على حساب الوطن العربي ونحن نتلهى ونفاخر في بناء ضريح " أصبح احد الرموز المعمارية الحديثة الأكثر أناقة وجمالية في فلسطين اليوم " . لعل القصد من بنائه هو مساهمة السلطة الفلسطينية في تشغيل اليد العاملة (وما ارخص كلفتها )في بناء " تحفة فنية " .إذ جاء في المقال " عمل فيه نحو 12840شخصا بين مهندس ومراقب ورسام ومساح وحاسب كميات بالإضافة إلى الحرفيين " ؟ أم هو رسالة تخاطب العالم "ببساطة تصميمة " على أن الشعب الفلسطيني بسيييييط في مطالبه الوطنية كما هو بسيييييط في موته !! نعم هذه التحفة الفنية مثل القضية الفلسطينية التي أصبحت تحفة سياسية مركونة على الرف لا تصلح إلا للذكرى وإثارة الشجون لأنها تاريخ ماضي . 

أنفاستهرب العبارات وتقف الحروف والكلمات خجلاً أمام أسمك يا فلسطين الحبيبه..أجد غصة في التحدث عن تسليمك وتقديمك لقمه بسيطة لأولئك الاحقاد والغاصبين, فالتاريخ يعيد نفسه بعد 59سنه ومازلت مغتصبه ومازلت تحت براثن الإحتلال..فلا معتصم ولا صلاح الدين جديد يعيد مجدك ويعيد البسمه لشفاهنا التى لم تعرف منذ النكبه الإ الحزن والدموع..وانتهت بقيام دولة لليهود على كامل التراب الفلسطيني..وانتهت في لجوء عدد كبير من اهل فلسطين الى الدول المجارة في جو عاصف من العواطف المشحونة وجو خانق من التخاذل العربي والهزائم المتلاحقة, ولأول مرة تتجزأ فيها مدينة القدس في مسرحية دولية كبيرة بعد أن قامت الجيوش العربية بدورها المحدد وهو تسليم الأرض لليهود.. قامت كثير من الألسنة تلوك أعراض أبناء فلسطين الممزقة ، وتنهش لحومهم بعد أن مزقتها بالحراب ، وكما قال أبو الطيب:
 أبنت الدهر عندي كل بنت**فكيف وصلت أنت من الزحام/جرحت جرحاً لم يبق فيه**مكان للسيوف أو السهام..!
 صادفت في الخامس عشر من الشهر الحالي ذكرى اعلان ما يسمى ب" الاستقلال الفلسطيني" ومن المؤكد ان المواطنين يتساءلون عن المكان الذي وصلت اليه قضيتهم بعد تسعة عشر عاما من الاعلان عن هذا الاستقلال الوهمي من قبل المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر, وقد صدر ذلك الاعلان عقب عام واحد من الانتفاضة الفلسطينية الاولى"انتفاضة اطفال الحجارة" التي هزت بنقائها وبسالتها ضمير العالم واعادت قضية الاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 في الضفة والقطاع الى صدارة الاهتمامات العربية والدولية ودفعت بالحكومة الاسرائيلية انذاك لتجاوز كثير من الخطوط الحمراء في تعاملها مع الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية.لقد اختار الراحل ابو عمار هذا التاريخ لأنه المتوسط الحسابي بين تاريخين مشؤومين, الأول هو وعد بلفور المشؤوم والذي صادفت ذكراه التسعون في الثاني من تشرين ثاني الحالي واما التاريخ الثاني فهو يوم قرار تقسيم اراضي فلسطين التاريخية والذي تصادف ذكراه الستون في التاسع والعشرين من نفس الشهر.
تسعة عشر عاما كان من المفروض ان يتحقق الاستقلال الفعلي على ارض الوطن خلال جزء معقول من هذه الفترة، لكن ما هو شاهد الان على ارض الواقع يؤكد ان هدف الاستقلال الحقيقي والكامل ما يزال بعيدا، ويعود السبب اساسا ليس الى الطرف الاخر، وان كانت اسرائيل تفضل استمرار الهيمنة على الاراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني، لكن الوضع الداخلي المتمزق والتدخلات الاقليمية والدولية التي تجد من بعض الفصائل الفلسطينية من يتعامل معها على حساب المصالح الوطنية العليا ويصل الامر حد رفع السلاح الفلسطيني لقتل الفلسطينيين والاستيلاء على السلطة بقوة السلاح هذا الوضع المحزن هو الذي يبتعد كذلك بالشعب الفلسطيني عن تحقيق اهدافه، ويحول الاستقلال الى نوع من السراب الذي يتشكك المواطنون في امكانية الوصول اليه.

أنفاسفجأة اكتشف زعماء اليمين كما اليسار الصهيوني في اسرائيل ، كم كانوا في غفلة من أمر هوية دولتهم ، وهم يتفاوضون مع الدول العربية ومع منظمة التحرير الفلسطينية . الصحوة سقطت على هؤلاء الزعماء دفعة واحدة من السماء ، بعد أن أعلن الرئيس الامريكي جورج بوش عن دعوته الى لقاء او مؤتمر دولي في انابوليس لتسوية الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي وعن عزمه على تحقيق رؤيته بقيام دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة وقابلة للحياة تعيش جنباً الى جنب في أمن وسلام مع دولة إسرائيل .
لم تكن هوية الدولة مطروحة على جدول أعمال المفاوضات ، التي سبقت التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد بين مصر واسرائيل في أيلول من العام 1978 او معاهدة السلام المصرية – الاسرائيلية في آذار من العام 1979 ، ولا هي كانت مطروحة على جدول أعمال المفاوضات التي سبقت التوقيع على معاهدة وادي عربة بين الأردن واسرائيل في تشرين أول من العام 1993. في حينه لم يطرح المفاوض الاسرائيلي على مصر أو على الأردن شرط الاعتراف بدولة إسرائيل باعتبارها دولية يهودية أو دولة " للشعب اليهودي " ، وفي ظني أن قادة مصر والاردن كانوا سيرفضون شرطاً من هذا النوع ، باعتباره غير مألوف في العلاقات بين الدول في المبدأ والأساس.
الأمر لم يختلف في المفاوضات التي سبقت التوقيع على اتفاقية اوسلو وما تلاها ، وما أكثرها ، بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية ، مثلما لم تتضمن رسائل الاعتراف المتبادل بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في أيلول من العام 1993 أية إشارة الى هوية الدولة ، التي يعترف بها الجانب الفلسطيني . في رسالة الاعتراف المتبادل ، التي بعثها الرئيس الراحل ياسر عرفات الى رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه اسحق رابين ، وقع الرئيس الفلسطيني نصاً مكتوباً جرى الاتفاق المسبق عليه : " أن منظمة التحرير الفلسطينية تعترف بحق دولة إسرائيل في العيش في سلام وأمن وتوافق على القرارين 242و 338 لمجلس الأمن الدولي " .
هوية الدولة ، دولة يهودية أو دولة "للشعب اليهودي " أو دولة لجميع مواطنيها اليهود والعرب ، لم تكن مطروحة على جدول أعمال للقاءات او المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني ، والاسرائيلي ، إذ ليس من المألوف ان تتفاوض دولة على هويتها او دستورها او سيادتها ، الا في حالات استثنائية كأن تقع الدولة تحت احتلال أجنبي يدفعها تحت ضغط القوة الى ذلك ، كما هو الحال هذه الايام في العراق . أما الدولة المستقلة فإنها لا تقدم على ذلك ولا تبادر الى طرحه ، باعتبار ان الهوية او الدستور او السيادة شأن داخلي من شؤونها .
وفقط خلال قمة العقبة ، التي انعقدت في حزيران من العام 2003 ، والتي شارك فيها كل من رئيس الوزراء الفلسطيني آنذاك محمود عباس – أبو مازن ورئيس الوزراء الاسرائيلي ، أرئيل شارون والملك عبد الله الثاني والرئيس الاميركي جورج بوش ، تعرض الأخير في خطابه في القمة الى هذه المسألة ، ليس بهدف طرحها على جدول أعمال أية أجندة سياسية أو تفاوضية ، بل كتعبير عن موقف إدارة هي الأقرب الى اليمين واليمين المتطرف في اسرائيل بين جميع الادارات الامريكية السابقة .

أنفاس تلتقي الديمقراطية الإسلامية مع الديمقراطية الحديثة في بعض الوجوه. لكنها تختلف عنها في وجوه أخرى عديدة:
ـ الفرع الأول: وجوه التوافق بين الديمقراطية الإسلامية والديمقراطية الحديثة
إن الإسلام، الذي جاء في القرن السابع الميلادي، كان رائداً من روّاد الفكرة الديمقراطية. وقد كان العالم العربي بحق المهد الأصيل لهذه الديمقراطية.
لقد نادى الإسلام بالحرية والمساواة والعدل كما نادت الديمقراطية الحديثة بهذه المبادئ أيضاً. وإذا كان ((روسّو)) قال في القرن الثامن عشر أن الأفراد يولدون ويعيشون أحراراً، فقد قال قبله بكثير عمر بن الخطاب: ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)). وإذا كانت الثورة الفرنسية نادت بالمساواة والحرية، فقد جاء الإسلام يساوي الناس فيما بينهم دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو اللغة. كما جاء محترماً للعقائد الدينية الأخرى، معتبراً أنه ((لا إكراه في الدين)). ودعا إلى التسامح في الحوار الديني. وأباح حرية الحوار والجدل والتعليم تماماً كما نادت الديمقراطية الحديثة في القرن الثامن عشر وفي القرون اللاحقة.
وإذا كانت الديمقراطية الحديثة تؤكّد المساواة أمام القانون فإن الإسلام قد سبقها في إقرار المساواة أمام التكاليف العامة حرصاً على مصلحة الجماعة الإسلامية. وحدد واجب توزيع موارد الدولة على الفقراء والمساكين وغيرهم من المحتاجين، وألزم الغنيّ مساعدة الفقير، وأدخل المبادئ الاشتراكية والعدالة الاجتماعية قبل أن تتعرّف الديمقراطية الحديثة إلى تلك المبادئ.
وإذا نادت الديمقراطية الحديثة بالعدالة فقد سبقها الإسلام إلى ذلك. والعدل في الإسلام عدل مطلق يطبق على الذات وعلى ذوي القربى. وإذا كان ((روسّو)) وضع نظريته القائلة بأن الحاكم يستمد سلطاته من الأمة نائباً عنها نتيجة عقد حرّ بينهما، فقد أدرك فقهاء الإسلام قبل ((روسّو)) أن مبايعة الخليفة هي عقد حقيقي يربط الأمة بالحاكم ربطاً متيناً.
ولا يتوقف التوافق عند المبادئ والأهداف بل يتعداها إلى الوسائل أيضاً. فمؤسسة الشورى الإسلامية هي أقرب ما تكون إلى المؤسسة البرلمانية الحديثة. وإذا كانت النخبة الاجتماعية هي التي تتمتع بحق الاختيار وتحمل مسؤولية الشورى في الإسلام، فالنخبة البورجوازية كانت ولا تزال الدعامة الأولى للبرلمانات في الديمقراطية الغربية. وفكرة الشورى فكرة قابلة للتطور والتكيّف وفق الزمان والمكان.
وإذا كانت الديمقراطية الحديثة تسعى للحد من سلطة الحكام وتقييدهم بدساتير، فقد قامت الديمقراطية الإسلامية على دستور هو الشريعة الإسلامية. ومصادر هذه الشريعة كما هو معلوم هي: القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع. وإذا كان الشعب هو الرقيب على أعمال الحكّام في الديمقراطية الحديثة، فالأمة الإسلامية هي التي تراقب عمل الحكام وتحاسبهم. فإذا ساروا وفق الشريعة اطاعتهم ونصرتهم، وإذا خرجوا على تلك الشريعة فلا طاعة لهم ولا نصرة، بل خروج وثورة وعزل.

أنفاس رحم الله الفنان الكبير جعفر السعدي الذي كان يردد مقولته الشهيرة [عجيب أمور غريب قضية]على خشبة المسرح كلما واجه موقفاً أو حدثاً غريباً، فكل الذي يجري في العراق اليوم غريب كل الغرابة، ويثير العجب العجاب، بحيث تنطبق عليه مقولته المشهورة تلك تمام الانطباق .
فالقيادة الكردية المتمثلة بحزبي البرزاني والطالباني في واقع الأمر قد أقامت دولتها المستقلة في كردستان العراق بكل ما تعنيه كلمة الاستقلال من معنى ، حدود محكمة لا يمكن تجاوزها إلا بموافقة أجهزتهم الأمنية، حتى يتخيل العراقي الذي يروم السفر إلى المنطقة وكأنه مسافر لدولة أجنبية وتتطلب جواز سفر أو جواز مرور.
دولة لها رئيسها وحكومتها ودستورها وبرلمانها وجيشها وعلمها الخاص، وترفض رفع علم العراق الذي سكتت عن إبداله بعلم آخر ليكون ذريعة لها برفع علمها، ورفض العلم العراقي في الوقت الذي كان ولا يزال بإمكانها فرض تغيير العلم العراقي الذي تسميه علم صدام، وهم الذين يشكلون الأغلبية في البرلمان مع حلفائهم قوى الإسلام الطائفي الشيعي، وهذه الحقيقة لا تعدُ عن كونها كلمة حق يراد بها باطل.
وهم يتصرفون في ثروات البلاد النفطية في المنطقة الكردية بمعزل عن وزارة النفط، ويعقدون الاتفاقات الاستثمارية مع الشركات الأجنبية على الرغم من معارضة الوزارة لمخالفته للدستور، بل لقد بلغ بهم الأمر إلى تحدي وزير النفط والتهجم عليه ومطالبته بالاستقالة، فأي فيدرالية هذه أيها السادة ؟؟
وفي الوقت الذي يدّعون بالتمسك بما يسمونه بالعراق الفيدرالي، وينكرون توجهاتهم الانفصالية، فإنهم يمارسون بشكل عملي ممنهج عملية الانفصال ووضع كل الحواجز بين المواطنين الكرد وسائر إخوتهم العرب والتركمان والآشوريين وبقية الأقليات الأخرى .
 فقد تم إلغاء اللغة العربية في المدارس الكردية، وجرى رفع كل أثر للغة العربية على سائر اللافتات للدوائر والمحلات والشواع، بحيث أصبح الجيل الجديد في المنطقة الكردية لا يعرف عن العربية شيئا، ويجري تعزيز الحاجز النفسي بين المواطنين الأكراد، وإذكاء النعرة العنصرية الشوفينية، والكراهية بين ابناء القوميتين بدعوى ما أصاب الكرد من ظلم واضطهاد من قبل العراقيين العرب، فكأنما الظلم قد وقع على الكرد وحدهم دون غيرهم، متجاهلين عن عمد ما أصاب العراقيين العرب من ظلم النظام السابق، وبقية الأنظمة الأخرى، فما دفعه العراقيون العرب أضعافاً مضاعفة لما دفعه الكرد سواء في حروب الدكتاتور صدام حسين الإجرامية، وفي قمع انتفاضة الشعب عام 1991، و في دهاليز المخابرات الصدامية التي كانت تعج بالشيوعيين، وعناصر حزب الدعوة، والقبور الجماعية التي ضمت أجداث مئات الألوف من الوطنيين العراقيين العرب خير شاهد على ذلك، في الوقت الذي أفلت ابناء الكرد من المشاركة في حروب صدام الكارثية، حرب الخليج الأولى ضد إيران ، وحرب الخليج الثانية لتحرير الكويت عام 1991، وانتفاضة أبناء الجنوب والفرات الأوسط في ذلك العام نفسه، والتي جاوزت المليون ضحية سيقوا عنوة إلى ساحات تلك المجازر الرهيبة.

أنفاس لا يمكن الحديث عن أزمة اليسار العربي، وأسباب حالة الانكفاء والتهميش التي وصل إليها اليوم دون مراجعة تاريخ هذه الحركة، والوقوف أمام أخطائها ومنعطفاتها على مستوى التكتيك والاستراتيجيا. ولا بدّ أيضاً النظر إلى الموضوع من منظور تاريخي جدلي يدقق ويتفحّص الصيرورة التاريخية لحركة اليسار العربي، وأهم المفاصل والمحطات التي مرّ بها ارتباطاً بالظروف الموضوعية والذاتية، الداخلية والخارجية.
إن نظرة تقويمية لحركة اليسار العربي، تفتح باب الأسئلة حول تجارب الأحزاب اليسارية العربية. بجناحيها الشيوعي والماركسي القومي، خاصة وأن كثيراً من القراءات لتجارب هذه الأحزاب باتت تسلّم بإخفاقها عن استيعاب ووعي حركة الواقع، وبالتالي فشلها في تغييره. كذلك لا نستطيع التحدث عن يسار عربي دون أخذ واقع التجزئة بعين الاعتبار، فعدم إنجاز مسألة الوحدة العربية كرّس الواقع القطري، الذي أفرز بدوره قوى يسارية قطرية طرحت على نفسها برامج ومهمات على مستوى قطري، أما الأحزاب اليسارية ذات التوجّهات العربية القومية فقد وجدت نفسها عاجزة عن التأثير والفعل العملي على مستوى القضايا القومية، وانحصر جهدها في المستوى النظري، حول إشكاليات القومية والأمة ,والعروبة, والتجزئة ,والوحدة، وقد كُتب الكثير حول هذه القضايا من قبل مفكرين عرب يساريين، وقوى وأحزاب، لكن على الصعيد العملي تعمّق واقع التجزئة، وتبخّر حلم الوحدة، وتمزقت الهوية القومية إلى هويات جهوية مجزّأة، ولم تُنجز مهام التنمية والتحرر من التبعية للسوق الإمبريالية، وتفاقمت المشكلات الاجتماعية التي عمّقت الفوارق الطبقية في المجتمعات العربية، وانتشرت البطالة وتراجع مستوى التعليم والثقافة.... الخ, بمعنى آخر تجلّت أزمة اليسار العربي الذي ورث الأهداف التي طرحها " رواد عصر النهضة " في عجزه عن إنجاز أيّ من هذه المهام. لقد طرح رواد عصر النهضة العربية من خلال احتكاكهم في أوروبا وتمثّل تجربتها ضرورة إجراء تحولات في الواقع العربي, تقوم على تحقيق التصنيع كأساس لتأسيس النمط الرأسمالي الذي يعني تدمير البنى الاجتماعية المتخلفة ( الإقطاع ), وهذا يعني بدوره تمثّل الفكر الذي تبلور مع نشوء الرأسمالية أعني فكر العقلانية القومية, والديمقراطية, والعلمانية، وعلى هذا الأساس أصبحت مهام التوحيد القومي والتحديث الفكري مهمات جوهرية، لهذا احتلت مسائل فصل الدين عن الدولة، وتأسيس الوعي القومي، وشكل النظام السياسي مسائل أساسية داعبت أحلام النهضويين العرب، وبدأت ملامح هذه المسألة تظهر مع محمد علي باشا في بداية القرن التاسع عشر، لكن هذا المشروع هُزم نتيجة تحوّل الرأسمالية العالمية إلى إمبريالية، وبذلك قُطع الطريق على الصيرورة الطبيعية لنمو بلداننا، مما ادخل مشروع التطور الرأسمالي في أزمة استمرت حتى أواسط القرن العشرين, حيث أصبحت الفئات الوسطى (الريفية بشكل خاص) أساس عملية التحويل التي طالت تدمير البنى القديمة ( الإقطاع ) وأسست لمحاولة بناء الصناعة كأساس للتحويل في إطار مشروع قومي يهدف إلى الوحدة العربية.