"استخدام عقل المرء يعني فقط أن يسأل نفسه في كل ما يجب عليه أن يقوم به، سواء كان من المستحسن وضعه كمبدأ كوني للاستخدام، أو الدافع الذي يقوم بشيء ما وراءه أو القاعدة الناتجة عنه"
" على الرغم من أننا قد نحمل المفاهيم عالية، وبالتالي نبتعد عن الإحساس من خلال التجريد، فسيكون هناك دائمًا تمثيلات حسية، يكون مصيرها المناسب مناسبًا لاستخدام مفاهيم التجربة التي علاوة على ذلك، ليست مستمدة من التجربة. في الواقع، كيف نريد أن نعطي للمفاهيم المعنى والدلالة، إذا لم يتم تقديم بعض الحدس (الذي، في النهاية، يجب أن يكون دائمًا مثالًا مأخوذًا من تجربة محتملة)؟ إذا، بعد هذه العملية الملموسة للذهن، حذفنا مزيج الصورة، أولاً من الإدراك العرضي للحواس، ثم حتى الحدس الحسي المحض بشكل عام، يبقى فقط هذا المفهوم الفكري المحض، مداه متضخم الآن، والذي يحتوي على قاعدة فكرية عامة.

شارك إدغار موران، عالم الاجتماع المشهور عالميًا، في جميع المعارك لمدة ستين عامًا. كلماته السريعة والمختصرة تناقض فكرة عودة معاداة السامية. هذا المصطلح يُستخدم، على حد قوله، لإخفاء القمع الإسرائيلي، و لإضفاء طابع"إسرائيل" على اليهود، ولتقديم مبررات لإسرائيل تشرعن سياساتها. مواقفه المؤيدة للفلسطينيين المقموعين والمهانين جرت على إدغار موران التشهير والقذف. من الحوار الذي أجرته معه سيلفيا كاتوري والمنشور في الإنترنت يوم 17 يونيو 2005، نحتفظ بانطباع عن رجل كبير يتحلى بالبساطة والنزاهة.
- لقد تعرضتم لتهمة “القذف العرقي" بسبب انتقادكم لإسرائيل. فهل يمكن أن تكشفوا لنا عما يدفعكم إلى الإدلاء بدلوكم في هذا النزاع.
+ في البداية هناك شيء لا يفهمه المدافعون، بدون شرط، عن إسرائيل، وهو أن هناك من يمكن أن تحفزه الشفقة على شعب يتحمل الآلام. هذه الآلام المتصلة للفلسطينيين، المعرضين للإذلال، والإهانات وهدم بيوتهم واقتلاع أشجارهم، هي ما يحفزني. وبديهي أن المقالات التي أحررها ليست مقالات عاطفية. إنني أحاول القيام بتشخيص.
إن المقال “إسرائيل ـ فلسطين: السرطان”4، الذي جُرِّمْتُ بسببه قد تم تصوره بهذه الروح.

يوجد توتّر ضمني، يظلّ غالبا لاواع وبالتالي غير مصاغ نظريّا، بين الأهمّية الخبرية للنباتات التي يصفها ويدرسها الإيكولوجيون وبين البيولوجيون النباتيون وغيابهم النّسبي في الفكر الفلسفي والإيتيقي. وفي كلمة، كيف نفسّر عامّة لامبالاة فلاسفة البيولوجيا وأغلب مفكّري الإيتيقا البيئية تجاه النباتات، في الوقت الذي يبرهن فيه العلماء على ميزاتها الأساسيّة اللازمة لكلّ حياة وكلّ محيط؟ والآن، بعد وصف وتشخيص هذه الإثباتات سنحاول تعليلها واقتراح تمشّ بديل بتوسّط بعض المبادئ المفيدة للتفكير الإيتيقي في النبات.

سقراط لم يجد نفسه في أي موقف من تلك المواقف. لقد فكر بالتأكيد كثيرًا في المشكلات التي وجهها بعد ذلك إلى الآخرين (خاصة بفضل المقابلات السابقة). كان لديه بالتأكيد وجهة نظر مفصلة حول هذه القضايا، المربكة وحتى المكلفة في بعض الأحيان - كما رأينا في مرافعة افلاطون. (سوف أعود إلى هذه النقطة لاحقا). لكن كما رأينا، لم يقتنع بأي رأي من آرائها، رغم أنه عاش وفقا لها ما دام لا يرى أي سبب للشك فيها.
كان على استعداد تام لمزيد من التفكير فيها إذا لزم الأمر، حتى يتم تأكيد حقيقة كل واخد منها. بالنسبة لأي شخص يميل إلى هذا الحد، يبدو من المعقول أن يعتقد أن الدور المناسب في المناقشة الفلسفية هو الدور الذي يتمسك يه سقراط: استجواب الآخرين، مع الاستمرار في فحص الأفكار أثناء المحاورة وبالتالي في العمل. وفي حالة عدم اقتناعه بأي رأي من الآراء، فإن الانتقال من دور السائل إلى دور المجيب سيكون محرجًا من الناحية الفكرية (وبالنظر إلى موضوع المناقشة، من الناحية أالأخلاقية). إن القيام بذلك يعني التأكيد على أنه ملم، أو مقتنع بما يكفي برأي لتاكيده بافتراض أنه صحيح وأنه من المؤكد أنه سينجح في تبريره تماما.

تتميز فلسفة سقراط كأسلوب حياة عن جميع التصورات اللاحقة بكونه قضى حياته في فحص الأفكار الأخلاقية للآخرين بلا هوادة بالموازاة مع فحص نفسه. يضع سقراط صحة روحه فوق كل القيم الأخرى، ويجعل هذا الخير يعتمد بشكل وثيق على التحقيق الفلسفي والفحص الذاتي، بحيث أنه في شهادة أفلاطون عن محاكمته، صرح لهيئة المحكمة أنه سيرفض التبرئة المقترحة إذا اضطر بسببها إلى التوقف عن نشاطه . لكن لماذا رفض ذلك؟ أعلن أولاً على سبيل التوضيح أنه ليس مدينا لهم بالطاعة بقدر ما هو مدين بها لأبولو، الذي ألزمه رده على طلب شريفون بتكريس نفسه لفحص آخر. ويضيف أن هيئة المحكمة، بصفتها ممثلة للشعب الأثيني، يجب أن تجد أن من مصلحتها أن تستمر بدلاً من التوقف. ليس لدي أدنى شك في أن سقراط صادق في تقديم هاتين الحجتين (على الرغم من أنه من غير المحتمل أن تكونا قد أقنعتا هيئة المحكمة).

"ما هو علمي هو ما يمكن إثبات زيفه"
لفهم كيفية اشتغال العلم، عليك أن تقرأ كتب الفيلسوف لكارل بوبر 1902 -1994، والتي نُشرت لأول مرة باللغة الألمانية عام 1935، ثم باللغة الإنجليزية عام 1959. حتى لو كان الأمر صعبًا، فسوف تفهم سبب تأثير هذا العمل على فلسفة العلوم في القرن العشرين. لقد كانت حجته حول الدور المركزي لقابلية التفنيد تكمن في أن العلماء يختبرون نظرياتهم من خلال محاولة دحضها وقابليتها للتكذيب ومع ذلك، في التعامل مع طبيعة المعرفة، يفترض الناقد المعرفي الدراية بقوانين المنطق المعرفي والالمام بسلسلة كاملة من المنظرين.

لماذا يجد نيتشه في الرقصَ مجازا لازما للفكر؟ لأنّ الرقص يتعارض مع ألدّ أعداء زارادشت – نيتشه ، عدوّا يشير إليه بوصفه " روح الثقالة" esprit de pesanteur". إنّ الرقص هو قبل كلّ شيء صورة لفكر تخلّص من كل روح ثقالة. من المهمّ رصد الصور الأخرى لهذا التحرّر، ذلك أنّها تُدرِج الرقص ضمن شبكة مجازية متماسكة. هناك مجاز العصفور مثلا. يعلن زارادشت :" لأنّني أكره روح الثقالة التي ينبئني بها العصفور." هذا رابط مجازي أول بين الرقص والعصفور.أو لنقل ثمّة تولّد، ولادة راقصة لما يمكن أن نسمّيه العصفور الكامن في الجسد. وعلى العموم هناك صورة الطّيران. يقول زارادشت :" إنّ من يتعلّم الطيران يمنح الأرض اسما جديدا .فقد يسمّيها المجنّحة ". فعلا، قد يكون هذا تعريفا جميلا جدّا وذكيّا للرقص، فضلا عن كونه تسمية جديدة للأرض. هناك أيضا مجاز الطفل. إنّ الطفل يعني " براءة ونسيان و بداية جديدة، لعب، عجلة تتحرك ذاتيا، أول دافع و إثبات بسيط". يتعلّق الأمر في بداية زارادشت، بالتحوّل الثالث، فبعد الجمل المقابل للرّقص، والأسد الذي يشير إلى العنف ممّا لا يسمح بموجبه تسمية الأرض مجنّحة. وبالفعل علينا القول بأنّ الرقص، بوصفه عصفورا وطيرانا، هو أيضا كلّ ما يشير إلى الطفل. الرقص براءة لأنه جسد قبل الجسد. إنّه نسيان، لأنّه جسد ينسى إكراهه ووزنه. إنّه بداية جديدة، لأنّ الحركة الراقصة يجب أن تكون دوما كما لو أنّها ابتكرت بدايتها الخاصّة. وهو لعب بالتأكيد لأنّ الرقص يحرّر الجسد من كلّ محاكاة اجتماعية، من كلّ ما هو جدّي، ومن كلّ تلاؤم.وهو عجلة تتحرّك ذاتيا: وهذا تعريف جميل جدّا وممكن للرقص. ذلك أن الرقص هو بمثابة دائرة في الفضاء، ولكن دائرة لها مبدأها الخاصّ، دائرة لم ترسم من خارج، بل دائرة ترسم نفسها.

في الفلسفة اليونانية القديمة يوجد بعد يميزها، ربما أكثر من أي بُعد آخر، عن الفلسفة كما نفهمها اليوم، وحتى منذ نهاية العصور القديمة: فكرة الفلسفة كأسلوب حياة. لا وجود لهذا التصور، على الإطلاق، في جميع العصور أوعند جميع المؤلفين الفلاسفة. لكن بالنسبة للعديد من الفلاسفة القدماء، ووفقا لصورتها في الأذهان، لم تختزل الفلسفة في مجرد مجال بحث. كانت الفلسفة في العصور القديمة، كما كانت دائما منذ ذلك الحين، مجموعة من المشكلات التي تتحدى الذكاء، والأسئلة التي يجب تعميقها، شفويا أو كتابيا أو على النحوين معا، والمفارقات التي يجب حلها، والخلاصات التي يجب التصريح بها ودعمها بالحجج الفلسفية التي يجب أن تصاغ بدورها وتفسر، والنظريات البديلة والمنافسة، الخاصة بواضعها، والتي نشجعها ونرفضها لأسباب تنتقد من جديد او يقع الدفاع عنها ونقلها للآخرين.