" plato_1_lgالأفضل للإنسان ان يحكمه مبدأ الهي عادل ويجب أن يكون ذلك المبدأ في داخله ان أمكن."[1]
يُعتقد أن افلاطون هو مؤسس المثالية وأن نظريته السياسية تدرج في خانة اليوتوبيا وأفكاره هي تصورات مطلقة وغايات غير قابلة للتحقيق وبعيدة كل البعد عن عالم التجربة ولا يمكن تجسيمها في الواقع. غير أن ربط الفلسفة الأفلاطونية بالسياق الفكري والاجتماعي الذي ظهرت فيه يفند مثل هذا الاعتقاد ويعطي تأويلا آخر لها يقربها من المدينة الاغريقية ويربطها بطموحات الطبقة الصاعدة في أثينا وأسبرطة أنذاك.
وآيتنا في ذلك هو أن نظرية المثل عند افلاطون تقول بجملة من القيم والمعايير والحقائق الواقعية وتنفي أن تكون من صنع الخيال او الوهم، زد على ذلك أن أفلاطون نفسه يؤمن بالجدل الصاعد الذي يساعد العقل على بلوغ هذه المثل وبالجدل النازل الذي يدفع الناس الى معايشة هذه المعايير وتجسيمها في العالم.
هذا علاوة على نظرية المشاركة التي ترى بأن الحقائق العقلية تسكن في العالم المحسوس وأن الحقائق الحسية تدور في فلك وحدة الوجود وبالتالي هناك حركة من الواحد الى الكثرة ومن الكثرة الى الواحد.

"anfasseإن الفلسفة لا ينكر فائدتها إلا جاهل أو معاند أو كلاهما، إلا أنك إذا أردت أن تفهمها حق الفهم، فلا بد من معرفة آراء الأقدمين، إذ الفلسفة كالمرء يكون طفلا ... ثم يصير كهلا و هو شخص واحد، كالسلسلة كل حلقة منها ارتبطت بالأخرى.
فمن لم يقف على أقوال القدماء لا يتمكن من استنباط آراء المعاصرين.".
دافيد سانتلانا
"المذاهب الفلسفية اليونانية في العالم الإسلامي"
تحقيق وتقديم _ جلال شرف

الفلسفة، كلمة واحدة ذات معاني عديدة، أحيانا تكون نوعا من التفكير، و أحيانا تكون نوعا من البحث، و أحيانا أخرى تكون علم بالمبادئ و غيرها من التعريفات التي اختلفت باختلاف الفلاسفة و المؤرخين.
هذا الاختلاف بدا واضحا خلال تطور الإنسان، و منذ تفلسفه لأول مرة، لكن ما نلمسه من خلال تطور الفلسفة هو ذلك الاختلاف الذي امتد ليشمل جميع ما يحيط بها، و أحيانا كان يضربها في الصميم.

" الانسان هو خاتم التراكيب وأخص أنواع الحيوان. وهو أبعد الإسناد عن حضرة الوحدة في الصورة وأقربها اليها في المعنى. وهو مركز العالم والعالم يخرج منه."[1]
يكد الانسان طول حياته من أجل اثبات ذاته ويعيش حالة المحو والجحود ويجد من أجل طلب الصحو والشهود والحال التي يعيشها هي منتقلة بين نهاية الماضي وبداية المستقبل حيث يرد المعنى من دون تصنع ولا اكتساب وآنيته هي تحقق وجوده العيني من حيث مرتبته الذاتية وحريته هي خروج عن رق الكائنات والقطع مع جميع العلائق والأغيار وحضور مطلق لدى الذات.
الذات هو منقول عن مؤنث "ذو" وتعني الماهية والحقيقة والصاحب والنفس والشيء والعين ، وتفيد في اللغة ما يصلح أن يعلم ويخبر عنه، وتطلق في الاصطلاح على ما يقوم بنفسه. ولفظ الذات يطلق على المشار اليه من حيث جوهره لا أعراضه وتدل على الأمر الذي تستند اليه الأسماء والصفات في عينها لا في وجودها. ولكن الذات على التمام هي العلة الأولى والوجود المطلق والمفهوم الحق. وتطلق الذات على الله وعلى الانسان وعلى الأشياء ولكن وفق مراتب ودرجات ومقامات.
ان أصل لفظ انسان هو افعلان من النسيان لأنه عهد اليه فنسى وتركيبه يدخل فيه كل ما في الكون بأسره ولذك سمي بالمختصر الشريف

" abstrait7777ليس للإنسان لباسا أشرف من العقل ان انكسر صححه وان وقع أقامه وان ذل أعزه وان سقط في هوة جذبه واستنقذه منها وان افتقر أغناه. وأول شيء يحتاج البليغ اليه العلم الممزوج بالعقل"[1]
استهلال:
تمر في الأشهر القادمة تسعة قرون كاملة على وفاة أبي حامد الغزالي ( 18 ديسمبر 1111) حجة الاسلام وكاتب احياء علوم الدين وتهافت الفلاسفة والمستصفى والمنقذ من الضلال وآداب الصحبة والمعاشرة وغيره من الرسائل والردود والمؤلفات. واذا كان التفكير النقدي منصبا في مقام آخر على الجانب العقائدي ونبه الى قيمة قانون التأويل الوجودي لديه وحاول احياء العقل في مدونته المعرفية وأشاد بأهمية اسهاماته التربوية والتعليمية وأثني على مفهوم الصداقة لديه باعتباره أهم المعاول العملية التي تقتلع العداوة بين الناس من جذورها فإنه هاهنا يحاول أن يتقصى آراؤه الايديولوجية وينقد مفهومه للسياسة بغية تخليصه من الارث السلطاني والبحث عن وظيفة جديدة للدين في السياسة غير سلطوية ويعرج على الدور الذي يضطلع به الاسلام في ترسيخ قيم التقدم والتحضر بالنسبة الى المدنية.
هناك صعوبة تعترضه وهي أن الغزالي مفكر لا يمتلك أفكار سياسية وعاش في عزلة عن مشاكل عصره وفضل اجتناب الساسة والابتعاد عن قصورهم وعزف عن مجالسهم. وآيته في ذلك قوله: لا تخالط الأمراء والسلاطين ولا تراهم لأن رؤيتهم ومجالسهم ومخالطتهم آفة عظيمة...لا تقبل شيئا من عطاء الأمراء وهداياهم وان علمت أنها من الحلال لأن الطمع منهم يفسد الدين لأنه يتولد منه المداهنة ومراعاة جانبهم والموافقة على ظلمهم، وهذا كله فساد في الدين."[2]

heid-anfasseحينما نبحث, حسب هيدغر , في ماهية الشعر , فسيكون بحثنا بحثا خارجيا , وذلك من أجل المقارنة لكي نبين ما هو عام في الشعر . ويتحدث العام في كل ما هو جوهري في الشعر , لكن ما نبحث عنه , يمكن أن نجده في القصيدة , فيكون البحث عن ماهية الشعر بحثا داخليا , وليس بحثا خارجيا , يرصد الخصائص الخارجية والمشتركة بين القصائد . فيمكن أن نجد ما يميز القصيدة , لكن ليس من خارج القصيدة , بل من داخلها . وهو ما يعني أن نتوقف عند قصيدة بعينها , وليس أن تستدعي قصائد الشعر العالمي . وهذا يعني كذلك أن تكون تلك القصيدة تتكلم عن الشعر وعن القصيدة . وقد يبدو هذا الأمر غريبا , بل سيكون أشد غرابة أن تتكلم القصيدة عن القصيدة , وسيكون الشاعر الذي ينظم تلك القصيدة شاعرا غريبا , ومثل هذه القصيدة , ومثل هذا الشاعر يوجدان , وسيكون هذا الشاعر هو هولدرلين , فكيف تتكلم قصيدته عن الشعر؟ وكيف تتحدد ماهية الشعر في قصائد هولدرلين؟
تمثل قصيدة هولدرلين رغبة في الحديث بطريقة شعرية عن ماهية الشعر . وهنا يرغب الفكر الشعري في أن يعالج ماهية الشعر . وتمثل شخصيته شخصية تكون في وضع العارف اليقظ أمام ما يميز قصيدته . يقول هولدرلين :

cito-anfasseنقصد بالفلسفة عموما ذلك الجهد المجدي الذي يبذله الإنسان بمطلق الحرية على مستوى الفكر من أجل فهم الذات والعالم ونبض التاريخ. وبهذا الاعتبار تشكل الفلسفة معرفة لأنها تنتج المعنى؛ وإستراتيجية للتفكير في وقت واحد. وهنا تحديدا مكمن  قوتها وفرادتها فضلا عن عظمتها عبر التاريخ؛ بحسبان استطاعتها بناء الإشكاليات الحيوية، والوجيهة، ولإقدارها على النظر في المفاهيم إلى جانب إخصاب الاستفهامات اللاهبة التي يحركها قلق اللحظة الحضارية الباعث على التساؤل والسؤال، والإنكار والانفصال وهذه، بلا غرو، عمليات ذهنية تعكس، في جزء هام منها، إحدى نزوعات الحكمة بما هي نشاط فكري فعال، يطمح إلى خلق المفارقات، والانقلاب على التقليد بكل أشكاله وتمظهراته؛ وتأزيم المؤسسة بتعرية ما استقر من معتقدات وضروب السلطة الثاوية خلفها؛ وصنوف الأصنام التي تروج لها.
بهذا المعنى تكون الفلسفة بحق روح عصرها؛ وبذات المعنى، وبسواه أيضا، تضحى الفلسفة إنصاتا واعيا لنداءات عصرها، ومواكبة متمعنة لما تزخر به تلك النداءات من دلالات عميقة ومختلفة نصنعها نحن في تفاعلنا معه مادمنا نقطن في عملية الفهم.

magi-pas

تحية طيبة لكم  نريد ان نعرف من هو الاستاذ زهير الخويلدي؟
يصعب على الانسان أن يتحدث عن نفسه وأن يقدمها للآخرين خصوصا عندما يعيش طوال حياته تجارب اثبات الذات والصراع من أجل انتزاع الاعتراف وحينما يكون مغرما دائما بالتوجه نحو الفكر والارتحال نحو الظفر بمعنى الوجود.
المشكل هو أن التواضع في التعريف بالذات والتقليل من الحديث عن النفس يؤدي عادة الى ممارسة نوع من جلد الذات أو الانخراط في لعبة التخفي والغموض التي تنفرد بها الطبيعة على حد عبارة هراقليطس ، وان استفاضة المرء في التطرق الى انجازاته وتعديد الأعمال التي قام بها والاشادة بالمحطات العلمية التي اجتازها والتجارب النضالية والمعارك الوجودية التي خاضها هو وقوع في نوع من الافتخار الذاتي وانتاج خطاب مدحي أشبه بالنظرة النرجسية والاعتقاد في الأناوحدية. فكيف يحكي المرء عن نفسه قصصا فلسفيا يند عن كل غلو أو تقصير وينأى به عن الشطط والتبديد؟ وهل تقتضي آداب المقابلة التفنن في الاطلالة أم اجادة الاعتاقة؟

Hegel-anfasse" سيادة الدولة توجد كلحظة مثالية في الحكومة الدستورية الشرعية"[1]
ظهر سوء فهم وشائع جدا بخصوص سيادة الدولة وهي أنها ليست سوى القوة والتعسف ومرادفة للاستبداد وبالتالي الحالة التي يختفي فيها القانون وتغيب المؤسسات. من هذا المنطلق ان سيادة الدولة حسب هيجل لا تتأسس بقوة ارادة الأفراد الجزئية وتفسيرهم الشخصي وانما جذورها ممتدة الى حد وحدة الدولة بوصفها ذاتهم الفردية والفضاء الذي يمنحهم الوظائف الجزئية والسلطات.
في عصور الاقطاع لم تكن الدولة صاحبة سيادة على أراضيها بل انحصرت السيادة في شخصية الملك نفسه وكانت وظائف الدولة عبارة عن ملكية خاصة للأفراد يديرونها وفقا لنزواتهم الخاصة وآرائهم الشخصية. ولكن مع عصور الحداثة حدث انقلاب وصارت الدولة تتمتع بالسيادة وأصبحت سيادة الدولة تبرز في كل المجالات الجزئية وتسير الشأن العام. هكذا تمتلك سيادة الدولة جانبين الأول هو الجانب الداخلي ويتمثل في الهيمنة على المجتمع، والثاني هو الجانب الخارجي ويتمثل في سيادة الدولة في مواجهة الدول الأجنبية.

philo-anfasse* س:بداية نريد أن نعرف من هو محمد الأشهب؟
ج:أنا من مواليد سنة 1972 بتاونات تابعت دراستي  الابتدائية بقرية عين اجنان ، أما المرحلة الإعدادية كانت ببني وليد ، بعد ذلك التحقت بثانوية الوحدة بتاونات المركز حيث حصلت على شهادة  الباكالوريا ثم  بعد ذلك التحقت بجامعة سيدي محمد بن عبد الله التي  تابعت بها دراستي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ، تخصص شعبة الفلسفة ، علم الاجتماع ،علم النفس، حتى حصلت على شهادة الدكتوراه الوطنية في الفلسفة في موضوع " مذهب التواصل في الفلسفة النقدية ليورغن هابر ماس" 2008. قبل التحاقي بالجامعة السنة الماضية سبق لي أن كنت مدرسا لمادة  الفلسفة بالتعليم الثانوي لمدة ثلاثة عشر سنة. وقد كانت تجربة غنية بالنسبة لي على المستوى البيداغوجي بالرغم من الصعوبات المتعلقة بالتوفيق بين البحث و التدريس بالثانوي. أما حاليا فأنا أشتغل  بجامع بن زهر بأغادير كأستاذ مساعد لمادة الفلسفة  في شعبتي الآداب العربي و علم الاجتماع. و في نفس الوقت لازلت  أتابع دراستي في الفصل الثالث شعبة الأدب الألماني بكلية الآداب بفاس .من أهم اهتماماتي الفلسفية : الفلسفة العملية الأخلاقية و الفلسفة السياسية و خاصة الفلسفة الألمانية المعاصرة. وقد جاء اهتمامي بهذا المجال نظرا لغياب متخصصين بالفلسفة الألمانية خاصة المعاصرة منها، و طموحي هو أن أكون أحد المتخصصين في هذا المجال وذلك من خلال الاشتغال بشكل مباشر على النص الألماني. فأنا لست مقتنعا بأن أكون متخصصا في هيدجر أو هابرماس دون العودة إلى النص الأصلي و هذا عيب لدى العديد من الباحثين في المغرب و العالم العربي،فمن المستحيل  أن تجد مثلا متخصصا ألمانيا في الفلسفة الفرنسية وهو لايتقن اللغة الفرنسية و العكس صحيح. بينما هذه القاعدة عندنا شبه ثابتة في المغرب . فالمتخصص في هيدجر لا يعرف الألمانية و الباحث في الفلسفة الأمريكية ناذرا ما يتقن اللغة الانجليزية.

revolution-anfasse"ان فضيلة التعقيد هي ادانة ميتافيزيقا النظام"[1]
تمر المنطقة العربية زمن الثورة الشعبية العارمة بأحداث هامة ولامتوقعة وفترات حرجة واهتزازات عنيفة ومتعاقبة غيرت نظرت الناس الى الحياة وموقعهم في العالم وبدلت نظرة العالم اليهم وتمثلت في اللجوء الى القمع واستخدام القوة الشديدة من طرف الدولة ولجوء الأفراد والجماعات المنتفضة الى أسلوب الحرق والسلب والتخريب، واذا كان مبرر الطرف الأول هو الدفاع عن مؤسسات السلطة والمحافظة على الأمن العام فإن مبرر الطرف الثاني هو الاعتراض على الظلم ومقاومة الفساد والتصدي للهيمنة والتعديات واستعادة الحقوق.
غير أن حجر الزاوية في الأمر وأصل المشكلة لا يتعلق بطبيعة العلاقة المتوترة أصلا بين الدولة والمجتمع المدني وانعدام الثقة بينهما وتربص كل منهما بالآخر فحسب بقدر ما يتمثل في سوء فهم للحرية وهروب من تحمل المسؤولية والافراط في الاستخفاف بالهوية وارادة احتكار الشرعية والسلطة وسوء التقدير للعلاقة الشرعية بين العام والخاص.
من هذا المنظور يمكن التعبير عن هذه المشكلة بالاحتراز الاشكالي من ثنائية النظام والفوضى في الآن نفسه من طرف قوى الشعب الثائرة ومن الممسكين الجدد بمقاليد الحكم، فالنظام الصارم قد يؤدي من جديد الى الاستبداد وتشكل المجتمع ذي البعد الواحد، أما الفوضى العارمة فهي تؤدي لا محالة الى  خراب العمران وارتكاب الرذائل وتفكك الدولة.

أنفاس نت - نتشهبعد مونتيني الذي كان قد أعلن، مستعيدا بذلك مفكري اليونان، أن "التفلسف هو تعلم الموت "، و بعد أفلاطون الذي كان يعد، على لسان سقراط، مختلف أشكال الحب، يجعلنا نيتشه نكتشف ماهية الحياة الحقيقية. " سأعلن لكم ثلاثة تحولات للفكر، كيف يصبح الفكر جملا، و كيف يصير الجمل أسدا، و كيف يغدو الأسد طفلا في النهاية " ( هكذا تكلم زرادشت).
الفكر الشجاع الممتلئ قوة يستلزم أعباء ثقيلة، " إنه يجثو مثل الجمل ". و لكن ما هوالعبء الأكثر ثقلا ؟ " أليس هو هذا؟ أن تذل نفسك من أجل الإساءة لكبريائك؟ أن تعمل على تلميع جنونك من أجل تحويل حكمتك إلى سخرية؟ ". ذلك هو الفكر- الجمل الذي " ما أن يشحن حتى يسرع نحو البيداء ". إنه يضحي بنفسه و يخضع – لإله، لأخلاق، لحزب، و لدكتاتور.
في عمق الصحراء، " يريد الفكر أن يغزو الحرية، و أن يصبح سيد صحرائه الخاصة "، و عندها يغدو أسدا. " يبحث هنا عن سيده الأخير "، و " يريد أن يغدو عدو هذا السيد ". هذا السيد الأخير هو هذا التنين الذي تلخصه عبارة: " يجب عليك " ، و الفكر- الأسد يعترض عليه بالقول " أريد "، و الحال أن "كل قيمة سبق أن خلقت من قبل، و جميع القيم توجد بداخلي "، يقول ال" يجب عليك " . لا يتبقى للأسد غير العدمية.