jabri-abede22كان من البيِّن أن يثير مشروع «نقد العقل العربي»، لمحمد عابد الجابري (1936- 2010)، إشكاليات كثيرة وبدءا من إشكالية «عصر التدوين»، الذي عدَّه صاحب المشروع «إطارا مرجعيا» للثقافة العربية، وانتهاء بدعوته إلى «تأسيس عصر تدوين جديد»، ومرورا بإشكاليات، فرعية، أخرى في مقدمها إشكالية «القطيعة الإبستيمولوجية» وإشكالية «العقل المكوِّن» و«العقل المكوَّن» وإشكالية «التوزيع المعرفي للنظم المعرفية»... إلخ.
وقد تمكن الجابري من أن يثير هذه الإشكاليات بسبب من تصوره المنهجي المحكم الذي أفاد فيه من المنجز الفرنسي الحديث سيرا على نهج أغلب أبناء جيله من مفكري الفضاء المغاربي. وهي الإفادة التي جعلته يقدم على تقديم «قراءة جديدة» و«مغايرة»... لكن دون أن يفيد هذا أن «الجديد» ينطوي، أبدا، على «الجدة» أو «المغايرة», وما أكثر المشاريع التي تنطفئ قبل أن ينطفئ أصحابها.

Abstraction-1024x630تقـــــــــــــــديم عـــــــــام :
            لعل المتأمل في تاريخ الفلسفة، يدرك على أنه يتأرجح بين ثلاثة مباحث كبرى، مبحث انطولوجي يهتم بالوجود من حيث هو موجود، ومبحث ابستمولوجي يعنى بالقضايا التي تنتمي إلى المجال المعرفي وأخيرا مبحث اكسيولوجي يجعل من القيم موضوعا للدراسة. ويعد موضوع السعادة، إحدى المواضيع الفلسفية التي تضاربت حولها آراء الفلاسفة، واختلف في التنظير لها على مر عصور الفلسفة ، وبالأخص المرحلتين اليونانية والإسلامية، مما يضفي على المفهوم صبغة فلسفية، وقيمة معرفية.ويرجع تعدد دلالة ومعاني السعادة، إلى اختلاف المرجعيات الفكرية والمشارب الثقافية فضلا عن المكانة الاجتماعية التي يعتليها كل شخص. فهناك من يرى أن السعادة تكمن في حسن العيش والحياة الكريمة بامتلاك المال والثروات وتلبية الرغبات، وهناك من ينظر إليها باعتبارها سلوكا فاضلا، والمريض يراها في اكتساب الصحة، والغريب في العودة لوطنه، والوحيد في الصداقة، مما يجسد البعد الذاتي في تحديد السعادة، والتركيز على جانبها المادي الملموس. بيد أن واقع الحال يؤكد أن السعادة تشمل الجانب المادي كما الروحي، وإلا ما الغاية من الحديث عن تهذيب الأخلاق، والخلود إلى النفس والبحث عن الاطمئنان الروحي. وغني عن البيان، أن نعرج على الرابط العلائقي بين السعادة والأخلاق، بحيث نجد الغاية القصوى التي من أجلها كانت الأخلاق هي تحقيق وتحصيل السعادة، علاوة عن تحقيق الرفاهية الإنسانية والتي تتجلى أساسا في كمال إنسانيته. فإذا كانت الأخلاق ترتبط بالفرد وكيفية تحقيق سعادته، فإن السياسة تعقد أواصرها مع المدينة، وبحثها الدءوب في الرفع من شأن الجماعة الاجتماعية، انطلاقا من تحقيق سعادتهم العقلية والخلقية.

3441 485605"ان ثقافة العالم القديم مازالت حية وتتحكم في مصيرنا ولكن ويا للأسف دون أن ندري ومن وراء صرامة وعينا الذي يدعي الموضوعية"1
أطل علينا الكتاب في جانفي 2013 بعنوان: "تشريح العقل الغربي، مقابسات فلسفية في النظر والعمل". وهو مؤلف جديد من الحجم الكبير نسبيا (440 ص) كان ثمرة تعاون بين الرابطة الأكاديمية العربية للفلسفة وملتقى ابن خلدون للعلوم والفلسفة والأدب و صادر عن تشارك بين دار الروافد الثقافية ناشرون ببيروت وابن النديم للنشر والتوزيع بالجزائر. وقد ضم هذا الكتاب الفلسفي المحض ثلاثة محاور رئيسية توزعت فيها المقاربة التشريحية بين ثلاث حقول معرفية وتطبيقية وذوقية هي النظرthéorie والعملpratique  والإبداعcréation . لعل عمل مثل هذا يندرج ضمن الاستشراق المضاد او ما سماه إدوارد سعيد  وحسن حنفي بعلم الاستغراب ويتمثل أن يتحول العقل العربي الاسلامي من موضوع البحث الى ذات باحثة ويتحول العقل الغربي من ذات باحثة الى موضوع للبحث وما يترتب عن ذلك من تبادل للمواقع واستئناف حضاري ثان.

toile-abstraite-urban-mallلا يحمل "الصراع" من أجل البقاء، كينونة البقاء بمقوماته الأساسية بالضرورة، كـ التغذية، والتناسل. ويظهر هذا بجلاء في عالم الإنسان، الحيوان العاقل. وهو من المفترسِات غير المتخصصة كما يصنفه علماء البيئة، أي التي تقتات على أي شيء حي تقريبا مثل فصيلة النمور والكلبيات. كما تقتات على نفسها بأكل لحوم جنسها (Cannibalism) في سنينها العجاف أو لضرورات أحوالها النفسية. أو بأساليب أكثر تعقيداً ومأساوية من الأكل بالمعنى الحرفي. فيما تلجأ الحيوانات المتخصصة الى الاكتفاء بالتغذية على نوع واحد من الأحياء، فهي بهذا أقل ذكاءً أو انتهازاً للفرص من سابقتها.

philo-abstractإن غاية الإنسان و هدفه منذ القدم و إلى غاية اليوم تكمن في البحث عن التوازن،الذي يضمن له الوجود المتوازن في الحياة على المستويين:
- النفسي.
-والاجتماعي.
و لعله هدف نبيل،و مقصدية مشروعة،ناضل من اجلها الإنسان،مسخرا بذلك طاقاته و قدراته الفكرية لتحقيق ذلك.و منذ ذلك الحين، و الفكر البشري في صراع مرير، للسيطرة على ظاهرتين وجوديتين اثنتين،هما:
1-الحيرة النفسية.
2-القلق الاجتماعي.
و الجدير بالذكر في هذا السياق ان الإنسان حينما كان يعيش بفطرته خارج النسق المنظم ،المحكوم بالقوانين المنظمة للحياة، لم يفلح ،و لم يستطع الاهتداء إلى السبيل القويم، القادر على تخليصه من الحيرة النفسية و انتشاله من القلق الاجتماعي،اللذين افترساه و أنهكاه، فخر صريعا ،مستسلما ،فطريا، لزمن الفطرة.لكن حينما تطور الإنسان فكريا و اجتماعيا،بفضل ما بناه من اطر فكرية و اجتماعية أخرجته من حياة تحكمها الفطرة ،و العفوية ،و الصدفة ،إلى الحياة المدنية ،المحكومة بالقوانين،باعتبارها الأسس و الأطر التي قامت عليها أركان الحياة المدنية.و يعد الخطاب ،الإطار الفكري،أو الوعاء النظري الذي يعبر عن رؤية فكرية واضحة حول:

NASSERيحتل كارل بوبر (1902-1994) مكانة بارزة في الفكر الفلسفي المعاصر. إنصبت إهتمامات هذا الفيلسوف الفكرية، كما إستفهاماته التساؤلية على العديد من القضايا الحيوية التي انطرحت بحدة في القرن العشرين أهلته ليكون بحق منصتا يقظا لنداءات عصره؛ ومن ثمة محاورا عميقا له، على غرار هايدغر، وهابرماس، وسارتر، وميرلو-بونتي ...
نعم، إنتهى القرن العشرين وما إنتهى زمنه الذي يصر على اجتياحنا. فبانصرامه بزغت حضارة إنسانية بلا هوية إنوسمت بإرباك النماذج والمثل، وخلخلة النظريات الكبرى، واختراق الثقافات، إذ أضحت الهويات اليوم مجاوزة للحدود، ميالة إلى المشاركة، والتقاطع والتواريخ المشتركة على حد تعبير إدوارد سعيد(2).

220px-Hegelلو كان لنا أن نلخص الفلسفة الهيجيلية كلها في عدة عبارات، لكان في وسعنا أن نقول إن الحقيقة عند هيجل هي الكل، والفلسفة في رأيه لا أن تتمثل على شكل نسق علمي، والحقيقة الكلية أن الوجود الواقعي "صيرورة"، وليست الصيرورة هنا سوى عملية التناقض مع ما يقترن بها من سلب، والروح نفسها "تاريخ" والمطلق "ذات" لا مجرد "موضوع".

إن هيجل ينظر إلى الفلسفة كأنها الدين، جاءت من تمزق العالم، وفحواها كفحوى الدين هدفها التغلب على هذا التمزق، فهو بكل طيب خاطر يقارن عصره بالعصر الذي ولدت فيه المسيحية، ويتخذ مهمته كالمهمة التي اتخذها الدين المسيحي . إن ما يميز عصرا كهذا هو "وجود قطيعة في العالم الواقعي"، وكنتيجة ملازمة،انشطار الإنسان وتفككه، أي وجود قطيعة في وجوده الداخلي ووجوده الخارجي، حيث الروح لم يعد راضيا مرتاحا للحاضر المباشر .

abstrait-vecte1-    ما يحتل الصدارة في زمن العولمة ليس فقط انفجار التسارع وانحراف التقدم بل وكذلك عطوبية الفعل وبلوغ حياة البشرية فترة حرجة قد تهدد مستقبلها على الكوكب.
2-    اذا كانت عقلية المؤامرة مسرحا للجنون فإنها لا تمثل نظرية لتفسير الأحداث التاريخية والعلاقات بين الدول والشعوب.
3-     اذا تدرب الانسان على التفلسف وطلب الحكمة تساعده الفلسفة بأن تعطيه بعدها الفلسفي التام.
4-    إلغاء حدث الثورة من العقل سيمنع قيام الانعطافة الضرورية من أجل القطيعة العلمية وسيؤدي الى قروسطية معرفية وتصحر ثقافي.
5-    يتطلب التأمل النقدي للذات التعويل على الطبيعة القصدية للعقل والقواعد التجريبية للفعل والتكوين التجريدي للخيال.
6-    يبقى العقل البشري عقلا فلسفيا بقدر ما يشير منهجه الى الطبقة العليا من الأفكار ويمنح العالم المعيش الهيكلية اللازمة لكي يعبر عن تصوراته ومعانيه.
7-    ثمة كيانات مجهولة تتحكم في الواقع وتحتفظ لنفسها بدور البطولة ولكن تجهل أن أعظم شخصية بطولية تصنع التاريخ هو الشعب.
8-    زمن الاستبداد هو مرغوب عنه وانقضاءه غير مأسوف عنه وزمن الثورة هو مرغوب فيه من أجل شيء ما لا ندري ماهو.

في هذا الموضوع سأحول مناقشة اشكالية أساسية في الفكر الفلسفي المعاصر، أقصد فلسفة التحليل عند لودفيغ فيتجنشتاين .لماذا فيتجنشتاين أولا ؟ ان الحديث عن فلسفة التحليل عند واحد من أعلام الفكر الفلسفي المعاصر مرده الى أهمية هذا الفيلسوف في عصره ، وحتى في تاريخ الفكر الفلسفي ؛ فقد كان فيتجنشتاين من كبار فلاسفة القرن العشرين ان لم نقل أعضمهم على الاطلاق ، ولأن فلسفته وأهميتها ترجع الى التغيير الدي أجراه على مفهوم الفلسفة ووظيفتها وكدلك الطريقة التي اصطنعها في التفلسف؛وهي تحليل اللغة .فالتغير الجديد الدي وقع في الفلسفة على يد فيتجنشتاين ، مرده الى المنهج الدي اتبعه في بحثه الفلسفي وليس في النتائج التي توصل اليها بصدد هدا البحث.

ac-abstr1-   التسامح هو منع النفس عن التدخل في شؤون الغير وآرائه حتى لو قام بأفعال منفرة وتعد آرائه مرفوضة أخلاقيا.
2-   فضيلة التسامح تكمن في قبول الآخر كماهو واعتبار وجوده مع الأنا أمرا جيدا أخلاقيا بالنسبة الى الانسانية والتعددية.
3-    التسامح مع الشر المتأتي من الانسان غير المتسامح وتحمل الأذى الصادر عنه هو شر يكاد يساوي في خطورته ارتكاب الذات له.
4-   لا تكفي قوة الدولة القانونية لمواجهة عنف الآخر بل ينبغي التعويل على القدرات الفردية للأشخاص على الجنوح الى السلم والتسامح.
5-   الحرية هي العض على حديد العبودية.
6-   المفارقة أنه من هذا الحصار المضروب على حرية الانسان وهذا البؤس المطلق يخرج الكمال التام للحياة والفرح.
7-   امكانية الكائن الانساني في نشر ماهو انساني مميز فيه بشكل كامل تصطدم بعجزه عن الالتزام بإمكانية انسانية واحدة فتفضيل البقاء على قيد الحياة يدفعه دوما الى ماهو غير انساني أو الى ماهو مضاد للإنسانية.

0365301001188409870سنحاول من خلال هذه المداخلة* التعرف على ماهية التاريخ، والوقوف عند بعض الدلالات الفلسفية للمفهوم، وبعض تشابكاته النظرية، باعتباره مفهوما فكريا له مركزيته وراهنتيه في الفلسفة المعاصرة، وقوة الرؤى الفلسفية التي يقترحها لقراءة ومعالجة الواقع الاجتماعي والسياسي المعاصر. فما هو التاريخ؟ وكيف يتشابك الاجتماعي، والسياسي ليرسم ملامح التاريخي؟ وكيف تنظر الفلسفة للحركية التاريخية؟ وأي دور للإنسان داخل هذه الحركية؟
1- ما هو التاريخ؟
يفهم عادة من التاريخ بأنه مجرد كتابات دونت عن أحداث إنسانية مضت في مكان وزمان معينين. لكنه يرفض أن يسجن في مجرد ذلك، بل هو إضافة إلى ذلك فهو- في نظري- سجل الوجود الإنساني، فهو يعبر أيضا عن مجموع الصور التي تترجم دينامية الإنسان في الوجود، أي في تفاعله مع الطبيعة ومع المجتمع، فتدخل الإنسان في الطبيعة أدى إلى تراكم في الانجازات المادية والتقنية، والتفاعل الإنساني في مختلف مستوياته السياسية والاقتصادية، يولد أحداث ووقائع اجتماعية، ويؤدي أيضا إلى بناء الأعمدة الثقافية لكل جماعة إنسانية، كل هذا مع اعتبار عامل الزمن يسمى بالتاريخ.