112"ليس ثمة من صورة بريئة، لكن بالطبع لا وجود لصورة آثمة، لأن من يفرض على نفسه شيئا من خلالها هم نحن"[1]
استهلال:
لم تنل الصورة منذ القديم الحظوة التي تليق بها سواء من طرف الدين أو من طرف الفلسفة وذلك لواقع الإقصاء والتهميش الذي تعرضت له واعتبارها محل الخساسة وجسد الدناسة ومادة شيطانية ما انفكت تتسبب في غواية الإنسان وتضليله، زد على ذلك ترتبط بالمادة وتنبع من الحواس والتخيل والتذكر واقترانها بمحاكاة الطبيعة وجعلها اللامرئي الغائب شاهدا مرئيا ووجودها بالقرب من دوائر الانطباع والاندثار والوهم والزيف والتحريف والخداع.
غير أن مظاهر التجديد الذي شهدته الأديان واستئناف باب الاجتهاد وبروز فقه الواقع أفرزت الانتقال من منطق المنع والتقييد إلى منطق الإباحة والتحرير ورفع عنها الضيم وتم استغلال هذا الفضاء المرئي والوسيط الرمزي من أجل توسيع الدعوة الدينية ونشر العقائد في العالم والعناية بالمقدسات والبرهنة على وجود الله وتخليص الرؤى اللاهوتية من الشوائب والأساطير وتقريبها من الأفهام وتبسيط أصولها وعرض أركانها للمتعلمين.

277hا- تجربة الوحدة
من منا لا تأتيه لحظات ينقطع فيها عن الناس وعن العالم ويلوذ إلى أعماق حميميته باحثا عن مأوى امن وعن هواء نقي يبعث روح الوجود بحيث يعيد ترتيب حساباته ويراجع مدونته ومفكرته ويستنفر هممه لمواصلة المسير. فالبعض قد تستهويه تلك الحياة الهادئة وتصبح قدرا واختيارا، حصل ذلك مع العديد ممن سجلهم التاريخ وفي مجالات متعددة، أدبية وفلسفية وفنية، منهم من اعتبرها مكتوبا شان أبي العلاء المعري، ومنهم من وجد فيها لحظة للتطهير والتأمل وتحقيق الصفاء الذهني كما هو حال بعض الفلاسفة أمثال جون جاك روسو أو هايدغر في أواخر حياته. لذلك امتدح البعض تجربة الوحدة واعتبرها اختيارا إراديا وفلسفة  في الحياة وتجربة خاصة لا تتأتى إلا لمن امتلك شروطا خاصة لأنها ليست في متناول عامة الناس فهي تحتاج إلى تربية خاصة وترويض للجسد حتى يمكنه التحرر من مختلف المتعلقات التي تفرضها الحياة اليومية وإكراهاتها، وانعتاق من سلطة العادة ومن الارتهان لتحديات اللحظي والعابر.

50_70ث- أطباء الحضارة والاستغراق في تأصيل الحلم الحضاري
قد لا ندرك سر هذا الجنون المحموم نحو تأصيل الأصالة خلفياته وشروط إمكانه وتجلياته وانعكاساته ولعل البشرية كانت ولا تزال تدفع تبعاته خاصة الأبرياء منهم الذين كانوا يقدموا قربانا من اجل الدفاع عن تلك الخصوصية وتحصينها.إلى درجة أضحى الخطاب جله إن لم نقل كله إما ينتصر لصراع الحضارات وتصادمها أو مع تعايش الحضارات وتسامحها، والأولى المطلوب من أهل العرفان والتفلسف هو ضرورة الحفر في مقتضيات ذلك الخطاب وفي دوافعه ودلالاته ومالاته بدل تكريسه والتأسيس له والتقعيد مفاهيميا لرؤاه وأوهامه وإضفاء الشرعية عليه. فعن أية خصوصية نتحدث؟ خصوصية من؟ ومن يستفيد منها؟ ولماذا؟
تستبطن كل حضارة ناشئة رغبة دفينة في التماهي مع الحضارة المهيمنة ، وحينما تتحصل السيادة والتمكين فإنها بدورها تسعى إلى التهام الحضارات السابقة من خلال فرض نموذجها  ودفع الحضارات الأخرى إلى تقمصه والتماهى معه،كما تختزن قرونا من القهر والاستعباد من الحضارات الغازية والمستوحشة، والتي تحتاج إلى إشباع نزواتها والى الثأر من قرون استعبادها السابقة، لذلك يكون رد فعلها أشد وحشية وأشد عنفا من سابقتها، حتى أنه لا يمكن فهم تطور الأدوات والمعارف والتقنيات إلا استجابة لهذا الدافع والداعي ، دافع الاستقواء والاستغوال وداعي الانتقام وسحق الآخر ويمكننا أن نوسع ذلك المنطق ليشمل حركة العصبيات والقبليات وبحثها المجنون عن أساليب تقوية شوكة تلك العصبيات من خلال استثمار كل ما أمكن من رأسماليات بشرية ومادية ورمزية.

ciel-reveالحلم والملحمة الشخصية
تمثل رواية الخيميائي لباولو كويلو1 عملا فنيا رائعا تنقل القارئ  إلى عوالم يتداخل فيها الأسطوري باليومي والفلسفي بالديني والحيقيقى بالوهمي والواقعي بالمتخيل إلى درجة أن القارئ العادي تحتويه تلك العوالم وتختلط عليه الحدود الجغرافية والفواصل الحضارية وتلتبس معها الحدود الزمنية. ويرجع ذلك أساسا إلى عنصر يشكل أساس ونواة العمل عند صاحبها يتمثل في اللغة الكونية التي تخترق الكون والشخصيات ولسان حال الوجود والتي تجعل الكل واحدا ومن خلالها وعبرها يمكن للذوات أن تحقق ملحمتها الشخصية شريطة أن تعرف الذات ما تريد وان تعرف من تكون "فحيثما يوجد قلبك ثمة كنزك وحيثما كنزك تم قلبك". يمتطي سنتياغو بطل الرواية لغة الحلم حيث يحمله بعيدا ويدفع به إلى حدود المستحيل متجاوزا الحدود الجغرافية ومتوغلا في الأسطوري وسائح في أرجاء الكون اذ يتحول العالم إلى كتاب مفتوح فما عليه إلا أن يصغي وينصت للإشارات والعلامات وان يتحرر من الخوف وما من شانه أن يحول دون تحقيق حلمه وملحمته الشخصية "مادام حلم تحقيق الملحمة الشخصية يمثل الغاية القصوى لكل الذوات الإنسانية". فكل واحد منا منشغل بذلك سواء استحضره أو نسيه أو تناساه بفعل انشغالات الحياة اليومية والاكراهات الاجتماعية.

abstrait-gris-clairإن الخطابات الأدبية والفكرية والسياسية الغربية مثلت الذات والآخر تمثيلا متحيزا ،حيث موضعت الذات في إطار من التعالي والفوقية في حين موضعت الآخر في إطار من الانتقاص والدونية،واستخدمت في ذلك آليات خطابية عديدة ممتثلة للمرجعيات السياسية والاجتماعية والثقافية....فالآخر في المتخيل الغربي ساكن جاهل وحشي.....،في حين أن الذات هي رمز الفضيلة والقوة والعقلانية والحركة،وهي بالتالي مركز الكون والحضارة،إذ لا تمثيل برئ ومن هنا يتحول الشرقي إلى صنعة لغوية على حد تعبير ادوارد سعيد ،أي كما يريده الغرب لا كما هو موجود حقيقي،....وحتى يتم ذلك تستخدم عدة آليات خطابية منها :الطمس والإقصاء ـ إعادة التمثيل والتكييف.
مقدمة:إن كل خطاب ينشأ متحيزا للنسق الحضاري الذي يظهر فيه ،حيث يشارإليه بالاتهام على اعتبار أنه يحمل في طياته رؤية  أيديولوجية محددة مما يصعب معها الحديث عن خطاب برئ ونقي.إذن يظهر العالم متكونا من طرفين: مركز في مقابل هامش ....وهذا الانوجاد خضعت لتراتبيته الانسانية وفكرها المنتج....حيث تتحدد المراكز بالنظر إلى جملة من المصالح وتحتكم إلى مجموعة من الرؤى الأيديولوجية، مما يجعلها نظرة تخضع للانحياز ويتم وفقها إعادة رسم الأدوار، وترتيبها بما يضمن للذات كل مظاهر الفوقية والسيطرة....عن طريق تهميش الآخر واستبعاده.... من خلال هذا البحث نحاول تقصي ظاهرة التحيز الأيديولوجي وأبعاده الاستعمارية في كتابات الغرب الفكرية والأدبية ونحاول معها الإجابة عن الاشكال الأساسي:ماهو سبب هذا التفاضل القيمي ؟ ماهو البديل الذي يجب طرحه والذي من شأنه أن يسهم في القضاء على سياسة الإقصاء والإلغاء؟

KHETTABI1) من هو الدكتور عزالدين الخطابي ؟
- عزالدين الخطابي أستاذ باحث ، خريج المدرسة العليا للأساتذة بالرباط ( شعبة الفلسفة ) ، حاصل على الدكتوراه في الإثنولوجيا من جامعة نيس بفرنسا ، أستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس ( شعبة الفلسفة ).
- عضو اتحاد كتاب المغرب
- عضو بالمنظمة المغربية لحقوق الإنسان
- عضو بهيئة تحرير مجلة دفاتر التربية والتكوين
- عضو بهيئة تحرير مجلة عالم التربية
- رئيس سابق للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة ( فرع فاس )
من بين أعماله :

116493"  العقل: ما يعقل به حقائق الأشياء، قيل : محله الرأس، وقيل: محله القلب."[1]
استهلال:
يتعرض العقل في كل الأزمان إلى الذم عند الإنسان العامي الذي يستقي معارفه عن طريق التقليد ومن الموروث ويتبع الظاهر من الدين ويسلم بالمعنى الحرفي للنصوص والآيات والأحاديث دون تبصر أو تمحيص ودون تمييز بين الصحيح والضعيف وبين الجيد والرديء من التفاسير. ويلحق منهج التأويل نفس الهجوم الذي لحق العقل وذلك لوثاقة العلاقة بينهما وقوله بتعدد الحقائق ونسبية المعارف والتباس الدلالات وتشعب المسالك المؤدية إلى المعاني. ولعل أسباب ذم العقل وانكفاء التأويل عديدة وصادرة من مشارب مختلفة وفي معظمها تعود إلى المحافظة على السائد من الموروث والخضوع للسلطة الفقهية القائمة وتفضيل الاستقرار في الدراسات التفسيرية والبحث عن السلامة والنجاة في الدنيا.
علاوة على ذلك أدى الاعتصام بالعقائد البالية من طرف فقهاء السلطان إلى تحكيم بعض الآراء الفقهية القاصرة وكذلك العودة إلى تصورات خرافية والاستناد إلى رؤى ايديولوجية مغلقة واعتماد سياسة للحقيقة فيها الكثير من الغلو والانتفاعية مع استبعاد بعض المجتهدين فضائل النقد والتنوير والحداثة والعقلانية.

evettes-anfasseالمقدمة:
بدأت السيمولوجيا تفرض نفسها على الدراسات الأدبية والثقافية والإعلامية والفنية منذ السبعينيات من القرن الماضي. وشكلت تيارات مختلفة تنوعت حسب مواضيع الدراسة  مثل: السرد الأدبي والصحفي، الشريط المرسوم، الكاريكاتير، الإشهار، المسرح، السينما، الفنون التشكيلية،  الصورة، التلفزيون، المرئيات، المودة واللباس، الفن التشكيلي، الإعلام الجديد والتفاعلية، والثقافة
يرى بعض المختصين  أن البنيوية والسيميائيات تقعان في حالة تشابك نظري. فالحفاوة التي حظيت بها البنيوية في الأوساط الفكرية والأكاديمية، في الستينيات من القرن الماضي، تعود لكونها تستطيع أن تضفي طابعا علميا على العلوم الاجتماعية. لذا لا غرو أن تجد السيميولوجيا، كعلم ناشئ، شرعيتها في ظلال علم مرموق وقديم  مثل اللسانيات. لذا اتجهت إلى دراسة المواضيع الجديدة وفق نموذجه.
يرجع البعض هذا الاشتباك النظري إلى اشتراك السيميائية في استخدام جل المفاهيم التي تستخدمها البنيوية. وقد رأى بعض السيمائيين، مثل الباحث فيرو إليسيو Véron Elíseo ، منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، في هذا الاشتباك سببا لما أسماه بـ" الانحراف البنيوي" للسيمياء". لقد كان يعتقد أن الإفلات من هذا الانحراف  مرهون بالتخلص من بعض المفاهيم الأساسية في الفكر البنيوي مثل: العلامة، والمدونة.  ويبدو أن سيمولوجيا السينما بقيادة متس كرستيان   Metz  Christian   قد ابتعدت قليلا عن بعض مفاهيم البنيوية، بل رأت أنها غير ملائمة لموضوعها، حيث يصعب ترحيلها من السياق اللساني إلى السياق السينمائي. فالدال في السينما يكون في علاقة تشابه مع المدلول.

11111مرحبا بكم على هذا الموقع.
أهلا بكم أشكركم وأشجّع ما تقومون به

نريد في البداية أن نعرف من هو الدكتور اسماعيل مهنانة؟
الدكتور إسماعيل مهنانة أستاذ الفلسفة المعاصرة بجامعة قسنطينة/الجزائر، وباحث في ميدان الفلسفات الألمانية والفرنسية، والتحليل النفسي، نشرت له عدة دراسات في هذه الميادين، وأحد مؤسسي الرابطة العربية الأكاديمية للفلسفة ويشرف على/ويساهم في سلسلة الكتب الجماعية للرابطة، صدر له في 2011، كتاب 'الوجود والحداثة" الدار العربية للعلوم، بيروت.

DSC04017" يستطيع قضاة هذه الدولة أن يدينونا من أجل ما فعلنا، و لكن التاريخ الذي يجسد حقيقة أسمى سيمزق ذات يوم هذا الحكم، و يحلّنا جميعا من خطيئة لم نرتكبها."
نعم، هي الحقيقة التي تتكرر في كل مناسبة، في كل لحظة حاسمة، في كلّ عنوان مميّز، في كل عقيدة ذات مصداقية، و الأدهى في كلّ هذا أنها رغم تكررها المستمر فهي ما تزال مجهولة، غائبة عن الإدراك و التعريف، و هنا يمكن أن نطرح التالـي الذي يبدوا غريبا بعد كل ما تمّ من التنظير و البحث فيه، مـا هي الحقيقة؟
الحقيقة لم و لن تكون الحرباء التي تبدل لونها بحسب المنتمي إليه، إنها شفافة لدرجة أنها لا تخفي شيئا وراءها، و قاسية لدرجة أنها لا تترك منفذا لغيرها، و عذبة لتروي كل عطشى التفكير و البحث، لأنها الطرح و الحجة، و هي البلاغة و البرهان، إنها الصدق الكاذب، و العلم المجهول، بالإضافة إلى كلّ المنمقات الممزوجة بالصراحة و الصرامة و الاحترام المكنون لكل ما هو جدّيٌ و مرح، لدى فالحقيقة مطلوبة في كل الاتجاهات، و عند كلّ الشخصيات و الأشخاص كما المؤسسات و الأنظمة. إنها الحق و الصحيح الذي يكرهه الظالمون. فالرجل الميّت ما يزال يبحث عن حقيقة الحقائق، و التي تمثل بالنسبة إليه ذلك السنجاب الذهبي، و التائه معظم الوقت بين الأزمنة و الأماكن.

anfa" الأفكار الدينية هي بالضبط العناصر الأكثر عمقا في تشكيل الذهنية الوطنية وهي تحمل في ذاتها قانون تطورها وتمتلك قدرة ضاغطة خاصة بها"[1]
ان التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تشهده المنطقة العربية يجب أن يرافقه تطور في نظرة العقل الاسلامي الى نفسه وتجديد في الرؤية الى العالم والموقف من الصراع الاجتماعي ويجب أن يشمل هذا التطور جميع المناهج والأدوات والآليات المستعملة وليس فقط الآراء والنظريات والرؤى وأن يطال البنية العميقة وليس فقط التمظهرات الخارجية.
ان انضواء القوى الاسلامية في الحراك الثوري لا ينبغي أن يتم بطريقة اعتباطية وجانبية ويؤدي الى ركوب الثورة أو الالتفاف عليها أو جني ثمراتها وقنص السلطة واحتكارها. وكلنا يعلم ما جرى للاسلام من سوء تقدير وبلاء وكوارث على من أساء فهمه وأخطأ في تطبيق تعاليمه في التجربة التاريخية وجعله في معسكر معادي للطموحات التقدمية والثورية التي تتوق اليها الشعوب المنتفضة وموالي لبعض التوجهات العولمية الاختراقية والتوسعية.
ليس صحيحا أن الاسلام لا يقوم بدور سياسي الا بطريقة غير مباشرة ورمزية وأنه يتمحور ضمن الحياة الشخصية للأفراد ويقف وراء الهوية الثقافية للمجموعات ويكتفي بالتبشير بالماوراء. ان دوره الحقيقي هو علاوة على ذلك الآن وهنا وهو دور مباشر وفعال في الحياة الاجتماعية والحراك السياسي وعليه أن يدخل المعترك ويقلع عن السجال في القوالب الجاهزة والأمور الهامشية ومسائل اللباس والمظهر والعبادات وأن يهتم بالجوهر والمسائل التشريعية والمعاملات ويفتح الطريق أمام المجتمع للخروج من المستنقع ويستنشق هواء الحرية وينطلق أفراده نحو الخلق والابداع والاقبال على العلم والتنوير والثقافة الحية.