anfasse30091أوليات العمل
    كَيْفَ يتمُّ توظيف النكتة في الأدب الشفهي الأفريقي ؟ ماهي تقنيات سردها وعناصر تكوينها ؟ كيف ازدهرت موضوعاتها عبر تاريخ القارة السمراء ؟ هل يمكن التمييز بينها وبين بعض المصطلحات المشابهة كالنادرة ، والطرفة ، والملحة ، والدعابة أو المزحة  ؟  ما أهم نظريات التلقي المفسِّرة لأنماطها المعروفة عند الأكاديميين والباحثين ؟ ما أنواعها الرائجة في مجتمعات القارة ونماذجها المؤوَّلة حسب هذه النظريات  ؟ 
    النكتة في الأدب الشفهي الأفريقي
    إِنَّهَا تمثل نمطا من القصص ، أو المواقف والسياقات الشعبية المضحكة والقصيرة جدا ، أو الومضات السريعة بمختلف دوالِّها ومدلولاتها . قد يتمُّ تشكيلها أحيانا من خلال جملة واحدة أو قول سردي مقتضب ، لكنها مع ذلك تتأسس على تقنيات سردية خاصة ( بداية ، حبكة ، نهاية ) رغم شيوع بعض عمليات الاختزال والحذف لعدة تفاصيل اتفاقية  conventional تكون مألوفة بين طياتها.
   يَذْكُرُ الروائي والأكاديمي النيجيري المعروف ؛ إيزيدور أو كبييوهو  في كتابه ( الأدب الشفهي الأفريقي ) أن النكتة المحلية تكون مقتضبة جدا ، ولا تنجز بطريقة كافية أو يتم قياسها بإحكام وتأنٍّ ، لكنها ترسم بدقة الخصائص الجمالية والخيال المتنوع المشكل للعمل المسرود . يرى هذا الباحث أنها تحمل وظيفة عملية غير محدودة في الحياة اليومية الخاصة والعامة ، وهو ما يجعلها تضارع زيت سعف النخل المتوهج ، لأنها تنعش الحياة لتصبح مشعة وطريفة ، كما أنها تمنح حياة الإنسان الأفريقي طعما ومذاقا خاصا ، فهي مثل الملح  بالنسبة للطعام .
   تَرْتَكِزُ بعض النكت الأفريقية على سلسلة من الكلمات الناجزة ، إذ تشيع بين طيات مصادرها ومراجعها المتخصصة عدة نماذج ومتون يتم استهلالها بأفعال إنجازية  performative مصرَّفة في زمن المضارع ( يكتبُ ، يشاهدُ ، يصيحُ ، يقومُ ، يقاتلُ ، يراوغُ ، يتخلَّى ، يدبِّرُ، يواجهُ / يستسلمُ ...) لإثارة انتباه المتلقي ، وتسليته وإبهاجه ...
 

anfasse30082الشّخصية بمفهومها المعاصر كلمة حديثة الدّلالة تمازجت فيها مؤثرات من اللغات الغربيّة  مع جذور لكلمة عريقة في لغتنا الفصيحة، حيث تكاد تجمع معاجم اللّغة العربيّة قديمها وحديثها على معنى واحد تدور في فلكه كلّ دلالتها.
فقد جاء في اللسان: "الشّخص:  الإنسان وغيره، مذكّر. والجمع أشخاص وشخوص وشخاص... والشّخص سواد الإنسان وغيره تراه من بعيد  تقول: ثلاثة أشخص، وكلّ شيئ رأيتَ جسْمانَه فقد رأيتَ  شخصه... والشَخص كلّ جسم له ارتفاع وظهور، والمراد به إثبات الذّات فاستعير له لفظ الشّخص... قال أبو زيد: رجلٌ شخيص إذا كان سيّداٌ، وقيل: شخيص إذا كان ذا شخصٍ  وخَلْق عظيم بيّن الشّخاصة "  . ومايمكن أن نلمسه من دلالة الكلمة كما وردت في اللسان هو دورانها حول محور التجسيم والظّهور، غير أن هناك خيطًا رفيعًا يوحي بصلة الكلمة المعاصرة بمعناها القديم وهو انزياح الدّلالة إلى المعنى الاستعاري عند إرادة تصوير الذّات باستعارة لفظ الشّخص إلى الجسم الذي له ارتفاع وظهور وهذا ما وُظّف فيما بعد بالصّفات التي تميّز الشّخص عن غيره. فكأن هذه الصّفات برزت مرتفعة عن غيرها ظاهرة دون سواها فميّزت هذا الشّخص عن غيره ومن ثمّ اكتسبت حقّ النسبهَ إلى شخص (شخصيّة).

anfasse14086سُئل ذات مرة الشاعر محمود درويش، فأجاب بكل تلقائية، "نحن، حتى الآن، نحاول بكل الأشكال الشعرية الجديدة أن نقول سطراً واحداً للمتنبي. كيف؟ كل تجاربي الشعرية من أربع سنوات حتى اليوم (1982-1986)، كتبت حوالي المائة قصيدة، ثم انتبهت إلى أن المتنبي قال: (على قلق كأن الريح تحتي)"... !!؟  والشاعر، هو من يبني مجدا، ويترك خيرا، ويستظل تحت ظل كل الشعراء من جلجاميش حتى آخر يوم من سنوات عمره، فالموت حقيقة تُعلن نهاية سجال الحياة، والحب حُلم وغاية يلهث وراءه الإنسان، لأنّه بُرهان ودليل على البقاء والخلود، سواء علم بذلك أم لم يعلم، ومهما تطلب منه ذلك من تعب ومن صراع، يؤكد درويش ذلك بقوله "سنكتب من أجل ألّا نموت، سنكتب من أجل أحلامنا" ... !!

إذا أجاز القارئ معي، اعتبار الشعر، آلية معرفية وتنويرية، فكرية، إبداعية، خيالية (لا علاقة لها بالأوهام)، فنية، سامية في عُمقها، خالدة في قيمها، كونية إنسانية في أبعادها، فهي ليست وليدة عصر من العصور؛ كان من الأنوار و ما قبلها  أو من الحداثة وما بعد الحداثة،  بل هي قديمة قدم الإنسان، قِدَم  صراع  الأفكار، صراع النور والجهل، صراع التحكم والتحرر، صراع فرض الهيمنة ونضال المساواة، صراع الغنى والفقر، صراع القِنِّ والمُقَنِّن، صراع العبد والسيد، صراع الواقف والمنحني، صراع الآمر والمأمور، صراع القاهر والراكع،  صراع وصراع...  لكنه سجال وجودي وفكري طبعا، لحاملي الأفكار، التّواقين للإنعتاق والحرية حتما، الباحثين عن الحقيقة، وليس للواقفين والراكعين والجامدين مثل الأحجار الجُلمود في الوجود، أمام الممكن والموجود... !؟

anfasse14081هذه ملاحظات سريعة كتبتها تعقيبا على عشرات المقالات التي تناولت القصة القصيرة ، بعضها ذهب لشرح كيفية كتابة قصة قصيرة، مبناها ، أبطالها ، بدايتها، وسطها ونهايتها.. أي طرحوا شبلونات وبنود يمكن على أساسها لكل من يعرف كتابة إنشاء ان يكتب قصة قصيرة. وأنا اعتقد أنها كتابات فائضة عن الضرورة وسلبياتها أكبر من ايجابياتها.
هل حقا توجد تقنيات يمكن الالتزام بها لكتابة القصة القصيرة؟ أي شبلونة (مسطرة) يمكن ان نكتب قصصا حسب مقاساتها؟
أصحاب تلك المقالات تجاهلوا مسألة جوهرية تتعلق بمفهوم لغة القصة القصيرة. طبعا هي اللغة العربية في حالتنا، لكنها لغة نص مختلف عن أي نص كتابي آخر. ما اعنيه انها ليست نفس التركيبة اللغوية للمقال السياسي مثلا، أو للمقال النقدي، أو للمقال البحثي. الشرح عن تركيبة القصة القصيرة يبدو لي انه يؤطر المضمون والحركة القصصية داخل صندوق مغلق ومفرغ من الهواء . أي كتابة "مخنوقة" تعطي نصا يفتقد للأوكسجين... للحياة.
ان لغة القصة هي موضوع لا يمكن تناوله بمثل هذه البساطة والفوقية التي يتناول فيها البعض شرح تركيبة القصة القصيرة ، وكأنه يشرح مسألة في الرياضيات، وأنا على ثقة ان تلك المقالات لم ولن تنتج كاتبا قصصيا واحدا، بل قد تضلل كتابا موعودين وتسحق موهبتهم.

anfasse07088ثمة صلات بين الأدب والفلسفة، فكل الأعمال الخالدة، هي أعمال قاربت بلغة الرواية، قضايا الفلسفة، التي نعتبرها في العمق، قضايا كونية تهم الإنسان والوجود والتاريخ والذاكرة والعلاقة بالآخر.
القراءة سليلة الترجمة، بل هي ترجمان للحوار الخافت الذي يجري بين القارئ والنص، هي في العمق، خيانة مزدوجة للنص الأصلي وللمؤلف، لكنها تتيح إمكانية ميلاد النص المفترض أو المثال، وهي خيانة للمؤلف لأنها تأويل، وكل تأويل هو توريط للمؤلف بفضح ما قاله أو ما أومأ إليه.
في غواية الخيانة التي مارسناها في حق رواية «مصائر كونشرتو الهولوكوست والنكبة» لربعي المدهون، يمكن القول إن هذا العمل الملحمي، هو نضال من أجل الاعتراف بأولئك الذين بقوا في وطنهم بعد حرب 1948، والذين فرضت عليهم السياسة التي ينهجها الاحتلال، أن يحملوا من الناحية القانونية هوية إسرائيلية، ومن الناحية الثقافية والوجدانية، وطنا سُرق منهم.
هذه الرواية في العمق، هي مساءلة للنكبة، والهولوكوست، وحلم العودة بالنسبة للاجئين. وعليه، فقد احتفت «مصائر» بالانتماءات، وبتعدد الهويات، وتعدد الثقافات.

anfasse07085الأسرار الأكثر عمقا تسكن الأشياء الطبيعية الأكثر بساطة.. فيورباخ
يتموضع البوح في هذه القصة  غافيا على شرفات الرمز متمنعا  يراوغ القارئ بليونة مخملية عاكسا قدرة الكاتبة اللامتناهية على تطويع الحرف ،   فقد اعتمدت لغة شفافة تنوء عن البساطة  تلامس مضاجع الحلم الفوضوي بيراع الحقيقة  حيث يقدم هذا المحكي نبضات هاربة من الذاكرة فتزاوج بذلك المتخيل مع الواقعي مااسفر عن  صورة فنية تجريدية ،تربك المتلقي وترغمه على الانخراط في عالمها ،والملاحظ هنا ان لغة الكاتبة لاتميل الى الشرح والتعليل والتفسير بقدر ماتعتمد على  ومضات اخبارية مقتضبة كما انها تعتمد على رسم المكان وتسليط الضوء على نفسية الشخصية الرئيسية التي اضحت بهلعها  جزءا من الديكور العام  للقصة ،فيتحول السرد من خطه الافقي المستقيم الى ارتجاجات نفسية تصور حالة اغتراب تلك الشخصية وضياعها بين المنطق الديني والعرف الاجتماعي الذي يرفض عودة الموتى وبين واقعها الذي تقاسمته مع الاشباح الساخطة ، ومايزيد من عمق القصة ان الشخصية الرئيسية التي تتناسل  حولها الاحداث بلا اسم وبلا ملامح  فقد تعرفنا عليها من خلال  الوصف للمكان ولمشاعرها المتناقضة الخوف من الموتى ورفض تصديق وجودهم والايمان بهم في نفس الوقت هذا التناقض الشعوري  جعل القارئ لا يهتم بتفاصيل الشخصية الحميمة بقدر ما يهتم بمصيرها ، يمثل السي قدور هيكل  القصة حيث تسير كل لاحداث لتصب في بوتقة انتفاضه ورفضه المطلق للتسليم في بيت جده .

anfasse27073أكد الباحث والناقد المغربي الدكتور مصطفى الغرافي انه ينبغي للثقافة أن تكون مثل النور الذي يتعدى صاحبه لينير ما حوله. وحول المشهد الثقافي في المغرب أوضح أن أبرز الأسئلة التي تثيرها ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب تتعلق بمصير المشروع الجمالي الذي بلوره شعراء الحداثة انطلاقا من رؤية تحديثية تستند إلى وعي جمالي خاص يرفض الجاهز ويعادي التقليد. ورأى ان: الرواية استطاعت فرض سيادتها لأنها استجابت لانتظارات القراء واستطاعت أن تشبع حاجاتهم الجمالية والثقافية. مما جعلها بحق ملحمة العصر الحديث. مؤكدا ان الناقد الذي لا يستحضر المتلقي سيكون مصيره العزلة وعزوف القراء. ويذكر ان مصطفى الغرافي من مواليد القصر الكبير- المغرب سنة 1978 م شاعر وباحث في البلاغة وتحليل الخطاب . صدر له كتاب بعنوان “البلاغة والإيديولوجيا” ..دراسة في أنواع الخطاب النثري عند ابن قتيبة”. فاز ضمن اللائحة الطويلة لـ جائزة الشيخ زايد للكتاب. نشر ديوانا شعريا يحمل عنوان “تغريبة”.

anfasse27072"حين تصبح الأفكار سلطة فإنها لن تكون أفكارا، ستكون سياطا وعصيا وأكثرها إيلاما هو ما كان باسم القداسة والدين والأخلاق" عبد الله ثابت (ص115)

في واقع سعودي يخوض عبد الله ثابت رحلة الإنسان المسلم، الذي أصبح احتمالا أكيدا ليكون الإرهابي 20 في احداث 11 من سبتمبر بأمريكا. وبين واقع يكَوًنه يخوض زاهي الجبالي بطل الرواية رحلة ان يكون أو لا يكون. ورغم أن الرواية كتبت ما بين 1999-2005 وهو زمن ليس بالبعيد في عمر الفكر، إلا أن الإرهابي 20 بالنسبة لنا لم يعد احتمالا بل واقعا فعليا مع مضاعفة العدد للمجهول.
    تسلط الرواية الضوء على الواقع السعودي الذي سطا عليه التطرف والتشدد، ليختار الكاتب السقوط من أعلى الجبل ويبدأ مغامرة البحث في طباع الناس. لنتعرف مع الرواية على نموذج للقرى السعودية وطباع سكانها الرحبة والمليئة بقيم الجمال والتغني بقصائد الحب والغزل، قبل أن تتوغل في الواقع السعودي قوى التطرف التي تعمل على اغتيال أبجديات الإنسانية.

مفضلات الشهر من القصص القصيرة