abstract-light-rayلا يعد الخطاب في الأسس النظرية للاتجاه السيميائي مجرد علامة عريضة أو مجموعة من العلامات المتراكمة بواسطة عملية جمع حسابية٬ بل مشروعا دلاليا ينهض به عون تلفظ. لذلك تعنى السيميائية بنظرية الدلالة وإجراءات التحليل التي تساعد على وصف أنظمة الدلالة. فهي تعتبر كل مستوى من مستويات التعبير (الدال)، والمضمون (المدلول) يتمفصل من خلال تنظيم خاص. " (هناك شكل التعبير) عندما يتعلق الأمر بالنص، التنظيم النحوي والأسلوبي. وهناك شكل المضمون الذي تهتم السيميائيات بوصفه "1٬ حيث تسعى إلى إبراز شكل المدلول. "فالنظرية السيميائية نظرية دلالية في الأساس، تستهدف بناء نماذج قادرة على إبراز نظم الخطاب لا الجملة بمفردها"2.
ولاتساع طموح مشروع السيميائيات، اتسم هذا البناء بالنهوض على ثلاث مسلمات ومبادئ قاعدية في تحليل الدلالة:

amal-donkoleالمقدمة
تعقد المباحث القديمة الصلة بين المحاكاة الساخرة و أشكال المؤاربة كالسخرية و التهكم و الاضحاك و اللعب غير أن الناقد الفرنسي جيرار جينات ذهب في كتابه أطراس إلى أن المحاكاة الساخرة في مستواها التأثيلي الإغريقي تعني الغناء المضاد و هي كتابة ثانية تستحضر كتابة أولى ثم تعمد إلى إبدالها و تحريفها و قلبها . و يجعلها جينيت شكلا من أشكال التناص فالمحاكاة الساخرة حصيلة تفاعل بين كيانين نصيين مختلفين نص غائب مستدعى و نص حاضن يستدعي ملفوظات قديمة أو متزامنة معه فيعيد صياغتها و قد اكتسبت مع الشاعر أمل دنقل ميسما خاصا فهو يميل إلى تحقيق الالتقاء بين نصوص متباعدة قصد المحافظة على الديمومة الجمالية للفعل الإبداعي .
فماهي مظاهر تشكل المحاكاة الساخرة في مدونته؟

الفصل الأول: تمظهرات المحاكاة الساخرة في مدونة أمل دنقل الشعرية
1/إيقاعياّ:
إن تحرر القصيدة الجديدة من النمط الكلاسيكي المقيد بالوزن الواحد و القافية الواحدة، قد منحها امكانات متعددة في هيكلها و أسلوبها و مضمونها و استطاع الشاعر الحديث استيعاب مختلف التيارات الفكرية و الفنية و سعى إلى الامعان في المزاوجة بين عناصر التجربة الغربية شكلا و مضمونا.

 abstract455397منذ الإعلان عن تأسيس الجائزة العالية للرواية العربية (البوكر) سنة 2007 لم يصل إلى اللائحة القصيرة من النساء إلا أربعة  أسماء هن: العراقية أنعام كجاجي في مناسبتين  سنة2009 من خلال رواية (الحفيدة الأمريكية) وسنة 2014 برواية  طشاري ، والكاتبة  السعودية رجاء سالم صاحبة رواية  (طوق الحمامة )سنة 2011  و اللبناينة مي منسي  برواية (أنتعل الغبار وأمشي ) سنة 2008  وأخيرا المصرية  منصورة عز الدين صاحبة رواية (وراء الفردوس) سنة  2010  وهو عدد جد قليل إذا ما وضع ضمن لائحة الذين تأهلوا للائحة القصيرة (48 رواية )  لتقف المرأة في حدود حوالي 10% . لذلك كان لزاما علينا دعم هذه الثلة الملتهبة من النساء العربيات، على الأقل من خلال التعريف بأعمالهن ، وتقديمها للقارئ العربي، و نقدم اليوم لقرائنا واحدة من هؤلاء الروائيات بعدما - قدمنا غيرها- ونقصد المصرية منصورة عز الدين وروايتها (وراء الفردوس) . فماذا تقدم هذه الرواية ؟ وما ذا يوجد وراء ذلك الفردوس؟ وكيف بنت منصورة عالمها الروائي ؟

anfasse4490000اتسم البحث العربي منذ نشأته الأولى بالنزوع إلى المعنى أو الدلالة، لذلك حرص العرب منذ القدم على تحصيل مراد الشاعر برصد معاني النصوص، والعناية ببسطها وتوضيحها. فشرح المعنى وإبرازه وإظهاره يعكس بوضوح التذوق السليم والطيب، والرؤية العميقة المتأنية لفهم المعاني المطوية والمقاصد الخفية، وإبراز ما يختزله النص من دلالات وإشارات، عن طريق تحليل الأقوال للوصول إلى المتعة الأدبية واللذة الفنية التي تسكن النص المشروح.
 وقد انطلق الشراح في شرحهم للنصوص الشعرية، من مجموعة من العناصر والمستويات التى اتخذوها وسائل لخدمة وشرح المعنى العام للنصوص. وكان اهتمام البطليوسي بهذا العنصر بالغا، حيث اهتم به وأولاه عناية خاصة. وبما أن تعدد الدلالة في النص الشعري، كان من مشاغل الشراح واهتماماتهم، فقد كانت هذه القضية من أوليات اهتمامات البطليوسي كذلك، حيث عمل جاهدا على تحديدها وتقليب المعنى في الوجوه المتعددة التي يحتملها البيت، مع محاولة اختيار المعنى المناسب، وفي أحيان أخرى اعتماد المقارنة والترجيح بينها، وقد نحا البطليوسي في البحث عن ذلك عدة مناحي، كتأخير المعنى الكلي وتقديم معاني الألفاظ، والبحث عن عناصر الشرح الأخرى، أو تقديم المعنى الكلي على أي عنصر من عناصر الشرح؛ كل ذلك أجراه في خطوات منضبطة هي:
1

 anfasse449900يلاحظ قارئ الرواية العربية المعاصرة أن عددا من الكاتبات الخليجيات قد بدأن يقتحمن عوالم الرواية ويتسللن بصمت لفرض أنفسهن  بعد التراكم الذي غدون يحققنه في الخزانة العربية . وبعدما قدمنا لقرائنا روايات (بنات الرياض) رجاء عبد الله الصانع من السعودية  ورواية (سلالم النهار ) لفوزية شويش السالم من الكويت ورواية (طشاري ) لأنعام كجاجي من العراق، إلى جانب أعمال أخرى من الشام والمغرب العربي  نواصل في  هذه السلسة مع الرواية الخليجية لنقدم رواية (سعار) للروائية الكويتية بثينة العيسى وهو ثاني عمل لهذه الكاتبة الشابة بعد رواية (ارتطام لم يسمع له دوي) الصادرة عن دار المدى سنة 2004.
قبل أن يغوص القارئ  في متاهات صفحات الرواية يستوقفه هذا العنوان المستفز للذاكرة ، ويجعل الفرضيات تتناسل أمامه ويبدأ في ضرب الأخماس في الأسداس محاولا إيجاد تفسيرات لهذا المدخل القرائي وربطه بالكاتبة كامرأة خليجية، وبالمجتمع الخليجي عامة وما يمكن أن يحيل عليه .. وحتى نسهل عليه الطريق نخبره أن كلمة العنوان (سعار) لم ترد في الرواية إلا مرة واحدة ، وكانت كافية لفهم دلالة العنوان وعلاقته بالمتن الحكائي ، تحكي الساردة في الصفحة 172 كيف توصلت بهدية من صديق أبيها الذي كان يتسلى و يتحرش بها وكانت تلك الهدية مكونة من  روايات و بطاقة مكتوب عليها إلى سعاد وقد  شدد الكاتب دال سعاد فبدت الكلمة مثل (سعار) تقول الساردة (.. أسرعت إلى دولابي عثرت هناك على ثلاث روايات ... مصحوبة ببطاقة كتبت فيها ( سعار) شددت ذيل الراء أسفل لتستحيل راء وتحولت أنا بفضلك منذ ذلك اليوم إلى مرض قاتل)[1]  فما هي التيمات التي قاربتها الرواية؟ وكيف قدمت الرواية علاقة الرجل بالمرأة في الخليج ؟؟ ولماذا تحولت البطلة من سعاد إلى سعار؟

anfasse88989    كيف نصل إلى المعنى الذي يحتفي بالمعنى ويختفي خلف الحروف؟ وكيف  نتأكد  من أن هذا المعنى دون غيره  هو ما تغياه الكاتب؟  بلغة مغايرة: ما الأداة المسعفة على الحكم على فلاح هذا الكتاب أو غيره في إيصال مضمونه باعتباره المشروع الأسمى –المضمر أحيانا- لأي مغامرة كتابة؟؟
         ربما، أو أكيد، هذا ما حاولت المناهج النقدية الإجابة عليه باختلاف التيارات والتوجهات الأدبية. وأكيد أن محاولة البحث عن جواب مقنع لهذا السؤال أو توقعه –مع استحضارنا أن الحكم النقدي يظل دائما محاصرا بطوق التنسيب- هو ما جعل النقد  متمتعا بالخصوبة الكافية لإنجاب تجارب نقدية متنوعة ومختلفة باختلاف رؤى أصحابها ورصيدهم الثقافي.
       ليس هناك على ما يظهر "أي خلاف" بين أجناس الأدب وأنواعه وأنماطه، مادامت تستثمر الكلمة باعتبارها الثابت الذي يصب في كل القوالب المتحولة والقادرة على احتضان الشعور والأحاسيس رغم اختلاف الوسائل والأدوات.

imgp39841-wz53cتخلص تجربة ديوان "تغريبة" للمقاييس الجمالية والمعرفية الواسمة للكتابة الشعرية في صيغتها الحداثية. ولتيمة الغربة ما يجعل منها أمارة تختص بها هذه التجربة من منظور يعيد توظيفها في سياق شعري يستوحي فيه كل الظلال الدلالية للانكسار والرحيل القسري. فهل يتعلق الأمر باقتفاء الأثر الشعري أم إن المسألة ذات قيمة إبداعية خالصة تنبع من عمق التجربة وخصوصيتها وقدرتها على تمثل العناوين الكبرى الضامنة لتفرد القصيدة الحديثة كالأسطورة والرمز والمعجم الصوفي والثقافة الكونية ممثلة في أنساقها الفلسفية وتجاربها الإنسانية الخالدة. وهذا في حد ذاته شكل من أشكال الاغتراب الثقافي الذي يغني التجربة وهي تنفتح على المتاح خارج؛ أي تعصب للذات وعلاقاتها بالمساحات التي تحتلها ماديا وروحيا. لكن هل "تغريبة" من حيث هي تجربة إبداعية اختيار إرادي وملاذ آمن بالكتابة أم هي احتماء المضطر بما اضطر إليه؟ يحق للمتلقي أن يطمئن إلى مشروعية السؤال عن سر إفراد " تغريبة" وتنكيرها فالشعر معطى لغوي قبل كل شيء. هل الأمر يتعلق بتفردها بآثارها النفسية و بجهل خصوصيتها أم بغير ذلك من عوامل تفتح أفق التلقي على المزيد من الأسئلة القلقة. قد نعثر على بعض الأجوبة بتصفحنا لهذا العمل لكن سرعان ما تستحيل هذه الأجوبة إلى أسئلة جديدة تتناسل من رحم اللغة والتباساتها.

109304454467      لقد جاء اهتمام النقد العربي الحديث بمباحث الأجناس متأخرا نسبيا، ويرجع ذلك إلى البواعث الإيديولوجية، التي وجهت عناية المعاصرين إلى الإكباب على التراث فحصا وتنقيبا، يحدوهم في ذلك طموح إلى إبراز سمات الحداثة في هذا التراث إثباتا لأسبقية العرب إلى الكشوفات الأدبية والنقدية دفعا لتهمة التأخر عن الغرب. أما البداية الفعلية للاهتمام بمباحث الأجناس فلم تنطلق، عربيا، إلا في الثمانينات لتبدأ في التنامي منذ ذلك الحين، حتى استوت في السنوات الأخيرة في دراسات متخصصة محضها أصحابها لفحص قضايا الأجناس من وجهة أنظار متغايرة. وقد رأينا أن نصرف بعض جهدنا في هذا البحث إلى فحص المسألة الأنواعية في المنجز النقدي لباحثين ثلاثة من المغرب العربي (عبد الفتاح كيليطو – سعيد يقطين – فرج بن رمضان) في سعي لاستخلاص معالم الدرس الأنواعي في النقد العربي الحديث.

1.    عبد الفتاح كيليطو: النص الأدبي وقواعد النوع

مفضلات الشهر من القصص القصيرة