في الصفحة الأولى من هذه الرواية القصيرة، يشير راويها إلى أن حياته صارت بلا طعم، وأنه يكابد الخواء ليخلص إلى كون التبطل والعطالة في المغرب وسائر بلدان العالم الثالث، يجعل محاولات الإبداع مفسدة للحياة.
استحضرتُ على الفور رواية "الغريب" للفرنسي الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1957، ألبير كامو (1913-1960)، فمسرح رواية كامو، حول المزاج الكلي لحياة الشاب الفرنسي في مستعمرة الجزائر عقب الحرب العالمية الثانية، وهو أن التوازن النفسي للإنسان صار من المحال أو العبث . Absurd
هل أنا كاتب عربيّ؟ـ الطّاهر بن جلون ـ ترجمة : عبد الغني بومعزة
..((هل أنا كاتب عربي؟،هذا السّؤال، لست أنا من يطرحه،الذّين يسألونني ان كنت كاتبا عربيا يفعلون هذا بدون حسن نيّة،هم على حقّ لأنّهم يرغبون بشدّة معرفة الإجابة لكي يصنّفوني في الخانة المناسبة، على العموم،الذّين يطرحون عليك أسئلة عن هويتك إما انهم من الشّرطة أو الدّرك، ليس من السّهل تحديد هذه الهويّة،فتحديدها يعني إقامة ملائمة بين اسم ولقب الذّي يحملانه،لكن في الأدب،قد تكون الهوية مضلّلة عندما نعرف كاتبا بواسطة اللغة التّي يتكلم و يكتب بها،اقصد،اللغة الأمّ أو الوطن،فالأدب العربي هو إبداع عربي خالص،وذات الشّيء ينطبق على الأدب الألماني،إذا كافكا،هذا التّشيكي الذّي كان يعمل في براغ، كان ألمانيا،لأنّه كان يكتب بالألمانيّة و القول ينطبق على"بيكيت"الذّي كان يكتب جيّدا بالانجليزيّة كما الفرنسيّة، و نابوكوف الذّي كان يكتب بالرّوسية والانجليزيّة،ويعبّر بلغات أخرى منها الفرنسيّة؟
الشاعر "محمد السرغيني" وآفاق الكتابة الشعرية الثقافية ـ عبد الرحيم عوام
الدكتور محمد السرغيني شاعر مغربي عاش وفيا لنهجه في الكتابة .وهو نهج شكله انطلاقا من تجاربه في الحياة ،لأن الإبداع تجربة إنسانية .كما أنه غذاه باطلاعه على التراث الأدبي والنقدي قديمه وحديثه،وبانفتاحه على الفلسفات والتيارات الفكرية والروحية والفنية مثل الماركسية والوجودية والتصوف والتشكيل والموسيقى،وهو ما انطبع في إبداعه وغير مسارات انحناءاته وأغراه بالتجريب والمغامرة ،حتى بات من الممكن الحديث عن "الشعر الأطروحة" وعن "الكتابة الشعرية الثقافية" التي من شروطها امتلاك الأدوات التي تتيح لصاحبها قراءة وكتابة الأحداث واستجلاء المسكوت عنه وفك الأنساق المتحكمة في البنى الذهنية والخلقية والغيبية والأسطورية للمجتمع.وسنقف على أقانيم ثلاثة تأثرت بهذه البنية الفكرية والثقافية وهي:مفهوم الشعر ووظيفته وشكله.
«بيع الموت» لفوزي بنسعيدي : بيع الوهم وموت الإبداع ـ المصطفى مويــﭬــن
إذا كانت السينما في عمومياتها فنا جميلا فإن السينما المغربية في السنوات الأخيرة، مع استثناءات قليلة، أضحت قُبْحا وتشويها وتسْفِيها وصَلَفًا، وباتت تسعى للنمطية المبتذلة التي تنبني على العري والجنس والتسكع في الحانات ومصاحبة البغايا؛ حتى غدت الأفلام المنتجة، في الآونة الأخيرة، تنتج وفقا لمقاييس "فنية" مملاة من شركات لا تهمها لا ثقافة البلد ولا أعراف سكانه، لذلك تلفيها يبحث عن أشباه المخرجين وما هم بمخرجي شيء، الذين لا علاقة لهم بثقافة هذا الوطن ولا بهموم أناسه، لأنه لو كانت لهم ذرة حياء لما أنتجوا المسخ المبين باسم الفن، والفن منهم براء، لماذا كل هذا ليصبح السيد المخرج هو بدر زمانه.، كي يمشي على البساط الأحمر...
في اغتراب الذات ـ المصطفى سلام
يؤثث الروائي المغربي الميلودي شغموم متحفه السردي برواية جديدة تحت عنوان : ريالي المثقوب 1 . و يحفل النسق الروائي عنده بالحياة الاجتماعية المغربية في مختلف تجلياتها و أبعادها ، حيث يرسم الروائي تضاريس هذه الحياة و يعين معالمها عبر سيروراتها التاريخية ، و يصور آثار الواقع على الإنسان المغربي فردا و مجتمعا ؛ بتمثيل ذلك من خلال تلاوين حكائية و مصائر سردية .. و بهذه الصورة يصبح الخطاب الروائي تأويلا للعالم من جهة الروائي و نافذة ينظر من خلالها القارئ إلى تلك الحياة. في هذا النص الجديد، يرصد الروائي جانبا من الحياة الاجتماعية أو التاريخية للإنسان المغربي؛ يتعلق الأمر بالهجرة داخل الوطن، و ما لها من أبعاد و آثار نفسية و اجتماعية و ثقافية و اقتصادية... فقد تكون الهجرة اختيارا فرديا ، تحدث بمحض إرادة الذات و رغبة من الفرد في الانتفاع مما تحققه الهجرة من منافع مادية أو معنوية ...
عزف منفرد : دراسة في جماليات خطاب الموت في جدارية محمود درويش ـ مصطفى الغرافي
يمثل درويش حالة شعرية متميزة في تاريخ الأدب العربي قديمه وحديثه نظرا لما امتلكه من سلطة رمزية ومرجعية، كرسته باعتباره الوريث الشرعي للقصيدة العربية وما راكمته من تراث فني وجمالي عبر العصور. لقد استطاع هذا الشاعر أن يرسم لنفسه –وبفرادة- خارطة خاصة في جغرافيا الشعر الحديث، كما استطاع أن يحفر لشعره خندقا عميقا في قلوب قارئيه قبل أن يحفره في أرض شعرنا الحديث. ولعل هذه الدراسة التي نخصصها لدراسة جماليات خطاب الموت في قصيدة الجدارية أن تنجح في القبض على معالم الكون التخييلي الذي شيده درويش في هذه القصيدة بوعي جمالي يقظ. فمن أبرز الغايات التي وجهت هذه الدراسة محاولة الكشف عن بعض الملامح التي صاغت الشاعرية الفياضة والمتدفقة التي يستشعرها قراء درويش من مختلف الأعمار والثقافات.
تثير قصيدة "الجدارية" لمحمود درويش سيلا جارفا من الأسئلة الحارقة التي تخص الوجود الفردي والمصير الجماعي. إنها رثاء استباقي لذات رقيقة حساسة حدقت طويلا في الموت واكتوت على نحو فاجع بالتواري والعدم. وهو ما سمح بتشكيل فضاء نصي يتسم بجدل متوتر بين الذاتي والكوني، الواقعي والخيالي، السردي والدرامي، الغنائي والملحمي، الغرائبي والفجائعي؛ فهذه القصيدة الأغنية والنشيد تتكئ على شرعية جمالية نسغها الحيوي سيرة شعرية تطمح إلى القبض على المستقبل/ المستحيل الذي يحتضن سؤال الوجود عبر لوعة الغياب وفجيعة الرحيل الكبير والأخير.
الروحانية، ثورة ضد لوحة "المشهد المسرحي" ـ عايدة الربيعي
يقول فاسيلي كاندنسكي : " كل عمل فني هو وليد عصره "
ان الفن الروحي أقرب مايكون إلى اجترار الذات منه إلى مخاطبة الآخرين وهو مانادى به الفنان كاندنسكي، فن لايتعرض لموضوع اللغة المشتركة بين الفنان والمجتمع ، انما يولد لأجيال لم تولد بعد. هو محاولة لإعطاء مظهر ميتافيزيقي غير علمي لمسألة الإحساس بالرضا أو مايعرف بأسم التطهر في الفن.
قبل الولوج في الموضوع لابد من معرفة أن الاحداث التي تفصل الفترات التاريخية الثلاث المتميزة من الوجهة الحضارية ،– الاقتصاد الطبيعي للعصور الوسطى المتقدمة، وفروسية البلاط في العصور الوسطى، والحضارة البرجوازية الحضرية- هي بظهور (طبقة النبلاء الفرسان المجندين)، مقترنا بالتحول الاقتصادي الطبيعي الى الاقتصاد الحضري النقدي، ونمو الحساسية الغنائية Lyrical" " وتحرر البرجوازية وبداية الرأسمالية الحديثة – هذه الاحداث ساهمت في تعليل النظرة الحديثة الى الحياة بدورأهم مما تسهم به كل المنجزات الروحية التي حققها عصر النهضة.
سؤال الحداثة : سؤال الأسئلة ـ أبو إسماعيل أعبو
بقدر ما ينوء مفهوم الحداثة في وضعنا العربي، بتلابس بين بنيته الاصطلاحية ومقاصده الدلالية، تنبهم حدوده، ويغدو مطية لمحامل دلالية متباينة ومتنافرة، تعوق الباحث عن تناوله من موقع المقاربة وإرهاف السمع لقضاياه، ما لم يبدد تلابسه ويرأب تصدعه.
إن هذا التلابس الذي يحرف الحداثة عن سويتها الحقيقية، ويأخذ بمخنقها إلى المدى الذي تفقد فيه كينونتها ودلالتها، ترتب عن عدم الاستيعاب الوجيه لسؤال الحداثة.
فماذا يراد بهذا السؤال؟