عرفت كتابات الاعتقال السياسي بالمغرب في العقود الأخيرة، مسارات متنوعة، نظرا لاختلاف السياقات التي تتحكم في كل تجربة على حدة (تجربة اليسار الجدري، تجربة تزممارت،...)، وكذا الملابسات والتداعيات المميزة لكل ملف من ملفات الاعتقال.
بناء عليه، فإن للتجربة التزممارتية خصوصياتها ومميزاتها التي تنفرد بها عن مثيلاتها من التجارب، وهذا ما تجسده الكتابات/الشهادات التي ألفها بعض الناجين من جحيم تزممارت، واستنادا إلى هذه النصوص يمكن الإمساك بمظاهر هذه الخصوصية التي سنقتصر في هذا المقال على تجل من تجلياتها المتمثل في البعد النضالي وآليات الصمود الأسطوري لدى معتقلي تزممارت.
لقد تم حشر المعتقلين/العسكريين في المعتقل الرهيب (تزممارت) الذي يضم زنازن فردية لا تقي حرا ولا بردا، وتنعدم فيها أبسط شروط الحياة البدائية، لأنهم شاركوا في انقلابي الصخيرات (الذي قام به مشاة أهرمومو 1971) والطائرة الملكية (الذي قام به طيارو القاعدة الجوية بالقنيطرة 1972) وانطلاقا من هذا، نلاحظ أننا أمام صنفين من العسكريين: صنف أول يمثله المشاة، وصنف ثاني يمثله الطيارون، والرابط المشترك بين أعضاء كل صنف من هذين الصنفين هو التراتبية العسكرية التي تنبني على الصرامة والطاعة العسكرية والإذعان للأوامر. أما فيما يخص العلاقة بين الصنفين أي بين المشاة/المعتقلين، والطيارين/ المعتقلين، فإن منهم من لم يتمكن من التعرف على ملامح وجه رفيق له في المحنة إلا قبل الخروج من تزممارت بقليل.