.jpg)
إن الإرسالية الإشهارية معطى تواصلي مرتبطة بالحداثة والمعاصرة، إذ إنها لم تعرف تطورا هائلا إلا في العقود الأخيرة، ولم تظهر إلى الوجود إلا في نهاية القرن التاسع عشر. غير أن الثقافة التي تحيط بها وتخترقها وتحتويها موجودة في كل الفضاءات ومتجذرة في التاريخ. لذا فهي تترك بصماتها على هذا الخطاب الكتابي والسمعي-بصري الذي يــــــــوحي بأنه ينفلت منها.
هناك تناقض جوهري بين كل المظاهر الخارجية للإشهار التي تدعي أنها تعيش عصرها وتستكشف المستقبل والبنيات الحضارية العميقة والأنظمة الذهنية اللاشعورية التي تقولب هذا الخطاب في أنماط تقليدية. فعلى مستوى الشكل، هناك طفرة في التمكن من الأدوات التقنية بما في ذلك استغلال الموسيقى وديناميكية الصورة وتشابك أنواع مختلفة من الخطابات والاعتماد على آخر المستجدات في التصوير الفوتوغرافي والفيلمي واختيار الألوان، وإيجاد نماذج جمالية في الكالغرافيا والطباعة وطبوغرافية الحروف، والانحياز نحو التركيب والتركيز والتناسق الكلي. إن هذه الطفرة أضفت على الإشهار لا أقول طابع الفن ولكن نوعا من الفنية.
لكن المفارقة تتجلى في أنه على مستوى المفاهيم الفلسفية العامة المؤطرة له و التصورات الحضارية التي ينطلق منها يبقى الإشهار قوة محافظة تحاول إبقاء الأشياء على ما هي عليه. لإبراز هذا الجانب التقليدي ستركز هذه الورقة على تمثلات >الذكورة<و>'الأنوثة< في الإرساليات الإشهارية لبعض الصحف والمجلات.
قبل هذه العملية لا بد من الانعراج قليلا لوضع وفهم الإطار العام الذي يؤطر العملية الإشهارية؛ هذا الإطار يتجلى في النظام الرأسمالي الذي بدونه لا يمكن أن نتكلم من منظور ثقافي >شامل< عن الإشهار. إن مصطلح >النظام الرأسمالي< أصبح من المحرمات نظرا لتاريخه المرتبط بجدال وسجال طويل عرفته أوروبا على الخصوص والعالم أجمع على العموم إلى حدود سقوط جدار برلين الرمزي.