التدرج الاجتماعي في التراث العربي الإسلامي ـــ د.عبد العزيز بن علي الغريب
تناولت الدراسة ظاهرة التدرج الاجتماعي في المجتمعات وفق التراث النظري لها، والاتجاهات المعاصرة لها، وسعى الباحث لإبراز الجهود العلمية التي بذلها المفكرون والفلاسفة في المجتمعات العربية والإسلامية في مجال التدرج الاجتماعي، من خلال مقارنة ذلك بما كتب في التراث العربي الإسلامي في هذا المجال، للوصول إلى تحديد دقيق لمدى الاختلاف والاتفاق بين تلك الاتجاهات الفكرية، كما هدفت الدراسة إلى تسليط الضوء على آراء المفكرين في التراث العربي والإسلامي وأطروحاتهم في ظاهرة التمايز والتفاضل بين الناس، وهو ما يعرف اليوم بالتدرج الاجتماعي، ولطبيعة موضوع البحث اعتمدت هذه الدراسة على منهجين هما: المنهج المقارن والمنهج التاريخي، باستخدام أداة تحليل المضمون. وقد توصلت الدراسة من خلال استعراضها لجهود المفكرين في التراث العربي الإسلامي إلى أسبقيتهم على علماء الاجتماع في العصور الحديثة، الذين تناولوا ظاهرة التدرج الاجتماعي، وأن محددات ومعايير التدرج الاجتماعي التي تعرضها الاتجاهات النظرية لعلم الاجتماع، كانت قد حددها مفكرو التراث العربي الإسلامي، باعتبار أن ظاهرة التدرج الاجتماعي حظيت باهتمام كبير في المجتمعات العربية الإسلامية، وأن لها جذورها التاريخية والاجتماعية، وإدراكاً رئيساً لأهميتها ودورها في تقدم ونمو المجتمع المبنية على وحدته، مع إتاحة الفرصة للناس لكي يتفوّقوا دون أذى بغيرهم، ووفق ضوابط معينة. كما توصلت الدراسة إلى أن غالبية الدراسات الاجتماعية العربية المعاصرة،الخاصة بالتدرج الاجتماعي، تأثرت في تفسيرها لظاهرة التدرج الاجتماعي، بالاتجاهات النظرية الغربية، ولم تكن هناك إشارة لأي من مفكري التراث العربي الإسلامي، وكان هناك شبه تغييب لجهود هؤلاء المفكرين، عند تفسير نتائج تلك الدراسات، مما قد يكون حرم المجتمعات العربية من الإفادة من نتائج تلك الدراسات.
موضوع الدراسة:
يعد التدرج الاجتماعي من الظواهر الاجتماعية المعقدة، التي تعتمد على العديد من العوامل التي تختلف من مجتمع لآخر، كما تعد هذه الظاهرة في معظم المجتمعات بمثابة عملية دينامية تسمح بمزيد من التغيرات في تكوينها وكذلك في الخصائص العامة للمستويات والدرجات المتباينة، كما أن التدرج الاجتماعي من العمليات الاجتماعية المهمة التي تعمل داخل البناء الاجتماعي للمجتمع ويلقي الضوء على ما يحدث في البناء الاجتماعي ويساهم في تحديد طبيعة هذا البناء ومدى استقراره وديناميته والمرحلة التطويرية والتنموية التي يمر بها(1).