0" الثقافة هي ما يتبقى عندما ننسى كل شيء"
بمعنى أن الثقافة هي ذلك العنصر الكامن وراء العقل المكوًّن ، أي إنها تلك الخلاصات الرابضة بالذهن و التي تشكل  المفهوم العام للثقافة بعيدا عن أي تخصيص ، و العرب مثلهم مثل كل أمم العالم لديهم ثقافة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ و الزمن ، بدء مما سمي " العصر الجاهلي" إلى يومنا هذا و امتدادا في الزمن الحاضر و حتى المستقبل ، و ثقافتهم هذه لا يمكن رصدها بعيدا  عن إبداعاتهم [ فكرهم \ شعرهم \ بلاغتهم \خطابتهم \ دينهم .....] أو عن ذكرياتهم و تصوراتهم ، فتعريف الثقافة  يشمل عدة عناصر تشكل هوية الأعرابي أيا كان و أينما كان ، و لعل تعريف الأستاذ الجابري يلخص هذه العناصر المكونة للثقافة بشكل عام : " الثقافة ذلك المركب المتجانس من الذكريات و التصورات و القيم  و الرموز و التعبيرات و الإبداعات و التطلعات التي تحتفظ لجماعة بشرية بهويتها الحضارية في إطار ما تعرفه من تطور بفعل ديناميتها  الداخلية و قابليتها للتواصل و الأخد و العطاء، و بعبارة أخرى الثقافة هي المعبر الأصيل عن الخصوصية التاريخية لأمة من الأمم ، عن نظرة هذه الأمة للكون و الحياة و الموت و الإنسان  و مهامه و قدراته و حدوده و ما ينبغي أن يعمل و ما لا ينبغي "فكر و نقد ، عدد 2 ص (5-6) 1998
و لعلنا نستطيع وفقا لهذا التعريف أن تستقي بعض المكونات الثابثة في كل ثقافات العالم  لنقيس عليها الثقافة العربية و نحدد مكوناتها الداخلية التي تشكل النسق  بدء بالهوية العربية على أساس أن الهوية الثقافية هي الأخرى تتمثل النسق الثقافي و تتشربه . فما هي مكوناتها ؟

3inayaعوّدتنا الآية الإنجيلية الشائعة على الألسن "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله" على استبطان حكم مسبق على دور الدين والمؤسسات الدينية المسيحية في الحراك السياسي. والحال أن المسألة السياسية في الفكر المسيحي، بالغة التبدل والتنوع، وفق الأوضاع الاجتماعية والظروف المحيطة. لذلك تشهد بعض الفضاءات المسيحية تطورا لافتا للاهوت السياسي وللعمل السياسي في حين يخفت في غيرها. وليست بلاد المشرق العربي بمنأى عن هذه الجدلية الشائكة بين المسيحي والسياسي، التي سنحاول النظر إليها من خلال واقع الكنائس السورية والحراك الثوري السائد.
الكنائس متعدّدة والدين واحد
عبر التاريخ المسيحي تشكّلت أربعة مراكز لاهوتية بارزة، توزّعت بين روما والقسطنطينية والإسكندرية وأنطاكية، والتفّت حول تلك المراكز مرجعيات دينية معتبرة، غير أن مركز أنطاكية شهد ما لم تشهده المراكز الأخرى، بما طرأ على مرجعيته اللاهوتية من تنافس. إذ يزعم كل من تجمّع الكنيسة الأرثوذكسية -وريث التقليد البيزنطي في العالم العربي- والكنيسة الملكانية، والكنيسة السريانية الأرثوذكسية، تمثيل ذلك المركز وحيازة رمزيته. كما يضاف إلى تلك التجمعات الأساسية تجمعان ثانويان ألا وهما التكتل السرياني الكاثوليكي والتكتل الماروني.

8111111_copy"نحن لسنا محتاجين لتحسين الصورة لديهم، هم من يحتاجون لتحسين صورتهم، نحن ضحاياهم، نحن القتلى وهم القتلة، نحن المصابون، وهم من أشهروا في أوجهنا السلاح..، تاريخيا هذا الكلام...، صورتهم أكثر قباحة وأكثر قتامة تاريخيا"
د.عبد الله انفيسي
-مفهوم الحوار:

الحوار لغة:  وهو الرجوع عن الشيء إلى الشيء.
وهناك تعاريف اصطلاحية عدة:
إحداها:
مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين مختلفين.
تعريف ثاني:
تراجع للحديث بين شخصين أو أكثر، بطريقة متكافئة في مسألة معينة، ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب لإظهار الحق بالحجة والبرهان.
أما التعريف الثالث:

femmes-anfasse111ما أنفك البحث عن حقوق النساء في المجال السياسي موضع جدل بين دعاة  الدين ودعاة الحقوق المدنية يتصاعد بين فترة وأخرى مثيراً زوبعة من النقاشات الحادة حول قضية النساء ودورهن في المجتمع وإمكانية توليهن مناصب سياسية عليا في منظومة الدولة المعاصرة وهو أمر لا غبار عليه إذا كان ضمن سياق العملية الديمقراطية وتجربتها في إطار النظام العلماني ومنظومته الفكرية لكن المشكلة التي تواجه مثل هذه القضية عبر طرحها الايديولوجي هي حينما يحاول البعض إيجاد جذر تاريخي لقضية المرأة ضمن منظومة التراث الإسلامي في محاولة لإثبات تلك القضية كما لو أنها جزء مهمل من تاريخنا أو أنها ليست وليدة العملية الديمقراطية كما هي في تاريخنا المعاصر.
وهذا ما يحاول كتاب فاطمة المرنيسي "الحريم السياسي... النبي والنساء" اثبات وجوده ولكن عبر نظرة لا تنتمي بكل تأكيد الى التاريخ العربي قدر انتماءها لرؤية المؤلفة ذاتها ، إذن فهي تتحدث الينا لا باعتبارها جزء من هذا التاريخ فحسب بل كما تريد أن يكون ضمن سياقاتها المعرفية التي تستند كثيرا على مرجعيات غربية في محصلتها الفكرية والفلسفية.

23585من الطبيعي أن تتواصل في الساحة المشرقية، حتى أيامنا هذه، تحالفات ذيول بقايا الكنائس الرسمية مع مغتصبي السلطة، وقد ربط رجالاتها مصيرهم بمصيرها وقدرهم بقدرها. غير أن ما بُني على باطل فهو باطل، فالمسيحية السمحة باقية وكنائس الأنظمة إلى زوال.
فعلاً، عانت المسيحية العربية من مكر الأنظمة وتسلّطها كما لم تعان تعبيرة دينية أخرى، وإن اختلفت وطأة تلك المعاناة من مجتمع عربي إلى آخر. فقد أُدمن هراء زائف، من قِبل تلك الأنظمة، عن استقلال قرار الكنيسة، وحرّية نشاطها، واحترام رعاياها. والحال أنه مثلما تبشّر الثورات بتحرير إرادة الإنسان وعقله فهي تبشّر بتحرير روحه أيضا. حيث يبقى مطلب تحرير السوق الدينية من احتكار الدولة، أحد المطالب الجوهرية المنشودة اليوم في الواقع العربي الجديد. فلا سبيل للحديث عن واقع ديني ديمقراطي والدين مرتَهن في قبضة الدولة وثروته محتكرة رهن تصرفها.

277أحيانا  تلزم العادة  أو الممارسة العفوية الإنسان أن يمارس في حياته أشياء هامة , وذات قيمة عالية بل ضرورية ,انه لا يأبه إليها , ولا يكترث إلى ما تكتنزه من أهمية كبيرة , وفائدة جليلة . ومن هذه الأشياء التي يعيشها الإنسان, بل يحيا بها, السؤال، ولم لا, وهو أي الإنسان, كائن سائل ، و متسائل. إذ بهذه الصفة تتأكد ادميته , و بالسؤال أيضا يتأكد وجوده الاجتماعي , القائم على التفاعل المؤدي إلى الانصهار مع قومه وعشيرته . كما يثبت أيضا وجوده الفكري ، باعتباره ذاتا مفكرة , تتفاعل فكريا عبر التأثير و التأثر لبناء الثقافة . بهذا التعبير البسيط , البعيد عن الحفر العميق , تتجلى بنية  السؤال , ومدى أهميته بالنسبة للإنسان في ارتباطه بذاته أولا , و بغيره ثانيا , و بمحيطه المادي الوجودي ,  ثالثا. فما المقصود بالسؤال , إذن ؟
المقصود بالسؤال, الاستفسار عن شيء ملتبس في ذهن السائل , يخرج عن حدود معرفته وإدراكه , يسبب له توثرا نفسيا و قلقا فكريا , يفقدانه التوازن . ويرمي من ورائه إلى توضيحه, ليخرج المبهم المستفسر عنه من حيز المجهول, إلى حيز المعلوم. وذلك بواسطة أسماء, هي : من, ومن ذا, وما, وما ذا, ومتى, وأيان, وكيف, وكم, وأين, وأي. وهو سلوك فكري  و نفسي , يعيد  للذات السائلة , الباحثة عن التفسير , توازنها المفقود..

1816930106_1إن الجاحد هو الذي ينكر غنى المجال الثقافي المغربي في تاريخنا العقلي والذهني والكتابي والشفاهي، وعلى جميع المستويات التعبيرية والتواصلية، وهذه تشمل العديد من الألوان والأشكال والأجناس والفنون... ولم يعد ممكنا الاستمرار في إهمال كل التنوع الثقافي المغربي بدعوى أن أصحاب نوع ثقافي ما هم أقلية أو هم قاصرون عن تكريس ثقافتهم ولغتهم على أرض الواقع بكل تجلياتها المختلفة، أو أنهم لم يجمعوا على نسق ثقافي ولغوي ولساني واحد يستطيعون من خلاله إقناع الآخرين بأطروحاتهم... فحقيقة التنوع الثقافي وترسيمه دستوريا وواقعيا هي عكس كل هذه الادعاءات الفارغة شكلا ومضمونا .
ولذلك ففي وقتنا الحاضر، وفي ظل هذه الفرصة التاريخية التي لا تعوض، لا يستطيع أي أحد أن يلجأ إلى الإقصاء والمنع والمصادرة لحقوق الآخرين الفردية والجماعية تحت مسميات وعناوين واهية لا تقنع أحدا. ومن هذه الزاوية يجب على القوى الثقافية والسياسية الحية البدء في وضع تصور معين يفيد في خلق تنوع ثقافي ولغوي مغربي بامتياز. فالثقافة تنبعث من عمل وإبداع أجيال عديدة ومن ضرورات حياتها وعلاقاتها المختلفة ومن أفراحها وأحزانها، وهي من صنع الجماهير التي تعيش لصق الواقع وتتفاعل مع الزمن والأقوام المحتلفة، وإنه لمن العبث ضرب كل هذا المجهود العظيم بعرض الحائط والادعاء أن ترسيم التنوع الثقافي واللغوي من الناحية الدستورية هو عمل عبثي. بل العبث هو الإقصاء والتسيد على الآخرين بمنطق لاداعم له في التاريخ والدين والتراث الثقافي العام .

3inayaدبّ بفعل الثورات العربية المحتدمة شيء من الوئام بين المسيحيين والمسلمين، فلم نشهد منذ عقود، وربما منذ عصر الاستعمار البغيض، تلك اللحمة الصادقة والعفوية بين دينين شاءت الأقدار أن يترافقا معا في السرّاء والضرّاء، داخل حضارة جامعة وأرض واحدة. فحين علا ترتيل أمّ الكتاب في ميدان التحرير في مصر وعقبه تردّد الصلاة الربّانية، كان الحدث بشيرا بميلاد تعايش إسلامي مسيحي حقيقي افتقدته الجماهير.
ذلك أن المسيحية العربية، منذ مصادَرة ثروتها الدينية وتحويلها إلى وقف سلطاني غدت ديكورا لحاكم يحرص على عرضها رياء في المحافل والتجمّعات، بصولجاناتها وصلبانها، ويتغاضى عن قضاياها الأساسية، من نقص للحرية وغياب للديمقراطية. لقد كشف انحياز الجموع المسيحية إلى الثورات العربية، أن السلطات مهما انحرفت بمؤسّسات الدين عن دورها، وسلبتها حرّيتها وشوّهتها، على غرار ما فعلته مع المؤسسات الإسلامية، تارة بطلب الفتوى وأخرى بتلمّس شهادة زور منها، فإن الجموع المؤمنة مدركة لموقعها ورسالتها. حتى غدت المسيحية الرسمية كالإسلام الرسمي أداةً طيعةً بيد النظام يقلّبها حيث شاء وهي تطاوع. ولكن اليوم بات الإقرار، بالتساوي بين المسيحي والمسلم، بفساد تلك الأنظمة الحاكمة، وإن ادعت حماية الأوطان وزعمت الذود عن ذلك الجناح المهيض من الإرث الديني.