anfasse22105بعد ثورات الربيع العربي الذي اندلعت شرارتها الأولى بتونس الخضراء ، وانتشرت لتعم أرجاء عالمنا العربي من محيطه إلى خليجه، طرأت على مزاج الإنسان العربي وسلوكه، تغيرات عميقة، بحيث لم يعد المواطنون والمواطنات، على تباين أجناسهم، وأعمارهم، وانتماءاتهم ، قادرين على مواصلة الصبر والانتظار؛  من أجل تحصيل الحقوق المشروعة؛ مهما كانت درجتها، أو قيمتها، ومهما كانت الجهة الساهرة على تمتيعهم بتلك الحقوق، سواء كانت سامية في سلم الدولة والإدارة، أم بسيطة ...مركزية كانت أو جهوية أو محلية ...
لقد ترسخت لدى الجميع، لاسيما بعدما أحرق البوعزيزي جسده في سيدي بوزيد، احتجاجا على الظلم والاستبداد والعنف، أن لاشيء يمكن أن يمنع الإنسان من الإصرار على المطالبة بحقوقه التي يعتبرها أساسية ومشروعة، حقوق أصبح الفرد على أتم الاستعداد لتقديم أغلى ما يملك؛ أي روحه،  فداء وقربانا من أجلها؛ لئلا يستمر الظلم والقهر والجبروت ...من لدن الطغاة المستبدين المتحكمين في رقاب الناس دون حق ...

anfasse16104تعتبر اللغة،إلى جانب عوامل أخرى كالدين والثقافة والتاريخ ...، من بين العوامل التي تميز مجتمعا عرقيا عن المجتمعات الأخرى. قد تكون اللغة وحدها هي ما يميز عرقا عن غيره، كما يمكن أن تنضاف إليها عوامل أخرى مجتمعة. لكنها ليست دائما عاملا مميزا لعرق ما عن غيره. وما يجعل منها، ومن غيرها من العوامل، عاملا مميزا لعرق ما هو الظروف التاريخية لذلك العرق. فإذا ما نظرنا إلى وضعية المغرب الآن سنجد أن اللغة الأمازيغية (على اختلاف 'لهجاتها') تعتبر عاملا مميزا للأمازيغ، إذ تميزهم عن غيرهم من المجموعات العرقية المغربية الأخرى. وبالنظر إلى الظروف التاريخية الراهنة نجد أن المغرب عرف ولا زال يعرف حراكا من قبل النشطاء الأمازيغيين الذين لا ينفكون يطالبون بكامل حقوقهم اللغوية والثقافية.
ففي هذه الظروف جاءت دسترة اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية كلغتين رسميتين للبلاد. وهنا يأتي السؤال التالي: ما محل اللغة الأمازيغية من السياسة اللغوية للبلاد؟ سؤال يحيلنا على سؤال آخر: هل هناك سياسة لغوية محددة تتبعها الدولة؟ وما هي هذه السياسة؟

anfasse1809100" في هذا العالم ؛أحيانا لاتدخل على الحياة ، إلا بالخروج عليها .. ولن تصلي حتى تترك الجماعة .. ولاتؤمن بالله حتى تكفر بالمعبد .. و لن تعانق الحكمة حتى تتخلى عن كتب فلاسفتها "(انقلاب المعبد ، عبد الرزاق الجبران).
"المتخلف يفهم ويمارس  يساريته بتخلف "
إن اليسار المغربي لعب دورا كبيرا في مواجهة الإستبداد وناضل كثيرا في سبيل الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان و الحريات . إلا أن المتتبع الموضوعي لتاريخه و ممارساته و خطابه يقر بأزمة حقيقية عاشها في ماضيه و حاضره وحتما سيعيشها مستقبلا ، مالم يقم بنقد ذاتي وبعملية إعادة البناء على جميع المستويات : الفكرية و السياسية و التنظيمية ، وذلك عبرالقطع مع البراديغم المتبنى لحدود الآن ، وإبداع براديغم يساري جديد يكون قادرا على إنتاج الاسئلة والاجوبة الحقيقية للإشكاليات التي يعيشها الشعب المغربي .و لعل أبرز مظاهر هذه الازمة هو تشوه يساريته نتيجة وجوده في بنية إجتماعية متخلفة تعيش على إيقاع حداثة رثة تمسخ كل شيء بالتخلف . مما تحوله إلى ماكينة لإعادة انتاج التخلف ولو بنيات حسنة.

anfasse110106كَثِيـرٌ فِي الفَجِيعَةِ مَـــا نَرَاهُ
وَقَدْ بَلـَغَ التَّوَحُّشُ مُنْتَهَـــــاهُ
فَلاَ الإِنْسَـانُ إِنْسَــــانٌ بِحَقٍّ
وَلاَ التَّمْدِينُ يَفْعَلُ مَـا ادَّعَاهُ
د. جعفر ماجد

فيما يقول العالم الشهير ألبرت "أنشتاين": «الشيئان اللذان ليس لهما حدود، هما الكون وغباء الإنسان(...)»، فإنّ "جيمس لويل" يقول :«الأغبياء والموتى وحدهم الذين لا يغيرون رأيهم». تفاعلا مع هاتين المقولتين، وحتّى لا أكون غبيّا بلا حدود لا يستطيع تغيير رأيه، فإنّي أصرّح  بصوت عال و أعترف في غير ما تواضع مزيّف ولا أدّعاء لبطولة دونكيشوتيّة ولّى زمانها، أنّي لم أكن على صواب، قبل اندلاع الثورات العربيّة ''المنتكسة''-بفعل الثورات المضادة بقيادة العسكر والدولة العميقة- عندما كنت أفضّل  وأنحاز، لنظريّة "الحالة الطبيعيّة" السابقة لظهور "الحالة المدنيّة" ولمفهوم الدولة المدنيّة التي نظّر لها "جون لوك" في نهاية القرن السابع عشر، على حساب ذات النظريّة ضمن سياق تحديد مفهوم مدنيّة الدولة التي نظّر لها قبل ذلك "توماس هوبز" اعتمادا على خصائص الطبيعة البشريّة  لا على تعاليم الكنسية المهيمنة آنذاك. وعذري في ذلك، إنّما كان إعتبار هوبز أنّ الإنسان- والمجتمع عموما- في الحالة الطبيعيّة التي تفتقر تماما في رأيه إلى القواعد والضوابط وتترجمها العلاقات البشريّة في غياب الدولة، يتصرّف، لضمان ديمومته، وفق قانون حفظ البقاء.

anfasse110111كل الدول وكل الأمم تتقدم بثقافتها وفكرها، تساهم في العالمية بما جاد به فلاسفتها وعلماؤها ومفكروها، قبل سياسييها ورجال دبلوماسيتها، لهذا فإن كل أمر للنجاح مشروط سلفا بالانطلاق من الثقافة ليس كترف غالبا ما يتذيَّلُ قائمة رغباتنا، وإنما كسلاح للوقوف عند نقط ضعفنا، عند حاجياتنا، وعند أسباب جمودنا، الثقافة ثقافتان، ثقافة تضرب في جذور الماضي من خلال مجموع الأنشطة المعتمدة من طرف الأفراد، والمتعلقة بنمط عيشهم من مأكل وملبس وأعراف ومعمار وهي التي يمكن أن نطلق عليها اسم: الثقافة الاعتباطية، أما على جانب آخر فيمكننا الحديث على الثقافة الثانية وهي الموسومة بالثقافة العالِمة أو الثقافة المعرفية، والمحددة بالتدقيق في مظاهر جمة من قبيل البحث العلمي، والتربية والتكوين، إضافة إلى الصناعة الفنية والإبداعية بشتى أنواعها، لهذا فكل خلط بين الثقافتين هو بمثابة تغريد خارج السرب.
    لكل أمة اليوم ثقافتها الخاصة التي تعمل على تكريسها لناشئتها المحلية، كما تعمل أيضا على تصديرها إلى باقي الأمم، والثقافة هي الأخرى تحتكم بشكل أو بشكل آخر لمنطق الطبيعة الأول، حيث الثقافة القوية تأكل الثقافة الضعيفة، بل إن العالم اليوم بات يعيش حرب الثقافات فيما بين الدول، لدرجة حديثنا على الاستعمار الثقافي أو قل على الاستلاب الثقافي، قد يحدث ذلك باسم العولمة، كما قد يحدث باسم الغزو الثقافي من خلال فكرة الإغراء، لكن الهدف واحد يكمن في انقضاض كل ثقافة على الثقافة الأخرى.
 

anfasse04097لقد شكل 20 فبراير استثناء في تاريخ المغرب الحديث ، فبعد المخاض الذي عاشه المغرب وأزمة التحديث السياسي التي ظل المغرب يتخبط فيها مند الاستقلال الشكلي في 1956 مع خروج فرنسا بعدما تم تفويت السلطة من يد فرنسا إلى القصر ، طرحت مسألة التحديث على كافة الأصعدة غير أن المحافظة على الإرث السلطوي السلطاني في المغرب دفع بالمسؤولين إلى كبح  جماح المواطن المغربي الطامح إلى معانقة الحرية و الإنعتاق من ظلال الاستعمار و تنفس روح الحرية مع مغرب جديد في منظومة عالمية جديدة ، لكن المحافظة على الإرث القديم و الخوف من الانفتاح على المنظومة السياسية العالمية ،دفعت بالمسؤولين _ أصحاب القرار و النفوذ _  إلى كبح جماح المواطن و سد تطلعاته نحو الحرية فخرج من نير الاستعمار المباشر إلى ضلال أعيد معها القمع و القهر و الاستعباد المكرس سابقا من طرف سلطات الحماية ، حتى تم إعادة تكريس جميع أشكال القمع في حق الحركات الاحتجاجية الاجتماعية ، السياسية  ... الداعية إلى التحديث على كافة المستويات ، فوجهت بالقمع أو النفي أو السجن أو الاغتيال ، لتتم إعادة بنية المجتمع المغربي إلى ما كان عليه في السابق ، بل وأكثر من ذلك الشيء الذي أثر بشكل مباشر على سؤال الهوية للمغربي في ظل منظومة عالمية حداثوية فأصبح من الصعب جدا تصنيف المجتمع المغربي في سلم الحداثة ؟

anfasse26087الانتخابات في المجتمعات المتشبعة بالديمقراطية هي مجرد عمليات اجرائية لإشراك المواطنين عبر ممثليهم في رسم السياسات العمومية سواء المركزية او المحلية . فالديمقراطية مفهوم اوسع واعقد من مجرد اغلبية عددية انطلاقا من صندوق انتخابي ، فهي ثقافة وسلوك وقيم ، نواتها الاساسية هي " حق الفرد المواطن في امتلاك مصيره واختيار حاكميه وواجبه في قبول الآخر المختلف  "، مما يتطلب وجود بنيات تحتية ثقافية وسياسية لبروز الفرد المواطن المتمتع بحرياته الفردية وحقوقه الكفيلة بجعل اختياره حرا دون وصاية او قهر .والاختيار بدون تقييمه يصبح بلا معنى ، فالاختيار يرتبط ارتباطا وجوديا بالمحاسبة والمسؤولية والتي يحددها عقد الاتفاق الذي على اساسه تم هذا الاختيار. كما أن الديمقراطية بدون ثقافة الاختلاف و قبول ال"آخر" المختلف تتحول إلى أداة لقهر الاقليات وعدم إعطائهم فرصة لتحويلهم إلى اغلبية.

anfasse26085  "أفضل من لا شيء" جملة نرددها في كل المناسبات آنيا مادام الأفضل لم يأت بعد و ربما لن يأتي. لذلك، فلا خيار أمامنا سوى التحاف ما يقدم لنا بوصفه كساء عزاء يعانق الموت الحريري في زمن يخونه اللازمن، و يستلب فيه صمت البيئة المحرومة دهشة اختراق الفرح لحظة الٳعلان عن ضرورة الأفضل. ٳننا نعيش حلقات أعظم درامية ممسرحة تعتذر عن جحيمها الآني بوعود البحث عن حلم الأفضل و عن القوى الخفية القابضة عليه. فنحن في سنوات المرحلة الانتقالية؛ مرحلة التكاذب التي تستلهم من زلزلة روح الأفضل سحر الٳحساس بأننا نعيش حياة طبيعية٬ و بتعبير أدق٬ نتخيل حياتنا  - حياة طبيعية – تخيلا حسيا فيحضر الأمر و نقيضه بشكل يختلط فيه الحلم و الخيالي و المستحيل بالواقعي. هذه الحالة تجعلنا نتخيل أن لدينا تعليما يعلم٬ ومنظومة صحة تعالج٬ و جهاز عدالة ينصف... بينما الأسوء هو رضانا بمؤسسة التعليم التي لا تعلم٬ و بمؤسسة الصحة التي لا تداوي٬ و بمؤسسة العدالة التي تظلم... بل الأبشع من هذا و ذاك هو عدم القدرة على استشعار الأفضل و العجز عن تشخيصه و كأننا حرمنا من الشروط الضرورية التي تسمح لنا بتفعيل قدراتنا الفطرية.