فرح الحفاة، فالسحب كانت رحيمة وتحب الاحسان إلى عباد الله المعوزين، فأمطرت أحذية من مختلف المقاييس غير أن عبد الله بن سليمان كان نائماً فلم يفرح إذ لم يظفر بحذاء ظلت قدماه حافيتين. وهكذا فقد حدق عبد الله بن سليمان إلى أحذية الناس السائرين في الطرقان بينما يفترسه الحسد. والحسد وقانا الله منه أصل البلاء، وهو كما تعلمون شر عظيم والمرء الحسود ينال ما يستحق من عقاب، فالله ساهر لا تخفى عليه خافية، لا يهمل ولا يمهل. لقد ولد عبد الله بن سليمان حافياً، وترعرع حافياً، ويسير حثيثاً إلى القبر بقدمين حافيتين ولكن ابليس اللعين خزاه الله وسوس في أذنيه وزين له أن يصير من عباد الله مالكي الأحذية، فلم يرفض عبد الله بن سليمان اغراء ابليس انما خضع له. ولا بد أنكم تعلمون أن ابليس ذو وجه يخلو من الوسامة ، وله قرنان وذيل.
ولم يكن عبد الله بن سليمان يملك من النقود ما يكفي لشراء حذاء، ولذا لم يتردد في اللحاق برجل حذاؤه جميل لامع الجلد، ثم انتهز فرصة سيره في طريق فرعية تخلو من المارة، فانقض عليه بخنجره المحدودب النصل الذي ورثه عن أبيه، وطعنه في صدره طعنة واحدة، فهوى الرجل في الحال كحجر ثقيل وارتطم بالأرض، فسارع عبد الله بن سليمان إلى الركوع بجواره محاولا انتزاع الحذاء من قدميه.
وفي تلك اللحظة مرت دورية من رجال الشرطة، فقبضت على عبد الله بن سليمان الذي لم يجرؤ على انكار فعلته البشعة، فالخنجر ملطخ بالدم، والرجل الممزق الصدر يتخبط في دمه وتتحشرج أنفاسه وقد أشار إلى عبد الله بن سليمان معلنا أنه هو قاتله.