فتح باب البراكة ، وصفقه وراءه وهو يسب ويلعن في غضب شديدين ، كان يسير وحيدا في الزقاق ، يحسب خطواته وينصت إلى وقعها المتردد، يفكر في وجهته الجديدة .أدخل يديه في جيبه بحثا عن سيجارة فلم يجد شيئا ، بصق على الأرض في سخط يلعن ويسب الظروف التي أوصلته إلى حضن تلك المدينة ، فقبل سنوات كان ذا شأن كبير ، موظف في الوكالة البنكية الوحيدة بالمنطقة ، كان حلمه أن يصل يوما إلى مرتبة مدير ، لكن موته المهني كان يوم اختلس من رواتب بعض الوكلاء ليطرد بصفة نهائية ..كان يسير وصور الماضي تقض مضجعه ، تقتله.
وصل ساحة الشهداء ، لاح له من بعيد طابور طويل أمام الشباك الأوتوماتيكي للبنك، تساءل إذا ما كان قد انقضى شهر آخر ، أشاح بوجهه نحو الجهة الأخرى ، فبدت له مقاهي السوق البلدي غاصة ، فكر في شرب فنجان قهوة ، فتذكر أن الليلة التي قضاها بالأمس في بيت حادة ، كانت جد مكلفة ، وأجهزت على كل مدخراته . ضرب الأرض بقدمه في غضب وقال :
لماذا لا يزدحم زقاق وهران مبكرا ؟
اتجه نحو حائط مؤسسة عمومية ، وأسند ظهره إلى مخدع هاتفي عمومي في انتظار أن تنشط حركة المارة.لاح له شرطي المرور يدخن في سهو قرب المدارة ، انطلق نحوه كالسهم ، سلم عليه وعاد وهو ينط من الفرح ، التفت إلى السيجارة التي أعطاه ، وقال في نفسه مازحا " لم أكن أتصور أن الصدقة تخرج من يد الشرطي بكل سهولة " عبر الشارع بحذر وعيناه زائغتان تبحثان عن مغفل قادم لسوق المدينة ، يفتتح به يومه البائس .