التقيت به بالصدفة كانت صلعته مدورة كالسكون فوق النون، كان يحمل بيده اليمنى تفاحة حمراء.. نظرت إلى التفاحة بين أصابعه،كانت كأنها عالقة بين فكي كماشة، فقد أمسك بها من خناقها .. لا اعرف لماذا تذكرت في لحظة خاطفة قول صديقي الشاعر الراحل محمد أبو الطيب "يدي على الجرح / هذا نهار وهذي صخور" ..... مضى قطار عمر صديقي الشاعر قبل أن يمضي العام المنصرم.. عاد إلى الله كملاك شعر وبسمة وسلام... أما هذا الممسك بالتفاحة، واضعا يده في جرحها، وكاتما نفسها بكل قوته،يكاد يخنقني أنا ... من هو هذا الرجل الغريب، ولما هو في بلدتنا.... كنت أتساءل في قرارة نفسي..
يمتاز الرجل الأصلع بالفتحة الظاهرة على آخر قرعته...كانت الفتحة عبارة عن أثر لجرحٍ قديم، تقافزت فوق بياضه شعيرات متبقية على جلدة رأسه، كانت الشعيرات تقفز من مكان إلى مكان كما الحركات فوق وتحت الحروف في الكلمات..عندما قفزت من مكانها مع هبوب ريح خفيفة، شاهدتها ترتفع فبانت النتف الصغيرة المتبقية فوق جلدة رأسه المحروقة بأشعة شمس الصيف...فتحة على شكل حركة،وعند النظر من زاوية مختلفة تصبح على شكل كسرة،تتحرك وفق حركة الشفاه حين يبدأ كلامه، وتتحرك أيضا مع هبوب الرياح الحمسانية التي تهب على البلاد في الربيع،كأنها فيلم عن عاصفة رملية مثل عاصفة الصحراء الأمريكية....
لاحظت أن الحركات الساكنة فوق رأسه تصبح متحركة بتحرك الشفاه وباهتزاز الشعيرات العالقة فوق جلدة الرأس الملساء... كانت السكون أقوى من الفتحة، ثابتة فوق الصلعة...