anfasse.orgبفرح عارم ،استقل الشاب ، وزير التربية الوطنية والتربية غير النظامية ومحو الأمية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، في دولة الشمس و الفصاحة ، الطائرة باكرا هذا الصباح متوجها الى الصين ... سيشارك في الندوة الدولية حول التربية المبكرة للأطفال على الابتكار والاختراع...
كم كان يتمنى أن يزور هذا البلد البعيد ...سيحضر قليلا ، يستمع قليلا ، يأخذ لنفسه صورا عديدة داخل قاعة الندوة ، مبتسما مسلما ، ثم يتجول كثيرا ، يتذوق الجمال الصيني بكل اطمئنان ،ويشتري الكثير من الهدايا للأحباب و لكاتبته الجديدة ... نزل من الطائرة ،مشى في مطار شانغهاي مزهوا بقامته المديدة وأحلامه الجميلة ... ورن هاتفه المحمول :آلو ...هنا تعديل حكومي ، وقد أصبحت في اطار التعديل الجديد وزيرا للفلاحة والبحث الزراعي والتنمية القروية والصيد البحري ،و يتعين عليك الالتحاق بعد أسبوع بالخرطوم للمشاركة في الندوة العربية الهامة حول أهمية روث البهائم في تطوير مردودية الزراعة المسقية ...

anfasse.orgما كان يخاله خطوطا حمراء لا تـُمَـس  اُختـُـِرق .. ما كان لديه سرا من الأسرار اْنْتهٍك ... ما كان مْعتبرا لديه رمزا للقوة الطاغية في لحظة الهيجان انطمس ..  أصيب في الفحولة .. في الأنا العليا والسفلى ..
 صْبرُ وصْبرٌ .. خمْر وخمْرُ .. لم يبق إلا الحشيش وجميع أصناف المخدرات كي يسكـّن ما ارتجّ في الدواخل ..
 سيكرع من السم الزعاف إن أمكن .. الموت أهون من الهُون ..
إذا لم يكن من الموت بد ** فمن العار أن تموت جبانا
 قرر بعد تفكير مُمِضّ ، أن يجعل حدا للحدود التي سيّجها حول نفسه ... صّبر نفسه مرارا على المرارة ..
ألهذا المدى انهزم التاريخ  ، وارتد منكـّسا آلاف السنين إلى الوراء  ؟؟ أينك يا بن  خلدون؟؟  لقد  تواريتَ .. ووارى الثرى ما خطـّته يمينك ..
نظرياتك  – يا بن خلدون ــ حول التقدم والعمران ، لم يصدُقْ منها إلا الاندحار في القعر..
 أنتَ من أمة ضحكت من جهلها الأمم  ... أما التقدم المزعوم فخرافة عربية ما لها من سند..

anfasse.orgبعد عمر طويل؛ وجهود مضنية ، وأحلام دفعتها أحلام فأبادتها ،  تخرج أومو وإيزيس من الجامعة ، ولأن قطار الزمن لا يرحم كان لابد عليهما من الحصول على عمل مهما كان ، وبسرعة  تتيح لهما تأسيس أسرتين صغيرتين تكونان امتدادين لهما في ما يأتي  من كر هذا الزمن .
مقتنعين بأن الرزق قرين السعي؛ قاما  باتصالات مع الجهات والمصالح والمصانع والإدارات المختلفة، ولاتصافهما بأخلاق رفيعة، وليونة في المعاملة ، وإشفاقا عليهما ، وبغية دفع أذى البطالة  ، وذل المسغبة عنهما عيينا كناسين ، في كبرى مدن  الوطن العزيز ، منصب لا يليق بهما في نظرهما ، ولكنه تكرم عليهما في نظر أولى الأمر ، ودائما تجد : في المسألة قولان.
رضي أومو وإيزيس بالحرفة الجديدة ،واكتسب كل منهما لقبا : أومو الزبال ، وإيزيس الزبال. وفي نهاية الشهر قبضا أجرة، تساوي أجرة زملائهما المعينين في مؤسسات أخرى، فارتاحا لذلك، لان الاختلاف بينهما وبين زملائهما لا يتجاوز المظهر، وهذا ليس له تأثير كبير. بل على العكس أحبا الحرفة وعرفا قيمتها ، خاصة أنهما كانا بعد الانتهاء من العمل ، وبعد استيقاظهما من النوم ، وتغيرهما لملابسهما يخرجان للنزهة في الشوارع التي كنساها ليلا ، ويستمتعان بالتجوال في وسط نظيف من صنعهما.

Anfasse.orgحل الخبر عند الغروب. نزل كقطعة ثلج على الأسماع والأبدان والأفئدة، وخيم على أجواء البلدة في رمشة عين، فعربد الفزع في القلوب واهتزت النفوس. شرد المصلون والمتعلمون والمرضعات. وانتشر الناس يهرولون في كل اتجاه.. وجوههم صفراء، وجفونهم وردية اللون ترمش في وداعة كعيون عصافير أصابتها لفحة برد.
      صارت البلدة كمدينة أشباح شاردة، متحركة ومتعثرة. وتناثرت فردات النعال في كل مكان؛ أهملتها الأقدام في ربقة من شرود الخوف والتيه. تعالت موجات الأنين والصراخ في تتابع وازدادت شموخا وحدة. كان خبر الزلزال ينزل كالصاعقة؛ يجمد العقول لحظة ثم تنفجر الحناجر بالويل والعويل.
    اتسع هول النفوس حين غدا الخبر حقيقة جاثمة تلسع القلوب والوجدان. وأيقن جل الناس أن في العاشرة ليلا سيحل زلزال لا يبقي ولايذر.. هكذا جاء الخبر. جاء به شخص ذو منصب ووجاهة، يفهم في كل شيء، وأخباره لا تكذب أبدا. ثم إنه متعلم ولديه علاقات، وخبر الزلزال يُعد لا شيء أمام ما سبق أن أخبر به قبل حدوثه. وتناسلت الأفكار مندفعة حيرى، كانت أفكارا فردية اعتباطية، لكنها تلتقي جميعها عند ضرورة مغادرة البيوت قبل أن تدفن أصحابها. وتأكد عزم الناس على المغادرة لما أن علموا أن صاحب الخبر قد أخرج كل ما يمكن إخراجه من البيت، وغادره إلى ساحة خالية من البنايات والجدران. وبدأت عمليات الإفراغ بخفة وهمة.. كل يفرغ بيته. لا مجال للمساعدة أو التعاون، فالوقت لم يعد يسمح بذلك، كانت هواجسهم تفترض أن يسرع الزلزال في مشيه ويفاجئهم قبل العاشرة.

Anfasse.orgكتامة الأسطورة.. مرفأ الهذيان !
نشاز حاد ..بين خضرة كالحة..وحصى عالق في الريح !
استلقى على سريره منهكا..كانت الرحلة من فاس الى كتامة قطعة من العذاب ..ثرثرة سائق التاكسي أتلفت أعصابه ..لم يكف طوال ساعتين عن سرد ملاحم المافيات.. و نوادر المهربين .. لم تكن كتامة يوما مجرد حقول للأخضر الموبوء ..انها ممر سحري إلى عوالم تضاهي ليالي شهرزاد الفاتنة !!
تلفع بصمته بعد أن احتد النقاش بين السائق و راكب من أبناء البلدة .. نزال ساخن حول جدوى الطوق الأمني , وخيار الاستثمار الأمثل لعشبة" الكيف" ..انتبه فجأة حين استعرض ابن البلدة تجارب من الضفة الأخرى ..أبدى إلماما جيدا بمقاربات ذكية لفض النزاع ! نبرات مديحه للسويد و مستحضرات الصيدلة تكشف لوعة حارقة ..ما الحائل دون احتواء كتامة في نسيج الوطن؟!
لاح حاجز أمني من بعيد ..فعم التاكسي سكون مريب ..حدق الدركي بارتياب في الركاب ثم رمق ابن البلدة بنظرة متوجسة تعدل ألف تهمة !
استكمل السائق مشروعه السردي بالحديث عن معاناته اليومية و المخاطر المحدقة بكل من امتهن الجلوس خلف مقود السيارة..لقمة عيش ممزوجة برائحة الموت!..وعجلات تحصد الأرواح ..وتجود للإسفلت بقرابين من لحم ودم !

Anfasse.orgمن مكانه ذاك طرح علي نفسه السؤال للمرة الألف:
 -إلى أين سأمضي؟
قطع المسافات وما أعياه المسير،توزعته المشاعروالأحلام، ومع ذلك أصر على مواصلة اللعبة، وهل كان بإمكانه استبدال الفناء والتلاشي؟ تتحول اللحظة في الذهن إلى مكان، وتتسلسل الأمكنة كما السراب.ياه، هل يكفي المكان لا حتواء كل هذا الغم بعد أن ضاقت به الذات؟
منذ ذلك الآن إلى الآن، تجده في كل مكان.تبتلعه الجموع، يدحرجه الزمن ،وكل ما حواليه مجرد ذكريات تختلط و تتمازج فتغدو الأشياء والناس بلا شكل ولا معنى..
لقد أبت الأيام إلا أن تزيد من هذا الضيق والإختناق ، وغابت فاطمة وقبلها غاب الأب الذي قاوم "النصارى"...
مثل هذه الذكريات تهيج الأعصاب وتدمر الذات... وبينما الذهن شارد، والبطن فارغ ، والمقصد حيثما سارت الجموع، تتعقب عيناه الأركان بحثا عن أعقاب السجائر ، وهذه اكتسحت الحنايا والأوصال منها يستهلك ما طاب له مثنى وثلاث ورباع.

Anfasse.orgحين التحقت أمي كعادتها متأخرة بالجارات المجتمعات أمام البيت كنت منهمكا في التسلي بمطاردة نملة كبيرة أحاول أن أسدي لها خدمة جليلة لكنها تأبى وتتأفف ثم ترفض مهرولة في كل اتجاه .كنت أحول جروح رجلي ألى مصائد أصطاد بها الذباب الملعون الذي يحاول جاهدا امتصاص دمي .أقدمه أطباق طرية ولذيذة بين يدي النملة الكبيرة ,لكنها تغير طريقها متضجرة.
كنت مثل أقراني لا نملك لعبا فنكتفي بما تجود به الآرض. جزء كبير من صبار القرية حطمناه أجل صنع شاحنات أو جرارات تجر شقاوتنا وشيطنتنا . تكومت النساء في عباءاتهن كسرب حجل يستمتع بحمام شمس ربيعية.يطرزن ما شئن من كلام.
كانت فطومة لا تكل من الحديث أبدا ,وإذا سكتت فلكي تستجمع لعابها وتواصل حكيها عن الغزل الذي لا ينتهي أبدا .وعنما تمل من الشكوى والبوح تتنهد بعمق وهي تقول "الجرية كثيرة والرزق قليل بحال النملة " عندما تتنهد تدرك فاطنة أن دورها قد حان  وأنها لابد أن تحكي وتحكي حتى تروي الآذان المشدودة إليها ,ولو أنها تدرك أن بعضهن يستمع لها في تشف, ولكن لا يهم ما دامت تجد لذة لا تعدلها لذة وهي تحكي عن اليوم الذي زارت فيه المدينة مع زوجها لتبيع ما نسجته أناملها من قبعات خلا ل سنة كاملة. لكنها حين تكاد تنهي كلامها كان صوتها يخفت شيئا فشيئا حتى إذا كاد لا  يسمعه أحد ,لطمت وجه الأرض بما تحمله في يدها مهما كانت قيمته وإن لم تحمل يوما شيئا ذا قيمة وقبل أن ينفض الغبار من حولها تقول بصوت كأنه ما تعب "سر يا ابراهيم كلت لي رزقي وكلت عليك الله....ّ

anfasse.orgانتصفَ عمر الليل وانقضى شطره, مازالتْ عبيرٌفى سريرها بجوار طفلتها النائمة, ألقى الشتاءُ فى نفسها أثقاله, وحلَّ نطاقه, وألبستها وحدتها ملاءةً من الثلج, تفكرُ فى أمرالذى يسمونه زوجها, مازال قابعاً ممدداً فى أريكته, ملتحفاً بدثاره آناءَ الليل وأطرافَ النهار, تُخفى نظارته عينيه, يشاهد التلفاز حتى وهونائم, لقد حول تشرينَها تموزَ, كأن سماءه مأتمٌ, هجرُهُ لها يذيبُ قلبَ الصخر, صهر بدنها من لامبالاته, كأن رجولته ولتْ مدبرة, حَرُّهُ لا يطيبُ معه عيشٌ, ظلُّهُ يحموم, وماؤه محموم, شاهدُ اليأس ِمنه ينطقُّ, وحبلُ الرجاءِ معه منقطعٌ.
تسألُ نفسها: لماذا تزوجها وليس له فى النساء مأربٌ؟ العامُ السابعُ يوشكُّ أن ينقضى معه, لا تشعرُأنها تزوجتْ, ربما لحظات فى أيامها الأولى ذرّاً للرمادِ فى عيونها, عانقتها الهمومُ, عيناها كأنهما خُلقتا للسهر والحزن, ضربَ النومُ بينه وبين مآقيها ستاراً, أهٍ من لوعةِ الأنثى واحتياجها لرجلٍ بجانبها ولا يشعربها, يحعلها تكتحلُ الأرقَّ وتتوسدُالقتادَ, خوفها من لقبِ مطلقةٍ يجعلها سجينته, أو ربما هى إحدى سبايا ماله, فقد خرجتْ من غرفةِ أبيها المكتظة باللحم, لتوسعَ لإخوانها موضعها, تخشى العودةَ بطفلةٍ ولقبٍ جديدٍ, ولربما لا تجد لطفلتها موضعاً يأويها بين جدران متهدلةٍ.

مفضلات الشهر من القصص القصيرة