نحاول في هذه المقالة القصيرة النبش في الرواية العربية النسائية، ونتساءل عن أقدم نص روائي نسائي؟ ونسعى إلى ترتيب الدول العربية بحسب ظهور أول نص بكل قطر عربي نسأل الله التوفيق:

  • في المرتبة الأولى: لبنان وكانت أول رواية هي نص (حسن العواقب (لزينب فواز) صدرت سنة 1899، وقبل دول عربية أصدر للبيبة هاشم أيضا رواية (قلب الرجل) سنة 1904. وهما روائيتان اشتهرتا قبل رواية ظهور رواية (زينب) لأحمد حسنين هيكل التي يحلو للبعض اعتبارها أول رواية عربية...
  • المرتبة الثانية كانت ثلاثية بين كل من سوريا ومصر والعراق : إذ صدر في سوريا سنة 1950 نص  (يوميات هالة) للروائية سلمى الحفار الكزبري ، وصدر في نفس السنة نص (أروى بنت الخطوب) لوداد سكاكسيني  وهي فلسطينية الأصل،  عاشت بين سوريا ومصر ) وبالعراق صدرت رواية (ليلة الحياة) لحورية هاشم، ولم تنته الخمسينيات حتى كانت الرواية قد استقطبت ما زيد على خمس روئيات بسوريا.  وبالعراق صدرت روايات نسائية منها  (بريد القدر) 1951 ورواية  (من الجاني) لحربية محمد سنة 1954، ورواية ن(ادية) لليلى عبد القدر سنة 1957.

ظلت القريحة الشعرية المغربية على مر السنين والأعوام، معطاءة، تجترح الصور الفنية وتشكل الاستعارات، وتنسج الواقع والحلم، وتخط ملامح الأمل؛ بلغة رصينة ونسج محكم، واستلهام كبير للمبادئ الكونية، التي تدعو للمحبة والسلام، وخلق عالم سليم من التشوهات الفكرية والاجتماعية والنفسية. أفقها واحد وموحد، ومبدؤها ثابت لا يتغير، يقوم على أساس تقدير اللحظة الشعرية التي يعيشها الشاعر، باعتبارها لحظة فارقة ينتقل بها ومعها الشاعر من الواقع إلى الحلم، ومن الألم إلى الأمل. من عالم تتكدس فيه المحن، وتكثر فيه الاعطاب الفكرية، إلى عالم رحب فسيح، يتجاوز من خلاله الشاعر مطبات المجتمع والواقع، بالقفز خارج دائرة اليأس والقنوط والموت. سواء منه الموت الفزيائي، أو الموت المعنوي النفسي.

أحيانا نُهمل حقوق نصوص علينا بعد أن نقرأها فتتشابك القراءة بالكتابة والقارئ بالكاتب، وقد ننتقل من وضعية القارئ إلى حالة شخصية من الشخصيات. قرأت رواية " وليدات الشاوية "(ط1-2005 والطبعة الثانية في سنة 2008) للكاتبة منى هاشم، بعد سنة واحدة من طبعتها الثانية، وسجلتُ في هوامشها مجموعة من الملاحظات تمهيدا لإعادة قراءتها والنظر بالموازاة إلى تلك الملاحظات الشخصية، والتي ستُلهمني بملاحظات ثانية وثالثة. لحظتها خلّفتْ في نفسي أثرا وإحساسا بالبهجة فخطر ببالي أنني أنا من كتبتها جزءا ثالثا لروايتين سابقتين لي: " زمن الشاوية " و"رائحة الجنة". ثم تأتي روايتها الجديدة "ابن تومرت أو الأيام الأخيرة للملثمين"(ملتقى الطرق، ط2-2021)لتؤكد حالة الذهول، ولأكتشف أن منى هاشم تؤكد كتابها الأول بكتابات في الرواية والتاريخ والبحث الجينيالوجي والروحي للجماعات المغربية. إنها مثل النهر الذي ينهض من باطن الأرض ليروي ويرتوي من الذاكرة والراهن في مجرى لا ينتهي، مليء بالمنعرجات والمفاحآت واللاتوقعات.

فن الرواية مدين لنجيب محفوظ، فهو بلزاك الرواية العربية لا يختلف على ذلك اثنان من النقاد ويمكن اعتبار كتابات الرواد أمثال العقاد، طه حسين، الحكيم ،هيكل، يحي حقي ،المازني المحاولات التأسيسية الأولى.
نجيب محفوظ (1911/30أغسطس2006) ابن حي الحسين الشعبي بالقاهرة الذي نشأ في بيت يتميز بالسماحة واليسر والمرونة بعكس ما أشيع بأن أحمد عبد الجواد في الثلاثية وهو القاسي الصارم المولع بالنساء هو والد نجيب محفوظ ،وقد ظل محفوظ ينفي ذلك نفيا قاطعا ،في هذا الحي الذي يتميز بالأواصر الاجتماعية وبالإحساس العميق بالانتماء إلى الحارة والوطن فتح الولد بصره على عالم الطفولة البرئ ومرحها، ودنيا المنشدين والمقرئين والقصاصين الشعبيين والمتصوفة ومجالس العزاء والطرب كما هو عالم السياسة حيث نما الشعور الوطني بالرغبة الجارفة في التخلص من الاستعمار كما تجلى ذلك أيضا في نضال زعيم الوفد سعد زغلول القدوة في العطاء وحب الوطن والثبات على المبدأ وقد أحبه محفوظ وانتمى في عمقه إلى الوفد كما كان عالم الأدب يسير ثابتا نحو التأصل والتجديد في الشعر بذخت راية الكلاسيكية فيه على يد البارودي وشوقي وإسماعيل صبري وحافظ والنثر تخلص من الركاكة والإسفاف والتصنع والحذلقة البيانية وغدا نثرا فنيا رفيعا جامعا بين عمق الفكرة ورصانة اللغة في غير تكلف والمحاولات التأسيسية النقدية تتقدم على يد سيد علي المرصفي وأحمد الإسكندري وحفني ناصف ثم العقاد وطه حسين فيما بعد.

 ملاحظة في صورة الغلاف والعناوين
رواسب: هي مجموعة قصصية لمؤلفها عصام العيون مكونة من عشر قصص كما صنفها الناشر، تقدم المجموعة وتذيل بفقرة عنونها الكاتب ومضة، وهي عبارة عن إضاءة لما ستتضمنه المجموعة وكأنها تقييد مسبق للقارء، حتى لا يشطح بفكره هنا أو هناك.
 يقول الكاتب: "...تفاصيل لبعض مظاهر حياتنا او ما ندعي اعتقاده ...في حياتنا اليومية بين ما نمارسه وما نرسمه من لوحات مشوهة على صفحاتنا..".

لوحة الغلاف:

عبارة عن صورة فتوغرافية واقعية، أخذت من داخل مكان مهجور يعلوه التراب والإهمال، يتضمن عتبة خشبية عبارة عن إطار لباب خشبي قديم مصنوع بطريقة يدوية غير متقنة، مما جعل مسامير عديدة مغروسة وبادية دون تنسيق، وكأن صانعها لا يرغب في التجمل أو الاتقان وإنما يطلب أدنى مستويات الحماية من الخارج. هذا الباب وإن كان مفتوحا على الخارج فإنه لا يقدم أي معلومات عنه، فقط وهج قوي يمنع تدفق أي خبر عما يقع خارج هذا المكان المهجور.

الترجمة قبل أن تكون نقل المعارف من لغة إلى أخرى، فهي فن يشمل الاختيار الذكي والدقيق والحاجة الثقافية، وهو ما يجيده خالد بن الصغير( كلية الآداب- جامعة محمد الخامس بالرباط) الذي أثرى المكتبة المغربية بتأليفات وترجمات أسهمت في مراكمة معرفة تاريخية وثقافية لها أهميتها في أسئلة الحاضر وقضاياه.
وقد اختار مؤلَّف " القضاء المتعدد: اليهود والمسلمون في المغرب المعاصر" الصادر في لغته الإنجليزية سنة 2017 ضمن منشورات جامعة يال الأمريكية لمؤلفته جسيكا مارجلين، الأستاذة والباحثة في تاريخ الأديان والقانون والتاريخ المعاصر بأمريكا. كتاب يتحدث عن موضوع جديد "لم تسبق معالجته إلا بطرق عرضية في بعض الدراسات الكولونيالية، ويتعلق الأمر بالقضاء والعدالة في المغرب المعاصر؛ وذلك من زاوية العلاقات بين المغاربة واليهود وجيرانهم المسلمين منذ أواسط القرن التاسع عشر، إلى حدود الحقبة المعاصرة".

على سبيل التّقديم
يَشْتَرعُ كتابُ "شيخوخة الخليل"،* للنّاقدِ المغربي "محمّد الصّالحي"، أفقاً نقديّاً متفرداً في مُساءلة قَصِيدة النّثر العربيّة، وتحديد ماهيّتها وخصائصها البنائيّة والشكليّة والفنيّة والإيقاعيّة، بِعَدِّهَا إِمْكَاناً جديداً من مُمكناتِ الصّوغ الشعريّ. ويتبدّى هذا الأفق النقديُّ الجديدُ، في سعي النّاقد، بحذقٍ ومكابدةٍ وتروٍ، إلى تبديل موقع وآلياتِ النّظر إلى هذه القصيدة التي رزحت، رَدْحاً من الزّمن، تحت وابلٍ من الدّراسات المشروخةِ بالنّزعةِ الدّعائيّةِ والاختزاليّةِ والسطحيّةِ. بهذا المعنى، يجترحُ هذا الكتابُ مُقْتَرَباً نظرياً عميقاً، غايتهُ الأساسُ الصّياغةُ العلميّة الملائمةُ للواقعِ الشّعري لقصيدةِ النّثر.

وفي هذا المَسْعى المحفوفِ بالمطبّاتِ، وعبرَ امتدادِ فصولِ الكتابِ، لا يَنِي النّاقد يضعُ المسلّمات الصّلبة، التي سّيجت قصيدة النّثر العربيّة، موضعَ المساءلةِ والتّمحيص؛ ليكشفَ، بمسباره النقديّ، تَهَافُتَ بعض هذه المسلّمات وهَشَاشَةَ مُنْطلقاتها الإبستمولوجيّة. ذلك أنّ الخطابَ النقديَّ الذي واكبَ ظهور قصيدة النّثر خلال ستينياتِ القرن الفائتِ، ظلّ قاصراً عن إدراك كنه هذه التّجربة الشعريّة بما تنطوي عليهِ من مقوماتٍ وخصائصَ، وعمدَ إلى مُعالجتها بالاستنادِ إلى مقارنتها بأشكالٍ أُخرى، أو الاحتكام في تحديد تُخُومِهَا إلى معاييرَ طباعيّة أو غيرها من المعاييرِ الخارجيّة التي تهملُ شعريّة النّص. والشّعريّة، هاهُنا، مقصودٌ بها تلكَ الطّاقة الخفيّة/ الداخليّة التي تجعلُ من نصٍّ ما نصّاً شعريًّا، بصرفِ النّظر عن الإسقاطاتِ الخارجيّة أو هَواجِسِ المقَارنَة.

بهذه الإضمامة الشعرية التي وسَمها الكاتب، والمسرحي، والشاعر محمد الشوبي بعنوان "وطن على حافة الرحيل"1، يواصل سبره لأغوار الأجناس الأدبية المختلفة. فقد استهل إصداراته أوّلا بالسرد، في مجموعته القصصية "ملحمة الليل" (2014)، وثنّاها بمسرحية "حر الغرام" (2017)، وتخللَتها مقالات صحافية في الفن، والسياسة، والإعلام، هو الآن بصدد جمعها وإعدادها للطبع في كتاب. ولعل هذا التجوال بين الفنون الأدبية مرده إلى طبيعة شخصية الشاعر، التي نراها دائمة الترحال بين الفضاءات والأمكنة المختلفة، داخل الوطن، وخارجه، كما تنمّ عن ذلك التذييلات التي يوثِّق بها كل قصيدة. فقصائده كُتِبت في مدن مختلفة، بعضها ذات رصيد حضاري وثقافي معروف، وأخرى تعيش على الهامش، فنفخ فيها من روحه، وبعث فيها الحياة بدفء كلماته، ونسغ أشعاره. ولئن استأثرتْ بعض المدن بأكثر من قصيدة في الديوان، وأوحت للشاعر بالكتابة عنها، وفيها، فلأنها، دون شك، تركتْ في وجدانه أثرا، وأشعلتْ بداخله فتيل الإبداع، وألهَبتْه بحرقة الكتابة.