1ــ مدخل إلى عامل
الرواية رسالة لغوية تحمل عالماً متخيلاً من الحوادث، التي تشكّل مبنى روائياً بشكل واسع على شريطي الزمان والمكان، والتعدد في الشخصيات بما فيها الرئيسية /البطلة، والثانوية كفروع مكملة، والوقائع والأحداث التي تتعاقب أو تتزامن؛ والسارد الذي يحكي لنا بالتفصيل؛ فهي تشتغل كالقصة على الحدث أو الأحداث، وكيفية بنائها داخل تقنيات الأزمنة وأنواع الأمكنة، وتحريك الشخصيات حسب الوقائع... ومبدعنا دخل غمارها متسلحا بثلاثة أعمدة لا يمكن استثناء أحد منها عن الآخر، أولها الأفكار التي لملمها من الواقع المعيش، وخصّبها في دنّ المخيلة بالإضافات والحذف والتوليد.. ثانيها اللغة التي جمع قاموسها من تجارب متنوعة من محيطه عن طريق الاطلاع والتلاقح ، وخزانه المعرفي الموروث عن الأجداد والأسلاف.. ثالثها الحبكة السردية التي مكنت مبدعنا من توظيف هذه العناصر، وتركيبها في بناء سردي /حكائي ... فهذه فالعوامل مجتمعة، كانت حافزا بليغا على الزج بمبدعنا في عالم الرواية ...
2ــ ملخص حول محتوى الرواية
كان لمكتبتي احتضان المنجز الأدبي، حين تسلمته شخصيا من صاحبه بإهداء محترم سرّني ، تحت عنوان :(جراح غائرة ) من الحجم المتوسط 196 صفحة، مجزأة إلى 43 جزءا، ممكن اعتبارها فصولا، ولو ليست مقيدة بعناوين تثبت ذلك.. تحكي الرواية عن قرية صغيرة تقطنها السيدة عائشة، اختطفت ابنتها زينب من باب المدرسة، وبحثت عنها، ولم تجدها، فاختفت هي الأخرى.. وأصبحت القرية تعيش فوضى باجتياح اختطاف التلاميذ من المدرسة، وهينمة أخطبوط العقارات، وأصحاب المصالح الشخصية وإفراغ الساكنة من بيوتهم ، ومزارعهم ، واجتياح المباني الإسمنتية؛ فتحولت من قرية جميلة بأغراسها وحقولها إلى قرية ملوثة، تتراكم فيها الأزبال، وتتناسل الأحداث؛ وتتفشى فيها ظواهر مقلقة كالفقر والبؤس والدعارة، والسرقة والقتل، وتطال يد الإفراغ عبد المالك زوج عائشة وأبا زينب هو الآخر .. وتتوالى الاحتجاجات.. أخيرا تعود عائشة فتجد مكان مسكنها خرابا ....
والقرية دون منازع هي رمز وإشارة حقيقية إلى الوطن ، وما يجري فيه اليوم من أحداث مؤسفة وقاتلة ، تشمئز منها النفوس ...
صدرت الرواية في حلة أنيقة عن مطبعة النورس زرار /الطبعة الأولى، تخلو من أي تقديم ، تاركا مبدعنا بوشعيب الإدريسي المجال ، ليقدم الإبداع نفسه بنفسه ..
3ـــ العتبات النصية كبوابة لاقتحام المضمومة
أي كتاب يلمسه القارئ، لابد وأن يقلبه بين يديه، قبل بدء قراءته، يتفحصه، ويطلع على عتباته النصية التي تقوده إلى المحتوى، لتساعده على فهم المقروء: كالغلاف، والعنوان، واللوحة، والألوان وما جاور ذلك.. ولقد أسهم الوعي النقدي الجديد في إثارة علاقة العتبات والنصوص المحيطة، أو المجاورة بالموضوع الأساسي، فأضحى مفهوم العتبة ، مكونا نصيا جوهريا له خصائصه الشكلية، ووظائفه الدلالية التي تؤهله للانخراط في مساءلة ومحاورة بنيات دالة، لها نفس الدرجة من التعقيد من بنية النص وأفق التوقع... وبدوري قمت كقارئة بنفس الفعل.. أسائل العتبات النصية عنصرا عنصرا بشكل متواضع قبل اقتحامي المحتوى ...