
تعتبر إشكالية المنهج من الإشكاليات الشائكة في النقد المعاصر،كما لعبت دور المحرك المعرفي في الساحة النقدية العربية. و لعل نظرة خاطفة لتاريخ الثقافة العربية منذ عصر النهضة إلى يومنا الحالي، ترصد لنا ذلك الانشطار المعرفي الرهيب الحاصل على مستوى تبني الموروث العربي أو نبذه لصالح الفكر الغربي، مما دفع مجموعة من النقاد المتمرسين إلى إعادة قراءة الخطاب الثقافي العام قراءة جديدة تتجاوز القراءة التلفيقية أو الإقحامية.
فالمنهج بوصفه إطارا علميا يساعد على كشف جماليات النصوص و فهم مكوناته و أبعاده الدلالية هو : '' طريقة في البحث توصلنا إلى نتائج مضمونة أو شبه مضمونة في أقصر وقت ممكن، كما أنه وسيلة تحصن الباحث من أن يتيه في دروب ملتوية من التفكير النظري''[1].
فالمنهج بهذه الوجهة هو المفتاح الإجرائي الذي يساعدنا على كشف بواطن النصوص وحقائقها، لأنه ليس مجرد أداة منهجية فحسب، وإنما يختزل رؤية خاصة للعالم شارك في تفعيلها مجموعة الخلفيات السوسيو ثقافية وغيرها التي أدت إلى ظهوره،و بالتالي فهو يساعدنا على رصد أبعاد النص الإبداعية.
ويعد ''ناصف'' من أهـم النقاد الدين حاولوا قراءة التراث قراءة واعية، تعتمد النظرة الموضوعية أساسا لها. و قد انطلق هذا الناقد في معالجة النصوص- خصوصا - الـتراثية من إطار منهجي ثري، حيث اعتمد على مجموعة من المناهج الغربية، التي حاول تطويعها بما يخدم النص التراثي, دون انتهاك خصوصيته الثقافية، أو وضعه على كرسي الاعتراف كما فعل غيره من النقاد....
ويعتبر المنهج اللغوي الجمالي من أهم المناهج التي وظفها هذا الناقد، حيث يـدعو إلى قــــراءة الموروث قراءة ثانية تكسر حواجز صمت النصوص ''حتى تنطق و تبوح و يتاح لها قلق صحي عظيم"[2].
لـــــقــد وظف المنهج اللغوي، كأداة تساعده على إكتناه جماليات النصوص في حدود لغتها و نقصد به: ''المنهج الذي ينطلق من الرؤية النصية في دراسة العمل الأدبي, و يتعامل مع مفاهيم الرمــوز والأساطير المبثوثة في السياق اللغوي''[3].
ويندرج المنهج اللغوي في إطار النقد الجديد [4]،الذي ظهر في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين،و هذا النوع من النقد يأخذ مقولة '' ملارميه الشهــــيرة أن الشعر لا يكـتـب بالأفكار وإنما يكتب بالكلمات مأخذ الجد "[5] ، لدرجة أنهم وضعوها شعارا ومبدأ ثابتا في منهجهم. و قد ظهر هذا النقد في: روسيا و ألمانيا و فرنسا و إيطاليا...إلخ و غيرها من الدول الأوروبية، و تختلف أسسه المنهجية من منطقة إلى أخرى، إلا أنها تتفق على اتخاذ اللغة مبدأ رئيسا ينطلق منه الناقد و ينتهي عنده.