إن الخطاب الشعري الصوفي الفارضي الذي فرض وجوده وجعل الدارسين والعلماء على اختلاف مشاربهم يختلفون في إطلاق الأحكام على شعره، لهو بحق خطاب له مكانة ويحتاج إلى الكثير من التريث بغية النظر إليه من مختلف الزوايا الممكنة في تكوين بنيته الخطابية. إن هذا الاختلاف بقدر ما يجسِّد الوعي لدى هؤلاء القراء بأهمية وطبيعة النص الشعري، فإنه يعكس رؤية شعرية منزاحة عن المألوف والمعهود لدى هؤلاء، فلعلّهم نظروا في شعره وظنوا أنهم يطالعون شعرا غزليا حسيّا أو أنهم انتظروا شعرا بسيطا إخباريا مباشرا يتوافق مع المعايير النحوية والبلاغية المعهودة.
إن شاعرنا ومن خلال تمكنه من ناصية الشعر من جهة، ومجاراته لطبيعة شعر الجاهليين المشهود لهم بالباع الطويل في نقل الصور الحسّية من جهة أخرى، ثم الانحراف إلى صور معنوية متراصة تسموا عن المحسوس المُشاهد، نراه أخلط على المتأخرين مجرد تذوق شعره فأنى لهم الحكم عليه!
ومن ضمن هذا العدول في شعر ابن الفارض ما وقفنا عليه في قصيدته التائية الكبرى التي هي بين أيدينا اليوم، خصوصا التراكيب التي حشرها حشرا وحشدها حشدا وزجّ بها في ثنايا هذه القصيدة، فقد تنوعت التراكيب بين البنى الفعلية والإسمية والشرطية والظرفية وهو مستوى الخبر، وظهر المستوى الطلبي في الورود المكثّف للتمني والاستفهام والنداء والنهي بالإضافة إلى قيم أسلوبية أخرى أَثْرَت النص الشعري كحشد الضمائر والروابط وممارسة تبديلات في التركيب مثل التقديم والتأخير والحذف، وهذا ما سنقف عليه في هذه الدراسة.
إن أهم ما يميز تائيتنا هو أنها تحيد عن الخط العام الذي رسمه النحاة وما وضعوه من قواعد، فهي لا تحترم التركيب المقنن بل تثور عليه، فالبيت كما يبدأ بفعل وفاعل قد يبدأ بالاسم كالمبتدأ، وقد يحدث تقديم وتأخير، فهو ليس كلاما مباشرا، بل غايته تسخير كل الوسائل اللغوية المتاحة لإحداث التأثير، ولهذا:"حرَّض عبد القاهر-الجرجاني-الباحثين على أن يعيدوا قراءة الشعر العربي في ضوء فكرة تنظيم الكلمات"(2)، أو كما عرَّف العرب القدامى البلاغة على أنها :"بلوغ المتكلم في تأدية المعاني حداً له اختصاص بتوفيَّة التراكيب حقها"(3).
إن شاعرنا ومن خلال تمكنه من ناصية الشعر من جهة، ومجاراته لطبيعة شعر الجاهليين المشهود لهم بالباع الطويل في نقل الصور الحسّية من جهة أخرى، ثم الانحراف إلى صور معنوية متراصة تسموا عن المحسوس المُشاهد، نراه أخلط على المتأخرين مجرد تذوق شعره فأنى لهم الحكم عليه!
ومن ضمن هذا العدول في شعر ابن الفارض ما وقفنا عليه في قصيدته التائية الكبرى التي هي بين أيدينا اليوم، خصوصا التراكيب التي حشرها حشرا وحشدها حشدا وزجّ بها في ثنايا هذه القصيدة، فقد تنوعت التراكيب بين البنى الفعلية والإسمية والشرطية والظرفية وهو مستوى الخبر، وظهر المستوى الطلبي في الورود المكثّف للتمني والاستفهام والنداء والنهي بالإضافة إلى قيم أسلوبية أخرى أَثْرَت النص الشعري كحشد الضمائر والروابط وممارسة تبديلات في التركيب مثل التقديم والتأخير والحذف، وهذا ما سنقف عليه في هذه الدراسة.
إن أهم ما يميز تائيتنا هو أنها تحيد عن الخط العام الذي رسمه النحاة وما وضعوه من قواعد، فهي لا تحترم التركيب المقنن بل تثور عليه، فالبيت كما يبدأ بفعل وفاعل قد يبدأ بالاسم كالمبتدأ، وقد يحدث تقديم وتأخير، فهو ليس كلاما مباشرا، بل غايته تسخير كل الوسائل اللغوية المتاحة لإحداث التأثير، ولهذا:"حرَّض عبد القاهر-الجرجاني-الباحثين على أن يعيدوا قراءة الشعر العربي في ضوء فكرة تنظيم الكلمات"(2)، أو كما عرَّف العرب القدامى البلاغة على أنها :"بلوغ المتكلم في تأدية المعاني حداً له اختصاص بتوفيَّة التراكيب حقها"(3).