anfasse.orgهي النفس الشاعرة تميل أن تعيش انعطافات حالاتها وتثورات مشاعرها،  تفجر طاقات إشاراتها إلى تلك الرموز التي أخذت حيزها الدائم على الوجدان، ليصبح الشاعر غير قادر على أن يسحب أنفاسه دون أن تمر على المناطق الخشنة من اعتمالاته، ولكنها في مستوى خياله تمتزج عطاءاته الشعرية بذاتيته الداخلية ليصنع رموزه الخاصة التي تؤكد هويته وحضوره المتفرد، فحينما تكون مواهب الشاعر مؤهلة لخلق رموزه وإيحاءاته الخاصة، ويحسن توظيفها على الوجه الصحيح والمتجدد باستمرار ومصاغة وفق صور منتزعة لدهشة المعنى وغرائبية الملامح، فهذا بلا شك مدعاة لأن يطلق طاقة موهبته الظاهرة منها والكامنة على شكل ابداع شعري ثر ومتميز إن كان على نطاق الحالة النفسية السالبة أو الايجابية.
 وحين تنجرح ذاتية الشاعر بالجرح البليغ ويغور خنجر الغدر إلى العمق فإن التعبير عن كل الحالات يصاحبه أنة حزينة تأبى أن تغادره أو تضمحل، تظل تباغته في كل الأوقات ومع كل الحالات دون الالتفات للزمان والمكان، تكاد تطغى على غالبية أشعاره تقريبا، فنراه يتشظى بألامه حتى وهو يحاكي معشوقته أو ينتصر لقضايا أمته ووطنه، وهو يجمع أصداف نجاحاته، وهو يغرق بصره في الأحلام ، ويكتب نوتات معزوفات أفراحه، فإن الجرح يظل الضجيج الساكن بيداء عقله الباطن، يعيش على توق عجيب لحب ما زال بعيد المنال ينتظره على أحرِّ من الشوق.

من يعشق عطر الأرض
يصير محارباً
من يعشق أنوثة المرأة
يصير شاعراً
من يعشق الله
يصير زاهداً.. حكيماً

anfasse.orgأُعجبتُ بكلامهِ عندما رأيتهُ يتحدثُ على فضائيّةٍ سعوديةٍ عن سرياليةِ المتنبي..قالَ أنَ بيت المتنبي المشهور( نحنُ قومٌ ملجنِّ في ثوبِ ناسٍ فوقَ طيرٍ لها شخوصُ الجمالِ ) أروعُ ما لدى العرب من تراثٍ سرياليِّ..ولو عاصرَ دالي المتنبي لرسمَ هذا البيت رسماً يدهشُ كلَّ نقَّادِ الفنِ الحديثْ. كانَ ذلكَ منذُ سنواتٍ عدَّة.. كانَ الشاعر ذكيَّاً في طريقةِ نقاشهِ وعرضهِ لمشكلاتِ الشعرِ العربي الحديث.. ومراوغاً في الإجابةِ على الأسئلةِ الشائكة ومحدِّثاً لبقاً وشاعراً يملكُ ثقافةً استثنائيةً فذَّةً لا زالت تبهرني وتدهشني حتى اليوم.
كانَ يتدفَّقُ في كلامهِ كالنهرِ البريء وكنتُ في شوقٍ مُشتعلٍ بكلِ حرائقِ الشعرِ لسماعهِ.
ولا أُنكر أنني متأثِّرٌ بالشعرِ اللبناني تأثُّراً جارفاً وخصوصاً بالجنوبي منهُ وشاعريهِ الجميلين محمد علي شمس الدين وشوقي بزيع.. اللذين خلخلا بقصيدتهم التفعيلية وتجديدهم الجمالِّي الجريء مسلَّمات القصيدة العربية الحديثة وغيَّرا مسارها بقوة كأنهما أحفادُ بروميثيوس وحملةُ مشعلهِ المقدَّس في الأرضِ المظلمة.أو أحفادُ ديكِ الجنِّ الحمصي في بلادِ الشام. ديكِ الجنِّ الحمصي الذي تغنَّيا بهِ وبعشقهِ وغيرتهِ وجنونهِ طويلاً.

محمد علي شمس الدين شاعر يدينُ لهُ فنيَّاً وعلى مستوى بناءِ القصيدة الحديثة الكثيرُ من الشعراءِ العرب فهو يعرفُ ماذا يريدُ من الشعرِ ومن نفسهِ أيضاً. تعرفتُ إليهِ عبر دواوينهِ الشعرية التي لا تتركُ القارئ في اطمئنانهِ الشعري أبداً وتدفعهُ للقلقِ المضني والبحث عن الآفاقِ الجديدة المجهولة.
كنتُ قد قرأتهُ بنهمٍ ضارٍ قبلَ عدَّةِ سنواتٍ فأدركتُ انني أقفُ أمامَ قامةٍ سامقةٍ وضاربةٍ في أقصى سماءِ اللغة. لمستُ في كتابتهِ الشعريةِ نموذجاً شعرياً حداثوياً نقيَّاً من الزوائدِ والشوائبِ ومكتوباً بحساسّيةٍ عاليةٍ وتركيزٍ جمٍّ قلما وجدتهما عند غيرهِ من الشعراءِ المعاصرين. فهو يتغلغلُ بحسِّهِ الصافي وذكائهِ الفطري إلى جوهرِ الحداثةِ وسرِّها الدفين متشرِّباً بها حتى النخاع. ومشبعاً ظمأ فؤادهِ وروحهِ التي ترفرفُ في محيطٍ يلهثُ شعراؤهُ في شمسِ الصحراءِ العربيةِ القاسية.

anfasse.org1- الوصف؛ الطبيعة والفعل:
 يقوم الوصف في الفعل السردي مقام العمود الفقري الذي يعطي لهيكل النص اعتداله واستقامته. وليس السرد في حقيقته الأولى إلا وصفا لوقائع وأحداث، تتخللها حوارات في إطار زماني ومكاني. وكأن السارد لا يفعل شيئا سوى استحضار الحادثة من خلال آلية الوصف التي تتفنن في استعراض الحدث والفاعلين والإطار المكتنف لهما. غير أن الوصف بهذه السعة، لا يمكن أن يكون مرادفا للسرد، ولا للقصة. بل سيكون فيهما عنصرا متضمنا إلى جانب عناصر أخرى تشكل حقيقة السرد. فهو من هذه الناحية، قريب الشبه بالتعبير الذي يكون الغاية التي يقوم من أجلها الأثر الأدبي والفني طورا، وطور آخر عنصرا متضمنا في الأثر نفسه. ومن ثم تكون مقاربة الوصف باعتباره صنوا للسرد، غير مقاربته وهو العنصر الماثل فيه مثول العناصر الأخرى.
       والوصف في طبيعته الثانية يمكن ملاحظته مستقلا عن عرض الأحداث والأفعال التي تشكل طبيعة السرد. وقد استطاع الدرس النقدي التقليدي التمييز بين لونين من الوصف المتَضَمَّن في السرد. فسمى الأول ب"الوصف التجميلي" "description ornementale" الذي يتوقف دوره عند المعطى الجمالي فقط. والثاني ب"الوصف الدال" "description significative". كما يكون الوصف في حد ذاته "فعلا" كما هو الشأن في الرواية الجديدة.
 والذي يكشف عنه التقسيم السابق ضرب من الفهم الذي أخذ مع نهاية القرن التاسع عشر، يستثقل المقاطع الطويلة الواصفة، ويجد قراءتها مملة، مُثقَلة بالجزئيات التافهة التي لا تغني شيئا في دلالة الأثر. خاصة وأن وعي العالم لم يعد على الهيئة التي كان عليها من قبل، تحكمه الرؤية السكونية التي تجد في الأشياء ثباتا قريبا من الأزلية. فالوصف الذي يحاول اختزال العالم في نموذج مصغر ويحاكيه، لا يمكن له أبدا أن يحيط بحقيقته تلك. بل لن يقدم إلا صورة مشوهة عنه.

anfasse.orgقراءة في كتابات الأعرج واسني.
تقديم:
قد يكون العنوان الذي اصطنعته لمقالتي قريبا مما يصنعه أهل الصحافة، غير أنني أجد نفسي مضطرا لذلك، حينما أحاول الاقتراب من الرواية الجزائرية قراءة، فأصاب بضرب من الدوار وأنا أتزحلق من سطر إلى سطر، ومن صفحة إلى أخرى، باحثا عن حكاية تحملها اللغة، وما يتبع ذلك من رؤى وصور، وقيم، وفلسفة للحياة  ورؤية للعالم... وما شئنا من المصطلحات التي ترتبط بالفعل السردي عموما. غير أننا في الكتابة الجزائرية خصوصا والعربية عموما افتقدنا ذلك الرابط الخفي الذي يلحِّم النص الروائي ويعطيه حق التجنيس، وحق الانتماء الأدبي.. وعندما يغيب ذلك الخيط الرفيع، تَسلم اللغة إلى ذاتها فيما يشبه الهذيان الحالم، الذي يجري وراء الكلمات المغموسة في شراب الشعرية الثملة، والتي تصيب القارئ بدوار سريعا ما يلقي بالرواية جانبا ولا يعود إليها إلا مضطرا..  ربما كان التأرجح بين هذيان اللغة ولغة الهذيان سببا في تدني المقروئية التي يشتكي منها كتاب الرواية أنفسهم ابتداء.
1-غيبة النقد المتخصص:
إننا نسعى في إطار مشروع خاص لقراءة الرواية الجزائرية، إلى قراءة تبتعد عن المناهج الحداثية الواصفة، التي انتهت حسب كثير من الملاحظات الناقدة إلى كتابة نص نقدي واحد يصلح لكافة الكتابات الروائية والشعرية. يكفي فيه تغيير الأسماء واستبدال الأنواع، ليغدو صالحا مع هذا الكاتب وذاك الشاعر .. وقد كان الأدباء المبدعون أول من تذمر من ذلك الحياد الذي حرمهم الكلمة الناقدة الخالصة التي تقوم المعوج، وتزكي الصالح. وكأننا حين التمسانا الحياد في مواجهة الإبداع، فتحنا الأبواب أمام كل تجريب فاستوى في مضماره التجريب الفذ الحاذق، والتجريب الفج المتهالك. وصار الكل يطالب بالاعتراف لينال السبق والحظوة.
        لقد نقلنا النقد الجاد إلى جلسات المقاهي الضيقة، التي تجري فيها الأحاديث مجرى "النميمة" وخلصنا من خلالها إلى كثير من الآراء النقدية التي تتميز بالحدة الجارحة والإقصاء المشين. وإلى كثير من الآراء الناقدة المستبصرة. غير أننا في هذا وذاك لم نسجل نقدا حقيقيا ترفعه صفحات المجلات والكتب والدراسات. بل تعمدنا تركها للمناهج الواصفة التي تتسلق أسوار الإبداع شأن الطفليات لتقول قولتها المكرورة هنا وهناك. مادامت عاجزة عن استصدار حكم قيمة، سيتحسن الحسن ويستهجن الهجين.  وتركنا فضيلة ذلك كله للكتابة الصحفية التي إن قالت  شيئا فإنما تقوله سريعا ثم تطويه طيا أسرع.

anfasse.orgوأنا امتداد الحلم و الموت المؤجل

كلما نبتت بقلبي وردة

أحسست أن جراحه تزداد شبرا   

             عبد الله راجع

العتبات النصية
يسعى النقد المعاصر اليوم إلى الإهتمام بما يسمى مداخل النص ، أو عتبات الكتابة بعد أن  ظل إلى وقت  قريب  يولي اهتمامه  بالقارئ  على حساب النص ،  و يرجع هذا الاهتمام إلى  ما تشكله هذه المداخل  من أهمية  في  قراءة  النص و الكشف  عن  مفاتنه  و دلالته الجمالية  ، هذه  العتبات هي علامات  لها  وظائف عديدة ، فهي تخلق لدى  المتلقي رغبات  و إنفعالات  تدفعه إلى اقتحام النص  برؤية  مسبقة  في غالب الأحيان  « ...  فالعتبات النصية علامات دلالية تشرع أبواب النص أمام المتلقي، القارئ و تشحنه بالدفعة الزاخرة بروح الولوج إلى أعماقه »  1  فغياب هذه العتبات  أو
  - النص الملحق –  هل معناه  أن القارئ  سيكون  عاجزا على اقتحام  بنيته  ؟ ،  إنه سيجد نفسه أمام أبواب مغلقة، وعلية فتحها،  من هنا تتجلى أهمية  هذه العتبات  لما تحمله  من معان وشفرات لها علاقة مباشرة بالنص تنير دروبه أمام المتلقي،  وهي تتميز«... باعتبارها عتبات لها سياقات فيه تاريخية و نصية ووظائف تأليفية تختزل جانبا مركزيا من منطق الكتابة »  2
،  لكن ما  يهمنا هنا هو الحديث عن عتبة أساسية من هذه العتبات ،  باعتباره  العنصر الذي لا  يمكن الاستغناء عنه ، العنوان  ،  مع محاولة  قراءة  و تحليل عناوين  لبعض  دواوين  الشعر المغربي  المعاصر و لأجيال  مختلفة  من الشعراء ،  شعراء  بداية القصيدة  الحديثة  مثل   محمد  الميموني  و الطبال  ، أو شعراء  السبعينات  كمحمد  بنيس  و عبد الله راجع أو الشعراء الشباب كحسن الوزاني و وفاء العمراني .
     
   العنوان
يشكل العنوان عـتبة أساسية  في  تحديد الأثـر الأدبي و قراءته  ،  فمن خلاله تتجلى جوانب جوهرية تحـدد الدلالات العميقة لأي  نص «.. مما يجعلنا  نسند للعنوان دور العنصر الموسوم سيمولوجيا النص » 4 هكذا يصبح العنوان عنصرا بنيويا يعطي للنص هويته و التي تفضي إلى قراءته، أي يمدنا بمفتاح تحليل النص و قراءته فهو» يقدم لنا معونة كبرى لضبط انسجام النص و فهم ما غمض منه إنه المحور الذي يتوالد و يتنامى و يعيد إنتاج نفسه ، وهو الذي يحدد هوية القصيدة ... » 5

anfasse.orgمنذ صدور ديوان: "واحة النسيان" للشاعر الستيني المغربي: بنسالم الدمناتي إلى اليوم، لم أعثر فيما أتصفح من مجلات وملاحق ثقافية لجرائدنا على ما يمكن أن ينصف هذا المبدع، أو يجلي الدور الطلائعي الذي نهض به من أجل إرساء معالم القصيدة المغربية الحديثة والمعاصرة. وهذا لعمري جحود من طرف نقادنا لا أجد له من مبرر سوى آفة النسيان التي ألمح إليها الدمناتي في ديوانه "واحة النسيان".
نعم أنا أحترم مواقف الشاعر وقناعاته حين يفضل أن يبقى بمنآى عن الأضواء، معتكفا في محراب إبداعه" متمسكا بخجل الناسك والصعلوك والمعصر، سابحا في مملكة الجن" ـ على حد تعبيره في قصيدة: "مأدبة الأفعال"، إلا أن فضيلة الاعتراف بمن صنعوا مجد القصيدة المغربية الحديثة دين يجب أن يسدد لأصحابه ـ وإن جاء بـعد فوات الأوان ـ. من هذا المنطلق، أرى أن التوقف عند ديوان "واحة النسيان "للشاعر المبدع بنسالم الدمناتي له ما يبرره اليوم.
صدرت الطبعة الأولى للديوان سنة 1996 من طرف المؤسسة الإسماعيلية للطباعة والنشر والتوزيع: (ALIED)، وهي طبعة ساهم الفنان التشكيلي المعروف حسين موهوب في إضفاء رونق عليها برسوماته ولوحاته المتميزة. ويضم هذا الديوان اثنتي وعشرين قصيدة كتبها الشاعر في فترات متفاوتة تتراوح ما بين 1972 و 1995، بالإضافة إلى قصائد أراد لها الشاعر أن ترى النور ضمن هذا الديوان، رغم أنها تنتمي إلى فترة التأسيس. ويغطي المتن الشعري للديوان ثلاث مراحل أساسية في حياة الشاعر:
مرحلة التأسيس: وتمثلها قصائد رأت النور في الستينيات ـ ولم يسبق للشاعر أن نشرها من قبل ـ حسب علمي ـ كقصيدة: "الذهب الشفاف" وقصيدة "أغنية مرتد" وقصيدة "اللهب الأحمر" وهي قصائد موزونة إيقاعا على أبحر الخليل (البسيط والرمل...).
مرحلة السبعينيات: وتمثلها في الديوان قصائد: ألام الحطيئة" وأحزان كامب ديفيد" و"مقدمة من غربة الحلاج"، وفيها يتحرر الشاعر كليا من إيقاع الخليل، ليعانق موسيقية الجملة والإيقاع الداخلي، موظفا بذكاء بارع إيقاع شعر التفعيلة.

Anfasse.orgإن الشاعر محمود مغربي من الشعراء الذين يمثلون جيل الثمانينيات الشعري في مصر  ،لأن مغربي واحد من الشعراء الذين أرسوا دعائم التجريب الشعري في القصيدة الحديثة متمردا علي جيل السبعينيات الذين نسبوا التجديد لأنفسهم،وجاءت هذه القراءة؛ لتطرح استراتيجية الخطاب الشعري في ديوان تأملات طائر لمحمود مغربي ،فمغربي شاعر من أهم شعراء الجنوب لأنه يسكن في أقصي الصعيد (قنا ) فهو مغرم بالتأملات والبحث عن كينونة الوجود والعدم،والبحث عن الآخر سواء أكان هذا الآخر  إنسانا ،حيوانا جمادا،………،، مغربي يمتلك من خلا مشروعه الشعري المتفجر بالحيوية والانطلاق ظاهرة أراها متجذرة في شعره وهي البحث عن الذات الضائعة التي تجد نفسها ذوات الآخرين ،وقبل الولوج إلي عالم الديوان (تأملات طائر )تحتم علينا المداخل النقدية الحديثة أن نطرح العتبات الأولي في النص الشعري وهي الإهداء ، فقد جاء الإهداء مفعما بالحنين والألم والخصوصية الشديدة فيقول:
إلي  أبي ،أمي
إلي قنا
الإنسان والمكان ،الأحبة ،هناك.
يطرح الإهداء إخلاصا ووفاء ما وحبا ممزوجا بالحنين للأب والأم والموطن قنا تلك الفتاة الجميلة والاحبة الذين يسكنون الشمال ،إن الذات الشاعرة تشعر بفقدان هؤلاء الأحبة الذين دهستهم العاصمة (القاهرة)  بعجلاتها التي لاترحم .
وعن علاقة الذات بالآخر التي تمثل الظاهرة الكبري في شعر مغربي  وتعد استراتيجية من استراتيجيات الخطاب الشعري عند محمود مغربي  لأن الآخر هو محور نصوصه ،من خلال الحضور القوي فيقول في قصيدة ( تاملات طائر):

Anfasse.orgتـقـديـم:
العتبات النصية – النص الموازي - عبارة عن مداخل للنص ، تشرع أمام المتلقي الطريق لاقتحام هذا النص ، و من خلالها يبني أفق إنتظاراته و توقعاته ، وهذه العتبات لها وظائف متعددة ، و تتخذ أشكال مختلفة «... لها سياقات توظيفية تاريخية و نصية و وظائف تأليفية تختزل جانبا من منطق الكتابة. »1  فهذه العتبات إذن مثل اسم المؤلف ، العنوان ، العنوان الفرعي ، الإهداء ، التقديم ، الغلاف ، الصور ، الألوان ، الطباعة شكل الحروف... كل هذه العتبات تحمل في جوهرها دلالات مباشرة، أو غير مباشرة لها صلات و وثيقة بحمولة النص ، بالإضافة إلى دلالاتها الرمزية و الإيحائية و التي تشكل عنصر إثارة تدفع القارئ إلى التعامل مع النص انطلاقا من تمثله و تأويله لهذه المداخل . وهذه العتبات يتحمل كل من الكاتب و الناشر دورا أساسيا في تحديد معالمها ، ذلك أن المبدع أثناء كتابته للنص ، و اختياره للعنوان ، و الإهداء... يظل المتلقي في ذهنه حاضرا، فهو يسعى إلى إثارة انتباه القارئ بل إلى استفزازه أحيانا ، ثم يأتي دور الناشر – الطبعة – من خلال طريقة إخراجه للكتاب .
 وسنحاول في هذه الورقة الوقوف على بعض هذه العتبات في ديوان الشاعر المغربي محمد الحلوي المعنون بأوراق الخريف و الذي أصدرته وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية . و سنقتصر فيه على العتبات التالية : الغلاف ، العنوان ، التقديم ، الإهداء .

الـعـــنــوان:
 يشكل العنوان عـتبة أساسية في تحديد الأثر الأدبي و قراءته ، فمن خلاله تتجلى جوانب جوهرية تحـدد الدلالات العميقة لأي نص«.. مما يجعلنا نسند للعنوان دور العنصر موسوم سيمولوجيا النص» 2 هكذا يصبح العنوان عنصرا بنيويا يعطي للنص هويته و التي تفضي إلى قراءته، أي يمدنا بمفتاح تحليل النص وقراءته فهو» . يقدم لنا معونة كبرى لضبط انسجام النص و فهم ما غمض منه إنه المحور الذي يتوالد و يتنامى و يعيد إنتاج نفسه ، وهو الذي يحدد هوية القصيدة ... » 3

مفضلات الشهر من القصص القصيرة