Abstract RELIGIOUSإنه لا ينبغي أن يحصر علم اجتماع الأديان في التأملات المحددة سابقا، إذ العديد من المسائل التي ينبغي طرحها والتي يلزم إثارتها، ليست سوى علاقات بين المنظومات الدينية الكبرى والجماعات العلمانية، كذلك الدور المنوط بهذه الأديان في إرساء علاقات اجتماعية بين البشر[i][1].

يهدف علم الاجتماع لمعرفة حياة المجتمعات، فهو يتعلق بدراسة بناها الداخلية وعلاقاتها الجدلية. ويسعى لتحليل الأسس الاجتماعية للمبادئ التي تحكم الجماعات البشرية، محاولا من خلال مقارنة مختلف أنماط المجتمعات البشرية، تحديد الأسباب والقوانين العامة لتطورها. ولزمن طويل، لم يكن علم اجتماع الدين يمثل بموضوعه الخاص، سوى فرع خاص من علم الاجتماع العام. كانت المدرسة الفرنسية خلال الربع الأول من هذا القرن، قد تبنت الفكرة القائلة، بأن أسس أي دين تكمن أولا في الحياة الجماعية ومن جانبه أيضا ربط علم الاجتماع الجدلي بشدة الوقائع الدينية بالبنى الاقتصادية والاجتماعية، حاصرا علم الاجتماع الديني في حدود الاختبار النقدي لعلاقات الخضوع بين الدين والتناقضات الاجتماعية. وبتطبيق رسم جد مختصر، أكد التحليل الماركسي أن الحقيقة العميقة لأي موقف ديني، ليست سوى نتاج ظرفية اجتماعية، يتحدد فيها طبقا لانتمائه لطبقة اجتماعية معينة. فالظاهرة الدينية تتجلى بمثابة التجسد لواقع محدد، حيث تكون تعبيره الإيديولوجي والانعكاس الجلي لمصالحه المادية. فبنوع من الحتمية وبصفة غير مباشرة، كان التطور لتحليلات جد معمقة. وبدون إلغاء للترابط البنيوي بين الدين والمجتمع، كان سعيها جادا لفهم وتفسير مختلف الأنماط. وبحسب هذا السياق، تطور علم الاجتماع الديني إلى علوم اجتماع دينية مختلفة، بحسب الموضوع الخاص لأي من تحليلاتها. إذ يبدو أنه قد هجر الوحدة الأساسية لحقله، موشكا أن يتيه في أتربة وتعرجات الحالات الخاصة، التي يتابعها بتحفزات علمية متطورة، ولكنه أحيانا أيضا متابعا أهدافا محددة بكل عناية. فالمسألة التي تطرح أمام علماء الاجتماع المعاصرين وهي، العودة عن تلك العلوم الاجتماعية الفرعية إلى علم اجتماع ديني حقيقي.

Abstract architecture montيمكن أن نلخص الصعوبة الإبيستيمولوجية، التي كانت تعترض الدراسة العقلانية للدين، في السؤال التالي: كيف نستطيع أن نتخذ الدين، باعتباره ظاهرة مقدسة، موضوعا للدراسة العقلانية؟ ألا تنطوي عملية دراسته على إلغاء خصوصيته كظاهرة مقدسة، على اعتبار أن الدراسة العقلانية، لن تستطيع القيام بدورها، إلا بعد "تدنيس" مواضيعها على أرضية التاريخ؟ بمعنى كيف يمكن بحث موضوع الدين، عقلانيا، وهو يقوم على أصل غير دنيوي؟ أليس في  عملية نقله من مجال المقدس، إلى مجال المدنس، إلغاء له، كظاهرة خاصة ومتميزة، وإفراغ الدراسة من موضوعها؟
لقد أدت هذه الصعوبة في دراسة الدين، إما إلى مقاربته بشكل تأملي، أسفرت في أحسن نتائجها عن إضفاء المزيد من القداسة والغموض على الظاهرة الدينية، وإما إلى تجاهله وإلغائه من الاهتمام، واعتباره إما "وهميا" وجب إزالته، أو "عصابيا" نفسيا يعانيه الإنسان (Marx, Freud ).
إلا أن أهم بداية لتجاوز هذه الصعوبة أمام دراسة الدين، عقلانيا، كانت مع ظهور علم الاجتماع وبداية النظر لقضايا لمجتمع والتاريخ، من وجهة نظر مغايرة للسابق، وبأدوات معرفية ومنهجية قريبة من حرارة الحياة الواقعية للبشر. ولعل أهم مؤشر على هذه البداية، هو اعتبار الدين ظاهرة سلوكية، تهم العلاقات الاجتماعية للفرد داخل محيطه الاجتماعي. هكذا تحول الموضوع من دراسة الدين، إلى دراسة ظاهرة التدين. فما يهم عالم الاجتماع، ليس الدين كإيمان روحي للفرد والجماعة، ومعتقدات تجيب على قلق الإنسان أمام العالم والمصير الوجودي، بل ما يهمه هو المظهر الاجتماعي والثقافي الذي يأخذه هذا الإيمان، على مستوى الحياة العامة للمجتمع، والتجسد المؤسساتي والتنظيمي، الذي يترجم هذه المعتقدات، إلى معاني تاريخية، وسلطة دنيوية.

PAUVRETEمقدمة
يشكل الفقر إحدى أعقد وأصعب الظواهر الاجتماعية، والتي يصعب دراستها وحلها، وتتجلى الصعوبة الأولى في كون الباحثين والدارسين لهذه الظاهرة، يجدون صعوبة في قياسها وتحديد معاير و مؤشرات للتميز بين الفقير و غيره، هذا من جهة ومن جهة أخرى، يجد المختصون في السياسات العمومية و الواضعين لسياسة مواجه الفقر ومتخذي القرار في هذا الموضوع عراقيل عديدة لتوجيه هذه السياسات نحو عمق هذه الظاهرة.
إن ظاهرة الفقر ليست وليدة اليوم إنها ظاهرة متجذرة في التاريخ وأعمق مما نظن، مظاهرها عديدة ومسبباتها غامضة، و الحلول التي تضعها الجهات المختصة خصوصا الدولة لا تغني ولا تسمن من جوع، خصوصا في بلدان العالم الثالث عامة والمغرب خاصة. وفي هذا المقال سنحاول التطرق لهذه الظاهرة والبحث عن تعريف لها، وسنحاول الكشف كذلك عن الإشكاليات التي تطال الباحثين أثناء محاولتهم وضع تعريف جامع مانع لهذا المفهوم، ثم سنرصد بعض الإحصائيات المتعلقة بهذه الظاهرة في المغرب، وكيف يحاول هذا الأخير مواجهة هذه الظاهرة.

315 -1348471184في كل مرة، ينتج الناس حدثا مخصوصا يتم استهلاكه بشكل دوري عبر وسائط إبلاغ المعلومة المختلفة، ولو شاء أحدنا أن يحصي الأحداث المندوبة للاستهلاك الجماهيري على امتداد سنة واحدة، لاستحال عليه الطريق وصُدت دونه الأبواب. وهي، فضلا عن كثرتها، تُخلق لتسلية الناس وإخمار عقولهم لعلها تميط وجوههم عن القذارات الاجتماعية المختلفة.
ليس الأمر بسيطا كما نشاء أن نقنع أنفسنا، ففي كواليس كل حدث، هناك من يعمل في الخفاء لإظهار ما يجب أن يظهر، وإخفاء ما يجب أن يختفي، وفي كل خفاء أو تجل، لا يسع الناس إلا أن يستهلكوا كل شيء بعقول مخمورة وأذهان غائبة بعد أن جلسوا طويلا على مقاعد دراسة لم تقدم لهم يوما أدوات التحليل النقدي لما يلوح في آفاق الدنيا من أشياء أو أحداث أو ظواهر.
 أما منتجو ثقافة الاستهلاك هاته فسينبهرون بقوة انتشار الأحداث التي صنعتها أيديهم، ويعتبرون هذا الانتشار وسيطهم لبلوغ السقف والنظر إلى الشعب من سدة الصيت الذائع، ثم يقتنعون بعد برهة أن أعمالهم هي السداد والفعل اليقين، فتشكلت لدينا فسيفساء مجتمع مريض؛ صحافة مريضة، ومدرسة مريضة، وإدارة مريضة، ودولة مريضة، وشارع مريض... أما هو، ذلك الإنسان الذي يطلق عليه عادة اسم "المثقف"، فينكفئ في زاوية مظلمة شديدة الحلكة، يجلس القرفصاء متدثرا بأسمال سميكة، ويتأمل الأشياء من بعيد بعينين متوجستين أذبلتهما المأساة.

red-abstraction-almaيعد مفهوم العائلة من المواضيع الاجتماعية التي اهتم بها البحث السوسيولوجي بالمغرب، وذلك نظرا لما تشكله "العائلة كمؤسسة أجتماعية تكتسي أهمية وظيفية وبعد أساسي داخل النظام الاجتماعي، وإضطلاعها بأدوار متعددة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، فالعائلة هي النواة الاولى للمجتمع ، فتطور العائلة أو الاسرة هو تطور للمجتمع بأكمله، ونظر لهذا العمق الذي يكتسيه موضوع العائلة من حيث بنيتها وشكلها ومضمونها وقيمها ووعيها و تكوينها، فقد انصب العديد من الباحثين المغاربة على دراسة بنية العائلة وتشكلها ونشأتها وأنماطها، وذلك من خلال تحليلات سوسيوتاريخية تتجه نحو فهم وتفسير نسق الاسرة وعلاقتها السببية   بالنظام الاجتماعي. وأمام هذا التعدد الذي تعرفه بنية العائلة، فإن طرح السؤال يبقى ضرورة ملحة لتوسيع مجال الفهم، فكيف تتحدد بنية العائلة بالمغرب؟ ما هي مظاهرها وتجلياتها وأنماطها وتفاعلاتها مع النظام الاجتماعي؟
إن فهم العائلة من منظور سوسيوتاريخي تخترقه أربعة ظواهر أساسية بتعبير الباحث السوسيولوجي "محمد شقرون" وهي: الديموغرافيا، الصعود نحو الشمال، التطور نحو الاستقرار، والخضوع للسلطة المركزية. ومن هنا يتجه هذا الباحث الى بلورة العلاقة السببية أو التطابق القائم بين النظام الاجتماعي المغربي ونمط البنية العائلية فيه، ولمحاولة فهم بنية العائلة في المجتمع المغربي فإنه يمكن الانفتاح على الحقل التاريخي ومعطياته التي تحدد الغنى المعرفي الذي يعرفه موضوع العائلة.

Abstract-Painting-024يستدعي مفهوم الدولة سيادة الاعتقاد القائل، بأن العنف هو الوسيلة الفعالة لانتزاع السلطة داخل مجتمع مكون من طبقات. فغياب هذه الأخيرة، يفضي إلى غياب كل أشكال العنف، بالتالي اندثار مفهوم الدولة الذي يخلع عن المجتمع كل حالات الاستقرار و الوحدة، و يؤدي إلى حالة نزاع و فوضى.
فالدولة هي الإطار القوي الذي يحتكر حق ممارسة العنف بشكل شرعي يضمن استمراريتها و سيادتها على جل الأفراد.
في هذا الصدد يحدد ماكس فيبر ثلاث مرجعيات أساسية لسيادة الدولة و أسسها الشرعية. هناك، أولا، الإرث المشترك من تقاليد مقدسة بفعل صلاحيتها المنقولة و المتوارثة بشكل جعلها تترسخ في الذاكرة، تعكس مجموع العادات و الطقوس التي تضرب بجدورها عميقا في نفس الإنسان . ثانيا، هناك، سلطة الشخصية الكاريزمية كنشاط زعيم سياسي - الديماغوجي-  . وهناك، أخيرا، سلطة مدعومة بقبول شرعيتها باعتبارها، أداة تمكن من تنفيذ فعاليات العقل .  حيث يعتبر هذا الأخير هو المشرع للمبادئ و القوانين باعتباره معيارا كونيا مقبولا .

toile-imgتطرح فكرة الحوار بين الفكر الديني المغلق والفكر النقدي، منذ البداية، سؤالين: هل يمكن اختصار الحقائق المختلفة والمتنوعة إلى حقيقة دينية مكتفية بذاتها؟ وهل الحقائق أبدية لا تقبل الاختبار ولا تلتفت إلى الممارسة؟ يحوّل الفكر المغلق الظواهر إلى «عمومية دينية» أحادية المصدر والتفسير، فإرادة الله قرّرت ما جاء وما سيجيء، وفي «كتاب الله» ما يجيب عن الأسئلة جميعاً. تختصر المعارف إلى معرفة دينية، ويتعيّن «الضمان الديني» بديلاً عن التجربة والاختبار، وتبدأ الأمور وتنتهي بـ»سلطة البلاغة»، التي تصيّر ما عداها نوافل لا تستحق التوقف. ومع أن الفكر المغلق يضع «المفرد الإنساني» خارج خطابه، مرحِّلاً مراجع الظواهر إلى خارجها، فهو يعود بشكل لا تنقصه المفارقة إلى «المفرد المؤمن» ويعيّنه «إرادة إلهية ثانية»، منتهياً إلى استبداد يساوي، رغم الخطابة الورعة، بين «الكلام المؤمن» والإرادة الإلهية. يفضي هذا التصور إلى «احتكار الحقيقة المطلقة»، موزعاً البشر على فئات ضالة وجماعة مؤمنة، تفرض الحق على الأرض.
يضيء مفهوم الحوار، بالمعنى النظري، السؤالين السابقين بأشكل مختلفة. فهو يفترض اعترافاً متبادلاً بين المتحاورين يتضمن، لزوماً، اعترافاً بنسبية المعرفة، فـ»التمام المعرفي» لا يحتاج إلى خبرة خارجية، وبالعلاقة بين المعرفة واختبارها، وبين المعارف والحاجات الإنسانية المتجددة. يتكشّف الحوار، بهذا المعنى، في أولوية التجربة على الكلام، وفي أولوية المتعدد على المفرد. وسواء أقر الحوار التساوي بين البشر، أو أقرّ به بقدر، فهو يفضي إلى موقع جديد، يبدأ من «الإنسان العاقل»، ولا يستدعي إضافات «دينية».

275926-e1347669495726من غرائب الصدف أو لنقل من غرائب صنائع ولاة الأمر المستبدين، أن يلقى المرء حتفه من الداء الذي حذر منه و ظل يدعو إلى استئصال شأفته، إنه داء متابعة الحكام المستبدين لرجالات العلم و مطاردتهم أينما حلوا و ارتحلوا،  لا لجرم ارتكبوه و استحقوا بموجبه العقاب، و لا لقول تلفظوا به و لم يلاق هوى لدى الحاكم، و لا لمكتوب دبجوه و حمل في ثناياه ما يدينهم و يزج بهم في مهاوي التهلكة، بل فقط لأنهم تجرؤوا على تنوير العوام و توضيح الخير لهم و فضح الشر. و هذا لعمري أشد إيلاما على المستبد و أكثر فتكا بسلطته من غيره، كيف لا و "أخوف ما يخافه المستبدون من العلم أن يعرف الناس حقيقة أن الحرية أفضل من الحياة أو أن يعرفوا النفس و عزها، و الشرف و عظمته، و الحقوق و كيف تحفظ، و الظلم و كيف يرفع، و الإنسانية و ما هي وظائفها، و الرحمة و ما هي لذاتها". الكواكبي ألف كتابه العمدة "طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد" و هو يمني النفس أن يرفع عن العوام جهلهم الذي هو مكمن دائهم و ما يعيشونه من ذل و هوان، لأنهم إذا جهلوا خافوا و إذا خافوا استسلموا. و الاستسلام أكثر ما يرغب فيه حاكم مستبد يرفل في النعيم حين يرفلون في البؤس و يسعد حين يتعسون. لأنه يدرك أنه لا "استعباد و لا اعتساف إلا مادامت الرعية حمقاء تخبط في ضلامة جهل و تيه و عماء.