Abstract-Painting-024يستدعي مفهوم الدولة سيادة الاعتقاد القائل، بأن العنف هو الوسيلة الفعالة لانتزاع السلطة داخل مجتمع مكون من طبقات. فغياب هذه الأخيرة، يفضي إلى غياب كل أشكال العنف، بالتالي اندثار مفهوم الدولة الذي يخلع عن المجتمع كل حالات الاستقرار و الوحدة، و يؤدي إلى حالة نزاع و فوضى.
فالدولة هي الإطار القوي الذي يحتكر حق ممارسة العنف بشكل شرعي يضمن استمراريتها و سيادتها على جل الأفراد.
في هذا الصدد يحدد ماكس فيبر ثلاث مرجعيات أساسية لسيادة الدولة و أسسها الشرعية. هناك، أولا، الإرث المشترك من تقاليد مقدسة بفعل صلاحيتها المنقولة و المتوارثة بشكل جعلها تترسخ في الذاكرة، تعكس مجموع العادات و الطقوس التي تضرب بجدورها عميقا في نفس الإنسان . ثانيا، هناك، سلطة الشخصية الكاريزمية كنشاط زعيم سياسي - الديماغوجي-  . وهناك، أخيرا، سلطة مدعومة بقبول شرعيتها باعتبارها، أداة تمكن من تنفيذ فعاليات العقل .  حيث يعتبر هذا الأخير هو المشرع للمبادئ و القوانين باعتباره معيارا كونيا مقبولا .

toile-imgتطرح فكرة الحوار بين الفكر الديني المغلق والفكر النقدي، منذ البداية، سؤالين: هل يمكن اختصار الحقائق المختلفة والمتنوعة إلى حقيقة دينية مكتفية بذاتها؟ وهل الحقائق أبدية لا تقبل الاختبار ولا تلتفت إلى الممارسة؟ يحوّل الفكر المغلق الظواهر إلى «عمومية دينية» أحادية المصدر والتفسير، فإرادة الله قرّرت ما جاء وما سيجيء، وفي «كتاب الله» ما يجيب عن الأسئلة جميعاً. تختصر المعارف إلى معرفة دينية، ويتعيّن «الضمان الديني» بديلاً عن التجربة والاختبار، وتبدأ الأمور وتنتهي بـ»سلطة البلاغة»، التي تصيّر ما عداها نوافل لا تستحق التوقف. ومع أن الفكر المغلق يضع «المفرد الإنساني» خارج خطابه، مرحِّلاً مراجع الظواهر إلى خارجها، فهو يعود بشكل لا تنقصه المفارقة إلى «المفرد المؤمن» ويعيّنه «إرادة إلهية ثانية»، منتهياً إلى استبداد يساوي، رغم الخطابة الورعة، بين «الكلام المؤمن» والإرادة الإلهية. يفضي هذا التصور إلى «احتكار الحقيقة المطلقة»، موزعاً البشر على فئات ضالة وجماعة مؤمنة، تفرض الحق على الأرض.
يضيء مفهوم الحوار، بالمعنى النظري، السؤالين السابقين بأشكل مختلفة. فهو يفترض اعترافاً متبادلاً بين المتحاورين يتضمن، لزوماً، اعترافاً بنسبية المعرفة، فـ»التمام المعرفي» لا يحتاج إلى خبرة خارجية، وبالعلاقة بين المعرفة واختبارها، وبين المعارف والحاجات الإنسانية المتجددة. يتكشّف الحوار، بهذا المعنى، في أولوية التجربة على الكلام، وفي أولوية المتعدد على المفرد. وسواء أقر الحوار التساوي بين البشر، أو أقرّ به بقدر، فهو يفضي إلى موقع جديد، يبدأ من «الإنسان العاقل»، ولا يستدعي إضافات «دينية».

275926-e1347669495726من غرائب الصدف أو لنقل من غرائب صنائع ولاة الأمر المستبدين، أن يلقى المرء حتفه من الداء الذي حذر منه و ظل يدعو إلى استئصال شأفته، إنه داء متابعة الحكام المستبدين لرجالات العلم و مطاردتهم أينما حلوا و ارتحلوا،  لا لجرم ارتكبوه و استحقوا بموجبه العقاب، و لا لقول تلفظوا به و لم يلاق هوى لدى الحاكم، و لا لمكتوب دبجوه و حمل في ثناياه ما يدينهم و يزج بهم في مهاوي التهلكة، بل فقط لأنهم تجرؤوا على تنوير العوام و توضيح الخير لهم و فضح الشر. و هذا لعمري أشد إيلاما على المستبد و أكثر فتكا بسلطته من غيره، كيف لا و "أخوف ما يخافه المستبدون من العلم أن يعرف الناس حقيقة أن الحرية أفضل من الحياة أو أن يعرفوا النفس و عزها، و الشرف و عظمته، و الحقوق و كيف تحفظ، و الظلم و كيف يرفع، و الإنسانية و ما هي وظائفها، و الرحمة و ما هي لذاتها". الكواكبي ألف كتابه العمدة "طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد" و هو يمني النفس أن يرفع عن العوام جهلهم الذي هو مكمن دائهم و ما يعيشونه من ذل و هوان، لأنهم إذا جهلوا خافوا و إذا خافوا استسلموا. و الاستسلام أكثر ما يرغب فيه حاكم مستبد يرفل في النعيم حين يرفلون في البؤس و يسعد حين يتعسون. لأنه يدرك أنه لا "استعباد و لا اعتساف إلا مادامت الرعية حمقاء تخبط في ضلامة جهل و تيه و عماء.

abstract-backgroundبدأ "علم الاجتماع الأكاديمي" الحديث وتحليل موضوع الدين في عام 1897 مع دراسة معدلات الانتحار بين فئة الكاثوليكي والبروتستانتي، مع السوسيولوجي إميل دوركهايم (Émile Durkheim)، في ظل محاولة هذا الأخير لتأسيس وتمييز علم الاجتماع عن التخصصات الأخرى، مثل علم النفس.

علم اجتماع الدين (Sociologie de la Religion)، هو دراسة المعتقدات والممارسات والأشكال التنظيمية للدين باستخدام أدوات المنهج في علم الاجتماع. ويمكن أن تشمل هذه الأساليب استخدام المنهج الكمي (الدراسات الاستقصائية، واستطلاعات الرأي، والتحليل الديموغرافي والتعداد) والمنهج النوعية مثل "الملاحظة بالمشاركة" (L'observation participante)، وإجراء المقابلات، وتحليل المواد التاريخية والوثائقية[1].

mokhlisse-sebtiنستهدف هنا ثلاثة أهداف أساسية:
1.   توظيف الخبرة الإنسانية لخدمة الفكر الإسلامي.
2.   توظيف الفكر الإسلامي لخدمة الفكر الإنساني) باللغة التي يفهمها(
3.   محاولة المساهمة في نزع الصراع المحتدم (على المستويات الفكرية والسياسية...) بين فئتين عظيمتين من المسلمين،فئة العلمانيين ،وفئة الإسلاميين .

ينطلق البحث من فرضية مفادها أن داء تقمص القداسة الذي أصاب المسيحية وعصف بالكنيسة هو نفسه الذي أصاب التاريخ الإسلامي وعصف بمركز الخلافة وبأغلب الفرق الإسلامي عبر التاريخ من مثل الخوارج وما تلاهم من فرق متشعبة كالعلوية والمنصورية والخطابية...إلخ.
ما مدى صحة هذا الطرح؟ وهل يمكن مقاربته بالأحاديث الإستشرافية للنبي عليه الصلاة والسلام (لتتبعن سنة من كان قبلكم...)[1] و (أن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة)[2]؟

spect-abstrتأتي هذه المقالة في سياق مقالات سابقة وأخرى لاحقة تعنى بالنبش في "أمراض الحالة المغربية"، ومن خلال التركيز على ثلاثة أطراف (المثقف والسياسي والقارئ)، ومن منظور "الأنثروبولوجيا السياسية العامة" تارة ومن منظور "التحليل الثقافي المرن" تارة أخرى كما في حال هذا المقال. ونمط "القارئ المتفرج" لا ينفصل عن أنماط أخرى تعكس "الحال المرضية المغربية" التي هي "حال عربية" أيضا. فليس غريبا أن نكون، في مقالاتنا السابقة، قد أقدمنا على تثبيت نمط "القارئ المتفرِّج" ضمن خردة أنماط القراء الداعمين لـ"أمراض الحالة المغربية". فمجموعة "القارئ المتفرج" تفرض ذاتها، بإلحاح، في هذا السياق. بالنظر لحجم هذه المجموعة مقارنة مع المجموعات القرائية الأخرى المنتظمة في "المربع" ذاته بل وبالنظر لتصدّرها لـ"مقدمة المشهد" كذلك. وهذا على الرغم من التزامها الحياد الظاهري أو التزامها الصمت المطبق بصدد القضايا المتضمـَّنة في النصوص الأساسية والأعمال المركزية. وهذا على الرغم من أن هذه القضايا تعالج وقائع تبلغ حدَّ "الحدث الحافز" (Evénement Catalytique) بمعناه المصاغ في السوسيولوجيا السياسية والعلوم السياسية. الحدث الذي يحفـّز على التفسير والتحليل والتأويل والنقد والنقد المضاد ونقد النقد والنقاش ... إلخ.

إمبراطوريات العولمة في مصيدة ميكروفيزياء الإرهاب ـ د.زهير الخويلدياستهلال:
 "ولكن الحرب مستمرة.وعلينا أن نظل سنين طويلة نضمد الجراح الكثيرة,التي لا تشفي في بعض الأحيان,الجراح التي أحدثها في شعوبنا الاندفاع الاستعماري.إن الامبريالية التي تحارب الآن تحرير البشر تدع هنا وهناك بذور تفسخ علينا أن نكتشفها وأن نستأصلها من أراضينا ومن أدمغتنا".[1[
ربما يسهل للبعض إطلاق تسمية "عصر الإرهاب" على هذه الحقبة من الزمن التاريخي مقابل تسميات أخرى أطلقت عليها مثل"عصر الأنترانت"أو" عصر العولمة "أو"عصر الاستنساخ"،فالإرهاب ليس حالة ظرفية آنية بقدر ما هو أحد أكبر مظاهر الوجود الإنساني انتشارا منذ مدة ليست بالقصيرة حيث يبرز أو يخفت تأثيره انطلاقا من وطأة الظروف وقسوة العوامل التي تغذيه.وقد يبدو من السهل جدا أن ندين الإرهاب وأن ننظم إلى طابور الموقعين على عرائض منددة به أو أن ننجز ونعد قوائم بالأعمال التخريبية التي يخلفها وان لفي تعدادها تفاهة تبعث على القرف والغثيان ولكن من أصعب الأمور أن نعرف الإرهاب ونحدد له مرجعا أخلاقيا وقانونيا وأن نفسر الأسباب والدواعي والمبررات التي تجعل المواجهات تندلع بين الفئات الاجتماعية والأديان والأعراق والأمم وهي غالبا ما تتخذ تلك الأشكال القاسية التي اعتاد الكلام السائد أن يقتصر على تسميتها "بالقوة الغاشمة" أو"العنف التدميري". كما أنه من العسر أن نعثر منذ الوهلة الأولى على الوسائل والخطط والمناهج القادرة على إيقاف حمى الإرهاب بالسيطرة عليه ومحاصرة تداعياتها الخطيرة.

7601611 alize-80x80 002التّرجمة ممارسة لغويّة ومعرفيّة قديمة استدعتها حاجة الإنسان إلى الانفتاح على ما تجود به قرائح بني جنسه في مختلف الحضارات والأزمنة، هي رغبة في الاستفادة والإفادة، الاستفادة ممّا جدّ ويجدّ في حقول المعرفة وممّا أنتجه العقل البشريّ بشتّى روافده الثقافية وموارده المعرفيّة، فهي بهذا المعنى نزوع ذاتيّ وشَغَفٌ إلى الارتواء، فالاستفادة هَهُنا تمثّل تَخطّيًا للمسافات التي اعتادت الذات المفكِّرة والعالِمة أن تجُول في حدودها، ألَمْ يُعرِّف الكسندر بوشكين المترجمين بكونهم "خيول بريد التنوير" ؟ فالتّرجمة ليست مجرّد تخصُّص وظيفيّ- وإن كانت كذلك حديثا- فالرّأي السائد يذهب إلى اعتبار الترجمة نشاطا مارسته الإنسانيّة منذ أن تعدّدت لغاتها وتنوّعت. فاختلاف الألسن كان من نتائجه أن تثاقفت الشعوب قديما وحديثا ،وكان لزاما عليها ،كي تتواصل وتتعارف، أن تتناقل فيما بينها لغات بعضها البعض، ولعلّها تلك كانت أولى مراحل النّقل والتّرجمة.