anfasse06112يجمع الكثير من المهمومين بشغف السؤال عن وضع المثقف في مطلع الألفية الحالية على تأكيد زواله واندثاره أو غياب تأثيره في المجتمع[1] ويحملون وسائل الإعلام المسؤولية الكاملة على ما آل إليه وضعه.
 لو سلمنا بأن ميلاد مفهوم "المثقف" كان على يد الصحافة الفرنسية[2]  التي عاشت سجالا عنيفا حول قضية الضابط الفرنسي دريفس،[3] فهذا يعني أن مكانة المثقف تشكلت على ضوء ميلاد المجتمع الجماهيري وتطور الصحافة والنشر[4]؛ أي أن وسائل الإعلام، والصحافة تحديدا، كانت سببا في بروز مفهوم المثقف. إذ شكلت عاملا أساسيا في تعاظم مكانته في المجتمع، وذلك لعدم وجود النقاش والجدل اللذين يسمحان للمثقف بالتعبير عن أفكاره ومواقفه،  في ذاك العصر، دون صحافة. فكيف تحولت وسائل الإعلام اليوم إلى أداة تغيب المثقف وزواله؟
إن الإجابة عن هذا السؤال تختلف باختلاف الرؤية للمثقف من جهة، وإلى تطور وسائل الإعلام وأشكال تدخلها في النقاش العام، ومساهمتها في تشكيل الفضاء العمومي؟

anfasse040101ملخص:
يستهدف هذا المقال التعرض لصيرورة بناء الفعل الجمعوي التنموي وتدخله الميداني داخل السياق المغربي،خصوصا في المجال والسياق المحليين بالبادية المغربية.
فقد شهد المغرب تحولات ماكرو سوسيواقتصادية وبنيوية؛طالت المحيط والإنسان وبنيات الوعي... تساوقت معها تحديات مجتمعية جديدة؛بفعل انهيار الحدود المادية والرمزية بين المجالين المديني والقروي،وما تبعهما من ميلاد إكراهات غير معهودة في إطار تدبير المعيش اليومي خصوصا؛ وقضايا التنمية المحلية بشكل عام...
وحيث إن الدولة المركزية بنموذجها اليعقوبي ظلت وطوال عقود؛  تقدم نفسها الفاعل الوحيد في الساحة التنموية المغربية،فإن توالي "فشلها" في الإستجابة لانتظارات الساكنة خصوصا بالمغرب العميق،فرض ظهور فاعلين جدد كما هي الحال مع التنظيمات الجمعوية، بمثابة بديل تنموي وجد تشجيعا حتى من الدولة نفسها،لتعوضها بما تأتى لها من قيم  رمزية وإمكانيات عمل وامتداد أفقي مع الساكنة...في تحقيق بعض المتطلبات التنموية التي عجزت عنها،ولما لا لتكون وسيلة للبحث عن الدعم والتمويل اللازمين من مختلف المتدخلين وطنيا ودوليا.
ومن جهة أخرى؛كان المجال القروي المغربي يتوسل-تنظيميا-مؤسسات وبنيات اجتماعية، أثبتت على مر عقود عن نجاعة عملية فائقة؛ في توفير حلول واقعية بمناسبة تدبير المعيش اليومي للأفراد أو المصير المشترك للقبيلة ككل.

anfasse26081بمجرد مغادرة الرحم، يوضع الجسد البشري تحت عناية القيم الاجتماعية و الاقتصادية التي تحاكمه، و تحكمه، و تتحكم فيه، فهو المجسم الوحيد الماثل بصريا امام العين، و المعبر عن الوجود المادي للانسان..
و بسبب هذه الابعاد المرئية التي تسبق الادراك الذهني لمعنى الوجود نفسه بالنسبة للفرد، يتم التعامل معه كأول اناء للتفاعل بين حضوره الواضح و بين ما سبق من معطيات تأريخية، و ثقافة موروثة، و قيم اقتصادية تحدد ماهية وجوده على أرض الواقع.
قيم استقبال الجسد الأولى هي قيم اقتصادية صرفة، فالقاء الجسد بظلاله على ما حوله استجابة للنور الاول، هي اللحظة التي تشرع فيها القيم الاقتصادية بالقاء أكبالها عليه.
فهو اما مغضوب عليه حيث لا مبررات اقتصادية لوجوده اصلا، و اما محاط بعناية التكنولوجيا مع الاذعان لشروطها كاملة...
و مع الاختلاف الحضاري هنا و هناك، فان الجسد لا يكاد يغادر موضعه كميدان للصراع الأزلي بين السليقة، و الرضوخ للقيم التي ستطلق مجموعة منظمة من الرسائل و الاشارات لتطويع الجسد وفق الإرث الثقافي المتراكم و المتغير باستمرار كممثل للنموذج المقبول اجتماعيا و زمكانيا.

anfasse21087التحولات الثقافية التي حدثت في المغرب ارتبطت بمحددين اثنين: التطورات الفكرية و السياسية و التقنية في العالم ككل و التي كان لها دور كبير في توجيه و تغيير نمط العيش و التفكير في المغرب و في البلاد العربية. ثم تطور و تفاعل العلاقات الثقافية و الاجتماعية و التاريخية و السياسية الخاصة بالبلد و التي أفرزت تحولات أنتجت مساهمة ما في تبادل التأثير مع التحولات الدولية، الغربية منها على الخصوص.
لقد عرف النصف الثاني من القرن الماضي و بداية هذا القرن ثورات متعددة المناحي، أحدثت تحولات سريعة و عميقة أثرت بشكل قوي على البشر و على كل أوجه الحياة. و هي تحولات لم يعرف لها التاريخ الإنساني مثيلا في القوة و السرعة و التأثير: و يمكن إدراجها في ثلاث أصول عامة متقاطعة و مترابطة فيما بينها:

1-    تحول سريع و أعمى
تطور العالم تقنيا بشكل سريع و غير مسبوق، و دخلت البشرية عصرا صناعيا لا ينفك عن التجدد. و بعد أن كانت تصبو- البشرية - إلى التحكم في الطبيعة و العمل على أن يعيش الناس بسعادة و رفاه، انقلبت الأمور على غير ما كان متوقعا. استقلت التقنية بالمدى الذي تتحكم فيه و تصل إليه. و أصبح "المخترعون و المتحكمون" في زمامها من علماء و ساسة و عسكر، مستلبين بها و مندهشين من اكتشافاتها و سحرها و تطورها الذي لا يمكن لجمه.  يقومون بما يفرضه عليهم التطور التقني في ارتباط مع التطور التجاري و الحروب و العولمة. لا شيء يستطيع أن يحد من الرغبة الجامحة في اكتشاف جديد و التعرف عليه و تجربته مهما كان مدمرا. و لا شيء يستطيع أن يحد التقنية من الاشتغال و من التطور و من الاكتساح. التقنية لا روح لها و لا إحساس. و العولمة فتحت الأبواب التي كانت موصدة على مصراعيها و هدمت الحدود و القوانين و الأخلاق المعرقلة لمجال تحركها، و أضحى العالم كله حتى أصغر قوة مجالا للعلم و التجربة و المراقبة و التحكم و الفوضى.

anfasse14084التعريف بالكتاب
كتاب نظرية المعرفة الاجتماعية هو كتاب جماعي من الحجم المتوسط(315ص) أنجز تحت إشراف "أل  بان بوفيي" Alban bouvier و"برناركونين" Bernard Conein ،ظهرت طبعته الأولى سنة 2007 عن منشورات Raison pratique التي تصدر عن مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية بباريس. Ecole des hautes étude en science sociales paris.
التعريف بالمؤلفين
 * البان بوفيي فيلسوف سوسيولوجي فرنسي. أستاذ بالجامعات الفرنسية. ارتكزت أبحاثه على فلسفة العلوم الاجتماعية والنظرية السوسيولوجية وخاصة نظرية "الاختيار العقلاني ". كما اهتم بشكل كبير  بعلم الاجتماع المعرفي وبدراسة البعد الحجاجي للعالم الاجتماعي.(المقاربة الحجاجية).
 له عدة كتب نذكر منها
-"الحجاجية الفلسفية " l'argumentation philosophique 1995
- السوسيولوجيا والمعرفة. مقاربة جديدة للمعرفة رفقة 'آني بروزيكا' و 'باتريك كاروا' 1998، والكتاب الذي بين أيدينا رفقة برنار كونيين 2007.
* برنار كونيين  عالم اجتماع فرنسي، مختص في الاثنوميتودولوجي شارك في عدة مجموعات علمية. ويرتكز اهتمامه على البحث في أشكال توزيع المعرفة (المعرفة الموزعة)، علم الاجتماع المعرفي، ونظرية المعرفة الاجتماعية. من آخر كتاباته:
-الاتجاهات الاجتماعية ثلاث محاولات في علم الاجتماع المعرفي            
Les sens sociaux trois essais de sociologie cognitive 2005
-الانترنت وهم محدود Internet : une utopie limité 2005

anfasse14083عندما يخفي الإنسان آلامه ويتجاهلها، تُصبح كبتاً : فتظهر في شكل تصرفات غريبة.. لهذا تبدو لك تصرفات الناس غريبة، إنها الآلام تعبر عن نفسها بصور أخرى بعد عودتها كرغبات بلباس القمع. فالرغبة غير قابلة للقمع (ترجع بأي شكل لتتحرّر).
كل رغبة مقموعة : ألم. كل ألم مخفي : كبت. وكل كبت يرسم لوحته على سلوك الإنسان برغبات مشوّهة، فيتشوّه سلوكه وكلامه وحياته : كنوع من الزيّف ! في التحليل النفسي ـ بتعبير جاك لاكان : "الإنسان موضوع أُخِذ وشُوِّه من خلال اللغة". واللغة هي كلام (ثقافة) المجتمع ونظراتهم.
في ثقافة المجتمع "الحب" اندفاع مراهقين، ووسيلة لملأ فراغ أوقات الشباب.. لذلك نظراتهم للحب نظرة سخف وتفاهة، فالحب غير مهم، أمر طفولي ! متناسين أن الحب رغبة، والرغبة تعود !
"الحب ليس هو المهم"، جملة يقولها الجوعان : لاعتقاده بأنه الأكل (أكثر أهمية)؛ يقولها الجشع لاعتقاده بأنه المال؛ يقولها "ميكي" لاعتقاده بأن الحب يتعلّق بأمه : التي تزوجه وتطلقه كما تريد ! "الحُب للشجعان، الجُبناء تُزوجهم أمهاتهم" كما يقول نزار قباني.. إنها تطلّقهم كذلك، لتزويجهم مرة أخرى كالدمى !

anfasse17071" لم يحدث يوما ، ان تمتعت ،ايها الرجل الصغير ، بسعادتك في حرية ، لذلك فانك تلتهمها بجشع .لم تتعلم قط ان تعتني بسعادتك كما يفعل البستاني بوروده ." ( ويليام رايش ، خطاب الى الرجل الصغير )
مفهوم السعادة بالنسبة لاغلبية المغاربة ، مفهوم هلامي فنتاسمي ، لا يصلح الحديث حوله سوى كترف فكري او شطحة نخبوية . انه اشاعة ، فلقداكتسبوا في صيرورة حياتهم البئيسة كفاية التعاسة  .فشبه الحياة التي يشاهدونها تمر امامهم ، هي نسخة متكررة من لحظات يعيشونها في تطبيع غريب مع التعاسة . لقد خضعوا بكل مازوشية ، لمصاصي الدماء بمختلف انواعهم : الاقتصاديين والسياسيين و الفكريين و العاطفيين .  لقد افهموهم ان التعاسة حق طبيعي ، وان " السعادة " إشاعة كالعيش الكريم و العقل المتنور و الجسم الجميل . لقد تم تحويلهم الى هياكل عظمية جسدا وعاطفة و فكرا .

sawera-abdelkrimتتعدد الأسباب والموت واحد، هذا عندما يقدم شخص ما على  الانتحار، إما بالشنق، أو بأداة حادة من الأدوات، أو بالرمي بنفسه من الأعلى، أو بواسطة سم من السموم الفتاكة والقاتلة ، أو بطريقة من الطرق وهي متعددة. هذه وضعيات بارزة ونتيجة لاختلالات مادية وروحية ونفسية تجعل المنتحر يقدم على إنهاء وجوده المادي طوعا أو كرها بلا شفقة ولا رحمة . أقل ما يقال عنها أنها نهاية مجحفة.
هذا الاختيار يمكن التعاطف معه، والرثاء له، واعتباره حالة إفلاس للروح، ووضع أصحابه- بما أنهم يشكلون أقلية- بمتحف المخدوعين، لكن ماذا عن الذين يشكلون أغلبية داخل المجتمع وهم ينتحرون كل يوم بوسيلة من الوسائل المشروعة وغير المشروعة وذلك في صمت مريب ؟ يعيش المجتمع المغربي في الآونة الأخيرة، أكبر هزة أخلاقية وفيمية، يعيش تناقضات مؤلمة، يريد الحداثة بكل متعها ، لباسا وفنا وغناء وصخبا، ويصوم الاثنين والخميس وأيام البيض استجابة للعقل الديني ويحتفل برأس السنة مع المسحيين ويوزع المشروبات بأنواعها وأصناف الطورتة والشكولاطة الباريسية كشكل من أشكال المشاركة والاحتفاء بالديانات الأخرى، إنه نوع من أنواع السفر المجاني إلى قلب الكنيسة المسيحية.