anfasse08056jpgسيتناول هذا الموضوع نموذجا من الأمثال الشعبية الأمازيعية، مع ربطها بالتاريخ المغربي.
استنطاقا للمراجع بشيء من الاجتهاد كموضوع تأسيسي، أن الأمثال هي عصارة فكر متزن لأمة من الأمم، وخزان حضارتها بلسان شعبها، ومرآة مجتمعها، يؤرخ بها الشعب تاريخه وحضارته بجوامع الكلم، يجد فيها الباحث المنصف، صورة كاملة بلسان شعبي خال من التصنع والرسميات.
وعليه فسأركز على نموذج من الأمثال الأمازيغية، وجعلها كنص تاريخي، ينبغي أن تتعاون جميعا على تحقيقه وتحليله، وكان بودي أن أستعرض عددا كثيرا من الأمثال الأمازيغية التي جمعتها، لكن منهجية التخفيف والتحليل والتعليم أرغمتني على أن أكتفي بنماذج ثلاثة:
ـ النموذج الأول :
 يتعلق بحدث تاريخي وصل إلينا عن طريق التواتر، تارة شفويا، وتارة مسجلا في مراجع التاريخ، الأمر الذي جعل مساهمتي هذه من صميم الثقافة الشعبية. ينسب هذا المثل الأمازيغي إلى الملكة الأمازيغية تْهِييّا=جميلة، والمثل بالطبع بلغة تهييا وهي اللغة الأمازيغية وهو هكذا:

anfasse01057تقديم
يعتبر الماء المورد الطبيعي الأهم الذي يمس جميع مناحي الحضارة البشرية من الأنشطة الإنتاجية إلى القيم والمعتقدات الدينية لكل مجتمع، كما انه مورد نادر يتميز توفره بعدم الانتظام في الزمان والمكان، شكلت نذرته قضية مركزية للإنسان، قادته إلى الاعتماد على أساليب ومعتقدات لجلب وتوفير هذه المادة، وباعتبار الأمطار المصدر الأساسي لمياه الأرض، فقد لعبت الظروف الثقافية ونمط الديانة دورا رئيسا في طريقة وكيفية طلب الأمطار.
فالطقوس القديمة نحت منحا معينا تبعا لنوعية الفكر السائد والسياقات الحضارية التي انتجته، لكن ذلك لم يمنع الإنسان من المضي قدما في البحث وبوسائل علمية عن أساليب عقلية قادته إلى تطوير تقنية الاستمطار الصناعي. الشرع الإسلامي لم يكن بمعزل عن هذه الظاهرة سواء في قالبها العرفي من جهة، أو العلمي من جهة ثانية.
        يعالج هذا العرض موضوع الاستمطار كما تناولته الأعراف المغربية، محاولا تسليط الضوء على العديد من مناطق المغرب و إبراز أوجه الاختلاف بين هاته المناطق. 

المبحث الأول: المناخ والذهنيات بالمغرب
يعتبر مناخ المغرب من المناخات الشبه جافة، حيث يتسم بقلة التساقطات، لذلك فلا غرابة من انتشار العديد من الطقوس والاحتفالات والخرافات بهدف جلب المطر أمام عجز الانسان عن تفسير قوى الطبيعة والتأثير فيها. 
ومن خلال هذا الفصل سنتطرق إلى بعض طقوس الاستمطار في العرف المغربي، محاولين تسليط الضوء على العديد من مناطق المغرب لإبراز أوجه الاختلاف والتشابه بين هذه المناطق، وكذا النبش في ذاكرة تاريخ الاستمطار، لبعض الطقوس التي مارسها السكان قبل التاريخ. معتمدين على عدة مصادر ومراجع وكذا الروايات الشفوية.

anfasse23048مقدمة:
الشرق والغرب هما مجالان جغرافيان عرفا عبر التاريخ تحولات حضارية كبرى كان لها تأثير كبير على تطور المشترك الحضاري الإنساني. كما أن الشرق والغرب مفهومان غير ثابتين في دلالتهما باعتبار اختلاف الكيانات الحضارية بالمجالين عبر التاريخ. علاقة الشرق بالغرب قديمة، وترجع إلى حقب جد موغلة في التاريخ. وإذا كان الغالب في هذه العلاقة في عصرنا الراهن هو الصراع، فإن إرهاصات هذا الشد والجذب في العلاقة بين المجالين تعود إلى فجر التاريخ. وقد تراوحت العلاقات الحضارية بين هذين الكيانين الحضاريين منذ فجر التاريخ بالتنافس تارة والتثاقف تارة أخرى. وإذا كان السائد في مقاربة الموضوع هو التركيز على تطورات العلاقة بين المجالين، خاصة خلال العصر الحديث، فإننا نقترح في هذه المقالة العودة لسبر أغوار هذه العلاقة خلال الفترة القديمة من التاريخ، وذلك سعيا لمحاولة فهم أصول العلاقات الحضارية بين الجانبين، ومعرفة إسهام كل طرف فيما نسميه ب"المشترك الحضاري الإنساني"، مركزين في مقاربتنا على تيمتي: "التنافس" و"التثاقف".

I-الشرق والغرب خلال العصر القديم:
1-إسهامات الشرق القديم في الحضارة الإنسانية:
أمسك الشرق بمشعل الحضارة في العالم القديم منذ فجر التاريخ على حساب الغرب، وشكل ورشة حضارية حقيقية بظهور كيانات حضارية كبيرة بمقاييس العالم القديم. ولاتزال آثار تلك الحضارات الشرقية ماثلة إلى اليوم تسحر ألباب الناس في عصرنا الراهن. فقد تركت لنا الحضارة الفرعونية لوحدها ما يمثل اليوم ما يقرب ثلث آثار العالم، كلها منشئات معمارية عملاقة تشهد بضخامتها وإتقانها وبرسوماتها ونقوشها على حضارة رائدة في ابتكاراتها وعمائرها وفنونها، حيث أذهلت العالم والعلماء بفكرها وعلمها، وأظهرت جانبا مما بلغه الشرق القديم من ازدهار حضاري. بينما يكتنز العراق آثارا ضخمة ومعالم تشهد على ازدهار حضارات شكلت منطلقا لتطور الحياة البشرية في شرق العالم القديم وغربه. وقد كشفت الحفريات الأثرية في سوريا عن بقايا متنوعة ومعالم تبرز تتابع الحضارات التي ساهمت بدور وافر في التطورات الحضارية في الشرق القديم، بحيث لا تكاد تخلو منطقة من المناطق سورية من المواقع الأثرية التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة، والتي يزيد عددها على 4500 موقع أثري هام.

anfasse23044مقدمة:
حظي موضوع التسمية التي أطلقت على سكان شمال إفريقيا خلال الفترة القديمة باهتمام كبير في الأبحاث التاريخية، وذلك راجع لتنوع التسميات التي أطلقت على ساكنة المنطقة عبر التاريخ. وهي تسميات كان فيها للعامل الأجنبي دور مؤثر، الشيء الذي يعقد البحث في الموضوع، ينضاف إلى ذلك غياب وثائق محلية من شأنها المساعدة على تسليط الضوء على التسمية القومية الموحدة التي تسمّت بها تلك الساكنة خلال الفترة القديمة.

1ـ ليبيون:
ظهر أول اسم لساكنة شمال إفريقيا القديم(الليبيون) خلال الفترة القديمة الكلاسيكية(القرنين 5 و4 ق.م)، واستعمله الكتاب الإغريق للإشارة إلى سكان قارة ليبيا، والمقصود بذلك حسب تصورات الجغرافيين الإغريق آنذاك منطقة شمال إفريقيا. لقد أطلق الإغريق تلك التسمية على مجموع القبائل التي كانت تستوطن المناطق الساحلية لشمال إفريقيا القديم، رغم اختلاف أسمائها وعاداتها وتقاليدها. وذلك من الحدود مع مصر شرقا إلى السواحل الأطلسية غربا. فقد أشار هيرودوتوس إلى أن قارة ليبيا تمتد من حيث تنتهى مصر الغربية إلى أعمدة هرقل بالساحل الأطلسي، وذكر المجموعات البشرية التي كانت تستوطن على امتداد هذه المنطقة، وكلها تنتمى الى أرومة واحدة(Herodote,Histoire,IV,186,187). ويلاحظ بأن هيرودوت قد أقحم سكان الواحات والصحراء ضمن نفس الجنس الليبي مثل الأمونيين والكرامنت.
غير أن هذه التسمية(ليبيون) سرعان ما أخذت في الانكماش مجاليا في استعمالات الكتاب القدامى، ولا سيما منذ القرن 3 ق.م تاريخ بداية الحروب البونية، وظهور الممالك المحلية. وتجذر الإشارة إلى أن الممالك المحلية بشمال إفريقيا القديم لم تنشأ على ما يبدو فقط منذ القرن 3 ق.م، وإنما ظهرت على سطح الأحداث منذ تلك الفترة، وأصبحت المعلومات وافرة حولها، خاصة في المصادر اللاتينية بسبب تسليط نور التاريخ على المنطقة نتيجة تأريخ اللاتينيين لحروبهم ضد القرطاجيين، ولا يستبعد بأن هذه الممالك قد نشأت منذ فترات أقدم لكننا لا نعلم عنها شيئا بسبب غياب الوثائق المحلية.

anfasse16041مقدمة
تواجه الباحث في التاريخ القديم عدة صعوبات منها ما يتعلق بقلة المصادر والمراجع حول هذه الحقبة ومنها ما هو متعلق باللغة التي كتبت بها هذه المصادر، فضلا عما قد يشوب التاريخ القديم من أساطير قد تفقد الكتابة التاريخية درجة العلمية، وفي بحثنا هذا حول الطاقة المائية بالعصر القديم  نجد أنفسنا أمام صعوبات كثيرة تتمثل في صعوبة الموضوع وفي المصادر الذي تناولت الموضوع، وقد اعتمدنا فقط على بعض النتف هنا وهناك من أجل الإحاطة بالموضوع ومحاولة تسليط الضوء على الطاقة المائية وتعريفها نظرا لما تعرفه هذه الأخيرة من أدوار محورية في الحياة اليومية ، والتي استفاد منها الإنسان منذ القديم واستخدمها في حياته اليومية ، ونعلم جميعا أن التطور الذي هو حاصل اليوم بين أيدينا فيما يعرف بأضواء العالم وكهربائه إنما يرجع أصله إلى الطاقة المائية هذه الأخيرة التي تلعب أدوارا طلائعية من بين باقي الموارد الطبيعية التي تجود علينا بها الكرة الأرضية، وهذا ما دفعنا للخوض في هذا الموضوع رغم صعوبته ، ومن تحصيل المراد والمبتغى عمدنا في عرضنا هذا إلى وضع إشكالية له نحاول فيها التعرف على البداية الأولى التي اهتدى فيها الإنسان للطاقة المائية ومراحل تطورها مع تسليط الضوء على التقنيات التي اعتمدها الإنسان القديم من أجل تطويع الطبيعة والتحكم فيها، ومن هذه الإشكالية تعرضنا لمقاربة العرض من خلال التصميم التالي:
المبحث الأول: الطاقة المائية وتطورها عبر الزمن.
1-1: تعريف الطاقة المائية.
1-2: تطور الطاقة عبر الزمن.
المبحث الثاني  : التقنيات المرتبطة بالطاقة المائية.
2-1. تقنية السيفون.
2-2: النواعير أو الدولاب.
2-3: تقنية الأرحية.
2-4: دولاب الطاحونة.
خاتمة.

anfasse08046تفرض التحولات التاريخية الراهنة والانعطافات المنهجية والنظرية التي يعرفها العقل الغربي، على المثقف العربي ضرورة بناء معرفة حداثية في أفق إبداع فلسفة تاريخية جديرة بالوعي التاريخي المنشود، في ظل شروط عربية تتميز بالتراجع سواء على المستوى الاجتماعي أو المعرفي. يمكن اعتبار أن العصر الحالي هو عصر نقد الحداثة ومسلماتها في الغرب، ورهان بناء حداثة عربية فعلية. وفي هذا السياق، يمكن طرح الكثير من الأسئلة منها: ما موقع علم التاريخ في الخطاب العربي؟ هل أنجز المثقف مقالا في التاريخ؟ هل يمكن اعتبار العصر الحالي هو مرحلة نقد سلطة النموذج المعرفي التاريخي؟ هل ضعف الخطاب العربي الفلسفي والإيديولوجي ينبع من هيمنة التأويلات اللاتاريخية؟ ليس العصر إذن هو زمان أطروحة سقوط التاريخ في مجال المعرفة، ولكنه بالفعل بداية نقد التاريخ وإعادة بنائه سواء على مستوى المناهج أو المفاهيم أو النظرية.
 لقد شكل علم التاريخ نموذجا معرفيا صارما، ترجم من جهة من خلال التاريخية (L’historicité) ومن جهة أخرى من خلال تأويل للماركسية باسم علم التاريخ، أو ما أسماه الفيلسوف الفرنسي لوي ألتوسير بقارة التاريخ. وفرض التاريخ سلطته المعرفية، من خلال ما سمي بإمبريالية المنهج التاريخي مقابل دعاة النزعة السوسيولوجية (Sociologisme) أو النزعة السيكولوجية (psychologisme).

 وإذا تفحصنا الخطاب العربي يمكن أن نلاحظ، أولا: التعامل الإيديولوجي مع إشكالية المنهج، ثانيا: الخلط بين الفلسفة والسياسة والإيديولوجيا، ثالثا: الانتقال من السجال المعرفي والإبستيمي بين المناهج إلى الصدام الإيديولوجي. كما يتوضح ذلك من طبيعة الحوار الذي دار بين التاريخانية والبنيوية ومنهجية التفكيك والنظريات الإبستمولوجية، رابعا: تعامل المثقف العربي بشكل جاهز مع الفكر الغربي خصوصا علم التاريخ، دون التفكير في إبداع مقال في التاريخ (Discours historique) ملازم لشروط الواقع القائم، وإمكانات التغيير، وضرورات المعرفة النقدية.

1anfasse26038 ـ تعريف الرحلة وأدبها
عُرِف الإنسان بعدم سَكَنِه إلى الأرض منذ كان على هذه البسيطة، يتنقل من مكان إلى آخر، لأهداف مختلفة، قد تكون بحثا عن الطعام أو خوفا من الكوارث الطبيعية، أو حبا في الترحال. وكثير من الرحلات قام بها أفراد أو جماعات في تاريخ البشرية الطويل، ولا نعرف عنها شيئا، ويرجع ذلك إلى عدم تدوينها. أما وقد تطور المجتمع الإنساني وعرف الرسمَ والكتابةَ صار يدون كل تحركاته رسما أو كتابة. ومنذ ذلك الحين ظهرت مصنفات وكتب تحكي رحلات الإنسان، وتبين الغرض منها حتى أصبحنا أمام جنس أدبي قائم بذاته، يجمع بين الأدب والتاريخ والجغرافيا.
عرف أدب الرحلة طريقه عندما بدأ تدوين الرحلات في مخطوطات تسرد قصص الرحَّالة وما عاينوه وشاهدوه من عجائب وغرائب في البلدان التي زاروها واطلعوا على معالمها، أو صادفوه في طريقهم من مدن وقرى وتنوع طبيعي، أو عاشوه من لحظات مع أناس مختلفين عنهم لغة وثقافة وحضارة، وينقلوه إلى المتلقي ليشاركهم تلك اللحظات. وقد تنوعت مقاصدهم وغاياتهم بحسب أغراضهم. وللرحالة العرب المسلمين مقصدية واضحة من رحلاتهم، تتمثل في الحج إلى بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام، وفيهم من عاد أدراجه عبر طرق جديدة وبلدان أخرى، ومنهم من تابع سبيله مستكشفا عوالم ومناطق تختلف عن سابقاتها، كما فعل ابن بطوطة وآخرون. أما الرحالة الأوربيون فقد كانت لهم أهداف، خاصة في آسيا، إذ اقتفوا طرق الحرير والتوابل، وصولا إلى بلدان الشرق الأقصى.

anfasse17032مقدمة.
         إن إعادة قراءة تاريخ الحماية بدون تعصب، يمكننا من الخروج بأفكار وتصورات جديدة بل وزعزعة بعض المفاهيم التي ظلت راسخة في ذهن الباحث المغربي، فلا يختلف إثنان حول أن الحماية الفرنسية للمغرب لم تكن حبا في أهله بل كانت من ورائها أهداف استعمارية بحثة نظرا لما يتوفر عليه من مقومات فلاحية مهمة وموقع إستراتيجي، لكن هذا لا يمنعنا من القول أن المستعمر الفرنسي قد ساهم في بناء دولة مؤسسات حديثة، و أصلح البنية التقليدية للمخزن المغربي، كما أنه من بين هذه الإيجابيات التي يمكن رصدها محاربته للأمراض التي كانت متفشية في المجتمع المغربي، فقد وجهت عناية البعثات العلمية الفرنسية إلى جمع المعلومات عن كل ما له علاقة بالمغاربة وأحوالهم، وكان مما طرقوا مواضيعه ما اعتور صحة المغاربة من مخاطر من قبيل الأوبئة والأمراض الفتاكة، وعملوا بعدما استتب لهم الأمر به على منازلة وباء بوباء، ومرض بمرض.[1]

         ولعل من بين الأمراض التي يمكن الوقوف عندها والتي كان لها ارتباط وثيق بالماء هي حمى المستنقعات، والتي  لم يستطع الإنسان المغربي التغلب عليها مما أدى إلى إلحاق أضرارا كبيرة بالنمو الديمغرافي بالمنطقة، هذا الضرر لم يمس فقط المغاربة بل حتى  جنود السلطات الإستعمارية الفرنسية، وقد اكتشف الفرنسيون منذ البداية أن السبب الحقيقي لحمى المستنقعات هو البعوض، هذا الأخير الناتج عن الماء الراكد[2]، وهكذا وجه المقيم العام ليوطي في فبراير 1914، رسالة إلى حكام الأقاليم يدعوهم إلى محاربة حمى المستنقعات، لكونها تحصد الكثير من الأرواح وتعرقل الإحتلال العسكري وتؤخر استثمار هذه المنطقة الخصبة من البلاد، وطلب منهم في نهاية الرسالة ضرورة ضبط أماكن "المرجات" والمساحات التي تغطيها المياه الراكدة[3].