
لقد بدأت أوربا في تحقيق حداثتها الدينية منذ عصر النهضة الذي شكل فيه الإصلاح الديني أحد أهم مظاهره إلى جانب الحركة الإنسية والتطور الفني ،وبالتالي فتح المجال أمام العقل دون قيود وذلك بوضع حد لسيطرة الكنيسة ،بينما ظل الدين أداة إستخدمته القوى الحاكمة في العام الإسلامي للحفاظ على الوضع السائد وتبريره (خاصة بعد عهد الخلفاء الراشدين ) ومحاربة أي تحديث في البنيات التقليدية للمجتمع العربي بدعوى الخصوصية الدينية والهوية الإسلامية .
لقد كان تسلط الكنيسة كبيرا وإتخذ أشكالا ومستويات متعددة ،فقد كان تسلطا دينيا (فرض عقيدة الثأثليت ،ترويج صكوك الغفران ،الرهبانية ...)وكان تسلطا سياسيا (فرض الوصاية على الملوك والأمراء )وكان كذلك تسلطا ماديا ( فرض ضرائب ،أعمال السخرة ،إمتلاك عقارات ...).إلا أن التحولات الفكرية والإجتماعية والإقتصادية التي شهدتها أوربا مع بداية عصر النهضة كان لابد أن تؤدي تحول في المجال الديني .
فقد بدأت معالم الرغبة في الثورة على الكنيسة ووصايتها تنمو تدريجيا ،وتغديها مظاهر الفساد الأخلاقي والمادي لعدد كبير من رجال الدين .وحاولت الكنيسة بكل أساليبها وأدواتها قمع وإقبار هذه الرغبة في مهدها ،وإتهام دعاتها بالهرطقة ومحاكمتهم وإعدامهم لإثارتهم الفتنة . يقول مارتن لوثر:( كيف تحملنا نحن الألمان هذه السرقة والنهب لأموالنا..وما هذا النظام البابوي ؟ إنه نظام شيطاني .. إنه يقود المسيحيين نحو الخراب الجسدي والنفسي ..فمن واجبنا مواجهته....ً